الأخت الفاضلة ( جيهان ) حفظها الله ورعاها
لا يليق بنا إلا أن نحتفل بقدومكم وانضمامكم لأسرة المنتدى ، فنقول :
بكم في منتداكم ( منتدى الرقية الشرعية )
احدى الصروح الرائدة المتواضعة في عالم المنتديات الصاعدة
والتي تزهو بالعلم الشرعي والمعرفة والفكر والثقافة
ونتمنى لكم فيها قضاء أسعد الأوقات وأطيبها
ونحن بانتظار إسهاماتكم ومشاركاتكم النافعة وحضوركم وتفاعلكم المثمر .
ونتمنى أن تتسع صفحات منتدانا لحروف قلمكم ووميض عطائكم.
وفقكم الله لما يحبه ويرضاه ، وجنبكم مايبغضه ويأباه .
مع أمنياتي لكم بالتوفيق
أمات بخصوص سؤالكم فقد تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم مع من كان بهم مس من الجان وأنقل لكم ذلك على النحو التالي :
الحديث الأول :
عن عطاء بن رباح قال : قال لي ابن عباس - رضي الله عنه – : ( ألا أريك امرأة من أهل الجنة ؟ قلت : بلى ، قال هذه المرأة السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إني أصرع وإني أتكشف فادع الله لي ، قال : إن شئت صبرت ولك الجنة ، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك ؟ فقالت : أصبر ، فقالت : إني أتكشف فادع الله لي أن لا أتكشف ، فدعا لها )
تخريج الحديث :
( أخرجه الإمام أحمد في مسنده - 1 / 347 - متفق عليه - أخرجه الإمام البخاري في صحيحه - كتاب المرضى ( 6 ) - باب من يصرع من الريح - برقم ( 5652 ) ، والإمام مسلم في صحيحـه – كتـاب البر والصلـة ( 54 ) - باب ثواب المؤمن فيما يصيبه - برقم ( 2576 ) ، والنسائي في الكبرى - 4 / 353 - كتاب الطب ( 7 ) - برقم ( 7490 ) ، والسيوطي في " الدر المنثـور "- 4 / 287 ، وأبي نعيم في "الحلية" - 2 / 71 - 6 / 180 ، وابن حجر في " الفتح " - 10 / 114 ، والبغوي في " شرح السنة " - 5 / 275 ، والتبريزي في " المشكاة " - برقم ( 1577 ) ، والبخاري في " الأدب المفرد " - برقم ( 505 ) ، والذهبي في " الطب النبوي " - برقم ( 103 ) ، والكحال في " الأحكام النبوية في الصناعة الطبيـة " - 1 / 44 ، والبيهقـي فـي " دلائـل النبـوة " - 6 / 156 ، والطبراني في " المعجم الكبيـر " - 11 / 157 ، وابن كثير في " البداية والنهاية " - 6 / 182 ، 232 - أنظر صحيح الأدب المفرد 390 )
وهذه المرأة اسمها أم زفر كما روى ذلك البخاري في صحيحه عن عطاء ، والظاهر أن الصرع الذي كان بهذه المرأة كان من الجن 0
قال الحافظ بن حجر في الفتح ( وعند البزار من وجه آخر عن ابن عباس في نحو هذه القصة أنها قالت : إني أخاف الخبيث أن يجردني ، - والخبيث هو الشيطان - فدعا لها فكانت إذا خشيت أن يأتيها تأتي أستار الكعبة فتتعلق بها 000 ثم قال : وقد يؤخذ من الطرق التي أوردتها أن الذي كان بأم زفر كان من صرع الجن لا من صرع الخلط انتهى ) ( فتح الباري - 10 / 115 ، أنظر الدين الخالص – ص 74 ، 84 ، 85 ) 0
قال النووي : ( وفي حديث المرأة التي كانت تصرع دليل على أن الصرع يثاب عليه أكمل ثواب ) ( صحيح مسلم بشرح النووي - 16 ، 17 ، 18 / 102 ) 0
الحديث الثاني :
عن ----- قال ( أتت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بها طيف ( قال ابن منظور : والطيف : المس من الشيطان ، وقرئ : إذا مسهم طيف من الشيطان ، وطائف من الشيطان ، وهما بمعنى واحد – لسان العرب 9 / 225 ) ، فقالت : يا رسول الله ! ادع الله أن يشفيني 0 قال : " إن شئت دعوت الله عز وجل فشفاك ، وإن شئت فاصبري ، ولا حساب عليك " 0 قالت : أصبر ، ولا حساب علي )
تخريج الحديث :
( أخرجه الإمام أحمد في مسنده - 2 / 441 ، وابن حبان في صحيحه - برقم ( 708 ) ، والبزار - ج 1 / رقم 772 ، والحاكم في المستدرك - 4 / 218 ، والأصبهاني في الترغيب - برقم ( 529 ) ، والبغوي في " شرح السنة " - 5 / 236 ) ، وقال الحاكم " صحيح على شرط مسلم " ووافقه الذهبي ، وقال الشيخ ابو اسحاق الحويني " هذا حديث حسن " - أنظر كتاب الأمراض والكفارات والطب والرقيات - ص 46 )
