لماذا تابت هذه المرأة وكيف تابت 
قصة عجيبة أقرأ وكفكف دموعك وتعرف عليها 
[grade="00008B FF6347 008000 4B0082"] 
جاءت إليه و نار الجوف تستعرُ *** و دمعة العين لا تنفكّ تنهمرُ 
جاءت إليه تجرّ الهمّ مخبتةً *** كأنها أشعث أضنى به السفرُ 
فراشها السهد ، و الأحزان كسوتها *** و البؤس يعصر قلبا كاد ينفطرُ 
جاءت إليه و موج الغمّ ملتطمٌ *** والنفس لهفى ، وحبل السعد منبترُ 
جاءت إلى الرحمة المسداة في لهفٍ *** في ساحة ا لأمن.. لا ذلٌ ولا خطرُ 
الحدُّ يُدرءُ . . و الأحكام عادلةٌ *** والذنب مغتفرٌ ، و العرض مختفرُ 
تقدمت و الضمير الحيُّ يشحذها *** لجنّةٍ نحوها الأرواح تبتدرُ 
واستجمعت تفضح الأسرار في أسفٍ *** لعلّها في مقام العرض تستترُ 
وهج الفضيحة أمرٌ يستهان به *** فحرقة الجوف لا تبقي و لاتذرُ 
فأقبلت و رسول الله في حِلَقٍ *** من صحبه و فؤاد الدهر مفتخرُ 
كأنه الشمسُ . . أو كالبدر مزدهرا *** أستغفر الله.. ماذا الشمس و القمرُ؟! 
فأفصحت – يالهول الخطب- وانفجرت *** و طالما هدّها الإطراق و الفكرُ 
قالت له : يا رسول الله معذرةً *** ينوء ظهري بذنبٍ كيف يُغتفرُ!! 
فجال عنها و أغضى عن مقالتها *** و للتمعّر في تقطيبه أثرُ 
واسترسلت يا أجلّ الخلق قاطبةً *** يا أرحم الناس طُرّا: غرّني الغررُ 
فجال عنها و أغضى عن مقالتها *** رحمى..وللعفو في إعراضه صورُ 
قالت وللصدق في إقرارها شجنٌ *** والصمت يطبق والأحداث تُختصرُ 
أصبت حدّاً فطهّر مهجةً فنيت *** وشاهدي في الحشا، إن كُذب الخبرُ 
دعني أجود بنفس لا قرار لها *** فالنفس مذ ذاك لا تنفك يحتظرُ 
حرارة الذنب في الوجدان لاعجةٌ *** إني إلى الله جئت اليوم أعتذرُ 
فقال عودي.. وكوني للجنين تُقى *** فللجنين حقوقٌ مالها وزرُ 
فاسترجعت وانثنت شعثاء شاردةً *** فهل لها فوق نار الوزر مُصطبرُ؟! 
ما أودعت سجن سجّانٍ و كافلها *** تقوى الإله . . فلا سوطٌ و لا أَسرُ 
تغصّ في كل ليل حالك قلقا *** و عندها سامراها : الهمُّ و السهرُ!! 
واغتالها غائل الإشفاق من سقرٍ *** سبحان ربي. . وما أدراك ما سقرُ!! 
لم تنتظر قرّة ً للعين أو سندا *** و إنما هو حتف الروح تنتظرُ 
لكل ميلاد أنثى فرحةٌ و رضا *** و ما لميلادها سعدٌ و لا بِشَرُ!! 
حتى إذا حان حينٌ و انقضى أجلٌ *** و قد تقرح منها الخدّ والبصرُ 
حلّ المخاض فهاجت كلّ هائجةٍ *** مثل الأسير انتشى و القيدُ ينكسرُ 
طوت عليه لفاف البين وانطلقت *** فروحها للقاء الطهر تستعرُ 
أمٌّ تغشّى حياض الموت مشفقةً *** إذا اعترى المذنبين الأمن والخدرُ 
و أقبلت .. يارسول الله : ذا أجلي *** طال العناء و كسري ليس ينجبرُ 
فقال قولة إشفاقٍ و مرحمةٍ *** و القلب منكسرٌ ، و الدمع ينهمرُ 
غذّي الوليد إلى سنّ الفطام فقد *** جرت له بالحقوق الآيُ و السورُ 
فاسترجعت ، ولها آهات محتسبٍ *** بمهجةٍ غيّرت و جدانها الغِيَرُ 
ومرّ عامٌ .. وفي إصرارها جلدٌ.. *** ومرّ عامٌ .. فلا ضعفٌ و لا خورُ 
الله أكبر . . والأذكار سلوتها *** والبرّ يشهدُ و الإخبات و السحرُ 
حتى إذا ما انقضت أيام محنتها *** تكاد لولا عرى الإيمان تنتحرُ 
جاءت به ورغيف الخبز في يده *** وليس يعلم ما الدنيا و ما القدرُ !! 
