هل يقرأ القرآن بنية الرقية لرجل في بلد آخر؟
السؤال : هل يجوز أن أقرأ سورة البقرة بنية شفاء قريب لي من السرطان ؟
وهل يجوز أن أنوي هذه القراءة عنه ؟ علما أن المريض ببلد خارج البلاد ..
يتعالج وقد اتضح أن لديه عيناً ويحتاج لرقية ، فلو قرأت سورة البقرة كرقية لهذا
الشخص هل يتأثر بها وهو بعيد عني؟ يعني أنا ببلد وهو ببلد ثاني ؟
الجواب :
الحمد لله
القرآن الكريم شفاء من كل سوء وداء بإذن الله ، قال تعالى : (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ
آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ) فصلت/44 ، وقال سبحانه : (وَنُنَزِّلُ مِنْ الْقُرْآنِ مَا
هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) الإسراء/82 .
والشفاء الذي تضمنه القرآن الكريم عامٌّ لشفاء القلوب من الشبه والجهالة
والآراء الفاسدة والانحراف السيئ والقصود السيئة .
كما أن فيه شفاء للأمراض البدنية أيضاً .
قال الشوكاني رحمه الله :
” اختلف أهل العلم في معنى كونه شفاء على قولين : الأول : أنه شفاء
للقلوب بزوال الجهل عنها وذهاب الريب وكشف الغطاء عن الأمور الدالة على
الله سبحانه . القول الثاني : أنه شفاء من الأمراض الظاهرة بالرقى
والتعوذ ونحو ذلك . ولا مانع من حمل الشفاء على المعنيين ” انتهى .
“فتح القدير” (3 / 362) .
وكلما كان العبد قريبا من ربه ، تاليا لكتابه ، عاملا به ، قائما به ، كان انتفاعه به
أعظم .
وقد جرت السنة وعمل السلف في الرقية – سواء بالقرآن أو غيره من الرقى
الشرعية – على مباشرة الراقي القراءة بنفسه على المرقي ؛ لما في ذلك من
معانٍ تقوم فيهما لابد من اعتبارها : من التوكل على الله ، وحسن الظن به ،
والعلم بأنه سبحانه الضار النافع ، والتماس الخير والبركة والشفاء بالأسباب
الشرعية ، وحصول الانتفاع بما يتلى من القرآن ، والأدعية ، فينتفع البدن ،
ويزداد إيمان القلب ، ويخنس الشيطان بالذكر والقرآن ، ويزول المرض ، بإذن
الله .
ولم تأت السنة ، ولا كان من عمل المتقدمين – فيما نعلم – برقية شخص
غير موجود ، بل بعيداً عن الراقي .
والرقية نوع من العلاج ، ولا ينتفع المريض بالعلاج إلا إذا تعاطاه ، فكذلك
الرقية ، ولا يمكن تصور ذلك إلا بمباشرة الراقي القراءة على المريض .
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
“الرقية عمل يحتاج إلى اعتقاد ونية حال أدائها ، ومباشرة للنفث على
المريض” انتهى .
“فتاوى اللجنة الدائمة” (1 / 93) .
أما الدعاء : فينفع به القريب والبعيد ، والحاضر والغائب ، بإذن الله .
وقد روى مسلم (2733) عَنْ أبي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه أن النَّبِيّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ ،
عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّمَا دَعَا لِأَخِيهِ بِخَيْرٍ قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ : آمِينَ وَلَكَ
بِمِثْلٍ ) .
قال النووي رحمه الله :
” وَفِي هَذَا فَضْل الدُّعَاء لِأَخِيهِ الْمُسْلِم بِظَهْرِ الْغَيْب , وَلَوْ دَعَا لِجَمَاعَةٍ مِنْ
الْمُسْلِمِينَ حَصَلَتْ هَذِهِ الْفَضِيلَة , وَلَوْ دَعَا لِجُمْلَةِ الْمُسْلِمِينَ فَالظَّاهِر حُصُولهَا
أَيْضًا , وَكَانَ بَعْض السَّلَف إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُو لِنَفْسِهِ يَدْعُو لِأَخِيهِ الْمُسْلِم بِتِلْكَ
الدَّعْوَة ; لِأَنَّهَا تُسْتَجَاب , وَيَحْصُل لَهُ مِثْلهَا ” انتهى .
والله تعالى أعلم .
الإسلام سؤال وجواب