قلت : اختلف أهل العلم في بيان صرع الصحابية الجليلة ( أم زفر ) - رضي الله عنها - هل هو عضوي أم شيطاني ، والذي يترجح لدي في هذه المسألة بأن الصرع الذي كانت تعاني منه هذه الصحابية هو النوع الثاني ، أي الصرع الشيطاني بدليل نص الحديث الثاني الذي أوردته في سياق أدلة إثبات صرع الجن للإنس ، وأعتقد أنه طريق آخر لحديث ( أم زفر ) الأول ، حيث ورد في الحديث ما نصه : " أتت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بها طيف " وقد ورد في المعاجم بأن الطيف هو المس من الشيطان ، وكذلك ما نص عليه الحافظ بن حجر - رحمه الله - في تعقيبه على حديث ( أم زفر ) بقوله : " وقد يؤخذ من الطرق التي أوردتها أن الذي كان بأم زفر كان من صرع الجن لا من صرع الخلط " والله تعالى أعلم 0
الحديث الثالث :
عن أم أبان بنت الوازع بن زارع بن عامر العبدي ( أم أبان بنت الوازع بن الزارع: مقبولة ، من الطبقة الرابعة ، أخرج لها البخاري وأبو داوود - أنظر تقريب التهذيب - 2 / 619 ، وميزان الاعتدال - 4 / 611 ، ترجمة رقم 11004 ) ، عن أبيها ( أن جدها الزارع انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق معه بابن له مجنون ، أو ابن أخت له - قال جدي : فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قلت : إن معي ابنا لي أو ابن أخت لي – مجنون ، أتيتك به تدعو الله له ، قال : ( ائتني به ) ، قال : فانطلقت به إليه وهو في الركاب ، فأطلقت عنه ، وألقيت عنه ثياب السفر ، وألبسته ثوبين حسنين ، وأخذت بيده حتى انتهيت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( ادنه مني ، اجعل ظهره مما يليني ) قال بمجامع ثوبه من أعلاه وأسفله ، فجعل يضرب ظهره حتى رأيت بياض إبطيه ، ويقول : أخرج عدو الله ، أخرج عدو الله ) ، فأقبل ينظر نظر الصحيح ليس بنظره الأول 0 ثم أقعده رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه ، فدعا له بماء فمسح وجهه ودعا له ، فلم يكن في الوفد أحد بعد دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم يفضل عليه )
تخريج الحديث :
( قال الهيثمي : رواه الطبراني وأم أبان لم يرو عنها مطر " مجمع الزوائد " - 9 / 3 ، وقال الحافظ عن أم أبان : مقبولة - تقريب التهذيب - 2 / 619 ، والحديث ورد في الطبراني عن مطر بن عبد الرحمن الأعنق )
قال الأستاذ عبدالكريم نوفان عبيدات : ( فهذا الحديث قد دل على أن الشيطان يصرع الإنسان بحيث يصير مجنونا ، فقد انطلق الوازع بابن له - أو ابن أخت له - مجنون - كما جاء في الحديث ، حتى جاء به إلى رسول الله عليه وسلم فجعل يعالجه عليه الصلاة والسلام ويضرب ظهره وهو يقول للشيطان : " أخرج عدو الله ، أخرج عدو الله " وفي هذا دليل على أن جنون الصبي كان بفعل صرع الشيطان له ، فما كان الشيطان يملك إلا أن يطيع المصطفى - عليه الصلاة والسلام - فيخرج من الصبي ، فيعود مشافى معافى ، ليس في القوم أحد أفضل منه ) ( عالم الجن في ضوء الكتاب والسنة - ص 265 - 266 ) 0
قال صاحبا كتاب " طارد الجان " : ( ونحن نجد في كلمة " أخرج عدو الله " دليل قاطع يقطع الطريق على الذين ينكرون دخول الجن إلى الجسد لأننا لو تأملنا اللفظ نجد كلمة " أخرج " وهي تدل على أن هناك دخول قد حدث وإلا ما كان خاطبه رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظ " أخرج " ) ( طارد الجان - ص 58 ) 0
