مجاهدة الشيطان وتأخر الشفاء
اعلم أيها المبتلى أن الحرب بينك وبين الشيطان سجال .. فاذا تقاعست واستسلمت تمكن منك وكسب الجولة
ولا تلق بكل شيء على شيطانك .. وأعلم أنه أضعف من أن يسيّرك أو ان يفسد عليك حياتك .. وهذه ليست بترهات من عندي ولا رجم بالغيب بل بنص القرآن ...
( ان كيد الشيطان كان ضعيفا )
( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا )
( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين )
( إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون )
وباعتراف الشيطان نفسه
( وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي )
( إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون )
فلا تحزن ولا تجزع .. فنحن هنا بحاجة لتوضيح نقطة مهمة فالرقية الشرعية بحاجة لراق حاذق متمرس وأيضا بحاجة لك أنت .. نعم أنت ..
فلا بد ان يأخذ المبتلى بأسباب الشفاء وأولها الاخلاص لله .. وثانيها التوكل الحق على رب السموات والأرض ومسبب الأسباب ( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا )
وأعلم أنك ان توكلت على الله نصرك فما بالك بمن ينصره الله عزوجل ( إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون )
ونقطة رئيسية أخرى لا تمكن الشيطان منك ولا تعطه أكبر من قدره ...
ومن أروع ما قاله ابن القيم في هذا المجال : ( وإياك أن تمكن الشيطان من بيت أفكارك وإراداتك فإنه يفسدها عليك فساداً يصعب تداركه ويلقي إليك أنواع الوساوس والأفكار المضرة، ويحول بينك وبين الفكر فيما ينفعك ، وأنت الذي أعنته على نفسك بتمكينه من قلبك وخواطرك فملكها عليك )
سبب طرح الموضوع :
يبتلى بعض الناس بالأمراض الروحية من مس وسحر وحسد .. ويجد ويجتهد .. ثم يفتر ويتقاعس ويستسلم للأمر الواقع
وفي نفس الوقت تجده ضعيف الإيمان
قليل الذكر ... ضعيف التوكل
فتجد الشيطان متسلط عليه نفسيا وبدنيا
وما ذلك إلا بسبب استمراءه للبلاء وتعظيم الشياطين في نفسه
وذلك أنه ما يصيبه من هم ولا غم ولا نصب ولا حزن إلا قال هذا بسبب الشيطان
فيسهر الليل يقول الشيطان حال بيني وبين النوم
يمتنع عن الطعام يقول الشيطان حال بيني وبين النوم
لا يصلي مع جماعة المسلمين .. ولا يجتمع بالناس .. وتزداد عصبيته ... وينفر كل من هم حوله .. كيف لا فهو مبتلى وفيه شيطان لا يقهر يحول بينه وبين كل شيء
للأسف .. هذا هو حال بعض المرضى حقيقة
فاستسلامهم لهذا الواقع المر أعظم من الشيطان نفسه
ومثل هؤلاء المرضى لا ينتفعون من الرقية كثيراً لأنه وقع في قرارة أنفسهم أن الشيطان أعظم من أن يقهر وأقوى من أن تؤثر فيه الرقية فهو لا يتأثر بالقرآن واذا تأثر فسرعان ما يعود لقوته
وهنا أنبه الرقاة خاصة الى الانتباه لهذه النقطة والتركيز على رفع الروح المعنوية للمريض .. وتصغير الشيطان في نفوسهم
وأن لا تفارق وجه الراقي الابتسامة التي تزرع الثقة في قلب المبتلى واذا طالت فترة العلاج لأي سبب كان أن يبدأ الراقي بتعزيز العقيدة ومفاهيمها وبرفع الروح المعنوية وزراعة المعاني الايجابية ومحاولة جعلى المبتلى ينخرط بالمجتمع ويقهر شيطانه بصدق توكله وقوة ارادته
فمن المعلوم أن الشيطان يعظم سلطانه إذا ما عُظم من شأنه ويضعف كيده إذا ما حُقر شأنه
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تقل تعس الشيطان فإنك إذا قلت ذلك تعاظم حتى يكون مثل البيت ويقول : بقوتي
ولكن قل بسم الله فإنك إذا قلت ذلك تصاغر حتى يكون مثل الذباب )
فإذا ما أوجد الإنسان في نفسه أن للشيطان قوة وسلطاناً عليه فإن الشيطان يعظم كيده فينفذ إلى قلبه من باب الخوف والوسوسة والضيق والنفور بل والحضور الكلي
وقد يسلبه الإرادة فيتلاعب به
فإذا ما اجتمع المس والتقبل النفسي لتفلت الشيطان فإن البلاء يشتد ويعظم الخطب ويشقى المريض
لأنه سوف يكون في دوامة لن يخرج منها أبد
فليقف المبتلى مع نفسه وقفة تأمل وليسأل نفسه هذا السؤال إذا كان الشيطان قويا لماذا لم يمنعني من الذهاب لجلسة الرقية ؟!!
وليعلم المبتلى يقينا أن الشيطان ليس له سلطان على أصحاب الايمان الصادق والتوكل الصادق على الله سبحانه وتعالى
( ان كيد الشيطان كان ضعيفا )
( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا )
( إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين )
( إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون )
( وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي )
( إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون )
والحقيقة تظهر جلية في هذه الآية
( إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين
ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر إنهم لن يضروا الله شيئا يريد الله ألا يجعل لهم حظا في الآخرة ولهم عذاب عظيم
إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان لن يضروا الله شيئا ولهم عذاب أليم
ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين )
فينبغي على المبتلى أن يتقي الله وحده ولا يخاف إلا الله وحده
ولا ينسب كل ما يصيبه إلى الشيطان وإن كان للشيطان نصيب في ذلك
بل ينبغي عليه أن يُحَقر الشيطان في نفسه وليجاهده بمخالفته أولا
ثم بالمحافظة على أذكار الصباح والمساء والرقية والدعاء وتقوى الله سبحانه وتعالى في السر والعلن
وليصبر وليحتسب الأجر عند الله وليشغل نفسه ما استطاع بما ينفعه في أمور دينه ودنياه وذلك بمخالطة الصالحين وكثرة الجلوس في حلق الذكر والتفقه في الدين ، حتى يأذن الله بالفرج من عنده
قال تعالى ( إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا إن الله بما يعملون محيط )