إلهي!
و عزتك ما عصيناك اجتراءً على مقامك
و لا استحلالاً لحرامك
و لكن غلبتنا أنفسنا و طمعنا في واسع غفرانك
فلئن طاردنا شبح المعصية لنلوذنّ بعظيم جنابك
و لئن استحكمت حولنا حلقات الإثم لنفكنها بصادق و عدك في كتابك
و لئن أغرى الشيطان نفوسنا باللذة حين عصيناك
فليغرين الإيمان قلوبنا بما للتائبين من فسيح جناتك
و لئن انتصر الشيطان علينا لحظات
فلنستنصرنّ بك الدهر كله
و لئن كذب الشيطان في إغوائه
ليصدقن الله في رجائه.
إلهي
ما زلت تغمرنا بوابل النعم حتى لا نستطيع إحصاءها
و ما زلت تسبغ علينا آيات الرضى حتى عجزنا عن أداء الشكر عليها
و ما زلت تستر من سيئاتنا ما لا نملك معه إلا الطمع بغفرانك لها
و ما زلت تمدنا بوسائل العون حتى لا نرى لأنفسنا أهلا لاستحقاقها
ملأت قلوب المذنبين طمعاً برحمتك
و ملأت قلوب العابدين أملا بجنتك
و ملأت قلوب العارفين رجاء بدوام تجلياتك
و ملأت قلوب المحبين رغبة في دوام أعطياتك
العطاء عطاؤك
و المنة منتك
و الرضى رضاك
و الوصال وصالك
و الجمال جمالك
و الجلال جلالك
و السعادة جنتك
و الشقاء نارك
و الفناء لخلقك
و البقاء لذاتك
و كل ما عداك فهالك
كل فضل لغيرك قيد
و كل عطاء من سواك رق
و كل عفو غير عفوك مهانة
و كل حلم غير حلمك مذلة
و كل التفات لغير و وجهك شرك
و كل تقرب من غير ذاتك بعد
و كل لذة غير عبادتك مرارة
تباركت يا ربى!
كيف يجحدون و أنوارك تغشي أبصاركم؟
و كيف لا يعبدونك و جلالك يملأ بصائرهم؟
وكيف يبتعدون عنك و نعمتك تجذبهم إليك؟
و كيف لا يهابونك و عظمتك تجبرهم على الترامي عليك؟
و كيف لا يخافونك وآيات عذابك قريبة منهم؟
و كيف لا يحبونك و كل ذرة من ذرات و جودهم من فيضك؟
و كيف يدهشهم جمال من خلقت بيدك، و لا يدهشهم جمالك؟
و أنت الذي صنعت جمالهم على عينك؟
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده، لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا،
أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم "
[صحيح مسلم]