عندما ينظرُ أحدُنا إلى هّمِّهِ الخاصِ من خلالِ ذاتِهِ المتعبةِ،
يراهُ جبلا شاهقا، عريضا، وطويلا يرْبضُ فوقَ صدرِهِ اللاهثِ باليأس،
يحجبُ عنهُ الضوءَ والهواءَ، يحسُّ بتقطعِ أنفاسِهِ، وارتعاشِ يدَيِّ نفسهِ
المرهقةِ بالخيبةِ - من أمرٍ ما، وربما من أمورٍ يعلمُ بعضَها، ويغيبُ بعضُها الآخرعن ذاكرتِهِ-
وأصواتٌ غريبة تقرعُ أسماعَه المضطربةِ بطبول الرعبِّ، تهاجمُهُ
خلالَها أشباحٌ شتى من خيالِ الوهم المفترسةِ. لبعضِ وقتٍ يوقن بدنوِّ نهايتِهِ، يحارُ،
يحتدُ خوفا، يحاولُ الفرارَ من لحظتِهِ المطبقةِ عليه بثقلٍ لايقاوم،
يجدُ كلَّ شيءٍ حولَهُ مغلقا، صعبًا تسلُّقُ جدرانِهِ الملساء،
واختراقُ سقفِهِ المصمتِ... ينهارُ.. يجثو باكيا بدمعٍ جافٍ يزيدُه احتراقا وألما.
ينادي بصوتٍ مخنوق: النجدةُ.. النجدةُ. يضيعُ صوتُهُ في مدى الاختناقِ، يكرِّرُ النداءَ: النجدةُ..النجدةُ، والصدرُ يعلو ويهبطُ خوفا ورعبا، ينتبه -بعد يأسٍ من مجيبٍ- لعلوِ صدرِهِ وانخفاضِهِ، يسمعُ من بعيد بخفقِ قلبِهِ صوتًا يلهج ُبالنداءِ يواكبُ ارتجافَ شغافِهِ المتعبة، يصغي السمعَ، يتضحُ الصوت، أكثر، فأكثر: الله، الله، والقلب يخفق أكثر قوة، يقشعرُ بدنُه.. تردد شفتاه دون وعي : الله، الله،، الله، الله، يزيدُ على دقاتِ قلبِهِ مهلِّلا : لاإله إلا الله، فينادي بدموع الرجاء والاستغفار: ياالله.
((أمن يجيب المضطر إذا دعاه))
(( ادعوني أستجب لكم ))
سبحانه الرؤوف الرحيم