بارك الله فيكم أخي الحبيب ( الراقي المغربي ) ، وتصحيجاً للمعلومية فليس هناك ما يطلق عليه ( تحضير الأرواح ) بل هو تحضير الجن والشياطين ، ولمزيد من الفائدة أقدم مبحثاً حول هذا الموضوع ذكرته في كتابي ( القول المعين في مرتكزات معالجي الصرع والسحر والعين ) تحت عنوان ( تحضير الأرواح من قبل ال******ين ) وهو على النحو التالي :
يقول الأستاذ محمد فريد وجدي : ( ادعاء تحضيـر الأرواح من قبل ال******ين ، واتباع طريقين في ذلك :
1)- طريق الدجل والكـذب واستعمال المؤثرات النفسية والحيل العلمية 0
2)- استخدام الجن والشياطين 0
والقول بتحضير الأرواح ليس جديدا ، بل هو قديم جدا 0 كما أنه كان معروفا لدى الهنود ، والصينيين ، والمصريين ، واليونانيين ، والرومانيين ، وحتى بعض المسلمين ) ( الإسلام في عصر العلم - بتصرف - 359 - 365 ) 0
وتحضير الأرواح يتم بطريقتين ، كما أشار إلى ذلك الأستاذ زهير حموي حيث يقول :
( الطريقة الأولى : التقمص بالوسيط وذلك بحلول الروح في جسد أحد الوسطاء بعد دخوله في غيبوبة ، والتكلم على لسانه ، وإملاء ما يريد إملاءه من عالم الأرواح ، ويذكرون أن الشاعر أحمد شوقي أملى على وسيطه من المنصورة تدعى ( مدام روفائيل ) مسرحية شعرية تتكون من أكثر من ألف بيت اسمها ( عروس فرعون ) وأن ( برنادشو ) كتب مسرحية وهو في العالم الآخر ، وكذلك الحال بالنسبة لـ ( فيكتور هوجو ) و ( دانتي ) و ( تشالز ديكنز ) 0
الطريقة الثانية : التجسد ، وهي أن تظهر الروح مجسدة في صورة مطابقة لصورة صاحبها في الدنيا ويزعمون أن هذه الروح تمتلك القوى ، وأن من الممكن أن تمشي في الغرفة وتتحدث مع الحضور وتمازحهم ، وأنه من الممكن التقـاط صـورة من هذا النـوع لروح ملكة بلجيكا " استريد " ) ( الإنسان بين السحر والعين والجان - ص 138 - 139 ) 0
وقد تطور الأمر تدريجيا حتى صار مذهبا يعتنقه كبار العلماء الغربيين 0
* ذكر الأستاذ محمد فريد وجدي في كتابه ( الإسلام في عصر العلم ) نقلا عن مقال " جبريل دولن " : ( لقد تقرر مما سردناه آنفا ، أن الملايين من الناس يعتقدون الآن في صحة المذهب الروحي 000 وأنه ليوجد اليوم نحو من مائة وخمسين جريدة أو مجلة تنشر للجمهور أخبار هذه النظريات الجديدة 000 ) 0
ثم يذكر ناقلا عنه : ( من المستحيل أن تكون هذه الحوادث الاسبريتية نتيجة الغش والتزوير أو الضلال الفاحش 000 :
أولا : لأن هذه المشاهدات درسها وفحصها أعاظم رجال العلم - كما رأيت - وأن هؤلاء الكيماويين والطبيعيين هم أجدر الناس وأولاهم بمعرفة سلامة الدليل أو فساده فيما يتعلق بسببية الحوادث 0
ثانيا : لأن هذه المشاهدات قد روقبت مرات عديدة جدا بواسطة مجربين ومراقبين مستقلين ، وكانوا لا يصدقون بشيء في مبدأ أمرهم ، ولم يكن بينهم وبين المجربين أمثالهم أدنى علاقة من تعارف ، وقد جاءت نتيجة كل تلك الأبحاث متشابهة متحدة في كل بلد من بلاد العالم 0
ثالثا : لأن كل هذه الحوادث في مظاهرها الرئيسة واحدة في جميع بلاد العالم ، الأمر الذي يدل على أن سببها كلها واحد 0
رابعا : أخيرا 00 إنا نعتقد أن مجموع كل هذه الشهادات ومقامها وصحتهـا هي من الخطـورة بحيث يستحيل دحضها مجانا بدون بحث دقيق ) ( الإسلام في عصر العلم - ص 352 - 353 ) 0
* سئل فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان عن حكم تحضير الأرواح وهل هو نوع من أنواع السحر ؟؟؟
