اتقــاء شـر العيـن:
العين مرض من الأمراض وداء من الأدواء، وكما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ﴿ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له دواء علم ذلك من علم و جهله من جهله﴾ وبما أن العين تعتبر مرض فأن العلاج منها مطلـوب قبـل وقوعهـا وبعـده.
العـلاج مـن أثـر العيـن قبـل وقوعهـا:
يستطيع كل مسلم ومسلمة التحصن ضد العين وغيرهـا مـن الأمراض قبـل وقوعها، وذلك بالأذكار الشرعية من الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية الثابتـة عن سيد الخلق عليه الصلاة والسلام، ومن ذلك ما ذكره سماحـة الشيـخ عبد العزيز بن باز رحمه الله بقوله "ويجب على المسلم أن يحصن نفسـه مـن الشياطين ومن مردة الجن ومن شياطين الأنس بقوة الأيمـان بالله، والاعتمـاد عليه، والتوكل عليه، ولجوءه وضراعته إليه،وكثرة قراءة المعوذتين وسورة الإخلاص وفاتحة الكتاب وآية الكرسي". والإكثار من التعوذات النبوية التـي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنها ما رواه البخاري والترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعوذ الحسـن والحسين ﴿أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة، ومن كـل عيـن لامة ويقول أن أباكما إبراهيم كان يعوذ بهما إسماعيل وإسحاق﴾. وروى الترمذي في حديث حسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعلم الصحابة هذه الكلمات: ﴿أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وشر عباده، ومن همزات الشياطين، وأن يحضرون﴾ وكان عبد الله بن عمرو بن العاص يعلمهن من عقل من بنيه. وغيرها من الأذكار كقوله صلى الله عليـه وسلـم ﴿أعـوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق﴾. قال بن القيم الجوزية "ومـن التعـوذات النبوية رقية جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم ورواهـا مسلـم في صحيحه﴿ بسم الله أرقيك من كل داء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسـد، الله يشفيك﴾"
العلاج من العين بعد وقوعها:
* الالتزام بالأذكار النبوية الصباحية والمسائية، وهو كل ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم من قيامه إلى منامه.
* في حالة معرفة العائن الذي حدثت منه العين وإصابتها بالمعيـون، فعلاجه فيما ثبت به الحديث الذي رواه أصحاب السنن وأحمد وابن حبان عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، والذي سبق الإشارة إليه أعلاه، وهو حديث الغسل.
* إذا لم يعلم العائن فانه يجب على المعيون أن يلتزم الأذكار التي سبق ذكرها مع قراءة الفاتحة والمعوذتين، والإخلاص، وآية الكرسي، والآيتيـن الأخيرتيـن من سورة البقرة.
ونختم بهذه الفائدة للعلامة ابن القيم رحمه الله بقوله: "و لا ريب أن الله سبحانه خلق في الأجسام والأرواح قوى و طبائع مختلفـة، و جعل في كثير منها خواص وكيفيات مؤثرة، ولا يمكن لعاقـل إنكار تأثيـر الأرواح في الأجسام فانه أمر مشاهد محسوس، وأنت ترى الوجـه كيف يحمر حمرة شديدة إذا نظر إليه من يحتشمه و يستحي منه، ويصفر صفرة شديدة عند نظر من يخافه إليه، و قد شاهد الناس من يسقم من النظر وتضعف قواه، وهذا كله بواسطة تأثير الأرواح، ولشدة ارتباطها بالعين ينسب الفعل إليها، وليست هي الفاعلة، وإنما التأثير للروح، والأرواح مختلفـة فـي طبائعهـا وقواهـا وكيفياتها وخواصها، فروح الحاسد مؤذية للمحسود أذى بينـا، ولهذا أمـر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم أن يستعيذ به من شره، وتأثير الحاسد في أذى المحسود أمر لا ينكره إلا من هو خارج عن حقيقة الإنسانية، وهـو أصل الإصابة بالعين، فان النفس الخبيثة الحاسدة تتكيـف بكيفيـة خبيثـة، وتقابـل المحسود فتؤثر فيه بتلك الخاصية، وأشبه الأشياء بهذا الأفعى، فان السم كامن فيه بالقوة فإذا قابلت عدوها، انبعثت منها قوة غضبية، وتكيفت بكيفية خبيثـة مؤذية، فمنها ما تشتد كيفيتها وتقوى حين تؤثر في إسقاط الجنين ومنها ما تؤثر في طمس البصر، كما قال صلى الله عليه وسلم في الأبتر وذي الطفيتيـن من الحيات: ﴿إنهما يلتمسان البصر، ويسقطان الحبل﴾ رواه البخاري