السلام عليكم و رحمة الله و بركاته:
هذه عدة اسئلة ارسلتها الينا احد الاخوات التي تعمل بالسر مخافة ربها اثابها الله جنان الخلد:
السؤال الأول
هل يعتبر تعبير الرؤى من الأفتاء ؟
الحمد لله رب لعالمين و الصلاة و السلام على من علّم اصحابة تعبير الرؤى و جعلها من الدين و من اقتدى بسنته و اقتفى باثره الى يوم الدين:
اما بعد:
فالرؤى و الاحلام و تحديث النفس دينٌ و الاعتداء عليه اعتداء على شرع الله الحكيم...
فهو منوط بكلام اهله فلا يصحّ فيه غير (اعلم) و (لا اعلم)و عندما كانت الرؤى بشرى المؤمن و جزء من اجزاء النبوة كانت الاحلام و تحديث النفس دينا من هذه الحيثيّة بمعنى انه من قال عن رؤيا ما انها حلم فهو اما عطّل رؤيا بجهله او علم انها ليست برؤيا بعلمه...
فهاذان القسمان دين من هذه الناحية و لذا كان ما يراه النائم على ثلاثة احوال...
عود على بدء:
الرؤيا هي رسالة من الله تعالى الى عبده و هذه الرسالة اما ان تكون تحمل بشارة او نذارة فهي بين الترغيب و الترهيب بين عمل اهل الجنة و عمل اهل النار...
و عندما كانت الرسالة رسالة الاعلى الى الادنى...رسالة الخالق الى المخلوق فهي رسالة غيبيّة فالايمان بها ايمان بالغيب و جحدها جحد بالغيب هذا من حيث الاصل اي اصل الرؤيا...
اما الايمان بتعبيرها فهو اخفّ وطئتا لانها تدور حول الاجتهاد و الاجتهاد يحتمل الخطأ و الصواب...اللهم ان تعبير محمد صلى الله عليه و سلم و الانبياء و الرسل فهو كالاصل فتنبّه....
و الغيب اما ان يكون انشاءً بمعنى انه اوامر و نواهي او قصص و حكاية و وصف...
و الاول لا يصح اخذه من رؤيا الانسان باتفاق اهل العلم قاطبة الا ان كان موافقا للشرع فيكون عندها توكيد لذاك العمل...
و الافتاء يضم تحت جناحية الشريعة كلها و بما فيها الرؤيا...
و بين الافتاء و الرؤيا خصوص و عموم بمعنى انه كل رؤيا افتاء و ليس كل افتاء رؤيا...
و لذا قال سجين العزيز (وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآَخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (36) يوسف
نبئنا و هو النبأ و هو ما غاب اي الغيب و لذا كانت النبوة غيّبا و النبيّ ينقل هذا الغيب...
و يتأكد هذا المعنى في قوله (قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ) (37)يوسف
فالنبأ هو الاخبار بشئ قبل وقوعه و هو الغيب بعينه و لذا كانت سورة النبأ...
و تعبير الرؤيا هو علم ربّانيّ و عندها يلزم الانسن ان يصون هذا العلم و يحييه لا ان يشكّك فيه و يميته!!!
اذا الرؤيا غيّبا و مؤيلها مُحسنا لا مُسئيا, يُشكر لا يُكفر,يُناصر لا يُحارب, يُكرم لا يُهان.....
و هي فتوى و لذا قال يوسف عليه السلام :
(يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الْآَخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ) (41)يوسف
و قال الملك:
(وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43) يوسف
و ايضا:
() يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ) (46)يوسف
اذا هي فتوى و لذا قال الامام مالك (ابالنبوة يُلعب)
و لا يخلو الامر من مؤيلها ان يكون بين رجلين اما ان يكون ذاك الرجل الذي يتكلم بما يتمنّى و يُعبّر و يُغبّر فلا الاصول اتقنه و لا الاجتهاد اعمله فهو بين الوزر و الاوزار...
و اما ان يكون ذاك الرجل الذي يتكلم بما يرى, و يستشهد بحديث من ورى,و على شروط الاجتهاد جرى, فهو بين الاجر و الاجور....
هذا...و الله تعالى اعلم و احكم...