لم أتصور يوما من الأيام أن أرى هذا المشهد ...
اسمع به نعم ... ولكن ولله الحمد لم أرهُ من قبل
شاء الله عزوجل أن يحدث هذا الأمر ...
وشاء سبحانه أن يجعلني حاضرة لهذا الموقف ...
موقف ليس سهلا على الإطلاق ...
حسبتُ بأني أشاهد فيلما أو تمثيلية ...
ولكن للأسف .... كان واقعا
***
كان الوقت يشير إلى نهاية الدوام المدرسي للطالبات ...
خرجت لأراهن فأوجه هذه وأشير لهذه بأن تحتشم أكثر ... ومرت تلك الفتاة بي كما مرت الأخريات ... كلا منهن يغادر إلى بيته
هدأت الأجواء جدا ... فلم أعد أرى إلا طالبتين فقط ...
وفجأة تدخل امرأة وتقول لي : لو سمحتِ أريد ابنتي ، فهلا سمحتي لها بالخروج ؟
فقلت لها : لم يبقى أحد ... الكل غادر ولم يبقى إلا هاتين البنتين ، فنظرت إليهن ثم قالت ... لا
فسألتها عن اسمها ... فقالته ... فعرفتها
فسألتها إن أتى أحد لأخذها غيرها ... فتعجبت وقالت لا ... أنا من يأتي كل يوم صباحاً ومساءً لأخذها ...
فنظرت للأم وتأملتها جيدا ... نعم بالفعل كلامها صحيح
تذكرتها ... هي من الأمهات الحريصات جدا
فقلت ... يارب سترك علينا
فبدأنا بالبحث عنها .....
أشرت إلى عاملاتي إلى البحث في جميع الفصول والحمامات وجميع المعامل ... وكذلك الحارس أشرت إليه أن ابحث في الساحات الخلفية ...
ولكن الجميع كلمتهم واحدة ... لم نجد أحدا
فضربت بكلامهم عرض الحائط ... وبدأت أبحث بنفسي حتى هلكت
لا أحد ...
فبكت الأم واضطربت أين ابنتي ؟؟ أين ذهبت ؟ ؟
فقلت لها اهدئي سنجدها حتما بدأت الاتصالات في المنزل ، لعلها عادت مع أحد ...
ولكن لم نجد أحدا ...
رباه ... أين الفتاة ؟؟
بدأتُ اتصل بصديقاتها المقربات ... فقالت لي إحداهن رأيت حقيبتها بنية اللون بين حوضي الزراعة !!!
فأغلقت الهاتف مسرعة لأبحث عن حقيبتها فهي دليل بأنها موجودة في المدرسة ... لم تخرج ... ولكن أين هي ؟
وجدت الحقيبة فعلا مكان ما أشارت لي صديقتها ... حقيبة من غير صاحبتها !!!
ربــاه ... رحمتك بنا وبأمها
أخذت حقيبتها وأنا مضطربة ... دخلتُ مكتبي فواجهتني أمها ... أين بنتي ؟
فقلت لها أماه اهدئي ... اشربي ماء واجلسي سأتصرف ...
فما أن أدخلت يدي لأخرج ما في الحقيبة ... حتى وجدت الأم تسحبها من يدي وتقلبها وهي تبكي ... انهارت الأم ... فحلفتها بالله أن تهدأ
ولكن كيف تهدأ ولا تعلم أين ابنتها !!!
بدأت أفتش بين كتبها لعلي أجد دليلا أو أمرا يساعدني على إيجادها ... ولكن لا شيء
أمها تبكي وتتساءل ... ولا توجد لدي إجابة
ربي أعني
فقلت لها اهدئي ... سأعود إليك
خرجت لأرى مرة أخرى لعلي أجد أحد ... ولكن لم أجدها
وفي هذه الأثناء ... الأم منهارة فاتصلت بأخوتها أن أبلغوا الشرطة ولم أعلم بذلك إلا فيما بعد
عدت لمكتبي لأرى الأسى والحزن على وجه الأم ... لم أرى هذا المشهد من قبل
رن هاتفي ... إنه الحارس يخبرني إن هناك من دخل المدرسة
لم أتكلم ... خرجت مسرعة لأجدها أمامي مختبئة وراء حاجز
فناديت ... من هناك
فقالت : أنا
فقلت لها : تعالي واكشفي عن وجهك لأتأكد ... فعلا هي الفتاة التي نبحث عنها ... ولكن أين كانت ؟
بدأت في الحديث معها ... أين كنتِ ؟
اجيبيني ... أين ذهبت ؟
ولم أكمل ... سمعت الأم صوتا فخرجت فإذا بها ترى ابنتها واقفة أمامي ...
يا لقسوة المنظر !!!
جاءت الأم صارخة متوعدة ... تسأل ابنتها : أين كنتِ ؟
أين ذهبتِ ؟
لم تجب الفتاة ... وسرعان ما انهالت الأم ضربا ولطما لابنتها
بصراحة ... تركتها أول الأمر ، لأنها قد تموت إن لم تجبها ابنتها
تركتها لأن من حقها تربية ابنتها ... وقد أكون تركتها لأني لم استوعب ما أراه
ولكني سرعان ما استدركت الموقف عندما سمعت صوت الفتاة تقول :
أماه ... ما بكِ !!! لماذا تضربيني ؟
أماه أرجوكِ لم أفعل شيئاً ؟
فدخلت بينهما وفرقت بين الأم وابنتها ... بصعوبة
الأم اعتقدت أنها ستموت لا محالة من هول الموقف
خيالها ذهب بعيدا .... وأنا كذلك
خوف ورهبة مما فعلته الفتاة
دخلنا فبدأ تحقيق الأم مع ابنتها وكذلك نحن نسألها ... وهي تقول ما بكم !!!
أنا لم أفعل شيئا ...
ذهبت لزيارة صديقتي في المدرسة المجاورة ... عندها تأكدت أنها كاذبة
نعم كاذبة
لأن المدرسة المجاورة ينصرفون قبلنا بنصف ساعة !!!
يا الله ... ما أحقر الكذب ... وما أقصر حبله !!!
صرخت الوكيلة بها أنتي كاذبة !!!
هنا بكت الأم أكثر فأكثر وسقطت على الكرسي ... وسقطت الفتاة على قدمي أمها تقبلها ويديها وترجوها أن تصدقها ...
تقول لها ... أماه صدقيني ... أنا ابنتك ... لم أفعل خطأ
خشيت مما قد يحدث بالكاد استطعت أن انتزع البنت من أمها ... وهي تقول لي : دعيني أمي لابد أن تصدقني
أماه أنا ابنتك
ما أقساه من منظر
رجوت الفتاة أن تذهب معي لمكان هادئ ، لأن ليس في مصلحتها ولا مصلحة أمها ما يحدث ، وكونها تعرفني جيدا كان لي مكانا في قلبها واحتراما خاصا في هذه الإدارة
هنا أتت الفتاة معي ... منكسرة ... خائفة ... باكية ...
فماذا قالت لي ؟؟؟