زاد المعاد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله مصرف الليل والنهار عبرة لمن يعتبر , وباسط الليالي ليزداد العباد في الصالحات , والصلاة والسلام على الرحمة المهداة والسراج المنير محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه الأطهار الميامين : أمــــــــــا بعد :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حيا الله هذه الوجوه المباركة التي ما اجتمعت إلا لأجله سبحانه وتعالى , أسال الله أن يحرم هذه الوجوه على النار إنه ولي ذلك والقادر عليه .....
حياكن الله في روضة من رياض الجنة وحلقة من حلق الذكر المباركة تحفها الملائكة وتغشاها الرحمة ويذكرنا الله في ملأ خير منا ,
إليكن أزف قول النبي صلى الله عليه وسلم : " ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة " و قوله صلى الله عليه وسلم كما عند مسلم في صحيحه : " لا يقعد قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله فيمن عنده "
وهنيئاً لكم " قوموا مغفورا لكم قد بدلت سيئاتكم حسنات "
لعلنا اخترنا هذا الموضوع تزامناً مع الموسم وأعتذر من أخواتي اللاتي من خارج البلاد إن لم يكن الموضوع يناسبهن لإختلاف الفترات الدراسية بيننا وبينهن , وعموماً لن يحرمن خيراً بحول الله فسأحرص على أن يناسب الموضوع كافة الحاضرات رعاكن الله .....
سيدور حديثنا نحو أربع محاور رئيسية :
المحور الأول : أهمية الوقت في حياة المسلم .
المحور الثاني : نماذج من حرص السلف الصالح على الوقت .
المحور الثالث : إجـــــــــــــازة ,,,,,,, ولكن ؟؟؟!!! .
المحور الرابع : وسائل وأفكار لقضاء الإجازة .
نبدأ في المحور الأول على بركة الله :
المحور الأول : أهمية الوقت في حياة المسلم :
قال صلى الله عليه وسلم " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ " فعلى المسلم أن يغتنم كل لحظة من عمره في ذكر الله عز وجل وليعلم علم اليقين أن عجلة الحياة لن تدور إلى الوراء فهي في سير حثيث نحو الأمام فحري بكل ذي لب أن يتفطن لهذا الأمر قبل أن يندم ولات حين مندم ....
قال تعالى : ( حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ{99** لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ{100**" المومنون
ومـــــــــــــــاذا بعد ؟؟!!!
" فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءلُونَ{101** فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ{102** وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ{103** " المؤمنون
لذلك حري بنا أن نستغل أوقاتنا ونعمرها بما يثقل الميزان قال صلى الله عليه وسلم " أعمار أمتي بين الستين والسبعين "
هذه الأعمار قصيرة أمام أعمار الأمم السابقة التي كانت تعمر السنون الطوال فخص الله هذه الأمة بمواسم وعبادات تثقل الميزان كليلة القدر ورمضان عموماً وعشرٍ من ذي الحجة , وعشر حسنات بكل حرف من كتابه الكريم وأعمال كثيرة ليس المجال هنا لبسطها ..
يقول الشاعر /
ولدت أمك يا ابن آدم باكياً والناس حولك يضكحون سروراً
فاعمل لنفسك أن تكون إذا بكوا في يوم موتك ضاحكاً مسروراً .
المحور الثاني / نماذج من حرص السلف الصالح على الوقت :
كان المتقون الأبرار السابقون الأولون ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أعرف الناس بربهم وأتقاهم له فكانوا في سير حثيث لا ينقطع وسباق مع الزمن لكسب الصالحات .
قيل ليحيى بن زكريا : هيا بنا نلعب , قال : ما للعب خلقنا ...
وقال ابن مسعود رضي الله عنه : وما أدراكم بابن مسعود !!! تلميذ نجيب في مدرسة النبوة يقول : ما ندمت على شئ ندمي على يوم غربت شمسه اقترب فيه أجلي ولم يزدد عملي .
