(&&:صفات الزوج الصالح:&&)
قال صلى الله عليه وسلم: (( اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَىْءٍ فِى الضِّلَعِ أَعْلاَهُ ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ )) رواه البخاري.
أيها الأخوة بارك الله لكم وبارك فيكم، في بداية الوصية استوصوا بالنساء خيرا، وفي نهايتها استوصوا بالنساء خيرا.
وقال صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع : (( أَلاَ وَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا فَإِنَّمَا هُنَّ عَوَانٌ عِنْدَكُمْ لَيْسَ تَمْلِكُونَ مِنْهُنَّ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ فَإِنْ فَعَلْنَ فَاهْجُرُوهُنَّ فِى الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً أَلاَ إِنَّ لَكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ حَقًّا وَلِنِسَائِكُمْ عَلَيْكُمْ حَقًّا فَأَمَّا حَقُّكُمْ عَلَى نِسَائِكُمْ أَلاَّ يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ مَنْ تَكْرَهُونَ وَلاَ يَأْذَنَّ فِى بُيُوتِكُمْ لِمَنْ تَكْرَهُونَ أَلاَ وَحَقُّهُنَّ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحْسِنُوا إِلَيْهِنَّ فِى كِسْوَتِهِنَّ وَطَعَامِهِنَّ )) حسن: رواه الترمذي.
وقال صلى الله عليه وسلم وهو في فراش الموت: (( الصلاة وما ملكت أيمانكم الصلاة وما ملكت أيمانكم )) صحيح: رواه ابن ماجة.
أيها الأخوة في الله وللزوجة على زوجها حقوق كثيرة جدا منها:
أولا:أن يعاشرها بالمعروف استجابة لقوله تعالى: ((وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا )) النساء: 19.
ولقوله صلى الله عليه وسلم: (( خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي )) صحيح: رواه الترمذي.
والخيرية للمرأة ليست بالأثاث الفاخر والمنزل الكبير والسيارة الفاخرة!! لا، إنما أن تؤدي لها حقها.
فرسولنا صلى الله عليه وسلم من خير الناس لنسائه ، ومع ذلك كانت عائشة رضي الله عنها تنام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غرفة ضيقة، فكان صلى الله عليه وسلم إذا سجد بالليل وهو يصلي غمز عائشة حتى يتمكن من أن يسجد فإذا قام من سجوده مدت رجلها.
أيها الكرام لقد ضرب لنا النبي صلى الله عليه وسلم مثلا أعلى في حسن معاملة زوجاته رضي الله عنهن فتعالوا بنا لندخل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولنرى ماذا كان يجري بين تلك الجدران المباركة.
كان النبي صلى الله عليه وسلم أكثر الناس نساء، فقد أباح الله له أن يتزوج ما شاء من النساء، ولم يبح الله لأحد سوى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يتجاوز الأربع من الحرائر، وقد كان يتعامل صلى الله عليه وسلم مع زوجاته بالعدل والإنصاف ويقسم بالسوية ولا يميل نحو هذه دون تلك، وقد ضرب أروع الأمثلة للأزواج في العدل بين نسائهم.
الرجل اليوم إذا كان عنده امرأة واحدة قلما يعطيها حقها كاملا بسبب قلة الدين والغفلة والجهل وحب الهوى وحب الذات وقلة ذات اليد وكثرة المتطلبات المعيشية، فكيف إذا كان عند الرجل أربع نساء، لا شك أنه أبعد ما يكون من العدل، إلا من رحم الله.
نبينا عليه الصلاة والسلام كان عنده تسع نساء، ويقسم بينهن بالسوية في النفقة والكسوة، وفي الطعام، وفي المبيت، ويقرع بينهن إذا أراد أن يسافر، فأيها خرج سهمها خرجت معه، وكلهن يرضين بهذه القرعة من غير اعتراض.
وبلغ من معاشرته عليه الصلاة والسلام لنسائه، أنه كان يداعب عائشة، وكان يناديها يا عائش على سبيل الترخيم والمداعبة، وبلغ منه عليه السلام أنه يضع فمه في موضع فيها في الشرب من الإناء، بل أنه (( كان يأخذ العرق [ وهو اللحم أو لحم الذراع ] فإذا نهست منه نهسة – أي عضته – عض من الموضع الذي عضت منه )) صحيح رواه النسائي.
