عدلُ الإله يُقوِّمُ الميزانا= وعلى اليقين يُثبتُ الأركانا
ويُنبه الإنسانَ من غفلاته=ويُريه عُقبى ماجناه عِيانا
عدل الإله يريكَ أبعدَ ماترى=أدنى وأشجعَ من رأيتَ جبانا
ويُريكَ غطرسةَ الطغاةِ تذلُلاً=ورجالَهم من حولهم قُطعانا
عدلُ الإله ومن يُحاربُ قادراً=خلقَ الوجود وسيِّر الأكوانا؟
يا من جَلبت إلى العراقِ دمارَهُ=وظننتَ أنكَ ترفع البنينا
أشعلتَ أعواماً بنيران الأسى= حتى غدا استِحسانُها استهجانا
ما أنتَ أولَ ظالمٍ في أرضنا=لقي النهايةَ ذِلةً وهوانا
سبقتكَ آلاف الرؤوس تساقطت=وكأنها ما قارفت عدوانا
أوْدى بها ظلمُ العبادِ وقهرَهم=والظلمُ نارٌ تَحرقُ الإنسانا
اسأل بها النمرودَ حين استوثقت=منه البعوضُ ودوِّختهُ زمانا
واسأل بها فرعونَ ضلَّ مُكابراً=واسأل بها قارونَ أو هاماناَ
ما كنتَ إلا عبرةً مشهودةً=للعالمينَ تُنبه الأذهانا
وثناً جثَمْتَ على العراقِ وهكذا=عدلُ الإله يُحطمُ الأوثانا
مهلاً أبا الجُرحَ العراقيَ الذي=مازال ينزفُ،قد خسرت رهانا
عَلقتَ مِشنقةً لنفسك منذ أن=صيرت أرضكَ للهوى مَيدانا
وقتلتَ نفسك منذ أن صيَّرتَها= فوقَ الجميع مكانةً ومكانا
وحَفرتَ قبرَك منذُ أن أطلقتَها=حرباً تُصيبُ الأهلَ والجيرانا
أنتَ الذي مَزّقتَ شملك حينما=نَحَّيت عن أَحكامك القُرآنا
منذ ابتدأتَ رسمتَ دربَ نهايةٍ= سوداءَ لو فكرتَ فيهِ لَبانا
مَكَّنت جيشَ الاحتلال وذيلهُ= في الرافدينِ فحركَ الطوفانا
أسلمتَ جَوْقَتهُ الزمامَ وإنما= هو ظالمٌ بكَ قربَ القُربانا
وغداً ستُدرِكهُ العدالةُ إنها= كالشمس يَفضَحُ نورها الفئرانا
إني أقولُ وأنتَ موعِظةٌ لنا=ليتَ الطغاةَ يُفكرونَ الآنا
ليت الذين يُحطمونِ عراقَنا=ويُؤججونَ لأهله النيرانا
ويُوطِّئون لمن يُُمزقُ أرضه=كََنفاً ويُعطونَ العدوَ أمانا
ياليتَ من قطعوا حبالَ أخوّةٍ= في الرافدينِ وأعلنوا النُكرانا
يالتيهم يستيقظون وقد رأوا= بكَ عبرةً كُبرى تَفيضُ بَيانا
ياليتَ من نظروا إليكَ مُسوَّداً=ورأوكَ في سجنِ الطُغاة مُهانا
ربطوا البدايةَ بالنهايةِ فاتقوا=ربَّ العبادِ وجددوا الإيمانا
يا موقد النارِ التي ما خَلفت =إلا رَمادا كالحا ودخانا
لما سمِعتُك بالشهادةِ ناطقاً=أحسستُ أنَّ الصخرَ عندكَ لانا
وفرِحتُ فرحةَ من يُحِب لغيرهِ=خيراً ومَنْ يرجو له اطمئنانا
أوكلتُ أمركَ للمهيمنِ إنه =من يِعلمُ الإسرارَ والإعلانا
قد نلتَ في الدنيا جزائَكَ قاتلاًً=والحكمُ في الأخرى إلى مولانا
مهلاً أبا الجُرحَ العراقيَ الذي=جرفَ الطريقَ وغيّرَ العُنوانا
من ظَن أن الأرضَ مُلكُ يمينِه=فقد استطالَ وطاوعَ الشيطانا
ما قيمةُ الوطنِ الكبيرِ إذا غدا =سجناً ًوصارَ رئيسُهُ السَّجانا
يا من تزكونَ المقارفَ ذنبَهُ=أنّى يُزكِي التائهُ الحيرانا
هو فارسٌ بطلٌ وكم من فارسٍ= بطلٍ يُقبحُ ظُلمُه الإحسانا
إني أرى في الشَّنقِ أسوأَ صورةٍ=تُدمي القلوبَ تُؤرقُ الأجفانا
هي صورةٌ نكراءُ تُوحِي بالذي=تُخفي القلوبَ وتُشعلُ الأضغانا
ما أَحسنَ القتلَ الذين تضوروا=جوعاً إليك وأحرقوا الأغصانا
قتلوكَ في العيد الكبيرِ فشوَّهوا=وجهَ الإخاءِ وهيَّجوا الطوفانا
لكنَّ ذلك لا يُقرِبُ ظالماً منا=ولا يَستَحسِنُ الطغيانا
أسفي لأمتِنا العزيزةِ أصبحت=تَنسى ويَنسى ذهنُها النُسيانا
نَسيت حلبجةَ والكويتَ وما طوت=عنا السجونُ ولو بدا لكَفانا
ياقومُ،آثارُ الجريمةِ لم تزل=في الأرضِ يكشِفُ سمُها الثعبانا
توقيتُ آجالِ العبادِ مؤقَّتٌ=ممّن يُصرفُ حُكمهُ الأزمانا
(كُن) ما جرى حكمُ القضاءِ بأمرها=في الكونِ إلاّ في الحقيقة كانا
بُشرى لأهل الظلمِ بُشراهم فهم=سيواجهون من الأسى ألوانا
ما ظالمٌ إلا سيلقى ظالماً أقوى=ويَلقى الظالمُ الخسرانا
----------
منقول عن صوت الحق
قصيدة للدكتور عبدالرحمن العشماوي