بسم الله والصلاة و السلام على رسول الله .
بادئ ذي بدء ، وددت أن أشكر أستاذي الدكتور علي الحمادي حفظه الله و رعاه، الذي كان له الفضل علي بعد الله تعالى ، ومهما قلت في حقه فإنني لن أوفيه حقه، لأنه فعل الكثير من أجلي وعلمني الكثير عن هذا الطب الشريف وأقصد به ( طب الحجامة ) هذا الطب الذي أوصى به الملأ الأعلى ليلة الإسراء والمعراج النبي صلى الله عليه وسلم وأمته حيث قال صلوات ربي وسلامه عليه : ما مررت ليلة أسري بي بملأ من الملائكة، إلا كلهم يقول لي عليك يا محمد بالحجامة!
** السلسلة الصحيحة ـ 2263 ** ولم يمر على ملأ من الملائكة إلا أمروه : أن مر أمتك بالحجامة ** صحيح الترغيب 3462 ** لقد غفل المسلمون عن هذا النوع من العلاج وقل اهتمامهم به ، وخاصة بعد ظهور الطب التقليدي حيث فرض نفسه بقوة بعد أن تطورت وسائله وأساليبه العلاجية وخاصة في مجال التشخيص والتحليل والفحوصات الطبية الشاملة وتطور العمليات الجراحية خاصة مع تقدم التوكنولوجيا حيث توسعت مجالاته وتطورت أساليبه وتقنياته المعلوماتية ، فأصبح بمقدور العلماء والباحثين التوسع في علم التشريح وعلم الأمراض وعلم وظائف الأعضاء .
وقد تمكن الإنسان بفضل هذا التطور من إكتشاف الأسرار العلاجية وخاصة بعد اكتشاف الفيتامينات والمعادن وبعض المواد والعناصر الفعالة في النباتات والأعشاب ، وبفضل هذا الإكتشاف الهائل تمكن الإنسان من صناعة الأدوية لعلاج الأمراض التي يعاني منها بني جنسه.
ولكن الحال لا تبقى على ما هي عليه ! فمع تطور علم التوكنولوجيا ، تطورت أيضا الحياة المدنية وازدادت المدن الصناعية وعمت الفوضى أرجاء المعمورة برا وبحرا وجوا ، وخاصة بعد اكتشاف وظهور النفط ، تمكن الإنسان من صناعة وسائل النقل والآلات الميكانيكية مثل : السيارات والسفن والطائرات وغيرها مثل المصانع التي تعمل في مجالات مختلفة بأشكالها وأنواعها المتعددة.
وقد تسبب هذا التطور في تلويث الهواء والبيئة فتسمم منها الإنسان والحيوان والنبات وتغيرت معها الكثير من طبيعة وملامح الحياة على سطح الكرة الأرضية .
خاصة بعد صناعة الأغذية المعلبة التي تم معالجتها كيماويا بالألوان والمنكهات والمواد الحافظة ، فاصبحت اللحوم والأسماك في علب حديدية وكذلك الفواكه والخضار وخاصة بعد تسميمها بالأسمدة الكيماوية والمبيدات الحشرية فقتلت فيها الفيتامينات والمعادن الضرورية التي يحتاجها جسم الإنسان بسبب الأساليب الزراعية الخاطئة ، فأصبحت في علب يحتفظ بها لمدة عام وعامين ونستطيع أن نطلق عليها إسم قنابل مرضية موقوتة.
وبسبب هذا التلوث وبسبب تلك الوسائل والأساليب الخاطئة ظهر الكثير من الأمراض والعاهات لم يعهدها الإنسان على مر التاريخ ، وخاصة بعد صناعة الأدوية الكيماوية تضاعفت نسبة السميات فاصبحت أجسام البشر مشبعة بالسموم ، وباختصار شديد أقول : إن إنسان هذا العصر يحتضر .. لكنه احتضار بطيئ.
لقد ناقشت هذا الأمر مع الكثير من الخبراء والأطباء وقد تجاوب معي بعضهم بل وتفاعل معي إلى أبعد الحدود ، أما أغلبهم فلم يتقبل الأمر ! ولو أن بعضهم كان يدرك حقيقة وأهمية وخطورة هذا الأمر على صحة الإنسان.
وبما أن الحجامة كانت واحدة من أهم الأساليب العلاجية التي تساهم في استخلاص الجسم من الشوائب والسموم ومشتقات الأدوية الكيماوية والمواد والأخلاط الضارة ، وتنشط أيضا الدورة الدموية والجهاز المناعي وتعالج الكثير من الأمراض ، فإن الدكتور علي اهتم بها كثيرا ودرسها وبحث فيها لمدة ثمانية عشرة عاما فاكتشف الكثير من أسرارها واكتسبب خبرة علمية وعملية كافية ووافية أهلته بأن يكون أفضل من يطبقها ويمارسها في هذا العصر ، حيث اكتشف مواضعها الخاصة ونقاطها الحساسة والتي ترتبط أرتباطا وثيقا بالإشارات العصبية الإنعكاسية المتصلة بالجهاز العصبي المركزي بمخ الإنسان و التي تؤثر تأثيرا مباشرا على أعضاء وأجهزة الجسم المختلفة.
