لماذا يجترأ الناس على الله ولا يجترؤون على غيره؟!
داود العتيبي
لا غَرْوَ في زمن غيبت فيه الشريعة، وكممت أفواهها، وجففت ينابيعها، فاستسقى الناس مواردهم من الماء الآسن.. فصار حكم الله آخر الأحكام إلا إذا كان لهم: ( وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين) يعيش المستهزئ والمنتقص بين ظهرانينا يموّل ويوظّف ولا أحد هناك يقف في وجهه! هؤلاء خنجر مسموم في ظهر الأمة، وطعنات قاتلة في خاصرتها، وصف خامس للدين وأول لأعداء الدين، بل إذا أردت الارتقاء في مناصب الحياة، والوسم بالأسماء الفخمة والمفخخة، فاجترأ على الله، فأنت الأديب والشاعر والمفكر والكاتب الحر، وغير ذلك من الطبول الجوفاء! هؤلاء الطبول يصنع منهم الإعلام عظماء ضن الزمان بمثلهم، ونفوساً كباراً تعبت في مرادها الأجسام، هؤلاء يحتمون بظهر أسيادهم من طغاة الغرب، ومنظمات حقوق الحيوان. وانظر إلى البغيض "كاشغري" كيف رمى هؤلاء عن قوس واحدة قرارَ اعتقاله وتأديبه، وانظر إلى تمجيده ووسم المنافحين له أنهم أعداء الحرية والفكر وغير ذلك وإنا إلى الله منقلبون!!
هذه هي الغربة، غربة للدين ولصحبه، استيحاش من السنة، ونفور من الطريق القويم، أما آن أن تقطع ألسنة هؤلاء البُهُم، أما آن أن يتحرك جيش عرمرم يملأ الفجاج يحمل الموت في أسِنَّتِه أوله عند شروق الشمس وآخره عن غروبها يؤدب من يتطاول على جانب الله وجانب نبيه؟!! لماذا يغيب هذا في حكوماتنا؟ فالمتطاول على الله وعلى الدين يؤدب بسوط وسوطين أما على غيره من البشر فأقل حكم عليه هو الإعدام!! من هذا أمام الله؟!! والله يقول: (فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين).. ويزداد عجبي من دول الإسلام، لا يهتز لها ركن ولا تقف لها شعرة أمام ذلك، أمَّا من ينتقصهم أو يعيب دستورهم، أو ينقد قوانينهم فإن ألف ألف يغضبون لذلك ويملئون الفضاء صخباً وعجيجاً!! تخرج المظاهرات وتقام الاعتصامات للقمة العيش ورغد الحياة، ولا يفعلون ذلك لمن تكفل بالخلق والرزق!! نعم لا أدل على ذلك من صنيعهم إذا نصرهم الله على طواغيتهم، فأول ما ينادون به الحكم بغير حكمه، ويْحكم يا هؤلاء! تستنجدون به أولا وتشكرونه آخرا هذا إن لم يكفر بعضكم. (ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون * ثم إذا كشف الضر عنكم إذا فريق منكم بربهم يشركون) لا خير فينا إن لم نرفع سلاحنا ونشهر عدائنا لهؤلاء الفتية المجترئين على الحق الساخطين على دينه ونبيه..
وإن المنتقص من الدين منتقص من الله، والمنتقص من النبي - صلى الله عليه وسلم - منتقص من الله! وحكم هؤلاء جميعا الردة، فيستتيبهم الحاكم بأمر الله فإن تابوا وإلا قتلوا ولا كرامة، ويلقون في مزابل التاريخ! ( إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً) يتناولون الله بفاحش الكلام وقبيح الفعال، إذا ضحكوا فأهون ما عليهم الله، (يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو ومعهم).. وإذا سب بعضهم بعضاً فأسهل ما عليهم الله، فقاتلهم الله.
قال ابن راهويه: " قد أجمع المسلمون أن من سب الله أو سب رسوله - صلى الله عليه وسلم - أنه كافر بذلك وإن كان مقراً بما أنزل الله" يقول ابن تيمية: " إن سب الله أو سب رسوله كفر ظاهراً وباطناً سواء كان الساب يعتقد أن ذلك محرم أو كان مستحيلاً أو كان ذاهلاً عن اعتقاده".
لقد استباحت هذه الثلة باحة الدين، ينكرون ويثبتون، وينفون ويعترضون، جعلوا دين الله لماظة يتلمظون بها، فمن يقف في وجههم؟ من بنى بغير هندسة زج في السجن وقطعت يده ورجله، ومن عالج من غير تطبب غُرِّم ونال الجزاء، أما المفتي بغير الحق، والهادم للدين بلا علم فيترك في سبيله. إن السب المشتمل على التنقيص والتعييب حكمه الكفر عند الله حتى وإن كان لعبا في القول وخوضا في ميادينه ومسلاة للوقت ودفعا للضجر: ( وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ) المجترؤون على الله يجب هجرهم وتركهم بمزجر الكلب، ويجب تضييق الحياة عليهم حتى يتمنون الموت فلا يحدونه، فلا خير فيهم سوى أنهم حطب جهنم! ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِّثْلُهُمْ إِنَّ اللّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً) اللهم إنا نبرأ إليك مما صنعوا.