قد يصاب المرء بالمس إما عن طريق السحر أو عن طريق العين و يكون لدى الكثير من حالات المس حضور كلي من قبل العارض على أجسادهم فيحركها و يتكلم عن طريقها و حضور العارض علامة على تأثره و ضعفه أو تأثر و ضعف الأسحار و لكن هناك بعض الحالات المرضية لا يكون لديها حضور كلي للعارض على أجسادهم و لا يتخبط بها و لا ينطق على لسانهم، فهناك حالات لا يكون لديها حضور كلي للعارض، و السبب على ما أظن يرجع إلى خصائصهم الروحية و الجسدية التي لا تسمح بذلك، و بالتالي حتى في حالة تأثر و ضعف الأسحار و العارض فهو لا يتخبط بجسدهم و لا ينطق عليهم بل يكون هناك فقط حضور موضعي في بعض الأجزاء من الجسد التي يستقر فيها الجن و الأسحار فيبدأ المريض بالإحساس بالآلام و الضغط أو الضيق في هذه الأماكن، أو نبض و رعشات أو تنميل أو حرارة أو برودة، و على سبيل المثال لا على سبيل الحصر الإحساس بصداع في الرأس أو الإحساس بضيق في الصدر أو الإحساس بألم في بعض المفاصل و كذلك الإحساس بنبض و رعشات في أجزاء من الجسد، و من الممكن الإحساس بالأعراض السابقة في عضو معين أو طرف معين من الجسد دون سائر الجسد و هذا ما يسميه البعض خطأ المس الجزئي و هذا ليس بالمس الجزئي بل إن هذا العضو هو موضع استقرار الأسحار و الجن، و من الممكن أن يكون النبض و الرعشات في مثل هذه الحالات ناتجة عن الحضور الموضعي للجن و كذلك عن خروج الجني من الجسد و من الممكن للجن حين تبطل الأسحار أن يخرج دون الإحساس بذلك.
و مثل هذه الحالات التي لا يحضر فيها الجان على المريض حضورا كليا و ينطق على لسانه لا يعرف بعض المعالجون كيفية التعامل معها و لا تحفزهم لمتابعة العلاج كما الحالات التي يحضر فيها الجان على المريض و يتكلمون، فهي تحفزهم لمتابعة العلاج و يتجاوبون معها و ذلك بملاحظة ردود فعل العارض مباشرة على المريض، و قد يخطئ بعض المعالجون في تشخيص هذه الحالات فيظن أن سبب عدم نطق الجني عليهم هو أن لديهم أسحار قوية أو جني قوي فهناك من يظن أن كل حالة مس لابد و أن ينطق على لسانها الجني و يصرخ و يتخبط بالجسد و هذا غير صحيح، و على عكس ذلك فمن الممكن أن يشخص بعض المعالجين مثل هذه الحالات على أنها سليمة ليس بها شيء أو يظن أن بها أسحارا ضعيفة فقط لا باس منها و ستبطل بسهولة، أو أن العارض ضعيف يخاف من المعالج و لذلك لا يريد الحضور و التكلم، و قد قرأت مقالا يشرح دلالة رؤية بعض الحيوانات في أحلام المرضى بالمس و فيه أن الأسد يعني الملك و العقرب يدل على أن العارض ضعيف و قد لا يحضر لخوفه الشديد من المعالج، و هنا نكتشف الخطأ الفادح الذي قد يجعل بعض المعالجين يظنون أن الحالات التي لا يحضر عليها الجني حضورا كليا و ينطق على لسانها لديها عارض ضعيف و أمره سهل، فالأسحار إن كانت ضعيفة أو كان العارض ضعيفا لحضر فالحضور علامة ضعف و ليس قوة و العارض القوي هو الذي يتخفى و لا يحضر إلا إذا ضعف فيحضر تلقائيا، إلا في الحالات ذوي الخصائص الروحية و الجسدية التي لا تسمح للعارض بالحضور كليا و هنا يحضر موضعيا فيحس المريض على سبيل المثال بألم أو ضيق أو ضغط او تنميل او نبض أو حرارة أو برودة في موضع معين او عدة مواضع من الجسد، او يحضر جزئيا فيتحكم في عضو من الأعضاء او عدة أعضاء دون سائر الجسد فيفقد المصاب السيطرة على هذه الأعضاء او تصبح كأنها مشلولة، و يكون المصاب واعيا بما يحدث حوله في الحضور الموضعي و الجزئي للعارض عليه أما في الحضور الكلي للعارض فيكون فاقدا للوعي مغمى عليه.
