موقع الشيخ بن باز


 

  لتحميل حلقة الرقية الشرعية للشيخ أبو البراء اضغط هنا


ruqya

Icon36 صفحة المرئيات الخاصة بموقع الرقية الشرعية

الموقع الرسمي للشيخ خالد الحبشي | العلاج بالرقية الشرعية من الكتاب والسنة

تم غلق التسجيل والمشاركة في منتدى الرقية الشرعية وذلك لاعمال الصيانة والمنتدى حاليا للتصفح فقط

الأخوة و الأخوات الكرام أعضاء منتدنا الغالي نرحب بكم أجمل ترحيب و أنتم محل إهتمام و تقدير و محبة ..نعتذر عن أي تأخير في الرد على أسئلتكم و إستفساراتكم الكريمة و دائماً يكون حسب الأقدمية من تاريخ الكتابة و أي تأخر في الرد هو لأسباب خارجة عن إرادتنا نظراً للظروف و الإلتزامات المختلفة

 
العودة   منتدى الرقية الشرعية > أقسام المنابر الإسلامية > المنبر الإسلامي العام

الملاحظات

صفحة الرقية الشرعية على الفيس بوك

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع
New Page 2
 
 

قديم 01-09-2006, 12:27 AM   #1
معلومات العضو
أزف الرحيل
إشراقة إدارة متجددة

Post شتان بين مقبل ومنتكس

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الذي لم يعرف الحق أصلاً ولم يدر به ربما يعود إلى الحق أو يتبعه إذا عرفه؛ لأن انحرافه ناتج عن جهل والجهل من السهل أن يدفع بالتعليم، فكم من إنسانٍ عاش زماناً في الظلمات؛ لأنه لم يعرف الحق فبمجرد ما سمع صوت الداعي إلى الله؛ أصغى له، وتقبله، وآمن به، واندفع إليه؛ لأن انحرافه كان ناتجاً عن جهل، وليس عن هوى.
أما الذي عرف الحق ثم أعرض عنه،
أو تبعه زماناً ثم تركه، فأي شيءٍ تعتقد أن يغريه باتباع الحق من جديد، إلا أن يتداركه الله تعالى برحمته.
إن من أخطر الأشياء أن ينحرف الإنسان بعد الهدى، ويضل بعد أن كان على الصراط المستقيم، فإنه لا يكاد ينفع فيه كلام، ولا تفيد فيه موعظة؛ لأنه يعتبر نفسه خبيراً مجرباً، وكل الكلام الذي يمكن أن تقوله أنت، أو تنصحه به، أو تذكره به، كل هذا الكلام.. لا أقول أنه سبق أن علمه من غيرك، لا،بل ربما يكون سبق أن قاله هو لغيره، ودعا به غيره، وأمر به غيره، ونهى به غيره، وهكذا أصبح الكلام عنده غير ذي معنى وغير ذي تأثير.
مثال: إنسان كان على الهدى، ثم انحرف بسبب مواقف يعتبر أنها غير جيدة من قبل بعض أصدقائه، وبعض أصحابه، وبعض جلسائه الذين كانوا معه على الهدى، وعلى الطريق المستقيم؛ فأحدثت هذه التصرفات، وهذه المواقف منهم ردود فعل ضدهم، فأصبح يكره الأخيار والطيبين، بل ويكره الخير ويكره الداعي إليه، ولا يثق بأحد من هؤلاء؛ لأنه يقيس كل من سمع على أولئك الذين جربهم يوماً من الأيام في حياته.
مثل هذا الإنسان، لو أتيته لتحدثه عن الشباب الصالحين، أو عن العلماء العاملين، أو عن الدعاة المخلصين، أو عن الملتزمين، لظنك مخدوعاً مثلما كان هو مخدوعاً من قبل، وأن الغشاوة يجب أن تزول عنك مثلما زالت عنه، ولهذا لا يفيد فيه كلام ولا يؤثر فيه وعظ، إلا أن يشاء الله تعالى.
وإنه مما يؤثر في القلب! أن الإنسان يسمع بين الفينة والفينة على رغم الأخبار الكثيرة السارة؛ عن أفواج بعد أفواج ممن يقبلون على الله تعالى، ويودعون حياة الغواية وحياة الضلالة، ويلتزمون بالحق، والهدى، والعلم، والعمل، والدعوة، إلا أنك مع ذلك لا تعدم أن تسمع أخباراً هنا أو هناك، عن بعض قوم من رجالٍ أو نساءٍ كانوا زماناً على الطريق المستقيم، وكانوا محسوبين من أهل الخير وعلى الخير، بل وربما كان منهم الداعية، أو المتحدث، أو الواعظ، أو الإمام،
