قد يكون الشيء جائزا ولكنه غير مشروع
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد
فقد قال الشيخ العلاّمة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:
الشيء قد يكون جائزا، وليس بمشروع، أي: يكون جائزا أن تتعبد به، وليس بمشروع أن تتعبد به، وقد ذكرنا لهذا أمثلة فيما سبق يحضرنا منها:
أولا: فعل العبادة عن الغير، كما لو تصدق إنسان لشخص ميت، فإن هذا جائز؛ لكن ليس بمشروع، أي: أننا لا نأمر الناس بأن يتصدقوا عن أمواتهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر به، ولم يفعله هو بنفسه حتى يكون مشروعا، فهو لم يقل للأمة: تصدقوا عن أمواتكم، أو صوموا عنهم، أو صلوا عنهم، أو ما أشبه ذلك، ولم يفعله هو بنفسه، غاية ما هنالك أنه أمر من مات له ميت وعليه صيام أن يصوم عنه لكن هذا في الواجب، وفرق بين الواجب وغير الواجب.
ومنها: الرجل الذي أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم على سرية بعثها؛ فكان يقرأ ويختم لهم بـ{قل هو الله أحد ** فأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك ولكنه لم يقل للأمة: إذا قرأتم في صلاتكم فاختموا بـ{قل هو الله أحد ** ولم يكن هو أيضا يفعله عليه الصلاة والسلام، فدل هذا على أنه ليس بمشروع، لكنه جائز لا بأس به.
ومنها أيضا: الوصال إلى السحر للصائم، فإنه جائز، أي: يجوز ألا يفطر إلا في آخر الليل، أقره النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «فأيكم أراد أن يواصل فليواصل إلى السحر» لكنه ليس بمشروع، أي: لا نقول للناس: الأفضل أن يمسكوا حتى يكون السحر، بل نقول: الأفضل أن يبادروا بالفطر.
الشرح الممتع ج3 ص 332