رَجَعَ بِخُفَّيْ حُنَيْن
يُرْوَى أن حنيناً هذا كان إسْكَافِيًّا - أي: مصلح وصانع أحذية - مِن الحيرة بالعراق, وكان خبيرًا وماهرًا في صنعته
وفي أحد الأيام أناخَ أعرابيٌّ بعيرَه أمام دكانه وأقبل عليه ينظر ويتأمل في دقته وذوقه في صنعته, وقد أعجبه خفان
فأراد أن يشتريهما
فأخبره حنين بثمنهما, فلم يقبل الأعرابي بالسعر
فأخذ يساوم حنيناً ليُنقِص الثمن
أطال الأعرابي المساومة حتى تضايق حنين
وبعد طول جدل ومساومة انصرف الأعرابي من غير أن يشتري الخفين
فغضب حنين بسبب طول مساومته وجدله وإضاعته للكثير من الوقت والزبائن, ففكّر في حيلة ترد عليه ما خسِرَ ويعاقب بها هذا الاعرابي البخيل على فعلته
وهنا بدأ يفكر كيف يحتال عليه
فما كان منه إلا أن أغلق دكانه وأسرع من طريق جانبي سريع إلى الطريق الذي سلكه هذا الأعرابي حتى يسبقه حاملًا معه الخفين الذين كان الأعرابي معجبًا بهما
وبالطريق طرح أَحَدَ الخفين, وطرح الآخر على مسافة أخرى بعيدة قليلًا عنه
وعندما سلك الأعرابي الطريق إلى باديته؛ إذ به يجد الخف الذي أعجب به أمامه, ولكن للأسف! خف واحد!
فما كان منه إلا أن قال متأسفًا: ما أشبه هذا الخف بخفي حنين! ولكن ماذا يفيد هذا لوحده؟! لو معه الآخر لأخذته.
وتركه ومضى مكملًا طريقه.
فوصل إلى مكان الخف الثاني, فنظر إليه متفحصًا إياه وهو يقول: نعم, إنه هو نفسه!
فندم على تركه الخفَّ الأول
وكان حنين يراقب الأعرابي مِن خَلْفِ تل قريب لينظر ماذا سيفعل
فما كان من الأعرابي إلا أن أناخ بعيره وانطلق إلى مكان الخف الأول ليحضره - تاركًا بعيرَه وما عليه من من أمتعة وخيرات -
فما كان من حنين إلا أن أسرع وأخذ البعير بما عليه واختفى
فعاد الأعرابي وهو يحمل الخف الأول
فإذ به لا يجد إلا الخف الثاني ملقًى على الأرض ويجد البعير قد اختفى
فقطع بقية الطريق ماشيًا حتى وصل إلى قبيلته
تعجب قومُه حينما رأوه يرجع إليهم ماشيًا وليس بعيرُه معَه, فقالوا له: بِمَ جئتَ من سفرك؟!
فقال لهم: بِخُفَّيْ حنين!
فضحك القوم وسخروا منه حيث خاب مسعاه وخسر بعيرَه وما عليه وعاد إليهم لا يحمل إلا خفي حنين
وظلوا يرددون: رجع بخفي حنين!
منقول