بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
اجعلوا الدنيا في أيديكم لا في قلوبكم
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى :
وفي هذا الحديث دليل على أنه لا ينبغي للإنسان أن يتبع نفسه المال إن فاته فلا يهمه ،وإن حصل له بطريق مشروع فهذا رزق الله لا يحرمه نفسه, لكن لا يتبع نفسه المال ,لأنه إذا اتبعته نفسه المال فإنه لا يمكن أن يشبع أبدا لكن إذا زهد فيه جعله ـ كما قال ابن تيمية ـ بمنزلة الحمار ركبه أو بيت الخلاء يقضي حاجته فيه ، الناس الآن يجعلون الأموال تيجانا يلبسونها هذا في الحقيقة خطأ ونحن لا نقول إن المال لا ينفع ...المال الصالح عند الرجل الصالح من أفضل الأعمال حتى جعله الرسول صلى الله عليه وسلم قرينا للعلم فقال :" لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله الحكمة فهو يعلمها الناس ويعمل بها والثاني آتاه الله المال فسلطه على هلكته في الحق "
لا ننكرأن المال نافع ولكننا نقول : لا تتبعه نفسك لأنك أن اتبعته نفسك ما شبعت منه أبدا، اجعله مركوبا تركبه تقض به حاجتك وهو في الحقيقة وسيلة لأن أعلى ما تنتفع به في مالك ما تأكله ، هذا أعلى ما يكون ، وأين تضع ما تأكله وتشربه؟ في الأماكن القذرة أعتقد أن الإنسان إذا أتاه البول والغائط يقول اذهب إلى غرفة النوم أو إلى أين يذهب ؟ دلوني على المرحاض ....
رائحة منتنة وكريهة ومكان غير مرغوب ليضع المال الذي أكله هذا أعلى ما يصل إليه في الانتفاع به
لذلك لا ينبغي أن يكون شغل الإنسان الشاغل
لاتأخذوا عني أني أقول اتركوا الدنيا لكن اتركوا أن تتعلق بها قلوبكم ، اجعلوا الدنيا في أيديكم لا في قلوبكم
بعض الناس يضع الدنيا في قلبه ويده خالية منها
وبعض الناس يجعلها في قلبه ويده ملأى منها
وبعض الناس يجعلها في يده وقلبه خال منها ـ أسأل الله أن يجعلني وإياكم منهم ـ هؤلاء هم الذين وفقوا ،عرفوا قدر المال
إذن يقول الرسول صلى الله عليه وسلم " وما لا فلا تتبعه نفسك" وهذه كلمة في الحقيقة لو اننا اعتبرنا بها لزهدنا في المال زهدا تاما ولم نأخذ منه إلا ما ينفعنا في الآخرة
من شرح بلوغ المرام ج3/ 161
تحت حديث " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعطي عمر بن الخطاب العطاء فيقول: اعطه افقر مني ، فيقول خذه فتموله أو تصدق به وما جاء من هذا المال وانت غير مشرف ولا سائل فخذه وما لا فلا تتبعه نفسك "