وقد قام بتصحيح الكثير من مفاهيم الحجامة الخاطئة ، وخاصة بما يتعلق بآلية عملها ومواضعها أيضا ، ووضع لها نظاما وقانونا وأصولا عصرية حديثة لم يسبق لها مثيل ، ثم قام بربطها بالطب الحديث ، إذ قام بربطها بالفحوصات الطبية والتحاليل المخبرية وكان ارتباطا ناجحا لأبعد الحدود ، إذ أنه بهذه الطريقة استطاع أن يقف بالشكل الصحيح على كل الحالات المرضية ، وساعده هذا كثيرا على تحديد نقاط ومواضع الحجامة لكل حالة مرضية على حسب الحالة الصحية التي يعاني منها الشخص ، فشفيت وتحسنت الكثير من الحالات المرضية ولله الحمد ، فازداد عليه عدد المراجعين والمرضى ، وقد سخر الله له رجالا يقفون بجانبه ويحققون له حلمه الذي طال انتظاره له وهو بناء مركز طبي متكامل يجرى فيه العلاج بالحجامة على يد مختصين مرخصين من وزارة الصحة رجالا ونساء ، وقد تحقق أخيرا هذا الحلم وأصبح حقيقة ، حيث تكرم الشيخ سعيد بن مكتوم بن راشد آل مكتوم حفظه الله ورعاه بدفع تكاليف انشاء هذا المركز فجزاه الله عنا وعن المسلمين كل خير وجعله الله في ميزان حسناته ونفع الله به الأمة .
وقد أطلق عليه الدكتور علي ( المركز الوطني للطب الحديث ) فكان يوم الثلاثاء الثامن والعشرين من فبراير عام 2012 م هو يوم الإفتتاح لهذا المركز .
وخلال ستة أشهر فقط أثبت هذا المركز بقيادة الدكتور علي والقائمين عليه نجاحا باهرا لم يسبق له مثيل ، حيث لقي إقبالا واسعا من الناس على مستوى العالم .
لقد غير الدكتور علي النظرة السابقة للحجامة العشوائية ، حيث زاد عليها الكثير من الإضافات الهامة والضرورية ، ولم يكن هذا بالأمر الهين بل كان هذا نتيجة الجهد والبحث والدراسة والعمل المضني على مدى ثمانية عشرة عاما ، وقد أصبح يدرسها الآن للناس على أسس علمية عصرية أكاديمية حديثة .
كما قام بافتتاح معهد للتدريب الصحي بالمركز وقد أطلق عليه ( المعهد الوطني للتدريب الصحي ) معتمد من وزارة الصحة ، ويقوم هذا المركز بتدريس وتثقيف طلاب العلم بطب الحجامة وعلم النباتات ، وجميع دوراته العلمية معتمدة من وزارة الصحة بدولة الإمارات العربية المتحدة.
ولهذه الدورات فوائد علمية كثيرة أهمها : تثقيف الناس بطب الحجامة ، حيث يتعرفون من خلالها على كيفية عمل الحجامة العصرية الحديثة بأصولها وشروطها الصحيحة بجانب علم التشريح وعلم وظائف الأعضاء.
وكذلك علم النباتات حيث يتعرفون من خلال هذه الدورة على كيفية العلاج بالنباتات الطبية والأعشاب والتعرف على المواد الفعالة بها وتصنيفها ، وصناعة الكريمات الخ.
وأنا على ثقة تامة بأن هذا المعهد سوف يتحول يوما إلى صرح علمي شامخ وسيصبح عما قريب مركز أكاديمي عالمي مفخرة للوطن والمواطن بإذن الله .
أشكر أستاذي علي الحمادي على جهوده وعلى كل ماقام به لخدمة الناس والإنسانية ، ويكفي هنا أن أذكر تاريخه الحافل بعمل الخير إذ كان يعالج الناس على مدى سبعة عشرة عاما من دون أجر ، وهو أول مرخص للحجامة على مستوى الدولة وكان سببا في فتح باب التراخيص لأطباء وأخصائيي الحجامة ، فجزاه الله عنا كل خير.
ويكفيني أن أقول أنه أول من وقف معي وشاركني رأيه ودرس وتباحث معي ودرسني طب الحجامة وعلمني الكثير عن الطب فكان رفيق دربي على مدى أثنتي عشر عاما ، ويكفيني فخرا أنني كنت تلميذه الأول وساعده الأيمن .
فيكفيني هذا شرفا وفخرا واعتزازا ، وكم يسعدني بأن أكون أول من يكتب وينشر عنه بهذا اليوم وبهذا التاريخ.
