( وإنْ قالتْهُ لزوجها فليس بظهارٍ ، وعليها كفارَتُه ) .
أي : إذا قالت المرأة لزوجها أنتَ علي كظهر أبي فليس بظهار .
وهـذا قول أكثر العلماء .
لأن الله خصه بالرجال دون النساء بقوله ( والذين يظاهرون منكـم من نسائهـم ... ) .
لكن عليها : عليها كفارته ، أي : كفارة الظهار .
وذهب بعض العلماء : إلى أنها عليها كفارة يمين .
وهذا الراجح .
( ويصح منجزاً ومعلقاً ومطلقاً ومؤقتاً ) .
أي : يصح الظهار أن يكون :
منجزاً : كأن يقول أنتِ عليّ كظهر أمي .
ومعلقاً : كأن يقول : إن قمتِ فأنت علي كظهر أمي ، إن كلمت زيداً فأنت علي كظهر أمي .
ومؤقتاً : كأن يقول أنتِ عليّ كظهر أمي شهر رمضان .
قال ابن قدامة : وَيَصِحُّ الظِّهَارُ مُؤَقَّتًا ، مِثْلَ أَنْ يَقُولَ : أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي شَهْرًا ، أَوْ حَتَّى يَنْسَلِخَ شَهْرُ رَمَضَانَ .
فَإِذَا مَضَى الْوَقْتُ زَالَ الظِّهَارُ ، وَحَلَّتْ الْمَرْأَةُ بِلَا كَفَّارَةٍ ، وَلَا يَكُونُ عَائِدًا إلَّا بِالْوَطْءِ فِي الْمُدَّةِ .
وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَعَطَاءٍ ، وَقَتَادَةَ ، وَالثَّوْرِيِّ ، وَإِسْحَاقَ ، وَأَبِي ثَوْرٍ ، وَأَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ .
لحَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ ، وَقَوْلُهُ ( ظَاهَرْت مِنْ امْرَأَتِي حَتَّى يَنْسَلِخَ شَهْرُ رَمَضَانَ ) وَأَخْبَرَ النَّبِيَّ e أَنَّهُ أَصَابَهَا فِي الشَّهْرِ ، فَأَمَرَهُ بِالْكَفَّارَةِ .
وَلَمْ يَعْتَبِرْ عَلَيْهِ تَقْيِيدَهُ ، وَلِأَنَّهُ مَنَعَ نَفْسَهُ مِنْهَا بِيَمِينٍ لَهَا كَفَّارَةٌ ، فَصَحَّ مُؤَقَّتًا كَالْإِيلَاءِ . ( المغني ) .
ومثّل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله للظهار المؤقت بقوله: وهذا ربما يجري ويحصل من الإنسان أن يغضب من زوجته لإساءة عشرتها فيقول: أنت علي كظهر أمي كل هذا الأسبوع، أو كل هذا الشهر، أو ما أشبه ذلك، فهذا يصح ظهاراً، وليس معنى قولنا: "إنه يصح" أنه يحِل، بل المعنى أنه ينعقد. فإذا مضت المدة التي وقّت بها الظهار وجامعها بعد مضي الوقت لا تجب الكفارة؛ لأن المدة انتهت فزال حكم الظهار. فإن وطئ الزوج زوجته في الوقت الذي وقّت فيه الظهار وجبت عليه الكفارة، وإن فرغ الوقت ووطئ بعد الفراغ زال الظهار.
(الشرح الممتع)
جاء في ( الموسوعة الفقهية ) الأْصْل فِي الظِّهَارِ إِنْ أَطْلَقَهُ أَنْ يَقَعَ مُؤَبَّدًا ، فَإِنْ أَقَّتَهُ كَأَنْ يُظَاهِرَ مِنْ زَوْجَتِهِ يَوْمًا أَوْ شَهْرًا أَوْ سَنَةً ، فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِهِ ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْقَوْل الأْظْهَرِ إِلَى أَنَّهُ يَقَعُ مُؤَقَّتًا ، وَلاَ يَكُونُ الْمُظَاهِرُ عَائِدًا إِلاَّ بِالْوَطْءِ فِي الْمُدَّةِ ، فَإِنْ لَمْ يَقْرَبْهَا حَتَّى مَضَتِ الْمُدَّةُ سَقَطَتْ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ ، وَبَطَل الظِّهَارُ عَمَلاً بِالتَّأْقِيتِ ؛ لأِنَّ التَّحْرِيمَ صَادَفَ ذَلِكَ الزَّمَنَ دُونَ غَيْرِهِ ، فَوَجَبَ أَنْ يَنْقَضِيَ بِانْقِضَائِهِ .
وَلأِنَّ الظِّهَارَ مُنْكَرٌ مِنَ الْقَوْل وَزُورٌ ، فَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ حُكْمُهُ كَالظِّهَارِ الْمُعَلَّقِ .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي غَيْرِ الأْظْهَرِ إِلَى أَنَّ الظِّهَارَ لاَ يَقْبَل التَّأْقِيتَ ، فَإِنْ قَيَّدَهُ بِوَقْتٍ تَأَبَّدَ كَالطَّلاَقِ ، فَيُلْغَى تَقْيِيدُهُ ، وَيَصِيرُ مُظَاهِرًا أَبَدًا لِوُجُودِ سَبَبِ الْكَفَّارَةِ ، وَذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ ثَالِثٍ عِنْدَهُمْ أَنَّ الظِّهَارَ الْمُؤَقَّتَ لَغْوٌ ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يُؤَبِّدِ التَّحْرِيمَ فَأَشْبَهَ مَا إِذَا شَبَّهَهَا بِامْرَأَةٍ لاَ تَحْرُمُ عَلَى التَّأْبِيد . ( الموسوعة ) .