تحكي المرأة وتقول في نفسها حيث لا يسمعها الزوج ولا بينها ...
تقول :
من بيت فقر لأخر أهكذا تكون حياتي ...
رحماك ربي فهذا زوج برفضه يفسد عليّ صداقاتي ...
ماذا أقدم للنساء غدا هل يا ترى أكتفي بأقطٍ و بضع تمراتِ ...
لولا مخافة ربنا لقتلت نفسي ووأدت بني وبناتي ...
هم الرجال هكذا قبل العرس بالورد والطيب يفرشون الأرض والطرقاتِ ...
فتطير الفتاة فرحا فقد لاح في الأفق فارس الأحلام و جاء بالهدايا والعطايا والهبات ِ ...
ويقضي شهر عرسه ما بين خطب رنانة وكلام أحلى من العسل ولسان عذب فراتِ ...
فتمسي وتصبح إحدانا في سعادة لا مثيل لها فقد ذهبت أحلام اليقظة و تحققت كل الأمنياتِ ...
فرحة سعيدة توزع الضحكات طولا وعرضا تلقي فيض الإبتسامات في وجه الزائراتِ ...
فهذه تبارك وأخرى تهنيء بصوت جميل وثالثة تنثر الحلوى ورابعة تروم المُكرماتِ ...
وهكذا سلمكم الله تمضي الأيام مسرعة و تترى الشهور في عجل متتابعاتِ ...
وفي كل يوم نكتشف جديدا فما عاد الزوج مثاليا كما في الأيام الخالياتِ ...
ثم تغوص حزينة في بحر من التفكير و أمواج الهموم وعواصف في الظلماتِ ...
آه ... ثم آه ... بل كل آهاتي ... ما أجمل أيامنا تيك وما أروع تلك اللحظاتِ ...
حالنا الآن يبكي العدا لهوله ومن مر حنظله نتجرع كأس الحسراتِ ...
وا ويح نفسي لو طال المقام بنا وصرنا نعد السنون والسنوات ِ ...
فعمر زواجنا في التأريخ لم يمض عليه سوى ثلاث سنواتِ ...
آه ... ثم آه ... بل كل آهاتي ما أجمل أيامنا تيك وما أروع تلك اللحظاتِ ...
كل النساء فرحى بأزواجهن إلا أنا أتجرع كأس المنون والحسراتِ ...
فما أن أطلب شيئا يسيرا حتى يبادرني بالرفض والشكوى والتذمر من كثرة الطلبات ِ ...
وا عجبي من زوج هوايته الصراخ والضجر والملل وقتل كل الرغبات ِ ...
آه لو يعلم حال غيره من الأزواج وكيف يغدقون على زوجاتهم بالذهب والدراهم والدولارات ِ ...
وسأقص عليكم بعضا من حكاياتِ ... صديقاتي ... اللواتي ... يرفلن نعيما في الأُعطياتِ ...
فالأولى :
لا يخلو حديثها من مدح لبعلها فقد جعل الراتب كله بيدها وأوكل لها جميع المصرفاتِ و النفقات ِ ...
وأما الأخرى :
فقد سجل عمارة بإسمها في أرقى المدن وزيادة أهدى لها مزرعة أبقارٍ وأغنامٍ ودجاجاتِ ...
وأما الثالثة :
فقنوعة جدا فما أن تطلب عشرة دراهم لبعض أمرها إلا ويضرب العشرة في مثلها عشراتِ ...
فيكون حاصلها فائضا غزيرا من الأموال و زيادة عليه بضع مئاتِ ...
و أما الرابعة :
فقد استحوذت على قلبه وعقله ففي كل أسبوع هدية ثمينة من أرقى المحلاتِ ...
و يتبعه بعشاء فاخر في أغلى البوفيهاتِ ...
و أما الخامسة :
فقد سلم الأمر لها كله وصارت صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة وبيدها كل الأوامر و القراراتِ ...
و أما تعيسة الحظ أنا فإن طلبت درهما فزت بربعه بعدما يقسمه بيني وبين بقية الأولاد و البناتِ ...
أسمعتم بزوج في مثل طبعه و بخله فعسى ربي أن يجعل من مثله نصيبا لغير المتزوجات ِ ...
ليذقن شيئا من فرط كرم أولئك الأزواج وليعرفن كيف يكون الشح من قبيح الخلال و الصفاتِ ...
وفي خضم استعراضها لما مضى من حديث النساء وخوضها في محيط الذكريات ِ ...
فإذا بصوت زوجها يمخر عباب محيطها يبدد السكون و الهدوء ويقطع منى الزفراتِ ...
يا حرمة كفاك شخيرا فقد أدركنا وقت الفجر والذكر والصلوات ِ ...
ثم يعيدها ثانية مالي أراك لا تجبين النداء هل أنتِ من الأحياء أم صرت في عداد الأمواتِ ...
هيا لتجهزي مائدتك بأصناف الطعام والشراب و وأطيب اللقيماتِ ...
فقد جلبت لك القائمة بأكملها ولم أترك شيئا مما كتبتِ في الورقات ِ ...
وأحضرت معه دون أن تطلبي مزيدا من العصائر والحلويات ِ ...
فأريد منك مائدة شهية فيها أصناف الملذاتِ ...
ترفع الرأس والمقام شموخا بين النساء الحاضراتِ ...
فقد عدت البارحة متأخراً ووجدتك تغطين في شخير وسباتِ ...
فلم أرغب في إزعاجك ووضعت كل ما طلبت المطبخ وما كان باردا ففي الثلاجاتِ ...
وهي في حالها ذاك غير مصدقة تفتح عينا لتدرك ما يدور حولها من كلام و حواراتِ ...
فتصحو من شر كابوس مزعج دار رحاه عرضا مرعبا في المناماتِ ...
ويكرر زوجها هلمي لإعداد مائدة فاخرة لم ير مثلها في أرقى الحفلاتِ ...
فتُنهض جسمها قائمة متعوذة برب الأرض والسموات ِ ...
تحمد ربها أن كان حلما ولم يكن واقعا حيا يسمعه زوجها ويشاهد أحداثه بقين و ثباتِ ...
هذا وسلام لجميع أخوتي ولهم من أخيهم متفائل أطيب المني وأحلى الأمنياتِ ...
طبتم أحبتي وطاب ممشاكم ورزقكم ربي أعلى الجناتِ ...
أخوكم الفقير إلى عفو ربه
متفائل في زمن اليأس