فأجاب – حفظه الله – : ( لا شك أن تحضير الأرواح نـوع من أنواع السحر أو من الكهانة وهذه الأرواح ليست أرواح الموتى ، كما يقولون ، وإنما هي شياطين تتمثل بالموتى وتقول : أنها روح فلان أو أنا فلان وهو من الشياطين فلا يجوز هذا 0
وأرواح الموتى لا يمكن تحضيرها ، لأنها في قبضـة الله سبحانه وتعالى : ( اللَّهُ يَتَوَفَّى الأ نْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِى لَمْ تَمُتْ فِى مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِى قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ) ( سورة الزمر - الآية 42 ) 0
فالأرواح ليست كما يزعمون أنها تذهب وتجيء إلا بتدبير الله عز وجل فتحضير الأرواح باطل ، وهو نوع من السحر والكهانة ) ( المنتقى من فتاوى فضيلة الشيخ صالح الفوزان - 2 / 134 - 135 ) 0
* قال الأستاذ ولي زار بن شاهز الدين : ( هنا يطرح السؤال نفسه : هل تعود الأرواح بعد ما فارقت أجسادها إلى هذه الدنيا وتستأنف نشاطها - كما يزعم معتنقوا الروحية الحديثة - كما كانت في الحياة الدنيا ؟؟؟
كلا ! فإن نصوص القرآن والسنة متظاهرة في أن الإنسان إذا مات انقطع عمله وحيل بينه وبين العودة إلى الدنيا لأي نشاط 0
فالبشر بعد موتهم تصعد أرواحهم إلى حيث شاء الله تعالى ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون 0 فمن أين يتأتى لهذه الأرواح الرجوع إلى عالم الدنيا مرة أخرى وكيف ذلك ؟! ) ( الجن في القرآن والسنة – ص 188 ) 0
قال الشيخ محمد الغزالي – رحمه الله - : ( الإسلام قاطع في أن ميدان العمل الإنساني هو هذه الدنيا 0 وأن المرء - في فترة الأجل الموقوت له - يبتلى بفنون التكاليف ، ويتعرض لامتحانات شتى وأن نجاحه وسقوطه يتقرران جميعا عند انتهاء عمره على هذه الأرض ! وهو بالموت مباشرة يبدأ مثوبته أو عقوبته ! 000
واسمع إلى إجابة الله للمجرمين وهم يلقون جزاءهم العدل : ( وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِى كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمْ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ ) ( سورة فاطر – الآية 37 ) 0
وهذه الإجابة الإلهية تكرار لما قد يسأله المجرمون عند ساعة الاحتضار ، عندما تذهب السكرة وتجيء الفكرة ، عندما يتلهفون على ماض قد ضاع سدى ، فيقول أحدهم : ( رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّى أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) ( سورة المؤمنون - الآية 99 - 100 ) 0
نعم 00 إلى يوم البعث لا مكان لعمل ، لا استئناف لنشاط ، لا فرصة لتوبة ، لا مجال لترقيع ما فسد ! إن مجال العمل المطلوب والتوبة المنشودة في هذه الدنيا وحدها - والمرء في عافية من دينه ، وفسحة من أجله ، وإقبال من أمله 0
فإذا دنت ساعة الرحيل عن هذه الدنيا ، أخذ الكرام الكاتبون يطوون دفاترهم دون اكتراث لتوبة الغرغرة ، أو يقظة الضمير الصاحي بعد فوات الأوان 0
( إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ 000 الآية ) ( سورة النساء – جزء من الآية 17 ) 0
( وَلَيْسَتْ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمْ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّى تُبْتُ الآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ 000 الآية ) ( سورة النساء - الآية 18 ) 0
