( وَهِيَ زَوْجَةٌ، لَهَا وَعَلَيْهَا حُكْمُ الزَّوْجَاتِ، لَكِنْ لاَ قَسْمَ لَهَا ) .
أي : أن المطلقة الرجعية – ما دامت في العدة –
حكمها حكم الزوجات من وجوب النفقة والكسوة والمسكن،
ويرث كل منهما صاحبه إذا مات في العدة
أ-لقوله تعالى ( وبعولتهن أحق بردهن ) فسماهم بعولة ، والبعل الزوج .
ب- ولأن الصحابة أجمعوا على توريث الرجعية ، وهذا دليل على أنها زوجة .
قال ابن قدامة : وإذا مات زوج الرجعية , استأنفت عدة الوفاة , أربعة أشهر وعشراً , بلا خلاف .
وقال ابن المنذر : أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على ذلك . وذلك لأن الرجعية زوجة يلحقها طلاقه , وينالها ميراثه , فاعتدت للوفاة , كغير المطلقة . ( المغني ) .
قال ابن القيم : ومما يُبيِّن الفرق بين عدة الرجعية والبائن : أن عِدَّة الرجعية لأجل الزوج ، وللمرأة فيها النفقة والسكنى باتفاق المسلمين . ( زاد المعاد ) .
وجاء في ( الموسوعة الفقهية ) الْمُعْتَدَّةُ عَنْ طَلاقٍ رَجْعِيٍّ تُعْتَبَرُ زَوْجَةً ؛ لأَنَّ مِلْكَ النِّكَاحِ قَائِمٌ ، فَكَانَ الْحَالُ بَعْدَ الطَّلاقِ كَالْحَالِ قَبْلَهُ ، وَلِهَذَا اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ جَمِيعًا عَلَى وُجُوبِ السُّكْنَى فِيهَا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى ( أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ ) .
فائدة :
حكم بقاء المطلقة الرجعية في بيت زوجها :
يجب على المرأة المطلقة طلاقاً رجعياً أن تبقى في بيت زوجها ، ويحرم على زوجها أن يخرجها منه .
لقوله تعالى : (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ) .
وما عليه الناس الآن من كون المرأة إذا طلقت طلاقاً رجعياً تنصرف إلى بيت أهلها فوراً هذا خطأ ومحرم، لأن الله قال : (لا تُخْرِجُوهُنَّ)، (وَلا يَخْرُجْنَ)، ولم يستثن من ذلك إلا إذا أتين بفاحشة مبيّنة، ثم قال بعد ذلك : (وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ). ثم بيّن الحكمة من وجوب بقائها في بيت زوجها بقوله: (لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً) فقد يكون بقاؤها في البيت سبباً لتراجع الزوج عن الطلاق ، فيراجعها ، وهذا أمر مقصود ومحبوب للشرع .
قال القرطبي رحمه الله : ( لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ ) أي ليس للزوج أن يخرجها من مسكن النكاح ما دامت في العدة ، ولا يجوز لها الخروج أيضا لحق الزوج إلا لضرورة ظاهرة ، فإن خرجت أثمت ولا تنقطع العدة. والرجعية والمبتوتة في هذا سواء. وهذا لصيانة ماء الرجل.
وهذا معنى إضافة البيوت إليهن؛ كقوله تعالى: (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ) وقوله تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) فهو إضافة إسكان وليس إضافة تمليك. وقوله: (لا تُخْرِجُوهُنَّ) يقتضي أن يكون حقا في الأزواج. ويقتضي قوله: (وَلا يَخْرُجْنَ) أنه حق على الزوجات . انتهى .