بل أنه عليه الصلاة والسلام بلغ من تواضعه ومداعبته أهله والتحبب إليها، أنه سابقها يوما في أول الزواج فسبقته، ثم إنه بعدُ تسابق معها بعدما حملت اللحم – يعني أصبحت سمينة – فسبقها عليه السلام، وقال لها (( يا عائشة هذه بتلك )) صحيح رواه أبو داود.
وذكر ابن القيم – رحمه الله 0 أنه تدافع معها بالخروج من الباب على سبيل المداعبة والمزاح. أنظر زاد المعاد.
وكان صلى الله عليه وسلم يحزنه ما يحزن نساءه، ويسره ما يسرهن، فلما رأى عائشة في حجة الوداع قد حاضت ورجع الناس بحجة، فحزنت لذلك، أمر أخاها عبد الرحمن أن يخرج بها إلى التنعيم لتأتي بعمرة تطييبا لخاطرها.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم في بيته عاملا مشاركا معينا لأهله، لا يفعل كما يفعل كثير من الأزواج اليوم، بقول: هذه زوجتي وهي مأمورة بخدمتي ولا علي، وإنما يجلس في بيته يضع رجلا على رجل يصدر الأوامر هات كذا، إذهبي، تعالي، إفعلي كذا، ليس عنده شغل في البيت إلا إصدار الأوامر ، لا يتحمل شيئا من المسؤوليات ولا التبعات.
غير أن النبي صلى الله عليه وسلم كما تقول عائشة (( كان يقوم على مهنة أهله )) رواه البخاري، أو يقوم في مهنة أهله، يعني ربما قام بالعمل الممتهن، وقد ثبت أنه عليه السلام كان يعين أهله، ولا عيب على الرجل أن يعين أهله، إذا دخلت بيتك ووجدت أهلك مشغولة في عمل ما فتطلب الأمر منك مثلا – أن تعد رضاعة الحليب للبنت أو للطفل، ما الذي يضرك من ذلك؟ أو أن تحضر الطعام، فلا حرج في ذلك، ففي رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسوة الحسنة.
ولقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم المثل الأكمل والأمثل في عدله بين نسائه، ففي البيت كان يقسم الأيام بينهن، ويعطي كل ذي حق حقه. فصلوات ربي وسلامه عليه.
ثانيا:ومن حق الزوجة على زوجها أن يُطعمها، ويكسوها من الحلال، ويؤدبها كما أمره الله إذا رأى منها نشوزاً.
قال صلى الله عليه وسلم: (( أن تُطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت )) صحيح: رواه أبو داود.
وقال صلى الله عليه وسلمك (( ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن )) حسن: رواه الترمذي.
وأما نشوز المرأة – ويا للأسف أيها الأخوة ففي هذه الأيام إذا نشزت المرأة لم يحسن الزوج التعامل معها فتراه أما أن يضربها ضربا مبرحا أو أن يقوم بتطليقها وللأسف الشديد وذلك جهلا منه وعدم معرفة -.
فتعالوا لنرى كيف عالج النبي صلى الله عليه وسلم نشوز المرأة:
كان عليه السلام رفيقا، لم يثبت عنه عليه السلام أنه ضرب زوجة أو خادما أبدا، وقال عليه السلام يوما (( لقد طاف بآل محمد نحو سبعين امرأة كلهن يشتكين الضرب من أزواجهن، لا تجدون أولئك خياركم )) حسن صحيح رواه ابن ماجة.
وقد أباح الشرع للرجل ضرب زوجته أحيانا عند الحاجة والضرورة، وبشروط وحالات خاصة، وعلى مراحل، فلا يصار ولا يلجأ إلى الضرب، من أول مرة، وهناك صفة لهذا الضرب وهو: أن يكون ضربا غير مبرح لا يكسر ولا يورم ولا يجرح ولا يدمي، قال الله تعالى: ((وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ )) النساء: 34.
فجعل الضرب في المرحلة الثالثة، وقبل الضرب أباح الشرح للرجل أن يعلق السوط أو العصا ليرهب أهله، ليريهم أن العصا حاضرة، وأنه ممكن أن يلجأ إليها في بعض الأحوال حين يقتضي الأمر ذلك.وقدم الوعظ والإرشاد والزجر على الضرب.
