إلى من تظنّ نفسها محجبة !
عينٌ على الدنيا ، وأخرى على الآخرة ..
رغبة في الجنّة ، وهوى في النفسِ يلحّ ..
رقّةُ في القلبِ تجذبها إلى دين .. ودنيا تتزيّنُ لها .. تغريها ..
هذا جمالكِ .. لا تهمليه .. وهذا حُسنكِ لا تضيّعيه !
وماذا إن كنتِ محجّبة ؟ هل تقهرين هذا الجمال خلف حجاب ؟!
تعلّقَ قلبكِ بالجنّة ، وفاض حنينكِ للقاءِ أمهات المؤمنين هناك .. واعتززتِ بنفسكِ ، فأنت مسلمة ! فارتديتِ الحجاب ..
لكنّكِ شيئاً فشيئاً شعرتِ بأنّكِ غريبة ، مختلفة ، غير مرغوبٍ بها بين الصحاب ..
فعزمتِ أن تغيّري من شكلك ، وأن تحسّني – كما ظننتِ مظهركِ – وغرّتكِ دعواتٌ سافرة ، وفتاوى بلا علم ، فكان في حياتكِ انشطارٌ عن الفطرة ..
وظهرتِ أخيراً .. بلا معنى .. بلا هويّة !
المظهرُ يوحي بملامح إسلاميّة .. هيكلُ حجابٍ لامرأة مسلمة ، لكنّ الغرب قد طبع بصماته ببراعة ليخفي أصالتك ..
تتساءلين .. وأنتِ تعلمين .. " وما الخطأ في حجابي وإن ضاق قليلاً ؟ أو ليس حجاباً ؟ "
هَلاّ عُدتِ إلى الحديث الشّريف في قول النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه أبو هريرة : "صنفان من أهل النار لم أرهما : قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام" (رواه مسلم).
ومعنى قوله كاسيات عاريات : أي تستر بعض بدنها وتكشف بعضه إظهاراً لجمالها وقيل تلبس ثوبا رقيقاً يصف لون بدنها .
ومعنى مائلات : أي مائلات عن طاعة الله ، وقيل يمشين متبخترات ، ومميلات أي إنهن مميلات لقلوب الرجال .
ومعنى قوله كأسنمة البخت : أي يصففن شعورهن فوق رؤوسهن أو يكبرنها ويعظمنها بلف عمامة أو عصابة.
معنى ذلك أن الثوب يجب أن يكون فضفاضاً غير ضيق لا يظهر لون البشرة أو يجسم العورة ولا يبرز مواضع في جسد المرأة من شأنها إثارة الفتنة ، وبذلك لا يصلح مع الحجاب الملابس الضيقة أو الخفيفة . وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "رب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة" (رواه البخاري عن أم سلمة)
تقولين : أنا محتشمة ، ألبس الفضفاض من الثياب حتى وإن كان بنطالاً ..
راجعي نفسكِ للحظة .. ألا يشبه هذا الثوب ملابس الرجال ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم " المخنثين من الرجال و المترجلات من النساء، قال : قلت له وما المترجلات من النساء؟ قال : "المتشبهات من النساء بالرجال" (أخرجه البخاري). ومن منا يحتمل لعنة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ؟
وقد تزعجكِ ألوانٌ قد فرضت عليكِ ، فتتخيرين الملفت من الألوان ..
انظري لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من لبس ثوب شهرة في الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة ثم ألهب فيه نارا" (أخرجه أبوداود وابن ماجه وإسناده حسن).
وقد يقنعونكِ بأشكالٍ وألوان من حجاب كلها بعيدة عما فرضه الله تعالى ..
ألا تكفي كلمة ( جلابيبهنّ ) في هذه الآية ليكون المغزى واضحا ؟ "ياأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما" (الأحزاب 59).
وأعلمي أن في فطرتكِ حبّ التزين والعطور .. ولكن .. فلتكن في منزلكِ ، وليس في شارع أو مكان يتواجد فيه رجال من غير محارمك ..
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهدن معنا العشاء" (رواه مسلم).
ومن حجابكِ أيضاً .. أن لا تخضعي بالقول ، فلا تليني وترققي في اللفظ ففي ذلك فتنة كبيرة ..
قال تعالى "فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفا" (الأحزاب 32).
والآن .. وبعد أن عرفتِ حدود حجابكِ وأصوله وضوابطه .. هلاّ استجبتِ فكنتِ مسلمة حقة ؟
هلا قلتِ سمعتُ وأطعتُ واحتسبت حجابي عبادة أتقرّب بها إلى مولاي ..
وهل شعرت بأنكِ حفيدة لأمهات المؤمنين تقتدين بهنّ وتسيرين على خطاهن ؟
إن في حجابكِ عبادة ، ودرء فتنة ، وتحقيق إيمان ، وحصانة للأمة ، واعتزاز بهويّة ..
فكوني العابدة الطائعة المجاهدة بحجابها ، كي تكوني من سيدات القصور في الجنة ..
ومن يدري ، فقد يلبسكِ حجابك الدنيويّ الملتزم في الدنيا .. سندساً واستبرقاً في الآخرة ..
فاعقدي العزم وأخلصي النّيّة ، وتوكلي على الله في كل أمر فهو المعين عليه .