أو كان منهم تلك الأخت التي كانت تقيم حلقة الذكر في المدرسة، أو تدعو إلى الله تعالى، أو تعلم الناس الخير، فإذا بك تسمع أخباراً خلاف ذلك، وإذا بالأمور تتحول، فنعوذ بالله تعالى من الحور بعد الكور! وإننا بقدر ما نفرح ونسر بأخبار هداية فلان وفلان، نحزن ونجزع لضلال من ضلوا بعد ما عرفوا الحق واتبعوه.
إنه لا يمكن أن توجد دعوة -أي دعوة كانت- إلا وتصاحبها حالات -تقل أو تكثر- لأفراد تبعوا هذه الدعوة في زمان يطول أو يقصر، ثم انحرفوا وابتعدوا، فإما أن يكونوا قد انحرفوا ليتحولوا إلى أعداء للحق، وأعداء لدعوتهم، وأعداء لما كانوا عليه من قبل، ومحاربين. وإما أن يكونوا قد تركوا ما كانوا عليه، ثم ضاعوا في دهماء الناس، وغرقوا في لجة الحياة الدنيا، فلا يسمع بهم أحد، ولا يخبر عنهم مخبر.
ولقد كان الإسلام عبر عصور التاريخ كلها عزيزاً بأهله، وبرجاله، عزيزاً بدوله، وعلمائه، ولذلك كانت الصورة الغالبة والكثيرة أن الكفار كانوا في الإسلام يدخلون في دين الله أفواجاً لأنهم يرون الحق، ويرون مع الحق القوة.
أما في العصر الحاضر فقد أصابت المسلمين الذلة، وقوي جانب أعدائهم من أهل الكتاب -من اليهود والنصارى- وهيمنوا على الحضارة، واستخدموها في تهييج الغرائز -كما هو معلوم- وإثارة الشبهات، واشتروا وبذلوا كل الوسائل الممكنة في إخراج المسلمين عن دينهم، سواء بإعلان الكفر والردة الصريحة؛ كأن يتنصر المسلم -مثلاً- أو يعلن الكفر -والعياذ بالله!- أو كان ذلك بالتخلي عن دينه في صمت وسكوت، وحدث من جراء ذلك مصداق ما أخبره عنه الرسول صلى الله عليه وسلم -كما في حديث ثوبان وهو في الصحيح- ** لا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد فئام من أمتي الأوثان** يعني فئات وطوائف من هذه الأمة، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن من هذه الأمة من سوف يلحق بالمشركين، وأن من هذه الأمة من سوف يعبد الأوثان، فدل هذا على أن الخوف من الردة -سواء كانت ردة كلية أم ردة جزئية- أنه واجب علينا جميعاً.
إذاً من الواجب علينا جميعاً أن نخاف على أنفسنا من أن نتحول إلى الضلال بعد الهدى، أو يخاف أحدنا على أمته، أو على بعض شعوبها، أو أممها أن يتحولوا إلى أعداء الدين، كما هو في خبر الرسول صلى الله عليه وسلم، وكما هو في واقع الحياة التي نشهدها ونراها اليوم، مع أن الله تعالى وعد بأنه في حالة التخلي، والفرار، والتراجع، والنكوص؛
بأنه سيقيض لهذا الدين من ينصره، ويقوم به، وهذا وعد من الله تعالى كريم عظيم، وكل ضعف معه لطف، فحينما توجد هذه الردة؛ يقيض الله تعالى لهذا الدين من ينصره، كما قال الله تعالى:
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ
وكما قال سبحانه: فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ
وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة، فيما يبدوا للناس، وهو من أهل النار! وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار، فيما يبدوا للناس، وهو من أهل الجنة!** وفي رواية أخرى: {إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها! وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها!**
إذا الإنسان قد يتظاهر بعمل أهل النار، أو يتظاهر بعمل أهل الجنة، لكن حقيقته خلاف ذلك، فيفضح الله تعالى ما ستر في قلبه، إما في الدنيا وإما عند الموت، فمن الناس من تظاهر مجاراة للتيار ومسايرة للركب كما قلت.


