..روى البخاري ومسلم عن عطاء بن أبي رباح قال
قال لي ابن عباس : ألا أريك امرأة من أهل الجنة ؟
قلت : بلى ..
قال : هذه المرأة السوداء ! أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت :
إني أصرع وإني أتكشف ، فادع الله لي ..
قال : إن شئت صبرتِ ، ولك الجنة ، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك ..
قالت : أصبر !
ثم قالت : فإني أتكشـّف ، فادع الله أن لا أتكشـّف ، فدعا لها ...
.
..أين هذا من حرص بعض نساء المسلمين اليوم على التكشف والتعري وهم
في أتم صحة وعافية ، وأكمل نضارة وشباب ؟؟؟
الدنيا – في عين تلك المرأة – مُحتقرة
الدنيا لا تهـم
المرض لا يهم
الصرع لا يهم
التأذي به لا يهم
وإنما الذي يهم هو الستر والتستر وعدم التكشف .
****
وهذا الأمر هو الذي أهمّ أم سلمة – رضي الله عنها –
لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من جرّ ثوبه من الخيلاء لم ينظر الله إليه
قالت أم سلمة : يا رسول الله فكيف تصنع النساء بذيولهن ؟
قال : يرخينه شِـبراً ...
قالت : إذا تنكشف أقدامهن !
قال : يُرخينه ذراعا ، لا يَـزدن عليه ...
رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي ...
فلما قال – عليه الصلاة والسلام – : من جرّ ثوبه من الخيلاء لم ينظر الله إليه ..
اهتمّت أم سلمة وظنّت أن الخطاب للرجال والنساء
فحملها ذلك على السؤال عن ثياب النساء
فجاءها الجواب : يُرخينه شبراً .. يعني أسفل من الكعب ..
فورد عليها إشكال – عندما تركب المرأة الدابة أو تنزل منها أو تصعد
درجاً أونحوه إذا تنكشف أقدامهن !
فجاء الجواب الأخير
يُرخينه ذراعا ، لا يَزدن عليه ...
.وهذه أسماء بنت أبي بكر – رضي الله عنها – تشغلها قضية الستر يدفعها الحياء
وهي امرأة كبيرة السن عمياء – من القواعد من النساء – ومع ذلك لا ترضى
لنفسها بلباس فيه شُبهة ...
لما قَدِمَ المنذر بن الزبير من العراق فأرسل إلى أسماء بنت أبي بكر
بكسوة من ثياب رقاق عتاق بعدما كف بصرها
قال : فلمستها بيدها
ثم قالت : أف ! ردوا عليه كسوته . قال : فشق ذلك عليه ، وقال : يا أمه
إنه لا يشف ، قالت : إنها إن لم تشف ، فإنـها تصف ، فاشترى لها
ثيابا مروية فقبلتها ..
رواه ابن سعد في الطبقات الكبرى ...
.
وتأملوا في حال من تربت في بيت النبوة، قالت فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت عميس: "إني استقبح ماتصنع بالنساء، يطرح على المرأة الثوب فيصفها" تقصد إذا ماتت ووضعت بين الناس- رضي الله عنها-.
قالت أسماء: يا ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألا أريك شيئاً رأيته بالحبشة فدعت بجرائد رطبة فحنتها، ثم طرحت عليها ثوبا، فقالت فاطمة: "ما أحسن هذا وأجمله، إذا مت فغسليني أنت وعلي، ولا يدخل علي أحد".
..
فياسبحان الله تهتم بسترها وأن لا يصف جسمها بعد موتها وهي في الكفن....
.ذكر الداعية/ أحمد الصويان قصة قريبة العهد حيث قال: "كنت في رحلة دعوية إلى بنجلاديش، مع فريق طبي أقام مخيماً لعلاج أمراض العيون، فتقدم إلى الطبيب شيخ وقور ومعه زوجته بتردد وارتباك، ولما أراد الطبيب المعالج أن يقترب منها، فإذا بها تبكي وترتجف من الخوف، فظن الطبيب أنها تتألم من المرض، فسأل زوجها عن ذلك، فقال- وهو يغالب دموعه- إنها لا تبكي من الألم.. بل تبكي؟ لأنها ستضطر أن تكشف وجهها لرجل أجنبي لم تنم ليلة البارحة من القلق والارتباك، وكانت تعاتبني كثيراً: أترضى لي أن أكشف وجهي..؟! وما قبلت أن تأتي للعلاج إلا بعد أن أقسمت لها أيماناً مغتظة بأن الله- تعالى- أباح لها ذلك للاضطرار، والله- تعالى- يقول: ** فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم ** [البقرة: 173]
فلما اقترب منها الطبيب، نفرت منه، ثم قالت: هل أنت مسلم؟
قال: نعم، والحمد الله!!
قالت: إن كنت مسلمأ.. إن كنت مسلما.. فأسألك بالله ألا تهتك ستري، إلا إذا كنت تعلم يقينا أن الله أباح لك ذلك.
أجريت لها العملية بنجاح، وأزيل الماء الأبيض، وعاد إليها بصرها بفضل الله- تعالى
.
- حدث عنها زوجها أنها قالت: لولا اثنتان لأحببت أن أصبر على حالي، ولا يمسني رجل أجنبي: قراءة القرآن، وخدمتي لك ولأولادك ".
*****
.واليوم تُشمّـر بعض النساء عن ثيابها حتى تنكشف ساقيها
كأنها تُريد أن تخوض لجـة البحر !
لِـحـدِّ الركبتين تُشمّرينا بربِّـك أي نهرٍ تعبرينا ؟؟!!
في حين أن بعض الرجال هم الذين يجرّون أذيالهم شبراً وربما
جـرّوا عباءاتهم ذراعاً !
إن قضيّـة السِّتر والتستر هي التي كانت تشغل بال نساء السلف
في جميع الأحوال
حال السلامة والعافية كما في حال أم سلمة
حال الكِبَر كحالِ أسماء
وحال المرض والإغماء كما في حال المرأة السوداء
وحال الموت كحال فاطمة رضي الله عنها
.
.لقد كانت قضيّة السِّتر هي شُغلهن الشاغل ، حتى في حال رفع قلم التكليف ..
والآن ... أصبحت قضيّة العُري والتّعري !! وتشمير الملابس !! وتضييقها !!
وتشقيقها !! هي قضيّة العديد من نساء الأمة اليوم !
شتّـان و شتّـان !!!!
ويا بُـعـد ما بينهمـا
.
أُخيّـه
فلتكن قضية السِّتر هي قضيّتك التي لا تقبلين المساومة عليها أبداً
ستركِ الله في الدنيا والآخرة ...