ويقول ابن عمر رضي الله عنهما كما صح عند البخاري من حديثه رضي الله عنه يوم أن كان النبي صلى الله عليه أخذاً بمنكبه وقال له : " كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل " , فقال ابن عمر : " إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك "
وما زال هذا الحرص في سلفنا الصالح إلى زماننا هذا فقد ذُكر عن سماحة الوالد الشيخ ابن باز علية رحمه الله ورضوانه رضواناً لا ينقطع إلى يوم الدين كان لا تفوت خمس دقائق من عمره إلا بذكر أو تسبيح أو سؤالاً عن أحوال المسلمين وما صحة سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا فعلها ....
ويقول أحد السلف الصالح : لو فاتني وردي من الليل لم أستطع قضائه في الصباح , لإنشغال وقته .
فلله در هذه الوجوه المباركة
ويعلم الله أني ما قلبت سيرتهم يوماً وأخطأ دمع العين مجراه .
المحور الثالث / إجـــــــازة .............. ولكن ؟؟؟!!!!
جاءت الإجازة الصيفية بعد عناء عام كامل من الجد والإجتهاد .,,
ولنتفق أخواتي الحبيبات على أمر بادئ ذي بدء
لنتفق على أننا نحتسب الأجر في عِلمنا أياً كان نوعه علمياً أو شرعياً , وكذلك الموظفين والموظفات والمعلمين والمعلمات حديثنا يشملهم ....
فلو اتفقنا على ذلك ستأتي الإجازة إمتداداً للحقبة الدراسية أو الوظيفية المنصرمة بإكمال احتساب الأجر في هذه الإجازة التي تمتد على أكثر تقدير قرابة الثلاث أشهر وذلك بقضائها في كل ما يقربنا من الله عز وجل وليعلم المسلم أنه " لا إجازة في حياته " بل هو مكلف ما دام فيه عرق ينبض وروح تدب ....
لذلك فليحرص كل منا منا طالباً وموظفاً وطلبة وموظفة على استغلال هذه الفترة في زيادة الحسنات والبعد عن السيئات .
المحور الرابع / وسائل وأفكار لقضاء الإجازة الصيفية .
الإلتحاق بدور التحفيظ النسائية :
لحفظ كتاب الله عز وجل وخير ما تفنى فيه الأعمار كتاب الله عز وجل وقد ورد في فضائل القرآن أحاديث عدة قال صلى الله عليه وسلم " خيركم من تعلم القرآن وعلمه " وقال عليه الصلاة والسلام " اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه " وقال عليه الصلاة والسلام " إن الله ليرفع بهذا الكتاب أقواماً ويضع به آخرين "
فاحرصن على الإلتحاق بهذه الدور المباركة وكذلك الدورات الشرعية التي تقام هناك كحفظ المتون العلمية من السنن النبوية ابتداءً بالأربعين النووية ثم عمدة الأحكام تدرجاً ثم بلوغ المرام لابن حجر والمنتقى لابن تيمية ثم إنطلاقاً للصحاح وياله من شرف يوم أن نحمل حديث النبي صلى الله عليه وسلم في صدورنا
ولا يلزم حفظها جميعاً في الإجازة لكن لتكن هذه الإجازة انطلاقتها ...
وقد لا يتيسر لنا الذهاب للدور النسائية أو الإلتحاق بالدورات الشرعية فلا تُحرمي الخير بحول الله فمجال طلب العلم واسع اعملي جدولاً مع أخت لك في البيت أو صديقة ولو بالهاتف لحفظ القرآن , أو لسماع موعظة بسيطة ,
وكذلك الأشرطة النافعة التي يُسجل بها دروس العلماء ,,,
ويجدر بي أن أشير هنا إلى الحرص على أخذ العلم من أهلة الثقات فابتعدي عن أهل البدع من الصوفيين وغيرهم ولا تقرئيها ولو للإطلاع ما دمت غير عالمة تردين عليهم لما فيه خطر على دينك أختي الغالية .
واعملي لأهلك وأطفالك دروساً علمية خفيفة يومية أو اسبوعيه كل على حسب حاله مع ملاحظة أن تناسب المواضيع المطروحة حال المُخاطب وظروف الأسرة ....
وكذلك أوصيكن بالحرص على العلم الشرعي كي تدفعن الجهل عن أنفسكن وغيركن .
