(1/230)
الشرك الأصغر لا يخلد صاحبه في النار
س103: يقول السائل: هل الشرك الأصغر وهو الرياء يخلد صاحبه في النار أم لا؟
الجواب: الشرك الأصغر لا يخلد صاحبه في النار ، مثل الكبائر لا يخلد صاحبها في النار. وذلك مثل قول: لولا الله وأنت ما شاء الله وشئت، وكذلك الرياء، والحلف بغير الله. فكل هذا يعد من الشرك الأصغر، ولا يوجب الخلود في النار، ولا يبطل الأعمال، ولكنه محرم، مثل كبائر الذنوب بل أشد من كبائر الذنوب، ولكنه لا يوجب الخلود فى النار، وهذا بالنسبة للرياء في العبادات، والحلف بغير الله، وقول ما شاء الله وشاء فلان، ولولا الله وفلان، فهذا كله يعد من الشرك الأصغر ،
(1/230)
والواجب الحذر منه والبدار بالتوبة منه .
(1/231)
قوله تعالى: ** وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين ** (1)
س104: يسأل السائل عن معنى هذه الآية: ** وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين ** (2) ** من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا ** (3) [الروم: 31 ، 32] ؟
الجواب: يبين تعالى في الآية أن من صفات المشركين تفريق الدين وأن يكونوا فيه شيعا ; كل شيعة لها رأي ولها كلام ولها أنصار، هكذا يكون المشركون وهكذا الكفار، يتفرقون وكل طائفة لها رئيس ولها متبوع، تغضب لغضبه، وترضى لرضاه، ليس همهم الدين وليس تعلقهم بالدين.
أما المسلمون فهم يجتمعون على كتاب الله وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام، وهدفهم هو اتباع الكتاب والسنة، فهم مجتمعون على ذلك ومعتصمون بحبل الله.
أما غيرهم من الكفار فهم أحزاب وشيع، والله عز وجل يحذرنا أن نكون مثلهم، ويأمرنا أن نقيم الصلاة، وأن نستقيم على دين الله، وأن نجتمع على الحق، ولا نتشبه بأعداء الله المشركين الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا، وهكذا أصحاب البدع شابهوا المشركين حرفوا دينهم وكانوا شيعا؟ هذا معتزلي، وهذا جهمي، وهذا مرجئ، وهذا شيعي
__________
(1) سورة الروم الآية 31
(2) سورة الروم الآية 31
(3) سورة الروم الآية 32
(1/231)
إلى غير ذلك.
فالتفرق في الدين هو مخالفة لما أمر الله به من الاعتصام بحبل الله، والاستقامة على دين الله، وعدم التنازع والفشل.
(1/232)
حول ترك الصلاة والشرك
س105: سائل يقول: ما معنى هذه الآية التي وردت في سورة الروم: ** وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين ** (1) ** من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا ** (2) ، وهل يقال لتارك الصلاة إنه مشرك ؟
الجواب: ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر » (3) ، وثبت عنه عليه الصلاة والسلام أيضا أنه قال: « بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة » (4) خرجه مسلم في صحيحه من حديث جابر .
وهذا يدل على أن تارك الصلاة يسمى كافرا ويسمى مشركا، وهذا هو الحق وهو المعروف عن الصحابة رضي الله عنهم، فإن عبد الله بن شقيق العقيلي -رضي الله عنه ورحمه- التابعي الجليل قال: لم يكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يعدون شيئا تركه كفر إلا الصلاة.
وهذا يدل على أن ترك الصلاة عند الصحابة رضي الله عنهم يعتبر كفرا أكبر، ويسمى تاركها كافرا مشركا، وهذا هو أصح قولي العلماء إذا لم يجحد وجوبها. أما من جحد وجوبها فإنه كافر عند الجميع، نعوذ بالله من ذلك.
فالذي ترك الصلاة قد فرق دينه وقد خرج عن جماعة المسلمين
__________
(1) سورة الروم الآية 31
(2) سورة الروم الآية 32
(3) سنن الترمذي الإيمان (2621),سنن النسائي الصلاة (463),سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1079),مسند أحمد بن حنبل (5/346).
(4) صحيح مسلم الإيمان (82),سنن الترمذي الإيمان (2620),سنن أبو داود السنة (4678),سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1078),مسند أحمد بن حنبل (3/389),سنن الدارمي الصلاة (1233).
(1/232)
واستحق أن يقتل إن لم يتب; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة » (1) فالذي يترك الصلاة يعتبر تاركا لدينه مفارقا للجماعة. نسأل الله العافية والسلامة.
