ثَمَراتُ الإيمانِ باليَومِ الآخِرِ
ذَكَرَ السَّعديُّ ثَمَراتٍ عَديدةٌ لِلإيمانِ باليَومِ الآخِرِ فقال:
(مِنها: أنَّ الإيمانَ باليَومِ الآخِرِ أحَدُ أركانِ الإيمانِ السِّتَّةِ، الَّتي لا يَصِحُّ الإيمانُ بدونِها، وكُلَّما ازدادَت مَعرِفتُه بتَفاصيلِه، ازدادَ إيمانُه.
ومِنها: أنَّ العِلمَ بذلك حَقيقةَ المَعرفةِ يَفتَحُ لِلإنسانِ بابَ الخَوفِ والرَّجاءِ، اللَّذَينِ إنْ خَلَا القَلبُ مِنهما خَرِبَ كُلَّ الخَرابِ، وإنْ عَمُرَ بهما أوجَب لَه الخَوفُ الانكِفافَ عَنِ المَعاصي، والرَّجاءُ تَيسيرَ الطَّاعةِ وتَسهيلَها، ولا يَتِمُّ ذلك إلَّا بمَعرِفةِ تَفاصيلِ الأمورِ الَّتي يُخافُ مِنها وتُحذَرُ؛ كأحوالِ القَبرِ وشِدَّتِه، وأحوالِ المَوقِفِ الهائِلةِ، وصِفاتِ النَّارِ المُفظِعةِ. وبمَعرِفةِ تَفاصيلِ الجَنةِ وما فيها مِنَ النَّعيمِ المُقيمِ، والحَبْرةِ والسُّرورِ، ونَعيمِ القَلبِ والرُّوحِ والبَدنِ، فيَحدُثُ بسَبَب ذلك الاشتياقُ الدَّاعي لِلِاجتِهادِ في السَّعيِ لِلمَحبوبِ المَطلوبِ، بكُلِّ ما يَقْدِرُ عليه.
ومِنها: أنَّه يَعرِفُ بذلك فضلَ اللَّه وعَدْلَه في المُجازاةِ على الأعمالِ الصَّالِحةِ والسَّيِّئةِ، الموجِبَ لِكَمالِ حَمدِه والثَّناءِ عليه بما هو أهلُه. وعلى قَدرِ عِلمِ العَبدِ بتَفاصيلِ الثَّوابِ والعِقابِ، يَعرِفُ بذلك فضلَ اللَّهِ وعَدلَه وحِكْمَتَه)
.
وقال أيضًا عن الإيمانِ باليومِ الآخِرِ: (أعظَمُ باعثٍ على الرَّغبةِ والرَّهبةِ والعَمَلِ) .
وقال أيضًا: (إنَّ الإيمانَ بالبَعثِ والجَزاءِ أصلُ صَلاحِ القُلوبِ وأصلُ الرَّغبةِ في الخَيرِ، والرَّهبةِ مِنَ الشَّرِّ، اللَّذَينِ هما أساسُ الخَيراتِ) .
وقال ابنُ عُثَيمين: (لِلإيمانِ باليَومِ الآخِرِ ثَمَراتٌ جَليلةٌ؛ مِنها:
الأولَى: الرَّغبةُ في فِعلِ الطَّاعةِ والحِرصُ عليها رِجاءً لِثَوابِ ذلك اليَومِ.
الثَّانيةُ: الرَّهبةُ من فِعلِ المَعصيةِ والرِّضا بها خَوفًا من عِقابِ ذلك اليَومِ.
الثَّالِثةُ: تَسليةُ المُؤمِنِ عَمَّا يَفوتُه مِنَ الدُّنيا بما يَرجوه من نَعيمِ الآخِرةِ وثَوابِها) .