والهجر في المضجع يكون بأن يبيت معها في الفراش ويليها ظهره، وهذا أشد إيلاما من الضرب خصوصا للمرأة التي اعتادت زوجها وأحبته وتعلق قلبها به، فضرب النساء ليس بطولة.
وقد حدثني أحدهم عن رجل ضرب زوجته فكان يلكمها وكأنه في حلبة للملاكمة فكانت إذا أغمي عليها جاء برأس من البصل فيضعه على أنفها لتستيقظ ومن ثم يعاود ضربها؛ فبئس الزوج هذا الذي يضرب زوجته ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ثالثا:ومن حق الزوجة على زوجها أن يعطيها حقها في الفراش.
قال الله تعالى ((وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ )) البقرة: 228.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: (( إني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي )).
وآخَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِى الدَّرْدَاءِ . فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً فَقَالَ لَهَا: مَا شَأْنُكِ؟ قَالَتْ: أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِى الدُّنْيَا .
فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا فَقَالَ كُلْ فَإِنِّى صَائِمٌ .
قَالَ مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ.
فَأَكَلَ ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ فَقَالَ نَمْ .
فَنَامَ ، ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ فَقَالَ نَمْ . فَلَمَّا كَانَ آخِرُ اللَّيْلِ قَالَ سَلْمَانُ قُمِ الآنَ .
قَالَ فَصَلَّيَا فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَلأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، فَأَعْطِ كُلَّ ذِى حَقٍّ حَقَّهُ . فَأَتَى النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ . فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « صَدَقَ سَلْمَانُ » .رواه البخاري.
رابعا:ومن حق الزوجة على زوجها أن يحفظ سرها عامة، وسر الفراش خاصة.
وهذا أيها الأخوة والله ما عاد الرجل يرقب فيه إلّا ولا ذمة لا سيما أن الذمم قد ضعفت في هذه الأيام فترى الرجل ما أن يتزوج حتى يخبر أصدقاءه بما فعل في تلك الليلة، إلا من رحم ربي ولا حول ولا قوة إلا بالله.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (( إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرّها )) رواه مسلم.
خامسا: الصبر على أذى النساء.
فقد كان عليه الصلاة والسلام يصبر على أذى النساء وربما كانت نساؤه يراجعنه في الأمر.
وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (( أن المرأة خلقت من ضلع، وأن أعوج ما في الضلع أعلاه، فإذا أردت أن تقيمه كسرته، فاستوصوا بالنساء خيرا )) رواه البخاري.
المرأة هي المرأة خلقت هكذا، فيها اعوجاج، فيها خير وفيها شر، فعليك يا مسلم يا عبد الله أن تستمتع بها وأن ترفق بها، إذا ابتغيت امرأة كاملة الأوصاف فلن تجد وهيهات هيهات، قال صلى الله عليه وسلم: (( لا يفرك مؤمن مؤمنة )) يعني: لا يبغض (( إن كره منها خلقا رضي منها خلقا آخر )) رواه مسلم.
ويحسن بنا أن نختم هذا الموضوع بما ذكره الإمام ابن حزم رحمه الله من بيان مجمل لأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، في كتابه (( جوامع السيرة )).
قال رحمه الله:
((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم على خلقٍ عظيم، كما وصفه ربه تعالى. وكان صلوات الله عليه وسلامه أحلم الناس، وأشجع الناس، وأعدل الناس، وأعف الناس، لم تمس قط يده امرأة لا يملك رقها أو عصمة نكاحها أو تكون ذات محرمٍ منه.
وكان عليه الصلاة والسلام أسخى الناس، لا يثبت عنده دينار ولا درهم، فإن فضل، ولم يجد من يعطيه ويجنه الليل، لم يأو منزله حتى يتبرأ منه إلى من يحتاج إليه، لا يأخذ مما آتاه الله تعالى إلا قوت عامه فقط، من أيسر ما يجد من الشعير والتمر، ويضع سائر ذلك في سبيل الله تعالى. لا يسأل لله شيئاً إلا أعطاه، ثم يعود على قوت عامه فيؤثر منه حتى يحتاج قبل انقضاء العام.
يخصف النعل، ويرقع الثوب، ويخدم في مهنة أهله، ويقطع اللحم معهن.
أشد الناس حياء، لا يثبت بصره في وجه أحد. يجيب دعوة العبد والحر.