قلت : وفي هذا الحديث دلالة أكيدة على صرع الجن للإنس ، حيث أحضر الغلام للنبي صلى الله عليه وسلم في حالة من الجنون والتخبط وقد أمر عليه الصلاة والسلام الجني الصارع بقوله : " أخرج عدو الله ، أخرج عدو الله " ، وهذا يعني أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يخاطب أحدا ما بهذا القول ، ولو كان غير ذلك لما قال عليه الصلاة والسلام : " أخرج " وهذا يعني أنه قد علم يقينا بحالة الغلام ومعاناته إما نتيجة الكشف والمعاينة أو أنه أخبر بوحي من السماء بأن معاناة الغلام هي نتيجة مس شيطاني ، وبناء عليه فقد تعامل صلى الله عليه وسلم مع هذه الحالة بما تحتاج إليه من انتهار وزجر ونحوه حتى عاد الغلام وما به قلبه ، وهذا الحديث يدل دلالة أكيدة واضحة على أن الغلام تعرض لأذى الأرواح الخبيثة والله تعالى أعلم 0
الحديث الرابع :
1)- عن يعلى بن مرة - رضي الله عنه - قال : ( رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا ما رآها أحد قبلي ، ولا يراها أحد بعدي ، لقد خرجت معه في سفر حتى إذا كنا ببعض الطريق مررنا بامرأة جالسة معها صبي لها ، فقالت يا رسول الله : هذا الصبي أصابه بلاء وأصابنا منه بلاء ، يؤخذ في اليوم لا أدري كم مرة ، قال : ( ناولينيه ) ، فرفعته إليه ، فجعله بينه وبين واسطة الرحل ، ثم فغر ( فاه ) ، فنفث فيه ثلاثا ، وقال : ( بسم الله، أنا عبدالله ، اخسأ عدو الله ) ، ثم ناولها إياه ، فقال : ( ألقينا في الرجعة في هذا المكان ، فأخبرينا ما فعل ) ، قال : فذهبنا ورجعنا فوجدناها في ذلك المكان معها ثلاث شياة ، فقال ( ما فعل صبيك؟ ) فقالت : والذي بعثك بالحق ما حسسنا منه شيئا حتى الساعة، فاجترر هذه الغنم ، قال : انزل خذ منها واحدة ورد البقية )
تخريج الحديث :
( أخرجه الإمام أحمد في مسنده – 4 / 170 ، 172 ، والمنذري في "الترغيب"– 3 / 158– والحاكم في المستدرك – 2 / 617 – 618 ، ووافقه الذهبي - وقد أورد العلامة محمد ناصر الدين الألباني كلاما مطولا قال في نهايته " وبالجملة ، فالحديث بهذه المتابعات جيد ، والله أعلم - أنظر سلسلة الأحاديث الصحيحة 1 / 874 – 877 – قال الحافظ ابن كثير في " البداية والنهاية " عقب ذكره بعض طرق هذا الحديث : " فهذه طرق جيدة متعددة ، تفيد غلبة الظن أو القطع عند ( المتبحرين ) أن يعلى بن مرة حدث بهذه القصة في الجملة " – 6 / 140 )
يقول الدكتور عبد الحميد هنداوي المدرس بكلية دار العلوم في جامعة القاهرة – ردا على صاحب " الاستحالة " : ( 00 وبذلك جعل الاختلاف في اللفظ من قبيل الاضطراب الذي يرد به الحديث !! وليس الأمر كذلك ، وذلك لأن تفل النبي صلى الله عليه وسلم في جوف المريض في هذا الحديث ، وتوجيه الخطاب إلى الجني في جوفه بأي لفظ كان لهو أقوى دليل على دخول الجني ، واستقراره في جوفه 0
فضلا عن أن لفظ : " اخسأ " يعني الطرد ، والزجر ، والإبعاد ؛ كما تبينه المعاجم ، وهذا يدل على أن الجني إما مستقر في جوفه ، أو ملازم له مقترن به ، مماس له ، ولو من الخارج 0
ومعلوم أنه لو كان الجن خارجا عنه ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتفل في جوف المريض ، بل كان يتفل حيث يستقر الجني ) ( الدليل والبرهان على دخول الجان في بدن الإنسان - ص 8 ) 0
وقال العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله - ردا على كلام صاحب " الاستحالة " : ( لقد شكك في دلالة الحديث على الدخول ؛ بإشارته إلى الخلاف الواقع في الروايات ( ! ) ، ولكن ليس
يخفى على طلاب هذا العلم المخلصين أنه ليس من العلم في شيء أن تضرب الروايات المختلفة بعضها ببعض ، وإنما علينا أن نأخذ منها ما اتفق عليه الأكثر ، وإن مما لا شك فيه أن اللفظ الأول : " اخرج " أصح من الآخر : " اخسأ " ؛ لأنه جاء في خمس روايات من الأحاديث التي ساقها ، واللفظ الآخر جاء في روايتين منها فقط !