ومن ثم كان الجواب الأعلى لما قال فرعون : ( ءامَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي ءامَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ * ءاَلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ ) ( سورة يونس – الآية 90 – 91 ) 0
وهذا المعنى الساري في آيات القرآن طولا وعرضا ترى مثله في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أو علم نافع ، أو ولد صالح يدعو له ) " أخرجه الإمام مسلـم فـي صحيحـه - كتاب الوصية ( 14 ) - برقم 1631 " ) ( ركائز الإيمان بين العقل والقلب - بتصرف - ص 345 - 347 ) 0
قال الدكتور عمر الأشقـر : ( انتشر في عصرنا القول بتحضير الأرواح ، وصدق بهذه الفريـة كثير من الذين يعدهم الناس عقلاء وعلماء 0 وتحضير الأرواح المزعوم سبيله ليس واحدا ، فمنه ما هو كذب صراح يستعمل فيه الإيحاء النفسي والمؤثرات المختلفة والحيل العلمية ، ومنه ما هو استخدام للجن والشياطين ) ( عالم الجن والشياطين - ص 111 ) 0
* قال الشيخ علي بن حسن عبد الحميد : ( وقبل عدة عقود اشتهرت بين الناس ( نغمة ) أخرى – أطفأ الله نارها – وهي ما سمي حينذاك بـ ( تحضير الأرواح ) - زعموا - مع أنه - في الحقيقة - من تلاعب الجن بالإنس ، وصنائعهم المتكاثرة في العبث بهم ) ( برهان الشرع في إثبات المس والصرع - ص 13 ) 0
* قال الأستاذ زهير حموي : ( وقد تحدث الدكتور عبد الحليم محمود - رحمه الله - في كتابه " توازن الأرواح " عن قناعته في هذا الموضوع فقال : وليس ما يحضر في هذه الجلسات التي يعقدونها أرواحا لبني البشر ، وإنما هي أنواع من الجن تحضر سخرية ببني البشر ، أو تضليلا لهم 0
وروى قصة عن أكابر هؤلاء المحضرين ، وكيف أنهم قدموا إلى مكة المكرمة ليثبتوا أنهم على حق ، وقضوا الليل كله في إحدى الحجرات الملحقة بالحرم يحاولون تحضير إحدى الأرواح زاعمين أنه لو كانت الأرواح المحضرة من الشياطين فإنها لا تدخل الحرم إلا أن محاولتهم تلك باءت بالفشل ولم يستطيعوا فعل شيء ) ( الإنسان بين السحر والعين والجان - ص 142 - 143 ) 0
* ذكر الدكتور أحمد عز الدين البيانوني عن تجربتـه المعاصرة بما يتعلق ( باستحضار الأرواح ) حيث يقول :
لقد شغل " استحضار الأرواح " المزعوم أفكار الناس في الشرق والغرب ، فكتبت فيه مقالات ، بلغات مختلفات ، نشرت في مجلات عربية وغير عربية ، وألفت فيه مؤلفات ، وبحث فيه باحثون ، وجربه مجربون ، اهتدى بعد ذلك العقلاء منهم إلى أنه كذب وبهتان ، ودعوة إلى كفر وطغيان 0
إن استحضار الأرواح ، الذي يزعمـه الزاعمون ، كذب ودجل وخداع ، وما الأرواح المزعومة إلا شياطين تتلاعب بالإنسان وتخادعه 0
وليس في استطاعة أحد ، أن يستحضر روح أحد ، فالأرواح بعد أن تفارق الأجساد ، تصير إلى عالم البرزخ 0
ثم هي إما في نعيم أو في عذاب ، وهي في شغل شاغل ، عما يدعيه مستحضرو الأرواح 0
وقد دعيت أنا إلى ذلك ، من قبل هذه الأرواح ، وجربته بنفسي تجربة طويلة ، وظهر لي أنه كذب ودجل وخداع ، على أيـدي شياطين تتلاعب ، غرضهـم من ذلك تضليل الناس وخداعهم ، وموالاة من يواليهم 0
وبدأ الدكتور أحمد باستعراض تلك التجربة عن طريق الوسيط وجرت لقاءات ولقاءات ، وانتهى المطاف به إلى أن قال :
وقد حاولت هذه الأرواح بعدما انكشف لي أمرها - أن تسلك معي مسلك التهديد ، فلم يزلزل ذلك من قلبي شيئا ، والحمد لله تعالى 0
