مد الله سبحانه و تعالى الأرض و جعل فيها الرواسي و الأنهار و خلق من النبات زوجين و يغشي الليل النهار كل هذه آيات من آيات الله البالغة
و من أبلغ قدرات الله أن تجد التربة واحدة و الماء واحد و الثمار مختلفة الطعم و اللون ، والرائحة . قال تعالى : ( و هو الذي مد الأرض و جعل فيها رواسي و أنهارا و من كل الثمرات جعل زوجين اثنين يغشى الليل النهار إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون . و في الأرض قطع متجاورات و جنات من أعناب و زروع و نخيل صنوان و غير صنوان يسقى بماء واحد و نفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ). [سورة الرعد الآيات: 3، 4].
يشير القرآن الكريم إلى حقيقة علمية لم يعلمها العالم إلا حديثاً فقد ثبت حديثاً أنه لا يتفق نباتان من نوع واحد في صفاتهما كل الاتفاق . و أن أعضاء التأنيث و التذكير لم تعرف على وجه القطع و اليقين أي مؤخراً و لأول مرة تقسم النباتات بالاستعانة بعدد الأسدية كان بعد عام 1729م .
و أن الله جعل من كل الثمرات زوجين اثنين ـ و لولا الزوجان الاثنان ما كان هناك إخصاب و لا ثمار، فالأصل في الإثمار هو وجود الزوجين ، ومن النبات من يحمل أعضاء التذكير على نبات مذكر و أعضاء التأنيث على نبات مؤنث و تسمى( النباتات ثنائية المسكن ) و ذلك مثل النخل . ومن النبات من يحمل كلاً من أعضاء التذكير و التأثيث على نفس النبات ( أحادي مسكن ) كالصنوبر . ووجود الأعضاء المذكرة مع المؤنثة يجعل التكاثر هنا بين النبات و نفسه و هذا يتسبب في إضعاف النوع و عزل الصفات الوراثية السيئة و تجمعها في نبات واحد ،
و هنا تجد عجباً و إعجازاً فنبات الصنوبر يحمل حبوب اللقاح في مخاريط مذكره ، و البويضات توجد في مخاريط مؤنثة ، و حتى يكون هنا تلقيح خلطي و لا يحدث إخصاب ذاتي من نفس الشجرة ، نجد ان المخاريط المؤنثة توجد في أعلى الشجرة ، و المخاريط المذكرة أسفل منها حتى إذا خرجت حبوب اللقاح و حملها الهواء و جذبتها الجاذبية الأرضية فإنها لا تسقط على المخاريط المؤنثة لنفس الشجرة و يحملها الهواء إلى شجرة مجاورة و هكذا تكون هناك فرصة كبيرة للتلقيح الخلطي بالهواء بين شجرة و أخرى ن و لو كان الوضع معكوساً بحيث تكون المخاريط المؤنثة أسفل و المذكرة أعلى لسقطت حبوب اللقاح من المخاريط المذكرة على البويضات لنفس الشجرة و كانت نسبة التلقيح الخلطي قليلة ، فتضعف الصفات الوراثية للنوع و الجنس ، و كأن هذه الشجرة تطبق القاعدة الشرعية الإسلامية التي تقول ( تباعدوا تصحوا) ( و تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس) هل يصبح هناك أدنى شك بأن المبدع و الخالق بصير عليم خبير .
وهناك بعض النباتات مثل الذرة تحمل أعضاء التذكير مع أعضاء التأنيث في نفس الزهرة ( خنثى ) و حتى تكون هناك فرصة للتلقيح الخلطي نجد عجباً أن أعضاء التذكير أقصر من أعضاء التأنيث لنفس السبب السابق . أو نجد أن وقت إنضاج الأعضاء المؤنثة يختلف عن وقت إنضاج أعضائها المذكرة ، و هنا تباعد زمني يعطي فرصة للتلقيح الخلطي و حفظ النوع هل رأيتم عظمة مثل هذه العظمة ؟!!!هل رأيتم قدرة مثل هذه القدرة ؟!!!
تنتقل الآيات بنا إلى علم البيئة النباتية فتقرر أن في الأرض قطعاً متجاورات و جنات وزورعاً كلها تروى بماء واحد هذه تُخرج زروعها طيباً و أخرى نكدة سبخة لا تخرج إلا الخبث ، فالتربة أحيانا تكون واحدة والنبات واحد و العناصر الغذائية واحدة والظروف الخارجية ( ضوء ـ حرارة ـ أوكسجين ـ رياح ـ رطوبة ) كلها واحدة و لكن هذا طعمه مقبول محبب للنفس و ذاك ممقوت تعافه النفس و الآن يمكن بعملية التطعيم أن تحمل شجرة واحدة بأصل واحد تحمل برتقالاً حلو الطعم و نارنج ممقوت الطعم فالشجرة واحدة ، والماء واحد و ممرات الغذاء و مساراتها واحدة ، وهذا برتقال ، وذاك نارنج ، و آخر ليمون ، أليست هذه من قدرة الله الذي قال لنا إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ...