فتى في زمن عمر بن الخطاب يحكى عنه أنه انصرف ليلة من صلاة العشاء فتمثلت له امرأة ين يديه، فعرّضت له بنفسها ففتن بها ومضت، فاتبعها حتى وقف على بابها فأبصر وجلاً عن قلبه وحضرته هذه الآية (إن الذين اتقوا إذا مسّهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون) [سورة الأعراف: 201].فخر مغشياً عليه، فنظرت إليه المرأة فإذا هو كالميت، فلم تزل هي وجارية لها يتعاونان عليه حتى ألقياه على باب داره، فخرج أبوه فرآه مُلقى على باب الدار لما به، فحمله وأدخله فأفاق، فسأله ما أصابك با بني؟ فلم يخبره فلم يزل به حتى أخبره، فلما تلا الآية شهق شهقة فخرجت نفسه، فبلغ عمر رضي الله عنه قصته فقال: ألا آذنتموني بموته؟ فذهب حتى وقف على قبره فنادى: يا فلان (ولمن خاف مقام ربه جنتان) [سورة الرحمن: 46] فسمع صوتاً من داخل القبر: قد أعطاني ربي يا عمر..
بتصرف 'روضة المحبين ونزهة المشتاقين' لابن القيم .
وعن مالك بن دينار رحمه الله قال:خرجت إلى مكة حاجا,فبينما أنا سائر إذ رأيت شابا ساكتا ،فلما جن الليل رفع وجهه نحو السماء وقال:يامن لاتنفعه الطاعات ولا تضره المعاصي إغفر لي مالا يضرك.ثم رأيته بذي الحليفة وقد لبس إحرامه والناس يلبون وهو لايلبي فقلت:هذا جاهل فدنوت منه فقلت له:يافتى ,قال:لبيك,قلت له لم لا تلبي؟ فقال:ياشيخ وما تعني التلبية وقد بارزته بذنوب سالفات وجرائم مكتوبات؟والله إني لأخشى أن أقول:لبيك, فيقول:لا لبيك ولا سعديك لا أسمع كلامك ولا أنظر إليك, فقلت له:لا تقل ذلك فإنه حليم,إذا غضب رضي وإذارضى لم يغضب,وإذا وعد وفى ومتى توعد عفا.فقال ياشيخ أتشير علي بالتلبية؟قلت:نعم,فبادر إلى الأرض واضطجع ووضع خده على التراب وأخذ حجرا فوضعه على خده وأسبل دموعه وقال:لبيك اللهم لبيك قد خضعت لك وهذا مصرعي بين يديك ,فأقام كذلك ساعة ثم مضى فما رأيته إلا بمنى وهو يقول: اللهم إن الناس ذبحوا ونحروا وتقربوا إليك وليس لي شئ أتقرب به سوى نفسي فتقبلها مني ثم شهق شهقة وخر ميتا رحمة الله تعالى عليه.
من كتاب'إحسان سلوك العبد الملوك إلى ملك الملوك' للشيخ :عبد الكريم بن صالح الحميد
وهذه حكاية "دينار" قتيل النار -المشهورة-
يحكى أن رجلا كان يعرف بدينار العيار، وكان له والدةصالحة تعظه وهو لا يتعظ، فمرَّ في بعض الايام بمقبرة فأخذ منها عظما فتفتت في يده ففكر في نفسه. وقال: فمرَّ يوما بالمقابر فرأى عظما نخرا , فمسـَّه فانفتَّ في يده فأِنفَت نفسه . فقال لنفسه : أنا غدا هكذا.. فعزم على التوبة .فرفع رأسه إلى السماء و قال : يا إلهي اقبلني و ارحمني . ثم رجع إلى أمه حزينا فقال : يا أماه ما يصنع بالآبق إذا أخذه سيده ؟ فقالت : يغـلَّ قدميه و يديه و يخشِّـن ملبسه و مطعمه . قال: يا أماه أريد جبة من صوف و أقراصا من شعير و افعلي بي ما يفعل بالعبد الآبق من مولاه , لعل مولاي يرى ذلي فيرحمني .ففعلت به ما طلب.فكان إذا جنَّ عليه الليل أخذ في البكاء و العويل , فقالت له أمه ليلة: يا بني ارفق بنفسك . فقال : يا أماه إن لي موقفا طويلا بين يدي رب جليل , فلا أدري أيؤمر بي إلى ظل ظليل أو إلى شر مقيل , إني أخاف عناء لا راحة بعده أبدا و توبيخا لا عفو معه . قالت : فاسترح قليلا . فقال : الراحةََ َ أطلب يا أماه , كأنكِ بالخلائق غدا يساقون إلى الجنة و أنا أساق إلى النار .فمرَّت به ليلة في تهجده هذه الآية :" فـوربك لنسألنَـهم أجمعين عمـَا كانوا يعملون "( الحجر 92-93) فتفكر فيها و بكى واضطرب و غشي عليه . فجعلت أمه تناديه و لا يجيبها . فقالت له : قرة عيني أين الملتقى ؟ فقال بصوت ضعيف : إن لم تجديني في عرصة القيامة فسـَلي مالكا عني . ثم شهق شهقة فمات فخرجت أمه تنادي : أيها الناس هلموا إلى الصلاة على قتيل النار . فلم يـُر أكثرُ جمعا و لا أغزر دمعا من ذلك اليوم .
و في تهذيب الكمال (9/341) : عن أبي جناب القصاب : صلى بنا زرارة بن أوفى -قاضي البصرة- الفجر ؛ فلما بلغ : (( فإذا نقر في الناقور فذلك يومئذ يوم عسير)) شهق شهقة ثم خر ميتا رحمه الله تعالى .
وعن الأصمعي : " أقبلت ذات مرة من مسجد البصرة فلطلع أعرابي جاف على قعود له متقلداً سيفه و بيده قوسه فدنا و سلم و قال : ممن الرجل ؟ قلت : من بني أصمع .قال : أنت الأصمعي ؟ قلت : نعم .
قال : ومن أين أقبلت ؟ قلت : من موضع يتلى فيه كلام الرحمن . قال : وللرحمن كلام يتلوه الآدميون ؟ قلت : نعم .قال : فاتل على منه شيئا . فقرأت " والذاريات ذروا " إلى قوله " وفي السماء رزقكم وما توعدون " .فقال : يا أصمعي حسبك !! .ثم قام إلى ناقته فنحرها وقطعها بجلدها ، وقال : أعني على توزيعها ، ففرقناها على من أقبل وأدبر ، ثم عمد إلى سيفه وقوسه فكسرهما ووضعها تحت الرحل وولى نحو البادية وهو يقول :" وفي السماء رزقكم وما توعدون " .فمقت نفسي ولمتها ، ثم حججت مع " الرشيد " ، فبينما أنا أطرف إذا أنا بصوت رقيق ، فالتفت فإذا أنا بالأعرابي وهو ناحل مصفر ، فسلم على وأخذ بيدي وقال : اتل على كلام الرحمن ، وأجلسني من وراء المقام فقرأت : " والذاريات " حتى وصلت إلى قوله تعالى : " وفي السماء رزقكم وما توعدون " فقال الأعرابي : لقد وجدنا ما وعدنا الرحمن حقا ، وقال : وهل غير هذا ؟قلت : نعم ، يقول الله تبارك وتعالى : " فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون " .قال : فصاح الأعرابي وقال: يا سبحان الله ! من الذي أغضب الجليل حتى حلف ! ألم يصدقوه في قوله حتى ألجئوه إلى اليمين ؟ فقالها ثلاثا وخرجت بها نفسه !!!.
كان الفضيل بن عياض إذا علم أن ابنه علياً خلفه ـ يعني في الصلاة ـ مر و لم يقف و لم يخوف ، و إذا علم أنه ليس خلفه تنوق في القرآن و حزن و خوف . فظن يوماً أنه ليس خلفه ، فأتى على ذكر هذه الآية : ربنا غلبت علينا شقوتنا و كنا قوماً ضالين . قال : فخر علي مغشياً عليه . فلما علم أنه خلفه و أنه قد سقط ، تجوز في القراءة . فذهبوا إلى أمه فقالوا : أدركيه . فجاءت فرشت عليه ماء ، فأفاق . فقالت لفضيل : أنت قاتل هذا الغلام علي فمكث ما شاء الله . فظن أنه ليس خلفه ، فقرأ : وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون . فخر ميتاً و تجوز أبوه في القراءة . و أتيت أمه فقيل لها : أدركيه . فجاءت فرشت عليه ماء ، فإذا هو ميت رحمه الله . [من كتاب التوابين لابن قدامة ]
وكذلك عن الفضيل بن عياض قال : أشرفت ليلة على علي وهو في صحن الدار ، وهو يقول : النار ، ومتى الخلاص من النار ...........
سأل ابن خزيمة يونس بن عبد الأعلى عن سبب موت ابن وهب,قال:قرأ عبد الله كتاب الأهوال ، فمر في صفة النار ، فشهق ، فغشي عليه ، فحمل إلى منزله ؛ وعاش أياماً ، ثم مات .[ من كتاب التخويف من النار 1/48]
منقول