فالمعالج الشرعي و إن كانت رقيته مؤثرة أكثر فهو لا يختلف عن باقي الناس سوى بأن الله يعينه، فالله يكون في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه، ثم بكونه لديه من العلم و التجربة ما يؤهله لتشخيص الحالة المرضية و التعامل معها، و حين تشخص حالة المريض لأن التشخيص الصحيح مهم في علاج الحالة، و يخضع للرقية الشرعية بالآيات و الأدعية المناسبة عند معالج بالإضافة الى مواظبته على برنامج علاجي يبدأ المس المصاب به المريض بالتأثر و الضعف، و من أعراض تأثر و ضعف المس: الشعور بالتعب، و ظهور الأحلام و الكوابيس، التثاؤب مع خروج دموع، سرعة خفقان القلب، و كذلك حضور العارض على المريض بكثرة و من تم صرعه و التخبط بجسده و التكلم و الصراخ على لسانه بالنسبة للحالات التي يكون لديها الحضور الكلي، بالإضافة إلى الأعراض المذكورة سابقا كظهور آلام و ضيق أو ضغط أو تنميل أو نبض و رعشات او حرارة أو برودة في أماكن في الجسد، هذا على حسب مكان وجود الأسحار أو العارض في الجسد فإن كانت هناك أسحار في الرأس قد يحس المريض بصداع أو ضيق فيه و إذا كانت هناك أسحار في بعض المفاصل قد يحس المريض بألم او ضيق أو ضغط فيها و إذا كانت هناك أسحار في المعدة أو الصدر قد يحس المريض فيهم بألم و ضيق و رغبة في التقيؤ و تجشؤ كثير و إذا كانت في القولون قد يحس فيه المريض بمغص و إسهال و وجود غازات كثيرة، و من شدة تأثر و ضعف السحر او العين قد يكون الألم مبرحا و يبدأ بالتنقل فالألم الشديد و تنقله من علامات شدة تأثر و ضعف الأسحار هذا إن كانت هذه الآلام ليس لها أي سبب عضوي، أما الإحساس بحرارة من المحتمل أن يكون من علامات الحضور الموضعي لخادم العين، و في حالة تأثر و ضعف السحر او العين كذلك قد يحس المريض بالخوف او التضايق و هذه الأحاسيس و غيرها ناتجة عن إحساس المريض بما يحس به العارض الذي بدأ يتأثر و يضعف و يفقد قوته.
يتكون السحر من سحر رئيسي و سحر فرعي و لكل سحر رئيسي أسحار فرعية داخلية تكون داخل الجسد و أسحار فرعية خارجية تكون خارج الجسد و ذلك في ملابس و منزل المصاب، و هذا ينطبق على العين ايظا فلكل عين أسحار فرعية، عندما يتم الإحساس بألم في موضع معين في الجسم نتيجة ضعف السحر الفرعي الداخلي هناك و يرافقه الإحساس بألم ثاني في موضع قريب أو بعيد من الموضع الأول فقد يدل ذلك على وجود سحر ربط بين الأسحار الموجودة في الموضعين فيؤثر ضعف السحر الأول الداخلي في السحر الثاني الداخلي و نفس الأمر ينطبق على زوال أو خفة الألم في موضع معين حين ظهوره في موضع آخر، و على المعالجين التركيز على إبطال الأسحار و ليس على تعذيب خادم المس إلا إذا تطلب الأمر ذلك، لأن الخادم يقع تحت سيطرة الساحر سواء كان جنيا او انسيا، كما أن الأسحار هي التي تعين الخادم و تقويه لكي يعتدي على المصاب، و إذا تم إضعاف الأسحار و العقد أو فكها فتبطل بإذن الله فإن الخادم يتخلص جزئيا او كليا من سيطرة السحر و الساحر عليه، و حينئذ يسهل عليه الخروج من الجسد و التوقف عن تنفيذ السحر و قد يسلم قبل خروجه، و لهذا في الحالات التي ينطق الخادم على لسانهم قد تجد الخادم في بداية العلاج يرفض الخروج و لكن بعد مدة من الاستمرار في الرقية الشرعية يقبل الخروج و السبب أنه بعد الرقية الشرعية بطلت أسحار و عقد بإذن الله كانت تعيقه عن الخروج.