ومنهم من يتظاهر خوفاً على دينه وماله، وأراد عصمة نفسه وماله من القتل بالتظاهر بالإسلام، أو حباً في الرئاسة والجاه، أو كيداً للإسلام والمسلمين، فيكون معهم ليعرف أسرارهم، أو ليشكك فيهم، أو ليغرس الريبة في قلوبهم، كما قال تعالى: وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنـزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ
فقد يزول -بعد ذلك- السبب الذي من أجله جعل هذا الإنسان يتظاهر بالإسلام، فيأمن الخائف على نفسه، أو ييأس الطامع مما يريد في رئاسة، أو في جاه، أو في مال، ييئس مما يريد؛ فيبوح بالسر المكتوم، وكما قيل:
صلى المصلي لأمر كان يطلبه فلما انقضى الأمر ما صلى وما صامَ
إذاً: كان الإيمان عند هؤلاء الناس تظاهراً دون أن يخالط شغاف القلب، أو تستشعره النفسٍ، أو يمتلئ به الصدر، ولهذا لما سأل هرقل أبا سفيان عن النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعه: هل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ قال: لا، قال: وكذلك الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب!
إن هذا يدل على أن أولئك القوم لم تخالط بشاشة الإيمان قلوبهم، وما ذاقوا طعمه، ولا تلذذوا بحلاوته، وما أنسوا به، إنما كان هذا الإيمان تظاهراً، وتشكلاً، وتصنعاً، وتكلفاً، وتعملاً. وكان الإيمان ستاراً يتسترون ويتترسون به، فهم يعلنونه خوفاً، أو رغبةً، أو رهبةً، أو طمعاً، أو لمصلحة دنيوية؛ أما قلوبهم فهي تغلي بمراجل الحقد والغيظ على الإيمان وعلى المؤمنين؛ فيفتضح -هؤلاء- إما في الدنيا وإما عند الموت.
وعموماً فالشهوات كلها سواء أكانت شهوة الأنا وحب الظهور وحب الشهرة، أم كانت شهوة المادة، وحب المال، أم كانت أي شهوة أخرى، فإن هذه الشهوات تفسد القلب وتكدر صفاءه، أم كانت شهوة الجسد بالجنس، أم شهوة النظر بالعين، أم شهوة الأذن بالسماع المحرم، أم شهوة التملك، أم شهوة السلطان والرئاسة وهي الشهوة الخفية، فإذا تشرب القلب الشهوة وأحبها؛ أكثر من تطلبها، وملاحظتها، والحديث عنها، وملاحظة من يعملها، حتى إنك تجد بعض الناس يلاحق هذه الشهوات -دائماً- ويركض وراءها ويعب منها عباً، وهو مثل الذي يشرب من البحر، لا يزيده شربه إلا عطشاً، أو مثله مثل الذي يضع على النار حطباً، أو يصب البنـزين على النار فلا تزداد إلا اشتعالاً، وقد لا يكون أحدهم -أحياناً- بلغت به الشهوة أن يكون بمثل المثابة الذي ذكرت، لكن قد يكون في قلبه شعبة من التعلق بالشهوة والميل إلى الشهوة المحرمة.
وأضرب لذلك مثلاً مشهوداً: قد يذهب الواحد من الناس إلى الحرم الشريف حاجاً أو معتمراً، فهو يرى في المسجد الحرام المصلين، والقائمين، والراكعين، والساجدين، والخاشعين، والطائفين، والمعتمرين، والباكين، والمتصدقين وألوان الأخيار فلا يلفت هذا نظره، ولا يتوقف عنده، ولا يثير اهتمامه، ثم إذا رجع هذا الإنسان إلى بلده، أو قومه، أو زملائه، أو أصدقائه، قالوا له: ماذا رأيت في الحرم؟ قال: رأيت رجلاً يتربص بامرأة، لقد كان الرجل يبحث نظره وبصره في مواطن الشهوة، ويقول: ورأيت امرأةً تشخص في رجل، رأيت حركةً غير عفيفة، رأيت نظرةً مريبة، فيضخم هذه الأشياء ويؤصلها ويجعلها كالقاعدة، ليس لأنها وقعت، ولا لأنه رآها، فهذا أمر يقع من كل أحد،
ولكن لأن قلب هذا الإنسان أصبح مثل الإسفنجة يتشرب مثل هذه الأشياء
ومثل هذه الأخبار، ويجمع بعضها إلى بعض، ويحشد بعضها إلى بعض، ويؤلف بينها، ويكبرها، ويضخمها، وينفخ فيها، فإذا تحدث انتزع هذه المواقف، وجمعها، وهولها، وطولها؛ تلذذاً بذكرها واستمراءًَ في الحديث عنها.
إن النظر في الجانب الإيجابي في حياة الناس، والثناء عليه بالقسط والعدل، والعمل على تعميم الأنموذج الطيب، وتعميقه وتأصيله؛ من أعظم وسائل الدعوة وأنجحها، وعلى العكس: العناية بالجوانب السلبية وتضخيمها؛ مما يحطم الأمم والأفراد والجماعات.
