ما صحة هذا الدعاء : ( بسم الله ، وبالله ، ومن الله ، وإلى الله ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، بسم الله النور ، بسم الله نور النور ، بسم الله نور على نور ، بسم الله الذي هو مدبر الأمور ، بسم الله الذي خلق النور من النور ، الحمد لله الذي خلق النور ، وأنزل النور على الطور ، في كتاب مسطور ، في رق منشور ، بقدر مقدور ، على نبي محبور ، الحمد لله الذي هو بالعز مذكور ، وبالفخر مشهور ، وعلى السراء والضراء مشكور ، اللهم إني اسألك يا الله يا رحمن يا رحيم يا حليم يا كريم يا قديم يا مديم يا عظيم يا الله ، يا خير مسؤول ، ويا أكرم مأمول ، يا من له الحمد والثناء ، وبيده الفقر والغناء ، وله الأسماء الحسنى ، لا مانع لمن أعطاه ، ولا مضل لمن هداه ، يفعل في ملكه ما يشاء ، رب الأرباب ، ومعتق الرقاب ، ذو القوة القاهرة ، والعظمة الباهرة ، مالك الدنيا والآخرة ، اللهم إني أسألك باحتياط سورة " ق " ، وبهول يوم المخاف ، وبالزخرف والطور ، بالرق المنشور ، بالبيت المعمور ، بالسقف المرفوع ، بالبحر المسجور ، بضوء القمر ، بشعاع الشمس ، بضوء النهار ، بظلام الليل ، بدوي الماء ، بخيرات الأرض ، بحفيف الأشجار ، بعلو السماء ، بهبوط الأرض ، بجريان البحر ، بعجائب الدنيا ، بنور الصباح ، بمكنون سرك ، بوفاء عهدك ، بعلمك بالشمس وضحاها ، والقمر إذا تلاها ، والنهار إذا جلاها ، والليل إذا يغشاها ، والسماء وما بناها ، والأرض وما طحاها ، ونفس وما سواها ، فألهمها فجورها وتقواها ، قد أفلح من زكاها ، وقد خاب من دساها ، بقرب الجنة ، ببعد النار ، بعدل الميزان ، بهدير الرعد ، بلمعات البرق ، برقدة أهل الكهف ، بفطرة الإسلام ، بزمزم والمقام ، والحج إلى بيت الله الحرام ، بسر يوسف ، بطور سيناء ، بسورة " يس " ، بالأنبياء المرسلين ، بحلة آدم ، بتاج حواء ، بحلة إبراهيم ، بناقة صالح ، بعصاة موسى ، بإنجيل عيسى ، بزابور داوود ، بفرقان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، برقعة إدريس ، بسفينة نوح ، بسدرة المنتهى ، بجنة المأوى ، باللوح المحفوظ ، بما جرى به القلم ، بساعات الدهور ، بالفلك الذي يدور ، بالصدور وما حوت ، بالأنفس الزكية وما عملت ، والأقلام وما دارت ، والنجوم وما سارت ، ......... سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وسلام على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين ) ؟
الحمد لله
من المعلوم لدى جميع المسلمين أن الدعاء من أفضل العبادات ، وأشرف القربات ، وأن الأنبياء إنما بعثوا لتوحيد الدعاء لله سبحانه وتعالى ، وتوقيف الناس على الدعاء الذي يشرعه الله ويبينه للناس .
ولذلك فإن من أخطر ما يناقض الإسلام ، صرف الدعاء لغير الله ، أو تشريع ما لم يأذن به الله من طرق وصيغ وأنواع الدعاء في مناسبات وأحوال مختلفة ، يلتزمها الناس ويعملون بها ، ويحفظونها ويتواصون بها ، وغالبا ما يصاحب تلك الأدعية المستحدثة اعتقاد فضلها وعظيم نفعها وأجرها .
ولا أرى الدعاء المنقول في السؤال إلا من هذا الباب .
فهو دعاء مخترع مبتدع وضعه من وضعه ليكون ملاذا لمن أراد التحصن من الشرور ، يعتقد فيه النفع ، وينسبه إلى الشرع ، ويستبدله بالأدعية والأذكار المشروعة الثابتة ، وإن لم يكن ذلك بلسان المقال ، فهو ولا شك واقع بلسان الحال .
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية كما في "مجموع الفتاوى" (22/510) :
" عمن يقول : أنا أعتقد أن من أحدث شيئا من الأذكار غير ما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصرح عنه أنه قد أساء وأخطأ ، إذ لو ارتضى أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم نبيه وإمامه ودليله لاكتفى بما صح عنه من الأذكار ، فعدوله إلى رأيه واختراعه جهل وتزيين من الشيطان ، وخلاف للسنة ، إذ الرسول لم يترك خيرا إلا دلنا عليه وشرعه لنا ، ولم يدخر الله عنه خيرا ، بدليل إعطائه خير الدنيا والآخرة ، إذ هو أكرم الخلق على الله ، فهل الأمر كذلك أم لا ؟
فأجاب رحمه الله :
" الحمد لله ، لا ريب أن الأذكار والدعوات من أفضل العبادات ، والعبادات مبناها على التوقيف والاتباع ، لا على الهوى والابتداع ، فالأدعية والأذكار النبوية هى أفضل ما يتحراه المتحري من الذكر والدعاء ، وسالكها على سبيل أمان وسلامة ، والفوائد والنتائج التي تحصل لا يعبر عنه لسان ، ولا يحيط به إنسان ، وما سواها من الأذكار قد يكون محرَّمًا ، وقد يكون مكروها ، وقد يكون فيه شرك مما لا يهتدي إليه أكثر الناس .