وإن مما يؤكد أن الأول هو الأصح صراحة حديث الترجمة ، الذي سيكون القاضي بإذن الله على كتاب " الاستحالة " المزعومة ، مع ما تقدم من البيان أنها مجرد دعوى في أمر غيبي مخالفة للمنهج الذي سبق ذكره ) ( السلسلة الصحيحة – 2988 ) 0
قلت : قول المرأة " يؤخذ في اليوم لا أدري كم مرة " دليل على أن هذا الصبي كان يصرع ويأتيه ما يأتيه من البلاء ، وقد علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يعاني من مس شيطاني خبيث ، بدليل قوله عليه الصلاة والسلام : ( ناولينيه ) ومن ثم فغر فاه ونفث فيه ثلاثا وخاطبه صلى الله عليه وسلم قائلا : " بسم الله ، أنا عبد الله ، اخسأ عدو الله " ، فما كان من ذلك الخبيث إلا طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومفارقته لجسد الغلام وعودته سليما معافى بإذن الله سبحانه وتعالى وببركة فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بدليل انتظار المرأة له عليه الصلاة والسلام ومكافأته على فعله ، والحديث بمتابعاته جيد لا يقدح فيه ، فهذه طرق جيدة متعددة ، تفيد غلبة الظن أو القطع عند ( المتبحرين ) أن يعلى بن مرة حدث بهذه القصة في الجملة والله تعالى أعلم 0
2)- عن يعلى بن مرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنه أتته امرأة بابن لها قد أصابه لمم ( اللمم : طرف من الجنون يلم بالإنسان ، أي يقرب منه ويعتريه ، أنظر النهاية في غريب الحديث 4 / 272 ) فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :" أخرج عدو الله أنا رسول الله " 0 قال : فبرأ فأهدت له كبشين وشيئا من إقط وسمن ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" يا يعلى خذ الإقط والسمن وخذ أحد الكبشين ورد عليها الآخر )
تخريج الحديث :
( أخرجه الإمام أحمد في مسنده - 4 / 171 ، قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " - 9 / 6 : أخرجه الإمام أحمد ورجاله رجال الصحيح 0 وأخرجه الحاكم في المستدرك – 2 / 618 – وقال عنه : حديث صحيح الاسناد ، ولم يخرجاه بهذه السياقة ووافقه الذهبي 0 وأخرج الدرامي نحوه من حديث طويل 0 باب ما أكرم الله به نبيه من إيمان الشجر به والبهائم والجن – المقدمة – ( 4 ) – 1 / 18 ، وقـد أورد العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني كلاما مطولا قال في نهايته " وبالجملة ، فالحديث بهذه المتابعات جيد ، والله أعلم – أنظر سلسلة الأحاديث الصحيحة – 1 / 874 – 877 )
الحديث الخامس :
* عن ابن عباس – رضي الله عنه – : ( أن امرأة جاءت بابن لها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ، إن ابني هذا به جنون ، وإنه يأخذه عند غدائنا وعشائنا فيفسد علينا ، فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره ودعا له ، فتع تعة ، فخرج من جوفه مثل الجرو الأسود فشفي )
تخريج الحديث :
( أخرجه الإمام أحمد في مسنـده – 1 / 239 ، 254 ، 268 ، والدرامي في سننه – المقدمة ( 4 ) ، والبيهقـي في " دلائل النبـوة " – 6 / 182 ، والطبراني في " الكبير " ، وقد ورد في " مجمـع الزوائـد " – 9 / 2 ، بنص آخر ، قال الهيثمـي : وفيه فرقد السبخي وثقه ابن معين والعجلي وضعفه غيرهما-وقال الشيخ أحمد شاكر : ضعيف ، وقال عنه الحافظ : صدوق عابد لكنه لين الحديث كثير الخطأ ، تقريب التهذيب – 2 / 108 – قال الحافظ ابن كثير : " وفرقد السبخي رجل صالح ، لكنه سيئ الحفظ ، وقد روى عنه شعبة وغير واحد ، واحتمل حديثه ، ولما رواه ها هنا شاهد مما تقدم – البداية والنهاية – 6 / 159 )