وليس يدرك ما تفشيه لقمته *** و الشمل عمّا قريبٍ سوف ينتثرُ 
يلهو.. و لم تبلغ الأحداث مسمعه *** جهلاً. . وعن مثله يُستكتم الخبرُ 
قالت: فديت رسول الله ذا أجلي *** قد ملّني الصبر،والعقبى لمن صبروا 
فقال: من يكفل المولود من سعةٍ *** أنا الرفيق له.. يا سعد من ظفروا!! 
فاستله صاحب الأنصار في فرحٍ *** وحاز أفضل فوزٍ حازه بشرُ 
كأنما الروح من وجدانها انتسلت *** يا للأمومة . . و الآهات تنفجرُ 
وكفكفت دمعةً حرّى مودِّعةً *** و للأسى صورةٌ من خلفها صورُ 
حتى إذا ما انطوى عن ظهرها ألقٌ *** واستسلمت لقضاء زفّه القدرُ 
شدوّا عليها رداء الستر واحتُفرت *** الله أكبر. . ماذا ضمّت الحفرُ 
الحكم لله فردٍ لا شريك له *** ما أنزل الله . . لا ما أحدث البشرُ 
وفي الحدود نقاء النفس من لممٍ *** وفي الحدود حياة الناس فاعتبروا.. 
وشذّرتها شظى الأحجار فالتجأت *** و في تألمها عتقٌ و مطّهرُ.. 
فالعين مسملةٌ .. و الخدّ منهشم *** و الشعر في جندل الأحداث منتثرُ 
لو أن للصخر قلبا لانشوى ألما *** و قد ينوء بأثقال الأسى الحجرُ 
أو أن للطفل عين -والدماء سدى- *** ماذا عسى أن يقول الطفل يا بشرُ؟! 
هناك- والجسد الذاوي يفوح شذى- *** لم يبق إلاّ جمال الطهر والظفرُ 
واستبشرت بعبير التوب واغتسلت *** كما ينقي صلاد الصخرة المطر 
وقال فيها رسول الخير قولته: *** تابت و توبتها للناس معتبر 
لو وزّعت بين أهل النخل قاطبةً *** كانت لهم دون بأس الله مُدّثر 
قام النبي وصفّ الصحب في أثرٍ *** فيهم أبو بكرٍ الصدّيق و العمرُ 
صلى وصلّوا وضجوا بالدعاء لها *** و دعوة المصطفى للعبد مُدّخر 
في ذمة الله يا من فاح مرقدها *** عطرا، وطبتِ وطاب القبر و المدر 
بيّنتِ حكما، و كنتِ للتقى مثلاً *** وفاز بالصحبة الغراء مبتدر 
سارت إلى جنة الفردوس فابتسمت *** لها الربى و النعيم الخالد النَضِر 
وجنّة الخلد تجلو كل بائسةٍ *** يحلو إليها الضنى والجوع والسهر 
إن غرّها طائف الشيطان في زمنٍ *** فلم تزل بعدها تعلو و تنتصر 
هناك قصة توبٍ تزدهي مثلا *** للتائبين و فيها البرّ و العبر .. 
في كل لفتة حزنٍ نور موعظةٍ *** أليس في سيرة الأصحاب مُدّكر 
و رب ذنبٍ دعا لله صاحبه *** إن أخلص العزم أو إن صحّت الفطر 
يا من يصرّ على الآثام في صلفٍ *** و الموت خلف جدار الغيب مستتر 
الله يفرح إن تاب المسيء ..ألا *** قوموا إلى الله و استعفوه و ابتدروا 
لا تأمن العمر والأيام راكضةٌ *** وقد يجيء بما لم تحذر القدر!! 
في الدهر زجرٌ وفي الأحداث موعظةٌ *** فما لقلبي المعنّى ليس ينزجر؟! 
كم غرّ إبليس والأهواءُ من نفرٍ!! *** وأعظم الذنبِ أنّ الذنبَ يُحتقرُ.. 
رضي الله عنها وأرضاها فقد قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلّم: 
( لقد تابت توبةً لو تابها أهل المدينة لقُبل منهم) 
صحيح الجامع للألباني 
المرجع : مجلة الأسرة / للشاعر صالح علي العمري
[/grade]