ماذا تعرف عن سر القدر
قال الامام :
>الطّّحاويّ رَحِمَهُ اللَّهُ:
[وأصل القدر سر الله تَعَالَى في خلقه، لم يطلع عَلَى ذلك ملك مقرب، ولا نبي مرسل، والتعمق والنظر في ذلك ذريعة الخذلان، وسلم الحرمان، ودرجة الطغيان، فالحذر كل الحذر من ذلك نظراً وفكراً ووسوسة، فإن الله تَعَالَى طوى علم القدر عن أنامه، ونهاهم عن مرامه، كما قال تَعَالَى في كتابه :[ لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ[ ] [الأنبياء:23] فمن سأل: لم فعل؟ فقد رد حكم الكتاب، ومن رد حكم الكتاب، كَانَ من الكافرين]
يقول بعض المشائخ في بيان الخوض المنهي عنه في القدر " أما الذي لم يطلع عليه ملك مقرب ولا نبي مرسل والذي لا يخاض فيه فهو أصل القدر ، وهو أن يقَالَ: لماذا خلق الله تَعَالَى فلاناً؟
ولماذا قدر هداية فلان ومعصية فلان وكفر فلان؟
كما إذا قيل: لماذا جعل الله تَعَالَى الإِنسَان مكلفاً؟
وجعل الملائكة خيراً محضاً؟
وجعل الشياطين شراً محضاً؟
وهذا السؤال يكون كفراً إذا كَانَ عَلَى جهة الاعتراض والرد.
أما لو سأل وهو جاهل، أو سأل وهو يظن أن في ذلك حكمة تخفى عليه ويعلمها غيره فمثل هذا يوجه إِلَى الصواب في هذه المسألة، لكن من سأل عَلَى سبيل الاعتراض - وهذا هو الحاصل - ليردوا ما ثبت من القدر. فيقولون: لماذا أضل الشيطان وهدى آدم؟ على سبيل القول بأن ذلك -عياذاً بالله- من الظلم ومن التحكم، ومما لا نعلم له حكمة، هَؤُلاءِ الذين يسألون هذا السؤال هم المعترضون عَلَى الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وهَؤُلاءِ كفار، كما ذكر المُصنِّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-.
يقول: [فمن سأل لِمَ فعل؟ فقد رد حكم الكتاب، ومن رد حكم الكتاب كَانَ من الكافرين] أي من سأل سؤال المعترض المحاجج المخاصم لربه، ولهذا فإن السلف الصالح -رضوان الله تَعَالَى عليهم- سموا القدرية خصوم ربهم، ومن أنت حتى تعترض عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ! وما لك من الأمر حتى تحاجه، وتقول له: لم فعلت؟! ليس لأحد من الأمر شيئ.