إن العناية بالجانب الإيجابي في حياة الفرد الواحد وتشجيعه عليه وعلى غيره من أعمال الخير، ومدح ذلك بالقسط والعدل على ما قدم؛ هو أفضل السبل لاستدعاء المزيد من الخير والبر والعطاء من هذا الإنسان، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه عن حفصة رضي الله عنها، أنها ذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم رؤيا رآها عبد الله بن عمر فقال عليه الصلاة والسلام: {نعم الرجل عبد الله بن عمر لو كان يقوم من الليل** فأثنى عليه بقوله: {نعم الرجل عبد الله بن عمر**ثم وضع قيداً جديداً أو مطلباً جديداً ينبغي أن ينافس فيه المنافسون: {لو كان يقوم من الليل** وهذا -أيضاً- لا يمنع من تحذير الإنسان من الشر قبل وقوعه، ولا يمنع من نهيه عنه بعد وقوعه، وفي موضوع قيام الليل -نفسه-
عبدالله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: {يا عبد الله لا تكن مثل فلان، كان يقوم الليل، فترك قيام الليل** إن هذا الحديث يؤكد أهمية الديمومة على العمل:
{لا تكن مثل فلان، كان يقوم الليل، فترك قيام الليل**.
من الأسباب هو التهاون بالمعاصي واستثقال الطاعات، وهذا يوشك أن يكون فرعاً عن السبب الأول، وإنما أفردته بالحديث لغلبته على الناس اليوم، فإن التهاون اليوم كثير، فتجد الواحد منا يتهاون في الصغائر، ويتهاون في النظر إلى الحرام، أوفي سماع الغناء، حتى يؤدي به ذلك إلى الكبائر، وربما ترك الإنسان بعض السنن، وأدى به ذلك إلى ترك بعض الفرائض، فاليوم يترك الرواتب، وهذا يدع ويترك سائر التطوعات، وربما أخل بالفرائض أو ترك شيئاً منها؛ حتى تهون عليه المعصية، ويتطلع قلبه إليها، وتشرئب نفسه، ويتلذذ برؤيتها أو ذكرها أو فعلها، خاصة حينما يفكر في عملها ويدعوه الشيطان إليها، أما إذا تسنت له المعصية، وتيسرت له،
وقارب أن يقارفها؛ فإنه تنـزع عنه اللذة حينئذٍ كما ذكر ذلك غير واحد، وهذه عقوبة من الله، فلا يجد اللذة التي كان يظنها؛ حينما كانت المعصية أصلاً ينتظره وشيئاً يترقبه.
ثم تثقل عليه الطاعة -أيضاً- فيقصر في السنن الرواتب، وفي الوتر ونحوها، ثم تثقل عليه الفريضة، فلا يأتي إلى المسجد إلا جباراً جبراً، وربما كان يقضي الصلوات في الأعم الأغلب، حتى ربما ترك الجماعة، ولا مانع -أبداً- أن يأتيه الشيطان بعد ذلك كلِه ليثير معه قضية وهي مناقشة مسألة: وجوب صلاة الجماعة أصلاً، وأنه ليس هناك أدلة قوية على وجوب صلاة الجماعة،
ولم يكن هذا نقاشاً علمياً، ولا قناعة عقلية لهذا الشخص بالذات، وإنما كان هذا أثراً من آثار الكسل الذي ما زال به حتى تَرك، ثم بعد ما ترك بدأ يبحث عن مسوغات ومبررات تجعله على صواب فيما فعل.
إن ثمة فرقاً كبيراً بين مسلم أعلن إسلامه اليوم وشهد أن لا إله الله وأن محمداً رسول الله، فعلمناه به، وصبرنا عليه، وصار يترقى في مدارج الكمال شيئاً فشيئاً، ويزيد من طاعته لله بالتدريج، وبين شاب آخر نشأ في طاعة الله، وفي كنف أبوين مسلمين، وفي مجتمع صالح ثم صلحت أحواله، وبدأ يتردى وينقص شيئاً فشيئا، فإذا كبر تذكر أنه قد كان في حال صباه يقوم الليل، أو كان في حال صباه يصوم الأيام البيض، أو كان في حال صباه يقرأُ حزباً من القرآن الكريم، أمَّا الآن فهو لا يوتر، ولا يصلي الرواتب، ولا يصوم إلا رمضان.
من الأسباب قرناء السوء، فإن كثيراً من الناس لا يستطيعون الاعتماد على أنفسهم اعتماداً كلياً؛ بل يحتاجون إلى غيرهم من الناس، وإلا فالجميع يحتاجون إلى الله تعالى في كل أمر، أو يقلدون غيرهم في أمورٍ كثيرة، والمجالسة هي ثمرة المؤانسة، والله تعالى يقول: وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ




فالمجالسة تؤثر في الإنسان تأثيراً كبيراً، والقرين بالمقارن يقتدي -كما هو معروف- والمرء على دين خليله، فالإنسان يتأثر بجلسائه سواء أكانوا من الإنس أم كانوا حتى من شياطين الجن، فإن الإنسان إذا كان يتعاطى الأمور الرديئة، ويقلِلُ ذكر الله تعالى، ويكثر الوقوع في المعاصي ومجالسة الأشرار، والحضور في أماكن الذنوب والمواقع التي تكثر فيها الشياطين؛ فإن هذا يورث قلبه ضعفاً، ويورث الشياطين جراءة عليه، ومثل ذلك الحال بالنسبة لشياطين الإنس الذين يتلصصون لهذا الشاب، ويغرونه بالرحلة، والمتعة، والزيارة، والموعد، ويبدؤون معه بداية بسيطة قد تكون في أمر معقول أو مقبول أو يتحمله الأهل على إغماض،
لكن ينسون أن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة، وأن هذا الشاب اليوم في الشارع، وغداً في أماكن (التفحيط)، وبعد غد مسافراً مع الأصدقاء إلى هنا، وبعده ربما يسافر معهم إلى الخارج، وهكذا تبدأ الرحلة الشاقة المظلمة.
من الأسباب: غياب القدوة أو غياب القائد، لأن القائد يسن للناس السنة الحسنة، أو يذكرهم بالسنة الحسنة فيعملون بها، يغريهم بالخير فيقبلون عليه، وينهاهم عن الشر فيعرضون عنه، ولهذا لأهمية القدوة والقائد وأثر ذلك في ثبات الناس، قال الله تعالى
وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أو قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً
فدل على أن موت أو غياب القائد لسبب أو لآخر يؤثر في الأتباع، ويكون مظنةً لوجود تراجع، أو نكوص، أو تردد، أو ردة، ولهذا نهى الله تعالى أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم عن ذلك،
إن هذا يؤكد لنا أمرين في غاية الأهمية:
الأول: أثر الرجال الصالحين الصادقين الذين هم في موضع القدوة والأسوة، فهم دعاة إلى الخير، آمرون بالمعروف، ناهون عن المنكر، صابرون على دين الله، يوصون الناس بالحق، ويوصون الناس بالصبر، إن هذه القدوات فيها التثبيت للناس، والدعم لمواقفهم، وتعزيزهم، وتصبيرهم، وتقوية قلوبهم، ولهذا كان ابن القيم رحمه الله يقول: إننا كنا نخاف -أحياناً- وتمتلئ قلوبنا رعباً فنأتي إلى الإمام ابن تيمية فيتحدث معنا بكل هدوء فإذا خرجنا من عنده كانت قلوبنا أقوى ما تكون.
الثاني: السبب الثاني الذي يؤكده أثر غياب القدوة؛ يؤكد أهمية التعلق بالشرع لا بالأشخاص حتى الأنبياء، قال الله تعالى:
وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أو قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً
فما بالك بغيره من الناس، نعم، إنَّ للعلماء والدعاة مكانة، لكن ما هي مكانتهم؟ إنَّ مكانتهم أن يعلموا الناس دينهم، وأن يعلموهم النصوص الشرعية، وأن يكثروا في المجتمع من الفقهاء، والمفتين، والمجتهدين، والدعاة، والصادقين، والمستبصرين، والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، فإن الأمة معصومة في جملتها أن تجتمع على خطأ أو ضلال، ولكن الأفراد ليسوا معصومين،
ولهذا ينبغي أن يكون عندنا عدل وتوازن، وأن لا نبالغ في التعلق بالأشخاص، وأن يكون تعلقنا بالمنهج، وبالدين، وبالشريعة، وبالمبدأ، أما الأشخاص فيذهبون ويجيئون، ويحيون ويموتون، بل ويهتدون ويضلون، ويصيبون ويخطئون، أما المنهج أي الشريعة والدين فهو تنـزيل من حكيم حميد.
من الأسباب هو الخلاف، والفرقة، والشتات، فإن الإنسان قد يهتدي، أو يفكر في الهداية، أو يقترب منها، أو يوشك عليها، لكنه إذا دنا منا -معشر الأخيار- فوجدنا منقسمين على أنفسنا؛ يسب بعضنا بعضاً، ويشتم بعضنا بعضاً، ويلعن بعضنا بعضاً، ويبدع بعضنا بعضاً، بل وربما يكفر بعضنا بعضاً، قال: أنا على ما أنا عليه الآن أحسن من الحالة التي هم عليها، فربما كان هذا سبباً في بعده، وكان هذا من الصد عن سبيل الله عز وجل، وربما تنافس على هذا الشاب مجموعة من الدعاة، وكل داعيةٍ يجره إلى رأيه، أو مذهبه، أو منهجه، أو جماعته، حتى أصيب هذا الشاب في تفكيره، أو في فهمه، أو في نفسيته، وابتعد عن الجميع، وكان ذلك سبباً في ضياعه.