وليس لأحد أن يسن للناس نوعا من الأذكار والأدعية غير المسنون ، ويجعلها عبادة راتبة يواظب الناس عليها كما يواظبون على الصلوات الخمس ، بل هذا ابتداع دين لم يأذن الله به ، بخلاف ما يدعو به المرء أحيانا من غير أن يجعله للناس سنة ، فهذا إذا لم يعلم أنه يتضمن معنًى محرمًا لم يجز الجزم بتحريمه ، لكن قد يكون فيه ذلك والإنسان لا يشعر به ، وهذا كما أن الإنسان عند الضرورة يدعو بأدعية تفتح عليه ذلك الوقت ، فهذا وأمثاله قريب ، وأما اتخاذ ورد غير شرعي ، واستنان ذكر غير شرعي فهذا مما ينهى عنه ، ومع هذا ففي الأدعية الشرعية والأذكار الشرعية غاية المطالب الصحيحة ، ونهاية المقاصد العلية ، ولا يعدل عنها إلى غيرها من الأذكار المحدثة المبتدعة إلا جاهل أو مفرط أو متعد " انتهى .
وفي الدعاء المنقول في السؤال كثير من الكلمات المنكرة المبتدعة ، فضلا عن المعاني التي لم ترد بها أدلة الكتاب والسنة ، ومن ذلك :
1- التوسل بأمور لا وجه للتوسل بها لا في العقل ولا في الشرع ، وهي من التوسل الممنوع ، إذ لم يرد في الشريعة ما يدل على التوسل بمثلها : انظر فيه قوله : اللهم إني أسألك باحتياط سورة " ق " ...بضوء القمر ، بشعاع الشمس ، ..بحفيف الأشجار.. بجريان البحر.. بعجائب الدنيا..إلى آخر تلك الكلمات الكثيرة السمجة التي تدل على جهالة واضعها .
2- وفيه أيضا سوء الأدب مع الله بالقسم عليه بغير ما شرع القسم به من أسمائه الحسنى وصفاته العليا ، فراح يتكلف أشياء غريبة : تاج حواء ، عصا موسى ... ، إلى آخر ما ذكره من العدوان والافتراء .
3- الاعتداء في الدعاء ، حيث فيه سؤال ما لا ينبغي للعبد أن يسأله ، وذلك في قوله : اللهم إني أسألك أن تجعل لي كرامة جبريل ، ومهابة إسرافيل ، وقبول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .
4- وفيه التعدي بتقرير بعض الأمور الغيبية بالوهم والخرص ، انظر قوله : خلق النور من النور .
5- وفيه عُلقةٌ مما تقرره الفرق الباطنية من دعوى أن للقرآن الكريم ظاهرا وباطنا ، وذلك في قوله : بسر يوسف .
6- وفيه الكثير من الأخطاء اللغوية كاستعمال كلمات غير مستعملة نحو ( مفرود ) وسجع متكلف سمج تمجه الأسماع ، ومترادفات كثيرة ، وتنطع ، وتكلف ، وسخافة لا تدل إلا على جهل واضعها واستسخافه عقول الناس ، ولا يكاد المرء يكره نفسه على قراءته إلا بالجهد الجهيد ، فكيف بقبوله والعمل به ، قاتل الله واضعه الكذاب !!
والعجب أنه ورغم كل هذه النكارات ينسب إليه واضعه التحصين ودفع الشرور ؟!
فليحذر المسلم من الالتفات إلى مثل هذه المبتدعات ، وليلجأ إلى أذكار التحصين الشرعية ، والتي تحوي جوامع الكلم ، وأبلغ الجمل ، وأحسن الكلمات ثناءً على الله واعترافا بفضله ، وهي الكلمات التي كان يحصن بها النبي صلى الله عليه وسلم نفسه وأبناءه ، نحو ما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يعوِّذ الحسن والحسين ويقول : إن أباكما - يعني إبراهيم عليه السلام - كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق : أعوذ بكلمات الله التامة ، من كل شيطان وهامة ، ومن كل عين لامة ) رواه البخاري ( 3191 ) (الهامة) : بتشديد الميم هي كل ما له سم يقتل . (من كل عين لامة) أي من كل عين تصيب بسوء .
وفي موقعنا مجموعة من الأذكار والأدعية الشرعية ، يمكنك مراجعتها في أرقام الأجوبة الآتية : (
77208) ، (
82463)
والله أعلم .
الإسلام سؤال وجواب