و نستنتج مما سبق أن علينا أن نفرق بين أعراض تأثر و ضعف المس و أعراض المس أي الغرض من المس فقد يصاب المريض بالمس فيقع تغير في مشاعره أو في حالته النفسية و هذا هو الغرض من المس و لكن قد يصاحب هذه الأعراض أعراض أخرى ناتجة عن تأثر المس أو تأثر الخادم فأصبح أمره مكشوفا، و من الممكن أن تظهر أعراض تأثر المس في بداية إصابة الشخص بالمس نتيجة ضعف المس في البداية تم تخف مع مرور الوقت أو ربما تزول و ذلك نتيجة تقوي المس مع مرور الوقت و من الممكن حدوت عكس ذلك أي أن لا تظهر أعراض تأثر المس في بداية إصابة الشخص بالمس و لكن مع مرور الزمن قد يضعف المس و تبدأ أعراض تأثر المس بالظهور، و لذلك فإن بعض المعالجين السحرة يقومون بعمل أسحار للسيطرة على الأسحار القديمة للمصاب أو تقوية أسحار المصاب فيتوهم تحسن حاله و بهذا يزيدون ما على المصاب من أسحار و جن، و مهما كانت طريقة عمل المعالجين السحرة فإن تعامل المرء مع الدجالين و السحرة و القيام بأعمال السحر يكون قد وقع في كبائر السحر و الشرك و هذه الذنوب الكبيرة كفيلة بأن تزيد تسلط الشيطان على المرء و تمكن الأسحار منه، و إضعاف حصانته ضد الشياطين و الأسحار، و أتناء العلاج الشرعي نتيجة ازدياد ضعف المس قد تزداد شدة أعراض تأثر المس شيئا فشيئا و مع انتهاء السحر أو العين و إبطالهما تزول هذه الأعراض بسرعة أو ببطء لتظهر من جديد إذا كانت هناك أسحار أخرى، و بالتالي يجب على المريض أن يتحمل هذه الأعراض مدة طويلة إذا كانت الأسحار و العين كثيفة عليه، أو إذا كانت وتيرة علاج الأسحار بطيئة أو ضعيفة.
و عند إصابة المريض بأعراض تأثر و ضعف المس قد يفزع منها و عندئذ يتحرك لفعل شيء ما للعلاج لأن هذه الأعراض تعطي المريض مبررا لإعلان مرضه و حتى المحيطين به تؤثر فيهم هذه الأعراض فيهتمون به أكثر، في حين تجد المريض قبل ذلك صابرا للمشاكل التي يسببها السحر او العين له و متعايشا معها، فأعراض تأثر المس ليست هي أصل المشكل بل هو المس، و قد يظن المريض حين يصاب بهذه الأعراض و تشتد عليه خصوصا في حالة الآلام المبرحة و الضيق الشديد فيصاب بالأرق و صعوبة في النوم أن حالته قد ازدادت سوءا و مع ازدياد هذه الأعراض يضعف السحر او العين فيكون هناك ضعف في تنفيذهم و يصبح لدى المريض تحسن في حالته النفسية و العقلية، و لكن العذاب و القلق الذي يعيشه نتيجة هذه الأعراض يجعله لا ينتبه أو لا يدرك هذا التحسن، و علم المريض و فهمه حقيقة هذه الأعراض و أنها تدل على انه يسير في طريق الشفاء قد يعطيه ذلك القوة لتحملها و الصبر عليها، بل سيفرح و يستبشر بها، و هنا يأتي دور المعالج أو الراقي الشرعي ليطمئن المريض بخصوص ما قد يستجد عنده من هذه الأعراض.