ويقبل الهدايا ولو أنها جرعة لبن أو فخذ أرنب، ويكافئ عليها ويأكلها. ولا يقبل الصدقة ولا يأكلها.
تستعتبه الأمة والمسكين، فيتبعها حيث دعواه.
ولا يغضب لنفسه، ويغضب لربه، وينفذ الحق وإن عاد ذلك بالضرر عليه وعلى أصحابه.
يعصب الحجر على بطنه من الجوع، ومرة يأكل ما وجد، لا يرد ما حضر، ولا يتكلف ما لم يحضر، ولا يتورع عن مطعم حلال، إن وجد تمراً دون خبز أكله، وإن وجد شواء أكله، وإن وجد خبز بر أكله، وإن وجد حلواء أو عسلاً أكله، وإن وجد لبناً دون خبز اكتفى به، وإن وجد بطيخاً أو رطباً أكله.
لا يأكل متئكاً ولا على خوان، منديله باطن قدميه. لم يشبع من خبز بر ثلاثاً تباعاً حتى لقي الله تعالى، إيثاراً على نفسه، لا فقراً، ولا بخلاً.
يجيب الوليمة، ويعود المرضى، ويشهد الجنائز.
يمشي وحده بين يدي أعدائه بلا حارس.
أشد الناس تواضعاً، وأسكتهم في غير كبر، وأبلغهم في غير تطويل، وأحسنهم بشراً.
لا يهوله شيء من أمور الدنيا. ويلبس ما وجد، فمرة شملة، ومرة برد حبرة يمانياً، ومرة جبة صوف، ما وجد من المباح، لبس خاتم فضة، فصه منه، يلبسه في خنصره الأيمن، وربما في الأيسر.
يردف خلفه عبده أو غيره. يركب ما أمكنه، مرة فرساً، ومرة بعيراً، ومرة حماراً، ومرة بغلة شهباء، ومرة راجلاً حافياً بلا رداء ولا عمامة ولا قلنسوة.
يعود كذلك المرضى في أقصى المدينة. يحب الطيب، ويكره الريح الرديئة.
يجالس الفقراء، ويواكل المساكين، ويلزم أهل في أخلاقهم، ويستألف أهل الشرف بالبر لهم.
يصل ذوي رحمه من غير أن يؤثرهم على من هو أفضل منهم، لا يجفو على أحد، يقبل معذرة المعتذر.
يمزح ولا يقول إلا حقاً، يضحك في غير قهقة، ويرى اللعب المباح فلا ينكره. ويسابق أهله على الأقدام، ويرفع الأصوات عليه فيصبر.
له لقاح وغنم، يتقوت هو أهله من ألبانها. وله عبيد وإماء، لا يتفضل عليهم في مأكل ولا ملبس )).
ولا يمضي له وقت في غير عمل لله تعالى، أو فيما لابد له من صلاح نفسه.
يخرج إلى بساتين أصحابه، ويقبل البر اليسير، ويشرب النبيذ الحلو. ولا يحقر مسكيناً لفقره وزمانته، ولا يهاب ملكاً لملكه، يدعو هذا وهذا إلى الله تعالى مستوياً.
أطعم السم، وسحر، فلم يقتل من سمه، ولا من سحره، إذ لم ير عليهما قتلاً، ولو وجب ذلك عليها لما تركهما.
قد جمع الله له السيرة الفاضلة، والسياسة التامة.
وهو صلى الله عليه وسلم أمي لا يقرأ ولا يكتب، ونشأ في بلاد الجهل والصحارى، في بلد فقر، وذي رعية غنم.
ورباه الله تعالى محفوفاً باللطف، يتيماً لا أب له، ولا أم، فعلمه الله جميع محاسن الأخلاق، والطرق الحميدة. وأوحى إليه جل وعلا أخبار الأولين والآخرين، وما فيه النجاة والفوز في الآخرة، والغبطة والخلاص في الدنيا، ولزوم الواجب، وترك الفضول من كل شيء.
وفقنا الله تعالى لطاعته عليه الصلاة والسلام في أمره، والتأسي به في فعله، إلا فيما يخص به، آمين، آمين.
استفدت هذا الكلام من كتاب الشيخ: أبو إسلام صالح طه[ تبصرة الأنام بالحقوق في الإسلام ].
وكتاب الشيخ: محمد موسى نصر [ النبي صلى الله عليه وسلم في بيته].
أبو البراء التعمري