وهذا هو الأمر المهم، فإن العبد ينبغي أن يفهم معرفة الحق والثبات عليه، ولا ثبات للإنسان إلا أن يثبته الله تعالى كما قال الله تعال:
يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ
ومن أسباب الثبات على الحق
الدعاء ...
لأن الدعاء فيه معنى الاعتراف بالعجز من قبل العبد، والاعتراف لله بالألوهية والربوبية، وأن الأمر بيده، وأنه كله إليه، فالدعاء يزيل ما في القلب من الاستكبار، ويزيل ما في النفس من العجب والاغترار،
لأن حقيقة الدعاء: ذلٌ وانكسار لله تعالى، وفيه روح العبادة، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: {الدعاء هو العبادة**
وذلك لما في الدعاء من التذلل لله تعالى، والتبتل إليه والاعتراف بقدرته وألوهيته، واعتراف العبد بضعفه، وفقره، وذله، وحاجته، ومسكنته، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قال: {ما من قلبٍ إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن، إن شاء أن يقيمه أقامه، وإن شاء أن يزيغه أزاغه** قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: {يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك** فهذا كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم،

الذكر
الذكر بألوان من الأوراد وقراءة القرآن، ومثل -أيضاً- المحافظة على العبادات، والنوافل، والسنن وغيرها، فإن ذلك يطرد الشيطان، ويقوي القلب ويثبته، ومن ذلك أن يكثر العبد من قول: لا حول ولاقوه إلا بالله، فإن معنى هذه الكلمة أنه يعترف بأنه لا قدرة له على التحول من حال إلى حال، ولا قوة به على مواجهة الصعاب إلا بالله تعالى،
قال تعالى: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ
فإذا عرف العبد أن الله تعالى يحول بين المرء وقلبه، وأن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن إذا شاء أن يقيمه أقامه وإذا شاء أن يزيغه أزاغه، فإنه يقول: لا حول ولاقوه إلا بالله، فيبرأ من كل معاني الثقة بالنفس، أو الغرور بالأنا، أو الاعتماد على الذات، ويلتزم بطاعة الله تعالى، ومحبته، وتعظيمه، وتوحيده.
ولابد أن يلتزم الإنسان بقدر من الذكر والعبادة لا يخل به، وأقل ذلك أن يلتزم الإنسان بالرواتب -وهي معروفة- والوتر، وصيام الأيام البيض (ثلاثة أيام من كل شهر)، وقراءة حزب من القرآن لأن ذلك عون للعبد على الثبات، لهذا قال الله تعالى:
يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّل * قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلا * نِصْفَهُ أو انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً * أو زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً * إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً
فلا يصبر على القول الثقيل، ولا يتحمله، ولا يقوم به؛ إلا من كان له مع الله تعالى عبادة، وقربى، وزلفى إليه.
صحبة الأخيار ومجالستهم
سواءً أكانوا أحياءً، بأن يختار الإنسان الجلساء الصالحين الناصحين الذين ينفعونه: علماً، أو عملاً، أو تقدماً، أو حفظاً للوقت، فيستفيد منهم في دنياه، في دراسته، في حياته، ويستفيد منهم في تدينه، وصلاحه، واستقامته، ويستفيد منهم في أخلاقه، ويستفيد منهم في سمعته في المجتمع، فإن الإنسان ينسب إلى صاحبه وجليسه، سواءً كان هؤلاء الجلساء أحياءً يجالسهم، ولا بد له منهم، فإن الإنسان مدني بالطبع، أم كان هؤلاء الأخيار - أمواتاً،
أعني أن يكثر من قراءة سير الصالحين، سير العلماء، سير الدعاة، سير المجاهدين، لأنها تملأ الوقت وترفع الهمة، وفيها من العبرة، والأسوة، والدرس، والتربية مالا يجده الإنسان في الواقع، فإن التاريخ مدرسة كبرى كما قال الشاعر: ومن وعى التاريخ في صدره …أضاف أعمـاراً إلى عمـره

