_ المتن :
وقوله :
** يا عيسىٓ إنّي متوفيك ورافعك إليّ **
سورة آل عمران 55
** بل رّفعه الله إليه ** سورة النّسآء 158
** إليه يصعد الكلم الطّيّب والعمل الصّالح يرفعه ** سورة فاطر 10
** يـٰهـٰمـٰن ابن لي صرحاً لّعلّيٓ أبلغ الأسباب * أسباب السّماوات فأطّلع إلىٓ إلـٰه موسىٰ وإنّي لأظنّه كاذبا **
سورة غافر 36 - 37
** ءأمِنتم مّن في السّمآء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور * أم أمنتم مّن في السّمآء أن يُرسل عليكم حاصباً فستعلمون كيف نذير ** سورة الملك 16 - 17
_ الشرح :
( يا عيسى ) خطاب من الله تبارك وتعالى لعيسى بن مريم عليه الصلاة والسّلام
( إني متوفيك ) الذي عليه الأكثر أن المراد بالوفاة هنا النوم
كما قال تعالى :
( وهو الذي يتوفاكم بالليل )الآية (60) من سورة الأنعام
وقال تعالى : ( الله يتوفّى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها )الآية ( 42) من سورة الزمر
( ورافعك إلىّ ) أي : رفعه الله إليه في السماء وهو حي .
وهذا محل الشاهد من الآية وهو إثبات العلو لله لأن الرفع يكون إلى أعلى .
وقوله : ( بل رفعه الله إليه )
هذا رد على اليهود الذين يدعون أنهم قتلوا المسيح عيسى بن مريم
فقال تعالى :
( وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم )- إلى قوله : ( وما قتلوه يقينا ) الآية (157)
من سورة النساء
( بل رفعه الله إليه )
أي رفع الله سبحانه وتعالى المسيح عليه السلام إليه وهو حي لم يُقتَل –
وهذا محل الشاهد لأن فيه إثبات علو الله على خلقه لأن الرفع يكون إلى أعلى .
وقوله ( إليه يصعد ) أي : إلى الله سبحانه
لا إلى غيره يرتفع
( الكلم الطيب ) أي : الذكر والتلاوة والدعاء
( والعمل الصالح يرفعه )
أي : العمل الصالح يرفع الكلم الطيب
– فإن الكلم الطيب لا يُقبل إلا مع العمل الصالح فمن ذكر الله تعالى ولم يُؤدِّ فرائضَه رُدَّ كلامه –
قال إياس بن معاوية لولا العمل الصالح لم يرفع الكلام .
وقال الحسن وقتادة لا يُقبلُ قَولٌ إلا بعمل .
والشاهد من الآية : أن فيها إثبات علو الله
على خلقه لأن الصعود والرفع
يكونان إلى أعلى .
وقوله تعالى :
( يا همان ابن لي صرحاً ) هذا من مقولة فرعون لوزيره هامان يأمره ان يبني له قصراً منيفاً عالياً
( لَعَلي أبلغ الأسباب أسباب السموات )
أي طرق السموات أو أبوابها
( فأطّلع إلى إله موسى )
بنصب ( فأطلع )
بأن مضمرة بعد فاء السببية .
ومعنى مقالته هذه تكذيب موسى عليه السلام في أن الله أرسله أو أن له إلها في السماء
ولذلك قال : ( وإنّي لأظنّه كاذبا )
أي فيما يدعيه من الرسالة
أو فيما يدعيه بأن له إلها في السماء
والشاهد من الآية : أن فيها إثبات علو الله على خلقه ، حيث أن موسى عليه السلام أخبر بذلك وحاول فرعون في تكذيبه .
وقوله تعالى : ( أأمنتم ) الأمن ضد الخوف
( من في السماء ) أي : عقوبة مَن في السماء وهو الله سبحانه ،
ومعنى ( في السماء ) أي : على السماء ،
كقوله تعالى :
( ولأصلبنكم في جذوع النخل )
وهذا إن أريد بالسماء السماء المبنية .
وإنْ أريد بالسماء
مطلق العلو ففي للظريفة ،
أي في العلو
( أن يخسف بكم الأرض )
أي : يقلعها بكم كما فعل بقارون
( فإذا هي تمور ) أي تضطرب وتتحرك .
( أم أمنتم من في السماء أن يُرسل عليكم حاصبا ) أي : حجارة من السماء كما أرسلها على قوم لوط وأصحاب الفيل .
وقيل سحاب فيها حجارة
وقيل ريح فيها حجارة
( فتستعلمون كيف نذير )
أي : إنذاري إذا عاينتم العذاب ،
ولا ينفعكم حينذاك هذا العلم .
والشاهد من الآيتين :
أن فيهما إثبات علو الله على خلقه
حيث صرحتا أنه سبحانه في السماء
فقد دلت هذه الآيات التي ذكرها المؤلف رحمة الله عليه على إثبات العلو .
كما دلت هذه الآيات التي قبلها على إثبات استواء الله على العرش .
والفرق بين الاستواء والعلو :
1- أن العلو من صفات الذات
والاستواء من صفات الأفعال .
فعلو الله على خلقه وصف لازم لذاته ، والاستواء فعل من أفعاله سبحانه يفعله سبحانه وتعالى بمشيئته وقدرته إذا شاء
ولذا قال فيه ( ثم استوي )
وكان ذلك بعد خلق السموات والأرض .
2 - أن العلو من الصفات الثابتة
بالعقل والنقل .
والاستواء ثابت بالنقل لا بالعقل .
( يتبع ) ...................