كلمة أخيرة :
من خلال كلماتي التي كتبتها فذكرت فيها لمحة عن البيئة وعن ما يعانيه إنسان هذا العصر من تلوث وفساد وتفشي للسموم نتيجة التطور الذي يواكب هذا العصر ، بعد إذ ثبت علميا نتيجة لبحوث و دراسات وتحقيقات طويلة أن الحياة أصبحت مهددة بالإنقراض ، وأول ضحاياها هو الإنسان و ذلك بسبب ما يواجهه من تغيرات في الطبيعة بسبب تطور التوكنولوجيا وازدحام المدن الصناعية وكثافة السكان ، فإن هذا الأمر أخذ يقلقنا ويقلق الكثير من العلماء والباحثين والمهتمين وخاصة بعد ازدياد وانتشار أمراض السرطان وأمراض الكبد الوبائية وبعض الأمراض الأخرى وخاصة في الأطفال ، الأمر الذي يستدعي إلى تكاتف جهود جميع علمائنا وأطبائنا وخبرائنا وجميع الباحثين والمهتمين في مجال البيئة والتغذية والصحة العامة ، لإيجاد حلول والبحث عن وسائل بديلة وأساليب صحيحة للحفاظ على ما تبقى لنا من خيرات أمنا ( الطبيعة ) تضمن لنا الحياة الأمنة والسعيدة للحفاظ على هذه الأجيال والأجيال القادمة ، ويجب أن نلقي جميع خلافاتنا جانبا وأن يعاون بعضنا بعضا ، بغض النظر عن أي إعتبارات أخرى وأن نكون كما قال الله فينا ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) ويجب أن ينصب اهتمامنا تجاه أمتنا والأمة الإسلامية بشكل خاص والإنسانية بشكل عام .
وأحب أن أضيف أيضا بأن مهنة وعلم الطب تعتبر من أشرف العلوم بعد العلم في الدين والعقيدة ، ونحن نثق و نفتخر ونعتز بجميع أطبائنا العرب ونرفض بشدة التشكيك في إمكانياتهم وقدراتهم فهم أحفاد الأولون والسابقون وهم الخلف لخير سلف وإنا إن شاء الله على خطاهم لمهتدون.
كما إني أوصي و أنصح جميع الناس وكل من قرأ كلماتي المتواضعة بأن يقتدي بهدي النبي صلى الله عليه وسلم وسنته ، والله سبحانه وتعالى يقول [ " وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ] الحشر 7 ، وأعلموا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأتينا بشيء إلا وفيه الخير الكثير ، فلقد أوصانا صلوات الله وسلامه عليه بالحجامة فقال : أخبرني جبريل أن الحجم أنفع ما تداوى به الناس" (صحيح الجامع 218 )
ونحن بدورنا ننصحكم بالحجامة دائما إن لم يكن لمرض فليكن للوقاية ، والوقاية خير من العلاج ، فالحجامة فيها الخير الكثير وهي علاج مبارك ، وهذا بالاضافة للفوائد الصحية الأخرى التي ذكرتها سابقا ، فهي تعالج الكثير من الأمراض التي يواجهها الإنسان وخاصة بهذا العصر ، فقد شفيت الكثير من الحالات المرضية مثل : السكري ، والضغط ، والشقيقة ، والأمراض الروماتيزمية ، وأمراض الكبد الوبائي ، وبعض أنواع السرطانات ، والجلطات الدماغية ، والكهرباء الزائدة في المخ ، فلقد عايشت هذه الحالات على مدى أثنتي عشر عاما مع أستاذي الدكتور علي الحمادي حفظه الله فكانت النتائج باهرة ولله الحمد .
فكم من الحالات قد شفيت وبعضها قد تحسنت ، فالحجامة أما أن تكون علاجا كليا أو جزئيا أو علاجا مكملا للعلاجات الأخرى ، فهي تقوم على تنشيط الجهاز العصبي المركزي والجهاز الغدي والجهاز المناعي والجهاز الدوري ، وتقوم بتسليك الشراين ، وذلك بشفط الأخلاط والشوائب الضارة من الجسم ، وتجدد التروية الدموية لجميع أعضاء الجسم ، هذا بالاضافة للدهون والكولسترول والأحماض الضارة وبعض مستقلبات ثاني أكسيد الكربون ومشتقات الأدوية الضارة والنيكوتين .
إن أحوج ما يحتاجه الإنسان هذا العصر هو العلاج بالحجامة ، فنحن نوصيكم بالحجامة والعودة إلى الطبيعة بقدر الإمكان ، وتجنب الوجبات السريعة والمشروبات الغازية والإقلاع عن التدخين ، والنوم مبكرا وإتباع الأساليب الرياضية الصحيحة كالمشي والسباحة ، وتجنب المبيدات الحشرية في المنازل ، وعدم تناول المواد الغذائية المعلبة ، والإبتعاد بقدر المستطاع عن الدخان الصادر من المصانع والآلات الميكانيكية والأغبرة الضارة، والتعود على نظام غذائي قليل وجيد ومفيد بلا إفراط ولا تفريط ، كي نتجنب السمنة ومضارها.
حفظكم الله ورعاكم ـ مع تمنياتي لكم بدوام الصحة والسلامة والعافية ـ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كتبه الدكتور : عبدالله عبدالرحمن بن كرم.