قلت : ومع ضعف الحديث آنف الذكر إلا أن معناه صحيح وقد أكدت كثير من الأحاديث السابقة على نفس المعنى المشار إليه في هذا الحديث ، وحددت بما لا يدع مجالا للشك مسألة عقدية هامة تتمثل بدخول الجان لبدن الإنسان وتلبسه وصرعه ، وهذا ما أجمعت عليه الأمة ، إلا الندرة القليلة التي شذت عن ذلك ، وبالعموم فالقول الفصل في إثبات صرع الجن للإنس معلوم ومن لم يكفه الدليل النقلي والحسي المشاهد في تحقيق هذه المسألة ، فما أعتقد إلا أنه صاحب نظر قاصر وهوى فكري لا يستند إلى الدليل بل يرجح في عقله القال والقيل ، وعليه فينصح بالعلاج الفكري أو العودة الصادقة للمنهل العذق والأصول والأحكام المقررة لا إلى الأقوال المجردة 0
قال الأستاذ عبدالكريم نوفان عبيدات : ( فهذه الأحاديث بطرقها المختلفة قد دلت على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خاطب الشيطان الذي صرع الصبي وأفقده عقله ، بقوله له : بسم الله ، أنا عبد الله ، اخسأ عدو الله 0 فيعود الصبي وقد ذهب ما به ، وتهدي تلك المرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كبشين وشيئا من لبن وسمن ، فيرد - عليه السلام - الكبشين كما جاء في بعض الروايات ، ويأخذ أحدهما كما في روايات أخرى ، ويأخذ اللبن والسمن ، ولعلها تكون حوادث مختلفة ، وهي تدل دلالة مباشرة على أن شرار الجن يصرعون الإنس ، فيصاب المصروع بالجنون ، حيث يجعله يتخبط في حركاته ) ( عالم الجن في ضوء الكتاب والسنة - ص 267 - 268 ) 0
الحديث السادس :
عن عثمان بن العاص - رضي الله عنه - قال : ( لما استعملني رسول الله صلى الله عليه وسلم على الطائف ، جعل يعرض لي شيء في صلاتي ، حتى ما أدري ما أصلي 0 فلما رأيت ذلك ، رحلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ابن أبي العاص ؟ ) قلت : نعم ! يا رسول الله ! قال : ( ما جاء بك ؟ ) قلت : يا رسول الله ! عرض لي شيء في صلواتي ، حتى ما أدري ما أصلي 0 قال : ( ذاك الشيطان 0 ادنه ) فدنوت منه 0 فجلست على صدور قدمي0 قال ، فضرب صدري بيده ، وتفل في فمي، وقال : ( أخرج عدو الله ! ) ففعل ذلك ثلاث مرات 0 ثم قال : ( الحق بعملك )
تخريج الحديث :
( أخرجه ابن ماجة في سننه - كتاب الطب ( 46 ) – برقم ( 3548 ) ، وقال الألباني حديث صحيح ، أنظر صحيح ابن ماجة 2858 – وصححه البصيري في " مصباح الزجاجة " – 4 / 36 – السنن )
يقول العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله - : ( وفي الحديث دلالة صريحة على أن الشيطان قد يتلبس الإنسان ، ويدخل فيه ، ولو كان مؤمنا صالحا ) ( سلسلة الأحاديث الصحيحة – 2918 ) 0
يقول الدكتور فهد بن ضويان السحيمي عضو هيئة التدريس في الجامعة النبوية في أطروحته المنظومة لنيل درجة الماجستير : ( الشاهد قوله صلى الله عليه وسلم " أخرج عدو الله " وقول عثمان بن أبي العاص : ما أحسبه خالطني بعد 0 وجه الدلالة الخروج لا يكون إلا لشيء داخل الجسم وكذلك المخالطة وذلك مما يدل على تلبس الجن بالإنس ) ( أحكام الرقى والتمائم – ص 116 ) 0