فينبغي أن يكون للإنسان صلة بالأحياء من الأخيار، وأن يكون له صلة بالأموات عن طريق قراءة سيرهم وتراجمهم.
السبب الرابع : طلب العلم الشرعي
فإن العلم الشرعي من العقيدة الصحيحة المأخوذة من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكلام الصحابة والتابعين، والتفسير، والحديث، والفقه، وغيره من العلوم الشرعية المفيدة، فإن هذه العلوم: نور في القلب، وانشراح في الصدر، والله تعالى يقول:
وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ
وقال تعالى: وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ
إذاًَ: طلب العلم بصدق، وإخلاص، ونية صالحة، وقلب سليم، من أهم أسباب زيادة الإيمان، والإيمان الذي يزيد هو لن ينقص بإذن الله، لأن النقص هو ضد الزيادة، فينبغي أن يسعى الإنسان في زيادة إيمانه عن طريق طلب العلم الشرعي الموصل إلى الله تعالى والدار الآخرة، وإذا لم يزد الإيمان فإنه يخشى عليه من النقصان.
وإن طلب العلم الشرعي للإنسان عصمة عن التقليد الأعمى، وأي انحطاط للإنسان أكثر من أن يلغي عقله، وتفكيره، وإدراكه، وفهمه، ومسئوليته، ليجعل نفسه متابعاً لفلان، فما صوبه صوب، وما خطأه خطأ، وما قاله قال به، وما رده رده، إنَّ هذا إلغاء لإنسانية الإنسان، والله تعالى نعى على من فعل ذلك، وذكر أن هؤلاء كانوا يعذبون في الدار الآخرة، فقال: وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيل * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ

إنَّ الإنسان مسئول، ومحاسب، ومكلف، وينبغي أن يترك التقليد بقدر ما يستطيع، وأن لا يلجأ إليه إلا عند الضرورة التي لابد منها، بل يكون عنده بصيرة، وعنده معرفة، وعنده إدراك في الدين، ليس عن طريق التقليد، ولا عن طريق الوراثة من المجتمع، وإنما عن طريق الطلب، والبحث، والتحري،
ولهذا النبي عليه الصلاة والسلام لما صلى صلاة الكسوف، ثم خطب الناس، قال بعد ذلك:
{إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه، فإنه يأتيه ملكان فيسألانه فيقولان له: ما ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فأما المؤمن أو الموقن، فيقول: ربي: الله، وديني: الإسلام، ونبيي: محمد صلى الله عليه وسلم، وأما الكافر فيقول: هاه.. هاه.. لا أدري! كنت أقول ما يقول الناس**
فإذا كان شأنك مجرد ترديد لما قال زيدٌ أو ما قال عبيدٌ، فإنَّ هذا لا ينفعك في القبر، خاصة في مجال الاعتقاد، بل ينبغي أن تأخذ دينك عن بصيرة، ومعرفة، وعلم، ودراسة، وفهم، وأن تأخذ -أيضاً- الأحكام الشرعية ليس عن طريق التقليد بل عن طريق الدليل: قال الله.. قال رسول الله، كما قال الله: قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ

الخوف الدائم من الانحراف وسوء الخاتمة
فإن الشيطان لا يوقَّر أحداً، ولا يمتنع من أحد، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ
فانظر كيف خوطب المؤمنون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بالنهي عن معصية رفع الصوت على صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو الجهر عليه كما يجهر بعضهم لبعض، ثم قال الله: أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ
ولهذا بوب الإمام البخاري رحمه الله: باب مخافة الإنسان أن يحبط عمله وهو لا يشعر, وقال الله تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ
يؤتون ما آتوا، يعني: يعطون ما أعطوا، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام في حديث عائشة :
** قالت: أهو الذي يسرق ويزني؟ قال: لا، هو الذي يصوم، ويتصدق، ويصلي، ويخاف أن لا يقبل منه عمله**
ولهذا تجد أن المؤمن الحق: شديد الخوف، ودائم الخوف، كما قال الحسن البصري
: [إن المؤمن جمع إحساناً وخوفاً].
أما المنافق أو ضعيف الإيمان فإنه آمن مطمئن، لا يمر هذا الكلام منه بخاطر، ولا يمر منه على بال، لأنه يرى أن الأمر مستقر ولا يدري ما يعرض له في الدنيا
[أما المنافق جمع إساءةً وأمنا] وقال الحسن عن النفاق:[والله ما أمنه إلا منافق، ولا خافه إلا مؤمن].
إنه لابد من الالتفات إلى القلب، وزرع الخوف من الله تعالى، والخوف الدائم من المعصية ومن سوء الخاتمة، ومن حبوط العمل، وملء القلب بالأعمال الصالحة، كأعمال القلب، من حب الله، وخوفه، ورجائه، والإنابة إليه، وتعظيمه، وطرد كل معاني الرذيلة: كالخوف من المخلوقين، والتعلق بالمخلوقين، والأحقاد، والحسد، والبغضاء، والأمراض القلبية، والإعجاب بالذات، وتقديس الذات، وتقديس الأنا، فلابد من علاج هذه الأمراض، وأن يحرص الإنسان على إصلاح داخله، وليس على التصنع، والتعمل، والتكلف بين الناس بالمظاهر فحسب.
السبب السادس : الثقة بوعد الله تعالى
سواءً في الدار الآخرة، قال الله تعالى: إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ
فيعلم أن الأمر يؤول إما إلى جنة وإما إلى نار، كما ذكر الله تعالى في كتابه أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:
{وإنها للجنة أبداً أو النار أبداً**. ومثله -أيضاً-: الثقة بوعد الله تعالى في الدنيا بنصر الإسلام ونصر المؤمنين، وإنجاز وعده بذلك، فإن الاغترار بالعاجل مما أثر عن المنافقين؛ فإن الإنسان ينبغي أن يثق بالله وبوعد الله، ويعلم أن الدين منصور، وعزيز، ومرتفع، وأنه مهما طال الزمن أم قصر؛ فإن الله تعالى سينصر دينه، ويحقق وعده، وينصر عباده المؤمنين الصالحين، قال الله تعالى: وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ
وقال: وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُون
السبب السابع : هو التواصي بالحق والتواصي بالصبر
فإن الإنسان لا غنى له أن يوصي غيره بذلك، ويطلب من غيره الوصاية به قال الله تعالى:
وَالْعَصْر * ِإِنَّ الإنسان لَفِي خُسْر * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر

من الأسباب : الثبات حتى اليقين
ولذلك أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ
واليقين هو الموت، وليست العبادة مرهونة بغاية محددة، فلا حصول على شهادة، ولا مرتبة، ولا وظيفة، ولا درجة، ولا شيء غير ذلك، إنما حتى يأتيك اليقين.
لقد خذل كثيرون عند الموت: فمنهم من شك، ومنهم من كفر، ومنهم من تسخط القضاء والقدر، قيل لرجلٍ عند موته: قل: لا إله إلا الله، فقال: هو كافر بها!!
وقال أبو جعفر : دخلت على رجل بالضيعة، وهو في الموت، فقلت له: قل: لا اله إلا الله، فقال: هيهات حيل بيني وبينها
إنك تجد صوراً عجيبة عن الذين عرفوا الله في الرخاء فعرفهم في الشدة، صدقوا مع الله، صبروا مع الله، وآمنوا وجاهدوا في حال الرخاء، فلما كانت الشدة عند الموت، كان الله تعالى بكل خيرٍ أسرع، فحفظهم وألقى عليهم السكينة والإيمان واليقين،
إن ساعة الموت ساعةَ يحضر الإنسان فيها ما كان يشغله في الدنيا من خيٍر أو شر،
فل نملأ قلوبنا بمحبةالرحمن وطاعته

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


بحث عن:


الساعة الآن 08:03 AM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com