إذا نهيتُكم عن شيء؛ فاجتنِبوه، وإذا أمرتُكم بأمر؛ فاتوا منه ما استطعتُم".
قوله -صلى الله عليه وسلم-: " إذا نهيتُكم عن شيء؛ فاجتنِبوه، وإذا أمرتُكم بأمر؛ فاتوا منه ما استطعتُم".
قال بعض العلماء: هذا يؤخذ منه أن النهي أشد من الأمر؛ لأن النهيَ لم يرخص في ارتكاب شيء منه، والأمر قُيِّد بالاستطاعة.
ويشبه هذا قول بعضِهم: " أعمال البِر يعملُها البَر والفاجر، وأما المعاصي؛ فلا يتركها إلا صِديق ".
قال الحسن: " ما عُبد العابدون بشيء أفضل من ترك ما نهاهم الله عنه ".
قال ميمون بن مهران: " ذِكر الله باللسان حسَن، وأفضل منه أن يذكر اللهَ العبدُ عند المعصية فيمسك عنها ".
قال ابن المبارك: " لأَن أرد درهمًا من شُبهةٍ أحب إلي من أن أتصدق بمائة ألف ومائة ألف.." حتى بلغ ستمائة ألف.
قال عمر بن عبد العزيز: " ليست التقوى قيام الليل وصيام النهار والتخليط فيما بين ذلك؛ ولكن التقوى: أداء ما افترض اللهُ، وترك ما حرَّم الله، فإن كان مع ذلك عمل؛ فهو خير إلى خير " أو كما قال.
وقال -أيضًا-: " وددتُ أني لا أصلي غير الصلوات الخمس سوى الوتر، وأن أؤدي الزكاة ولا أتصدق بعدها بدرهم، وأن أصوم رمضان ولا أصوم بعده يومًا أبدًا، وأن أحج حجة الإسلام ثم لا أحج بعدها أبدًا، ثم أعمدُ إلى فضل قوَّتي فأجعله فيما حرَّم الله علي؛ فأمسك عنه".
قال الحافظ ابن رجب -رحمه الله- بعد هذه الآثار وغيرها:
( حاصل كلامهم يدل على أن اجتناب المحرمات -وإن قلَّت- أفضل من الإكثار من نوافل الطاعات؛ فإن ذاك فرض، وهذا نفل ).
[منتقى من "جامع العلوم والحكم"، (1/252-254)].