قلت : وفي هذا الحديث الصحيح دلالة قوية على مسألة صرع الجن للإنس ، فالظاهر من سياق الحديث آنف الذكر أن هذا الصحابي الجليل كان يعاني من مس شيطاني بدليل قوله صلى الله عليه وسلم " اخرج عدو الله " ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون المخاطب من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم أو سراب أو خيال ، بل كائن ومخلوق موجود داخل جسد هذا الصحابي الجليل بكيفية وكنه لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى ، وكونه صلى الله عليه وسلم ينفث في فيّ الصحابي ويضرب صدره ثلاثا زاجرا الشيطان متوعدا إياه ، يدل بما لا يدع مجالا للشك على حقيقة إثبات صرع الجن للإنس ، فتلك النصوص النقلية تؤكد هذا المفهوم ، ومن أعياه شيطانه عن إدراك ذالك فليراجع نفسه وليعالج عقله ، فربما أصابته لوثة شيطان أو نقص فهم وتجبر وطغيان 0
الحديث السابع :
عن عم خارجة بن الصلت التميمي - رضي الله عنه - : ( أنه أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم ، ثم أقبل راجعا من عنده ، فمر على قوم عندهم رجل مجنون موثق بالحديد ، فقال أهله : إنا حدثنا أن صاحبكم هذا ، قد جاء بخير ، فهل عندك شيء تداويه ؟ فرقيته بفاتحة الكتاب ، فبرأ ، فأعطوني مائة شاة ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته ، فقال : ( هل إلا هذا ) وقال مسدد في موضع آخر : ( هل قلت غير هذا ) ؟ قلت : لا ! قال : ( خذها ، فلعمري لمن أكل برقية باطل ، لقد أكلت برقية حق )
تخريج الحديث :
( أخرجـه الإمام أحمد في مسنده – 5 / 210 ، 211 ، وأبو داوود في سننه – كتاب الطب ( 19 ) – برقم ( 3896 ، 3897 ) ، والنسائي في " السنن الكبرى " – 4 / 365 – كتاب الطب (34) – برقم (7534) ، وابن السني - برقم ( 624 ) ، والطحاوي في "شرح المعاني " – 2 / 269 ، والحاكم في المستدرك – 1 / 559 - 560 ، والطيالسي - برقم ( 1362 ) ، وقال الألباني حديـث صحيح ، أنظر صحيح أبي داوود 2918 ، 3297 ، 3298 - السلسلة الصحيحة 2027 )
قال شمس الحق العظيم أبادي : ( " إنا حدثنا " بصيغة المجهول المتكلم ( إن صاحبكم هذا ) يعنون النبي صلى الله عليه وسلم ( هل إلا هذا ) أي هل قلت إلا فاتحة الكتاب ( قال خذها ) قال صاحب التوضيح : فيه حجة على أبي حنيفة في منعه أخذ الأجرة على تعليم القرآن ( لمن أكل برقية باطل ) جزاءه محذوف أي فعليه وزره وإثمه ( لقد أكلت برقية حق ) فلا وزر عليك ) ( عون المعبود – 10 / 277 ) 0
قلت : قد يستأنس بحديث عم خارجة بن الصلت التميمي على مسألة صرع الجن للإنس ، مع أن معاناة الرجل الموثق بالحديد قد تكون بسبب صرع الأرواح الخبيثة وقد تكون نتيجة لوثة في عقل الرجل أو أسباب أخرى ، حيث لم يشر الحديث صراحة للأسباب الحقيقية لمثل تلك المعاناة ، مع ترجيح الأمر الأول وهو الصرع والتخبط بدليل قول الإمام القرطبي – رحمه الله - : " والمس الجنون ، يقال : مس الرجل وألس ، فهو ممسوس ومألوس إذا كان مجنونا " والله تعالى أعلم 0
هذا ما تيسر لي أخيتي الفاضلة ( جيهان ) ، ويمكنكم لمزيد من الاستفادة تحميل الكتب التالية :
( && منهج الشرع في بيان المس والصرع && )
( && منهج الشرع في علاج المس والصرع && )
من خلال الصفحة التالية :
( && نحو موسوعة شرعية في علم الرقى - تأصيل وتقعيد في ضوء الكتاب والسنة والأثر && )
بارك الله فيكم أخيتي الفاضلة وحياكم الله وبياكم في منتداكم ( منتدى الرقية الشرعية ) ، وزادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :
أخوكم / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0