النظـــــرية الإسلاميـــة في التربيـــــة :
وتقوم النظرية الإسلامية في التربية على أسس أربعـــة هي :
تربية الجسم - تربية الروح - تربية النفس - تربية العقل , وهذه الأسس الأربعة تنطلق من قيم الإسلام ، وتصدر عن القرآن والسنة ونهج الصحابة والسلف في المحافظة على الفطرة التي فطر الله الناس عليها بلا تبديل ولا تحريف ، فمع التربية الجسمية تبدأ التربية الروحية الإيمانية منذ نعومة الأظفار .
وقد اهتم الإسلام بالصحة النفسية والروحية والذهنية ، واعتبر أن من أهم مقومات التعاون والتراحم والتكافل وغيرها من الأمور التي تجعل المجتمع الإسلامي مجتمعاً قوياً في مجموعة أفراده ، وفي قصص القرآن الكريم ما يوجه إلى مراهقة منضبطة تمام الإنضباط مع وحي الله عز وجل وقد قدم الإسلام عدداً من المعالم التي تهدي إلى الإنضباط في مرحلة المراهقة ، مثل : " الطاعة : بمعنى طاعة الله وطاعة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وطاعة الوالدين ومن في حكمها وقد أكد القرآن الكريم هذه المعاني في وصية لقمان الحكيم وهو يعظه قال :
( يا بني لا تشـــرك بالله إن الشـــرك لظلم عظيم ) .
أيضاً هناك الإقتداء بالصالحين ، وعلى رأس من يقتدي بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فالإقتداء به واتباع سنته من اصول ديننا الحنيف قال الله تعالى ( لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً ) < الأحزاب :21 >
كما أعتبر الإسلام أن أحد اهم المعالم التي تهدي إلى الإنضباط في مرحلة المراهقة : التعاون والتراحم والتكافل ؛ لإنه يجعل الفرد في خدمة المجتمع ، ويجعل المجتمع في خدمة الفرد ، والدليل على ذلك ما رواه أحمد في مسنده عن النعمان بن بشير رضي الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال ( مثل المؤمن كمثل الجســد الواحد إذا اشتكى الرجل رأسه تداعي له سائر الجسد )... ولم ينس الإسلام دور الأب في حياة إبنه وكذلك تأثير البيئة التي ينشأ فيه الفتى في تربيته ونشأته ، فقد روي في الصحيحين عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه او ينصرانه أو يمجسانه )
ويشير الدكتور محمد سمير عبد الفتاح ( أستاذ علم النفس ) إلى أن المراهق يحتاج إلى من يتفهم حالته النفسية ويراعي احتياجاته الجسدية ، ولذا فهو بحاجة إلى صديق ناضج يجيب عن تساؤلاته بتفهم وعطف وصراحة ، صديق يستمع إليه حتى النهاية دون مقاطعة أو سخرية أو شك ، كما يحتـــاج إلى الأم الصديقــــة والأب المتفهم
وفي حديثه لموقع المسلم ، يدعو الخبير النفسي الدكتور سمير عبد الفتاح أولياء الأمور إلى التوقف الفوري عن محاولات برمجة حياة المراهق ، ويقدم بدلاً منها الحوار ، والتحلي بالصبر ، وإحترام استقلاليته وتفكيره ، والتعامل معه كشخص كبير ، وغمره بالحنان وشمله بمزيد من الإهتمام .
وينصح الدكتور عبد الفتاح الأمهات بضرورة إشراك الأب في تحمل عبء تربية أولاده في هذه المرحلة الخطيرة من حياتهم ويقول للأم ( شجعي ابنك وبثي التفاؤل في نفسه وجملي أسلوبك معه وأحرصي على انتقاء الكلمات كما تنتقي أطايب الثمر )ويوجه الدكتور عبد الفتاح النصح للأب قائلاً : أعطه قدراً من الحرية بإشرافك ورضاك ، لكن من المهم أن تتفق معه على احترام الوقت وتحديده ، وكافئه إن أحسن كما تعاقبه إن أساء، حاول تفهم مشاكلة والبحث معه عن حل ، اهتم بتوجيهه إلى الصحبة الصالحة ، كن له قدوة حسنة ومثلاً أعلى ، احترم اسراره وخصوصياته ولا تسخر منه أبداً .
ويضيف الدكتور عبد الفتاح موجهاً كلامه للأب : صاحبه وتعامل معه كأنه شاب ، اصطحبه إلى المسجد لأداء الصلاة وخاصة الجمعة والعيدين ، أجب عن كل أسئلته مهما كانت بكل صراحة ووضوح دون حرج وخصص له وقتاً منتظماً للجلوس معه ، وأشركة في النشاطات الإجتماعية العائلية كزيارة المرضى وصلة الأرحام ، ثم نم لديه الوازع الديني وأشعره بأهمية حسن الخلق .
كما ينصح الدكتور عبد الفتاح الأمهات بمراعاة عدد من الملاحظات المهمة في التعامل مع بناتهن في مرحلة المراهقة فيؤكد بداية أن على الأمهات أن يتعلمن فن معاملة المراهقات ، ويقول للأم : أعلميها أن تنتقل من مرحلة الطفولة إلى مرحلة جديدة تسمى مرحلة التكليف ، وأنها كبرت وأصبحت مسؤولة عن تصرفاتها ، قولي لها : إنها مثلما زادت مسؤولياتها فقد زادت حقوقها ، وأنها أصبحت عضواً ك كاملاً في الأسرة تشارك في القرارات ، ويؤخذ رأيها فيما يخصها وتوكل لها مهام تؤديها للثقة فيها وفي قدراتها ، علميها الأمور الشرعية كالإغتسال ، وكيفية التطهر ، سواء من الدورة الشهرية أو من الإفرازات .
ويضيف : ابتعدي عن مواجهتها بأخطائها ، أقيمي علاقات وطيده وحميمة معها ، دعمي كل تصرف إيجابي وسلوك حسن صادر عنها ، أسري لها بملاحظاتها ولا تنصحيها على الملأ فإن ( لكل ردة فعل مساو له في القوة ومضاد له في الإتجاه ) اقصري استخدام سلطتك في المنع على الأخطاء التي لا يمكن التجاوز عنها ، واستعيني بالله وادعي كثيراً ، ولا تدعي عليها مطلقاً وتذكري أن الزمن جزء من العلاج .
ويضيف : أفتحي لها قناة للإتصال معها واجلسي وتحاوري معها لتفهمي كيف تفكر ، وماذا تحب من الأمور وماذا تكره ؟ واحذري أن تعامليها كأنها ند لك ولا تقرني نفسك بها وعندما تجادلك أنصتي لملاحظاتها وردي عليها بمنطق وبرهان ، إذا انتقدت فانتقدي تصرفاتها ولا تنتقديها هي كشخص وختاماً استعيني بالله ليحفظها لك ويهديها . ...... ( يتبــــــــــــع )