الدعوة إلى الله عز وجل في الأفراح :
فلا تخافي ولا تخجلي أخيه من انكار المنكر واعلمي رعاك الله أنك طالماً رأيت المنكر هناك وجب عليك تغييره وإلا كما يقول العلماء : تخرجين خروجاً يفهم منه إنكارك لهذا المنكر ويُعلم سبب خروجك ,,,
واعلمي أن إنكار المنكر يكون بالكلمة الطيبة ولين الجانب
وان دعيت لفرح وعلمت مسبقاً بوجد منكر فيه وتعذر عليك تغييره ـ بعد محاولات عدة ممن تمونين عليهم ـ فقولي لهم والله إنكم عزيزون علي لكن حفلكم فيه أمور لا ترضي الله عز وجل ,,,,
السفر المباح :
الذي يأمن المرء فيه على نفسه ودينه من الفتنة وعلى من يعول لا بأس به إن التزمنا بتعاليم الإسلام وأخلاقه وكنا دعاة لله بحجابنا وأخلاقنا ,,, والبعد عن الإسراف في السفر بدفع الأموال الطائله في النزهة
ويجدر بنا أن نشير إلى أمر هام في السفر لبلاد الكفار يقول الشيخ بن عثيمين في هذا الأمر :
فكذلك إن كان الإنسان من أهل الإسلام ومن بلاد المسلمين فإنه لا يجوز له أن يسافر إلى بلد الكفر لما في ذلك من الخطر على دينه وعلى أخلاقة ولما في ذلك من اضاعه ماله ولما فيه من تقوية اقتصاد الكفار ونحن مأمورون بأن نغيظ الكفار بكل ما نستطيع .
ثم ذكر الشيخ شروطاً للسفر لبلاد الكفار :
1 ـ أن يكون لدية علم يدفع به الشبهات .
2 ـ أن يكون لدية دين يحميه من الشهوات .
3 ـ أن يكون محتاجاً إلى ذلك مثل أن يكون مريضاً يحتاج للسفر إلى بلاد الكفر للاستشفاء أو يكون محتاجاً الى علم لا يوجد في بلاد الإسلام تخصص فيه فيذهب هناك أو يكون الإنسان محتاجا إلى تجارة يذهب يتجر ويرجع , المهم أن يكون هناك حاجة
ثم أردف قائلا : ولهذا أرى أن الذين يسافرون إلى بلد الكفر من أجل السياحة فقط أرى أنهم آثمون ..
ولمزيد عن هذا الموضوع راجعوا إن شئتم شرح رياض الصالحين المجلد الأول " شرح الحديث الأول حديث عمر ابن الخطاب " إنما الأعمال بالنيات .... "
فلنكن دعاة إلى الله في أي أرض نطئها بتطبيق شعائر الله عز وجل .
الإنترنت :
نعمة عظيمة من نعم الله عز وجل فاحرصي على تسخيرها لخدمة دين الله وما يقربك من ربك عز وجل طول العام عامة وفي فترة الإجازة خاصة وذلك بتصفح المواقع الإسلامية والمشاركة في المنتديات الإسلامية بكتابة مقال أو رد يخدم دين الله ويكون شاهداً لك عند الله عز وجل وتذكري :
وما من كاتب إلا سيفنى ويبقى الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بكفك غير شئ يسرك في القيامة أنك تراه .
وكذلك لو تعدي قائمة بريدية لمجموعة من الأخوات ترسلين لهن المقالات النافعة الدينية وكذلك الأمور المباحة حتى لا تمل القارئة كأن ترسلي لها ما يفيدها في أناقتها بما أباحه الله وأطباق مختلفة ولا تنسي الفكاهه المباحة التي لا كذب فيها ولا سخرية بأحد ولا غيبة ....
واعلمي وفقني الله وإياك لما فيه الخير أن المؤمن ضعيف بنفسه قوي بإخوانه فاصحبي صديقة تعينك على الخير وتذكرك بالله دوماً
أقول قولي هذا فما كان فيه من صواب فمن الله وحده ومن كان فيه من خطأ فمن نفسي والشيطان والله ورسوله منة براء
والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله علية وسلم
وتجدون في المرفقات المحاضرة كاملة لمن أراد نشرها أو طباعتها والإستفادة منها
اللهم اجعل عملي لوجهك خالصاً ولا تجعل لبشر فيه حظاً ولا نصيباً