براءة رابعة العدوية مما ينسب إليها من الشطحات
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أما بعد :
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :" من رَدَّ عن عرضِ أخيهِ ردَّ اللهُ عن وجهِهِ النَّارَ يومَ القيامةِ " رواه الترمذي (1996) وحسنه
في هذا الحديث استحباب الذب عن الأعراض المسلمين بالحق لا سيما أهل العلم والفضل منهم لما يترتب على ثلبهم بالباطل من تسلط أهل البدع والفسق ، وأن ذلك من الأعمال الفاضلة التي تنجي صاحبها من عذاب النار
ومن نسب إلى أحدٍ قولاً لم يقل به وربما لم يخطر على باله وإنما ورد عنه بلا خطام ولا زمام بلا شبهة ولا تأويل فإنه يخشى عليه من الدخول في قول الله تعالى :" والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً "
والآن مع بعض الشطحات المنسوبة إلى رابعة العدوية
وقال البيهقي في شعب الإيمان 433 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه ثنا محمد بن أحمد بن النضر الأزدي حدثني عبد الصمد الصائغ مردويه قال : دخل سفيان الثوري على رابعة العدوية فقالت له : يا سفيان ما تعدون السخاء فيكم ؟ قال : أما عند أبناء الدنيا فالذي يجود بماله و أما عند أبناء الآخرة فهو الذي يجود بنفسه فقالت : يا سفيان أخطأت فيها فقال سفيان : فما السخاء عندك ـ رحمك الله ؟ ـ قالت : أن تعبدوه حبا له لا لطلب جزاء و لا مكافأة ثم أنشأت تقول :
( لولاك ما طابت الجنان و لا نعيم لجنة الخلد )
( قوم أرادوا للجنان و قلبي سواك لم يرد )
أقول : رجاله ثقات مترجمون في تاريخ بغداد و عبد الصمد بن يزيد مردويه بغدادي ثقة وهو مترجم في تاريخ بغداد غير أنه لم يدرك الثوري فهو خادم الفضيل ويروي عن سفيان بن عيينة ووكيع ( كما في ترجمته في الجرح والتعديل ) ولا تعرف له رواية عن سفيان وكونه عامة روايته عن الطبقة الأنزل من طبقة سفيان يدل على أنه لم يدركه
فإن قيل : وكيع وابن عيينة أنزل طبقةً من الثوري ولكن الفضيل في طبقته
قلنا : الفضيل مكي وسفيان كوفي وعبد الصمد إذا كان خدمه في مكة أو بغداد فمن أين لنا أنه دخل الكوفة في حياة سفيان والكوفي الذين يروي عنهم أنزل منه طبقة
وهذه هي أشهر الشطحات المنقولة عن رابعة إذ أنها هنا تلغي الرغبة والرهبة في العبادة وتقصرها على المحبة ، وقد تابعها على ذلك الكثير من أهل التصوف
غير أن ذلك لا يثبت عنها ، وما كانت _ رحمها الله _ من أهل العلم حتى يعتد بقولها ، ولكن في الرواية سكوت سفيان على قولها وهذا قد يحتج به بعضهم ، وإن كان السكوت لا يقتضي الإقرار
ولا أطيل في نقض هذا المنقول فإن عامة طلبة العلم _ والحمد لله _ يعرفون الجواب على هذا الكلام من وجوهٍ شتى وإنما المراد هنا بيان عدم ثبوت ذلك عن رابعة _رحمها الله _
وبقية الروايات المنقولة عنها في هذا المعنى لم أقف لها على أسانيد
وقال ابن أبي الدنيا في الرضا عن الله بقضائه 21 - حدثنا الحسين قال حدثنا عبد الله قال حدثنى زياد بن أيوب قال حدثنا أحمد بن أبى الحوارى قال حدثنى جعفر قال حدثنى جعفر ابن محمد من الأنبار قال ذكروا عند رابعة عابدا كان في بنى اسرائيل لا يطعم الا كل سنة مرة ينزل من متعبده فيأتى مزبلة على باب الملك فيطعم من فضول مائدته فقال رجل عنده وما على هذا اذا كان في هذه المنزلة أن يسأل الله أن يجعل رزقه من غير هذا فقالت رابعة يا هذا ان أولياء الله اذا قضى لهم قضاء يتسخطوه
أقول : وهذه شطحة أخرى فيه تحسين عدم سؤال الله عز وجل الرزق الطيب وهذا خلاف السنة النبوية الثابتة بل والحث على ترك العمل والتقوت على فضلات الناس و جعفر بن محمد الأنباري لم أجد له ترجمة ، وقد راجعت ترجمة أحمد بن أبي الحواري في تهذيب الكمال واسمه أحمد بن عبد الله بن ميمون ، ولم يذكر المزي له شيخاً اسمه جعفر
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
منقول