وقد كنت كتبت في هذه المدة الطويلة مما حدثوني به ما ملأ دفتريـن كبيرين ، جمعت فيهما أكثر ما حدثوني به 0
ولما ظهر الباطل ظهورا لا يحتمل التأويل ، قطعت الصلة بهم ، وحكمت عليهم بما حكمت ، وأحرقت الدفترين اللذين أمتلآ بالكذب والخداع 0
فهذه الأرواح التي تدعي أنها أرواح رجال من الصحابة والأولياء والصالحين ، كلها شياطين ، لا ينبغي لمؤمن عاقل أن ينخدع بها 0
وجميع الصور التي اعتادها مستحضرو الأرواح كذب وباطل0
سواء في ذلك طريقة الوسيط التي ذكرتها وجربتها ، وطريقة المنضدة والفناجين ، التي ذكرها لي بعض من جربها ، ووصل إلى النتيجة التي وصلت إليها 0
ومن عجيب الأمر أني قرأت بعد ذلك كتبا مؤلفة في هذا الموضوع ، فإذا بالمجربين العاقلين وصلوا إلى مثل ما وصلت إليه ، وحكموا على تلك الأرواح ، أنها قرناء بني آدم من الجن ، كما هداني الله تعالى إلى ذلك من قبل ، والحمد لله 0
وقد اديت بكلمتي هذه النصح الواجب ، والله الهـادي إلى سواء السبيل ) ( عالم الجن والشياطين - نقلا عن كتاب " الإيمان بالملائكة " للكاتب أحمد عز الدين البيانوني - باختصار - ص 102 - 109 ) 0
قال الأستاذ محمد الشافعي : ( كتب الشيخ العجرمي أشهر من تعامل مع ما يسمى بتحضير الأرواح عن قصة واقعية حدثت له وجعلته يرى أن الأرواح مجرد أكذوبة وضلال وإضلال من الشياطين للإنسان 00 حيث اعتاد الشيخ يس أن يقوم بتحضير الأرواح لكل من يطلبها ، فمن يطلب تحضير روح أبيه أو أمه أو أخيه 00 الخ ، وذات يوم جاءه أبناء رجل عرف عنه التقوى والورع وحب القرآن الكريم ، وطلب الأبناء تحضير روح أبيهم ، فوجد الشيخ يس العجرمي أنه لا بد وأن يحتفل بهذه الروح التقية بأن يقدم لها ما كانت تحبه في الدنيا ، فبعد أن جاء بالروح أمر بأن يسمعوها بعض آيات القرآن 00 وبعد آيات قليلة فوجئ كل الحاضرين بتلك الروح تصدر عواء يشبه عواء الكلاب وسمعوا هرولة الروح وهروبها وهي تعوي بألم شديد 0 ومن هذه الواقعة أدرك الشيخ يس مدى الضلال الذي عاش فيه طويلاً وأخذ على عاتقه أن يفضح هذه العملية الشيطانية في كل مكان ) ( السحر والجان بين المسيحية والإسلام – ص 131 ) 0
قلت : إن القصد من عرض تلك التجارب المعاصرة إظهار الحق وتبيانه ، ورد ادعاء من يزعمون استحضار الأرواح أو الملائكة ونحوه ، وتلك شبهات باطلة تدخل من خلالها الجن والشياطين غالبا على ضعفاء الإيمان ومن لا يملكون علما شرعيا ولا عقلا ليميزوا من خلاله الحق من الباطل ، وليس القصد مطلقا خوض تلك التجارب ، لخطورة ذلك المسلك على العقيدة والدين ، وقد لا يستطيع الشخص الذي يخوض غمارها الانفكاك منها بسهولة ويسر ، وقد تكلفه الكثير ، وقد يصل الأمر إلى أن يخسر حياته من جراء ذلك 0
قال الدكتور السيد الجميلي : ( ذلك هو رأي بعض قادة التفكير العلمي في هذه الخزعبلة – يعني مسألة تحضير الأرواح – التي تكررت ، وسمعنا عنها ونحن صغار في المهد ، ولا زلنا نسمع عنها ، وقد تجاوزنا مرحلة الصبا إلى الكهولة ، وقلنا ولا زلنا نقول ، إن حضور الأرواح تلك العقيدة الدينية القديمة التي تأصلت في جميع الأمم الوثنية القديمة ، وحاربتها حرباً عنيفاً عقيـدة التوحيد ، ولكن يأبى إبليس إلا أن يحقق قسمه قوله لله عز وجل : ( فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ) ( سورة ص - الآية 82 ) 0
