( فضائل الأخوة في الله )
روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله "وذكر منهم ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه " [رواه البخاري ، ح 1357 ] من هذا المنطلق ليس خافيا على كل مسلم ومسلمة فضائل تلك الأخوة الحميدة التي من تأملها وسعى جادا للبحث عنها وجد الطريق لتحقيق معانيها، وسأسوق لك بعضا من فضائلها عل الله ـ عز وجل ـ أن يجعلنا ممن يحقق مقاصدها وثمراتها في مرضاته.
اعلم أخي المسلم .. أختي المسلمة ..
1. أن الأخوة والمحبة في الله من أوثق عرى الإيمان ، وتحقيقها عبادة من العبادات العظيمة ، بل هي من كمال الإيمان ، قال النبي صلى الله عليه وسلم " من أحب لله , وأبغض لله , وأعطى لله , ومنع لله , فقد استكمل الإيمان " [ رواه أبو داود، ح 4681 ] وبها يتذوق العبد حلاوة الإيمان ولذته لبلوغه الكمال المنشود ، قال عليه الصلاة والسلام " من سره أن يجد طعم الإيمان فليحب المرء لا يحبه إلا لله ـ عز وجل ـ " [ رواه أحمد في مسنده ، ح 7954 ] وقال عليه الصلاة والسلام " ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان " وذكر منها... ومن أحب عبدا لا يحبه إلا لله... "[ رواه البخاري ، ح 21 ] وهي طريق إلى الولاء والبراء " لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الأخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم .. " [ المجادلة آية 22 ] .
2. أنه بالأخوة في الله تستجلب محبة الله سبحانه وتعالى ، ففي الحديث القدسي " وجبت محبتي للمتحابين فيَّ, والمتجالسين فيَّ والمتباذلين فيَّ , والمتزاورين فيَّ " [ المستدرك على الصحيحين ، ح 7314 ] .
3. أنها سبيل إلى ظل عرش الجبار جل جلاله ، في يوم يفر المرء فيه من أخيه,وأمه وأبيه ، وصاحبته وبنيه,قال عليه الصلاة والسلام في السبعة الذين يضلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله : " ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه " [رواه البخاري ، ح 1357 ] .
4. أنها سلم للوصول إلى الدرجات العلا يوم القيامة ، وسبب في دخول الجنة فلا تجد وجوه المتحابين في الآخرة إلا نيرة وقلوبهم آمنة ، لا يحزنهم الفزع الأكبر ، وصدق نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم حين قال "والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا.." [ رواه مسلم ، ح 54 ] .
5. أنها عماد التعاون على البر والتقوى ، ذلك أن الأخوة قوة إيمانية تورث المحبة والثقة والارتباط الذي بدوره يولد أصدق العواطف في اتخاذ مواقف إيجابية من التعاون والإيثار والرحمة والعفو والتكافل ، وفي اتخاذ مواقف سلبية من الابتعاد عن كل ما يضر الناس في أنفسهم وأموالهم وأعراضهم .
6. أن الأخوة طريق النجاة من وعيد الله تعالى الذي توعد الله به من آثر الحياة الدنيا على محبته سبحانه وتعالى , قال جل وعلا " قل إن كان أباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين " [ التوبة آية 24 ].
7. أنها تعتبر سببا من الأسباب الجالبة لأجور عبادات أخرى لا تحصل إلا بها ، فمن ذلك :
أ ) المصافحة : وهي من أسباب مغفرة الذنوب ، كما جاء ذلك في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم :" ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان ، إلا غفر الله لهما قبل أن يفترقا " [ رواه أبو داود ، ح 5212 ] .
ب ) عيادة المريض : ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" من عاد مريضا أو زار أخاله في الله ناداه مناد أن طبت وطاب ممشاك ، وتبوأت من الجنة منزلا [ رواه الترمذي ، ح 2008 ] .
ج ) السلامة من الخسران في الدنيا والآخرة قال تعالى " والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين أمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر " [سورة العصر] .
د ) إحياء التزاور بين الأحبة في سبيل تحقيق المحبة لله تعالى ، ويشهد لذلك قوله عليه الصلاة والسلام " وجبت محبتي للمتحابين فيَّ والمتجالسين فيَّ .. الحديث " [ المستدرك على الصحيحن ، ح 7314 ] .
هـ ) تحقيق مبدأ السلام بين المتحابين ، فهو من كمال الإيمان قال عليه الصلاة والسلام " لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ، و لا تؤمنوا حتى تحابوا ، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ، أفشوا السلام بينكم " [رواه مسلم ، ح 54 ].
و ) تبادل النصيحة بين الخلان والأحباب ، وهي مما يبعث في المسلم شعورا يكون به مرآة لأخيه ، فإن وجدفيه خيرا شجعه وإن وجد غير ذلك أسدىله النصحية بالحسنى ، قال صلى الله عليه وسلم " الدين النصيحة ! قلنا لمن يارسول الله ؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم " [رواه مسلم ، ح 55 ] . ورحم الله أمير المؤمنين الفاروق عمربن الخطاب يوم قال :" رحم الله امرءا أهدى لي عيوبي "
ز ) حــب الخير للغير الذي هو من أسباب كمال الإيمان " لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " [ رواه البخاري ، ح 13] .
ع )النصرة لدين الله في كل بقعة يرفع فيها لا إله إلا الله محمد رسول الله ، قال المعصوم صلى الله عليه وسلم : ".. وحقت محبتي للذين يتناصرون من أجلي " [رواه الطبراني في المعجم الصغير ، ح 1095 ] .
يتبع