بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلي وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى اله صحبه اجمعين
هذه الجملة العظيمة التي فيها اعترافين كبيرين الاول وهو الاعظم :الاعتراف بالوهية الله تعالى ووحدانيته و الثاني: الاعتراف بالذنب و التقصير و الخطأ ، فالاول يدل على تمام العبودية لله رب العالمين ،و الثاني يدل على قوة الايمان و الرغبة في تطبيق العبودية تطبيقا صحيحا بالتنازل عن الغرور و التوقف عن التمادي في العصيان و الرغبة بل العزم في الطاعة و الاخلاص و الاستقامة لله تعالى .. ان البدء بتوحيد الله تعالى في الدعاء و تنزيهه فيه اعتراف بذلك و فيه ردع للنفس العاصية او الطاغية و تذكير لها انها مهما تمادت و تعجرفت فان هناك من خلقها ومن سيحاسبها ومن هو قادر عليها فيجعلها ذلك تتراجع و تخاف و تتأدب و تمتنع عن الحرام ، ثم الاعتراف بالخطأ يكون نتيجة حتمية للشعور بعظمة الله تعالى و قدرته و اليقين بذلك ،فالمرء ان علم ان هناك من هو اقوى منه و طلب منه التوقف عن امر ما والا عاقبه فانه يتوقف عنه مباشرة فكيف ان كان الامر و الناهي هو الله تعالى و بالتالي فانه يمتنع كليا ان وقع الايمان و اليقين في قلبه ويتراجع عن ما هو فيه او ما كان عليه صاغرا تائبا ، وهو ايضا يستشعر عظمة الله تعالى وانه الاله الحق وانه الامر الناهي وانه المجازي و المعاقب وان كل شيء بامره وتقديره فيستحي حينها ان ينقص في حق ربه تعالى او ان يعصيه و لا يوفيه حقه من عبادة و طاعة مع انه مهما فعل فلن يستطيع ان يرد جزءا بسيطا من حق الله تعالى عليه ، و يبقى الامل في رحمة الله و رضوانه.
{أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ**
{وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ** [الأنبياء : 87]
جاءت في القران الكريم على لسان عبد صالح من عبيده ، و نبي كريم من أنبيائه وهو سيدنا يونس بن متى عليه السلام ، وهذا النبي لما راى نفسه وقع في بلاء من ربه وامتحان ، وابتلي بأن جعله الله تعالى في بطن الحوت نادى في الظلمات ، ظلمة الليل ، وظلمة البحر ، وظلمة بطن الحوت ..نادى الذي يسمع ويرى كل شيء كما قيل -والله اعظم من ذلك -: يرى ويسمع دبيب النملة السوداء فوق الصخرة الصماء في الليلة الظلماء ،سبحانه هذا العظيم القدير القوي العزيز المسيطر على كل شيء ناداه عبده ونبيه وهو موقن باجابته وناداه اولا بوحدانيته و الوهيته ثم اعترف له بحاله فانجاه الله تعالى من بطن تلك الدابة البحرية و اعاده و عافاه ، فيا سبحان الذي قال عن نفسه {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ** [البقرة : 186] ،و قال {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ** [النمل : 62] .. فتدبروا يرحمكم الله تعالى قوة الدعاء ، و نتيجة الاعتراف بالتقصير -حاشا الانبياء- ثم نتيجة التوحيد و اليقين بعون الله و توفيقه عند اخلاص التوبة و الانابة اليه.
{أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ**
فلا اله الا انت فيها نفي للالوهية تماما عن كل احد و كل شيء ثم اثباتها قطعا لله تعال