فهـا هو ذا يقود هذه الضلالة وغيرها ويضعها في عقول بعض المغرر بهم 0
وبهذه العقيدة السخيفة المارقة ، الوثنية القديمة يقول يعض أئمة الصوفية أنهم يقابلون أرواح من سبقوهم إلى العالم الآخر ويعاشرونهم ، ويحضرون حضراتهم ، ويأخذون من المواثيق والعهود والأسرار والعلوم اللدنية 0
أليس ذلك بكاف على أن الوثنية ضاربة أطنابـها في شكل علمي جديد ؟! ) ( السحر وتحضير الأرواح – ص 48 – 49 ) 0
وهناك أمر آخر له صلة قوية بموضوع البحث ، حيث أن بعض الجن والشياطين تظهر لبعض الناس عند القبور أو في البيوت ونحو ذلك من أماكن أخرى ، وقد تظهر أحياناً على شكل نور ، وتدعي أنها الرب أو الإله ، أو أنها نبي من الأنبياء ، أو أنها من الملائكة الأخيار أو من ال******ين ، وكل ذلك لفتنة المؤمن وصده عن عبادته أو ايقاعه في الكفر أو الشرك أو المعصية 0
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : ( ولا ريب أن الأوثان يحصل عندها من الشياطين وخطابهم وتصرفهم ما هو من أسباب ضلال بني آدم ، وجعل القبور أوثاناً هو أول الشرك 0
ولهذا يحصل عند القبور لبعض الناس من خطاب يسمعه وشخص يراه وتصرف عجيب ما يظن أنه من الميت ، وقد يكون من الجن والشياطين ، مثل أن يرى القبر قد انشق وخرج منه الميت وكلمه وعانقه ، وهذا يرى عند قبور الأنبياء وغيرهم ، وإنما هو شيطان ؛ فإن الشيطان يتصور بصور الإنس ويدَّعي أحدهم أنـه النبيّ فلان أو الشيخ فلان ويكون كاذباً في ذلك 0
وفي هذا الباب من الوقائع ما يضيق هذا الموضع عن ذكره ، وهي كثيرة جداً ، والجاهل يظن أن ذلك الذي رآه قد خرج من القبر وعانقه أو كلمه هو المقبور أو النبي أو الصالح وغيرهما 0
والمؤمن العظيم يعلم أنه شيطان ، ويتبين ذلك بأمور :
أحدها : أن يقرأ آية الكرسي بصدق ، فإذا قرأها تغيب ذلك الشخص أو ساخ في الأرض أو احتجب ، ولو كان رجلاً صالحاً أو ملكاً أو جنياً مؤمناً لم تضره آية الكرسي ، وإنما تضر الشياطين 0
ومنها : أن يستعيذ بالله من الشياطين 0
ومنها : أن يستعيذ بالمعوذة الشرعية 0
ومنها : أن يدعو الرائي لذلك ربه تبارك وتعالى ليبين له الحال 0
ومنها : أن يقول لذلك الشخص : أأنت فلان ؟ ويقسم عليه بالأقسام المعظمة ، ويقرأ عليه قوارع القرآن 0
إلى غير ذلك من الأسباب التي تضر الشياطين 0
كالشيخ عبد القادر الجيلاني في حكايته المشهورة حيث قال : كنت مرة في العبادة ، فرأيت عرشاً عظيماً وعليه نور ، فقال لي : يا عبد القادر ! أنا ربك ، وقد حللت لك ما حرمت على غيرك 0 قال : فقلت له : أنت الله الذي لا إله إلا هو ؟ اخسأ يا عدو الله 0 قال : فتمزق ذلك النور وصار ظلمة ، وقال : يا عبد القادر ! نجوت مني بفقهك في دينك وعلمك وبمنازلاتك في أحوالك ، لقد فتنت بهذه القصة سبعين رجلاً فقيل له : كيف علمت أنه الشيطان ؟ قال : بقوله لي : حللت لك ما حرمت على غيرك ، وقد علمت أن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم لا تنسخ ولا تبدل ، ولأنه قال أنا ربك ، ولم يقدر أن يقول : أنا الله لا إله إلا أنا 000 ) ( قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة – باختصار - ص 42 - 43 ، مجموع الفتاوى – 1 / 169 – فما بعد ) 0
هذا ما تيسر لي أخي الحبيب ( الراقي المغربي ) ، بارك الله فيكم ، وزادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :
أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0