بعد أن نجحت كثير من الفضائيات في تحقيق هدفها –تدمير الأخلاق- بدأت ملامح المرحلة الثانية تلوح من خلال خمس فضائيات أبرزها فضائية (كنوز) !! وهي مرحلة تدمير العقائد !
وقبل الحديث عن فضائية (كنوز) ومثيلاتها لابد من تأصيل مسألة عقدية مهمة .. وهي : حكم إتيان الكاهن أو العراف أو المنجم أو الدجال [**]. فأقول : إتيان هؤلاء على أنواع: فمن جاءهم وسأل عن الغيبيات ولم يصدِّق، فلا تقبل صلاته أربعين ليلة؛ لما ثبت في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:« مَنْ أَتَى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً». وأما من صدقهم فهذا كافر بلا شك، قال صلى الله عليه وسلم «مَنْ أَتَى كَاهِنًا أَوْ عَرَّافًا فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم» [أحمد وأبو داود وابن ماجة] .. فإذا كانت هذه حال السائل فكيف بحال المسؤول؟! ومن جاءهم ليسمع فقط، لم يسأل ولم يصدق، فهذا فِسقٌ، قال تعالى :** وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللّهِ يُكَفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ ** [النساء:140]، وقال:{وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ**[القصص:55] . وقال صلى الله عليه وسلم : «َمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلَا يَجْلِسْ عَلَى مَائِدَةٍ يُدَارُ عَلَيْهَا بِالْخَمْرِ» [الترمذي] . ومن سألهم ليبين للناس عجزهم فهو مأجور؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لابن صياد:«إِنِّي قَدْ خَبَأْتُ لَكَ خَبِيئًا»؟ فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: هُوَ الدُّخُّ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :«اخْسَأْ فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ» [البخاري ومسلم] .
وإتيان الكاهن كما يتحقق بالذهاب إليه وقرع بابه، يتحقق بمشاهدة برامج بعض الفضائيات، التي يُستضاف بها مدعو علم الغيب، ممن يتلقى اتصالات من الكثيرين، يسالون عن أمور غيبة تتعلق بأسرتهم، أو سعادتهم، أو عملهم، إلى غير ذلك. ويتحقق إتيات الكهان بقراءة (برج الحظ) في كثير من المجلات العربية !! والتصديق يُتصور حصوله ولو لم يقع ما أخبر به العرَّاف أو الكاهن، لأن مداره على القلب.
فمثل هذه البرامج التي تبثها (كنوز) ومثيلاتها مليئة بالطامات والبلايا والمخالفات العقدية ، ومنها :
1. أنهم يتعاملون مع الجان، فمن عباراتهم : (حدثني السر)، (حدثني سري)، (قال الرُّوحاني) .
2. ادعاء علم الغيب. ومن مظاهر ذلك : الإخبار بمشكلة المُتصِل بمجرد إخبارهم باسم والدته . ومما قالوه مراراً: (سترزق طفل)، (يأتيك رزق كثير) ، وغير ذلك من الأباطيل . ولا ريب أنّ من يفعل ذلك يتعامل مع الجن .
3. التدليس على الناس بنصحهم بقراءة آيات معينة وينصحون بتكرارها إلى حدٍّ معين؛ خداعاً ومكراً، فإن السذَّجَ من المشاهدين يصدقونهم بحجة أنهم يرشدون إلى القرآن الكريم ويعالجون به وهم قد كفروا به . فعلينا أن لا ننخدع بمثل هذا، ما معنى أن يرشدوا إلى قراءة آيات معينة من القرآن وفي القرآن :** قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ** وهم يدعون علم الغيب، ويخبرون عن أمور غيبية .
4. زرع الفتنة بين الناس. سمعت أحدهم يقول: (هذا العمل عمله أحد أقربائك)، (هذا العمل عمله أحد أقربائك يبدأ بحرف الخاء، أخبرني السرُّ بذلك). وهذا دأب الدجالين، يحبون إيقاع الفتن بين الناس.
وفي إحدى الحلقات اتصلت عليهم فتاة تسأل عن حالها مع زوجها (فلان). فقال لها ضيف البرنامج : هذا لن تسعدي معه أبداً، وعليك أن تطلبي الطلاق منه !! ومن غرائب ما وقفتُ عليه أنّ أحدهم قيل له : مريض قرأنا عليه القرآن ... فقاطع ضيفُ البرنامج المتصلَ قائلاً : (من الخطأ العظيم أنْ يُقرأ على المريض القرآن). ولا حول ولا قوة إلا بالله
وبناءً على ما سبق نؤكد: أنّ من جلس أمام هذه القناة ومثيلاتها وصدَّق ما في هذه البرامج من الشعوذة فهو كافر بالله العظيم، لست أنا من يكفره، كفّره رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكما أنّ من الخطر العظيم تكفير المؤمنين، فمن الخطر كذلك أن تشهد لكافرٍ كفَّره رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بالإيمان . ومن اتصل عليهم وسأل ولم يصدق لم تقبل له صلاة أربعين ليلة . ومن شاهد ولم يصدق ولم يسأل، بل شاهد لقضاء الوقت، فهو آثم كما سبق بيانه .
نسأل الله أن يجنبا الفتن، وأن يحفظ لنا ديننا، وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه .
ــــــــــــــــ
[**]الكاهن : الذي يتكهن بما في المستقبل. والعرَّاف: الذي يدعي معرفة الماضي. والمنجِّم: من يستدل بالنجوم على أمور الغيب. والدَّجَل يشمل ذلك كلَّه.
منقول من موقع : صيد الفوائد