لكن هل يقال لمن ترك الصلاة إنه مشرك ؟
نعم يقال له مشرك ويقال له كافر في أصح قولي العلماء، لكن الجمهور قالوا: كفر دون كفر وشرك دون شرك إذا لم يجحد وجوبها، والصواب الذي عليه جمع من أهل العلم أنه كفر أكبر وشرك أكبر، كما حقق ذلك العلامة ابن القيم رحمه الله في كتاب الصلاة، وذكره الذهبي عن جماعة من أهل العلم في كتابه الكبائر ، وذكره آخرون، ودل عليه الحديث السابق الذي رواه مسلم في الصحيح من حديث جابر : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة » (2) فسماه كفرا وشركا، والكفر المعرف والشرك المعرف بأداة التعريف هو الكفر الأكبر والشرك الأكبر، والآية تبين أن من صفات المشركين تفريق الدين والتشيع، كل شيعة لها رأي ولها كلام ولها أنصار.
هكذا يكون المشركون وهكذا يكون الكفار، متفرقين، كل طائفة لها رئيس ولها متبوع تغضب لغضبه وترضى لرضاه، ليس همهم الدين وليس لهم تعلق بالدين، أما المسلمون فهم يجتمعون على كتاب الله وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام، وهدفهم هو اتباع الكتاب والسنة، فهم مجتمعون على ذلك معتصمون بحبل الله، أما غيرهم من الكفار فهم أحزاب وشيع.
__________
(1) صحيح البخاري الديات (6484),صحيح مسلم القسامة والمحاربين والقصاص والديات (1676),سنن الترمذي الديات (1402),سنن النسائي تحريم الدم (4016),سنن أبو داود الحدود (4352),سنن ابن ماجه الحدود (2534),مسند أحمد بن حنبل (1/444),سنن الدارمي الحدود (2298).
(2) صحيح مسلم الإيمان (82),سنن الترمذي الإيمان (2620),سنن أبو داود السنة (4678),سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (1078),مسند أحمد بن حنبل (3/389),سنن الدارمي الصلاة (1233).
(1/233)
والله عز وجل يحذرنا أن نكون مثلهم، ويأمرنا أن نقيم الصلاة، وأن نستقيم على دين الله، وأن نجتمع على الحق ولا نتشبه بأعداء الله المشركين، الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا، وهكذا أصحاب البدع شابهوا المشركين فرقوا دينهم وكانوا شيعا، هذا معتزلي، وهذا جهمي، وهذا مرجئ، وهذا شيعي إلى غير ذلك، فالتفرق في الدين هو مخالفة لما أمر الله به من الاعتصام بحبل الله ، والاستقامة على دين الله، وعدم التنازع والفشل.
(1/234)
(18)
الحلف
(1/235)
حكم الحلف بغير الله
س106: عندنا الكثير من الناس يحلفون بغير الله، مثلا يقولون: وحياة النبي محمد عليه الصلاة والسلام، أو : وحياة عيسى، أو موسى عليه الصلاة والسلام، أو: وحياة القرآن أو وحياة قبر أبي، أو أقسم بشرفي أفيدونا بهذا جزاكم الله خير الجزاء ؟
الجواب: الحلف بغير الله لا يجوز، بل يجب أن يكون الحلف بالله وحده سبحانه وتعالى; لما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: « من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله أو ليصمت » (1) .
وقال : « من حلف بغير الله فقد أشرك » (2) وفي لفظ آخر فقد كفر وفي لفظ آخر فقد كفر أو أشرك .
فالحلف بغير الله من المحرمات الكفرية، ولكنه من الشرك الأصغر، إلا إذا قصد أن محلوفه عظيم كعظمة الله، أو أنه يتصرف في الكون، أو أنه يستحق أن يدعى من دون الله، صار كفرا أكبر والعياذ بالله.
فإذا قال: وحياة فلان، أو وحياة الرسول، أو وحياة موسى، أو وحياة عيسى، أو وقبر أبي، أو حلف بالأمانة وبالكعبة أو ما أشبه ذلك، فكل ذلك حلف بغير الله، وكل ذلك لا يجوز، وكل ذلك منكر.
والواجب أن لا يحلف إلا بالله سبحانه وتعالى، أو بصفة من صفاته، أو باسم من أسمائه عز وجل، والقرآن من كلام الله، فالقرآن من صفات الله، فإذا قال: والقرآن، أو وحياة القرآن، فهذا لا بأس به؛ لأن القرآن كلام الله سبحانه وتعالى، فإذا حلف بالقرآن، أو قال: بعزة الله،
__________
(1) صحيح البخاري الأيمان والنذور (6270),صحيح مسلم الأيمان (1646),سنن الترمذي النذور والأيمان (1534),سنن أبو داود الأيمان والنذور (3249),مسند أحمد بن حنبل (2/7),موطأ مالك النذور والأيمان (1037),سنن الدارمي النذور والأيمان (2341).
(2) سنن أبو داود الأيمان والنذور (3251),مسند أحمد بن حنبل (2/69).