بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في كثير من الأحيان.. يبدو طريق الإستقامة غامضاً في ذهن كثير من الناس ! ولئن كان كثير من الناس يعلمون أن الإستقامة على الدين هو طريق السعادة في الحياة إلا أن القليل منهم من يوفق إليها علماً وعملاً..
فما هي الإستقامة؟... وماهو طريقها؟... ولكي اختصر عليك الجواب..
فإن الإستقامة هي: لزوم طاعة الله جل وعلا, فهي لب الدين وجوهره, وجامع أموره وقضاياه في نواحي الحياة كلها, لذلك لما سأل صحابي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يارسول الله قل لي في الإسلام قولاً لا أسأل عنه أحداً غيرك؟ قال:" قل آمنت بالله ثم استقم ".
ولذلك فقد وردت في فضلها نصوص كثيرة في كتاب الله جل وعلا, قال تعالى ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألاّ تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون * نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ماتشتهي أنفسكم ولكم فيها ماتدعون * نزلاً من غفور رحيم).. فصلت:30-32 وقال تعالى ( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون * أولئك أصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون).. الأحقاف:13-14
إخواتي ... وأما طريق الإستقامة: فهو تقوى الله والعمل الصالح. فأما تقوى الله فلأنه وصية الله للأولين والآخرين قال تعالى (ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله).. النساء:131
وأما العمل الصالح: فهو دليل الإيمان ولازمه قال تعالى (والعصر * إن الإنسان لفي خسر * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر * ).. العصر
واعلموا ... أن سر التوفيق إلى هذا الطريق هو الإخلاص والصدق مع الله والتأهب للقائه, فإن من استعد للقاء الله انقطع قلبه عن الدنيا وما فيها ومطالبها وخمدت من نفسه نيران الشهوات وأخبت قلبه إلى الله وعكفت همته على الله وعلى محبته وإيثار مرضاته, واستحدثت همة أخرى, وولدولادة أخرى في الحياة, وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.. والسائر على طريق الإستقامة, لاتراه إلا خاشعاً قانعاً, ممتثلاً لأوامر الله, مجتنباً محارمه ونواهيه, مستكثراً من الخير وفضائل الأعمال.. فكوني حفظك الله على طريق الإستقامة سائرة, ولدعاة الشر والضلالة هاجرة, وصوني حجابك عن السفور, وعفافك عن التهتك واحفظي عهدك مع الله في أداء ماافترض الله عليك من الفرائض والواجبات, واجتناب المحرمات والموبقات.
إخيتي .. ومن وسائل الإستقامة على الدين التضرع إلى الله بالدعاء, فأعلني افتقارك إلى الله, وارفعي أكف الضراعة إليه دائماً طالبة منه العفو والعافية, والثبات على الهدى, والتوفيق في الدنياوالآخرة. قال الرسول صلى الله عليه وسلم "إن ربكم حيي كريم يستحي من عبده أن يرفع إليه يديه فيردهماصفراً".. رواه ابن ماجه. وإياك واستعجال الإجابة فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم "مامن عبد يرفع يديه حتى يبدو إبطه يسأل الله مسألة إلا أتاه الله إياها مالم يعجل. قالوا يارسول الله وكيف عجلته؟ قال: يقول: قد سألت وسألت ولم أعط شيئاً" ..رواه الترمذي.
ومن وسائل الإستقامة: مرافقة الأخوات الصالحات, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تصاحب إلا مؤمناًولا يأكل طعامك إلا تقي".. رواه الترمذي. وقال صلى الله عليه وسلم"مثل الجليس الصالح والجليس السوء, كحامل المسك ونافخ الكير, فحامل المسك إما أن يحذيك, وإما أن تبتاع منه وإما أن تجدمنه ريحاً طيبة, ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً منتنة" .. متفق عليه
أخـــيــة: فاحفظي هذه النصائح فإنها ميسرة بإذن الله لطريق الإستقامة على الدين, واستعيني بالله في العمل بها والإستنارة بتوجيهها.
ولا بد أنه ستواجهك عوائق عديدة, أمام هذه الطريق ومن هذه العوائق مايلي:
1/ اتباع الهوى والشيطان: فإن النفس مجبولة على الميل إلى الشهوات والملذات, وما أفسد على الإنسان آخرته إلا الهوى والشيطان, فلقد أقسم إبليس أن يعمل دائماً على غواية الناس حتى يوم الدين, قال تعالى ( إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً ).. فاطر: 6. وأن تستعيني عليه بالذكر والإستغفار, فإن ذكر الله جل وعلا يقمع الشيطان ويضعف بأسه, ويقتل وساوسه وحسه, ويحبط صرعه ومسه. واعلمي أن الله قد وعد من جاهد نفسه فيه بالهدى والثبات على طريقة الإستقامة فقال( والذين جاهدوافينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين ) .. العنكبوت:69.
2/ ضعف الإرادة وعدم الثقة بالنفس: إن ضعف الإرادة المتولدة لدى كثير من نفوس الأخوات راجع إلى تسلط الهوى على كثير من فتيات الإسلام, ولكن: أخيتي.. خطرة يعقبها بإذن الله ثمرة, وطالما أن هناك تفكيراً مسبقاً وإرادة جازمة على سلوك طريق الإستقامة, فإنه بذلك سيحصل لك ما تبتغين, فراجعي حساباتك, ودققي في بصيرتك أين طريق الخير من الشر؟ قال تعالى ( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون ). السجدة:24
3/ رفقة السوء: ومعلوم كل العلم أن رفقاء السوء داء عضال, ووباء فهم سم ناقع وبلاء واقع, تجدهم يشجعون على المعاصي والمنكرات, ويفتحون لمن جالسهم أبواب الشر والفساد, لذلك فإن المؤمنة الفطنة هي التي تختار لنفسها رفيقات صالحات يعنها على طاعة الله, قال الرسول صلى الله عليه وسلم "إن من الناس ناساً مفاتيح للخير ومغاليق للشر".. رواه ابن ماجة.
أخـــيــة : تذكري أن طريق الإستقامة لا يسلكه إلا المشمرون الذين اشتروا الجنة بالمال والنفس, وصبروا وصابروا ابتغاء وجه الله, وكانوا في إلتزامهم بدين الله كالقابض على الجمر من حر ما يجدون من الناس والدنيا من الآلام. قال صلى الله عليه وسلم"يأتي على الناس زمان الصابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر"..رواه الترمذي. وقال صلى الله عليه وسلم"طوبى للغرباء أناس صالحون في أناس سوء كثير من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم"..فكوني منهم حفظك الله..
رددي... اللهم اهدي قلبي لما هديت إليه قلوب الصالحين من عبادك...
أم عبد الله