،،،،،،
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،
الإخلاص : هو كل عمل ابتغي به وجه الله سبحانه وتعالى قولاً كان أو فعلاً ، ومن هنا كان لزاماً على المعالِج أن يكون عمله وغايته خالصة لله سبحانه وتعالى ، وفق شرعه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم 0
قال الشيخ حافظ حكمي : ( الإخلاص وهو تصفية العمل بصالح النية عن جميع شوائب الشرك ) ( معارج القبول - 2 / 423 ) 0
قال ابن منظور : ( فالمخلص الذي وحد الله تعالى خالصاً ، ولذلك قيل لسورة : ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) سورة الإخلاص ، وقال ابن الأثير : سميت بذلك لأنها خالصة من صفة الله تعالى وتقدس ، أو لأن اللافظ بها قد أخلص التوحيد لله عز وجل ، وكلمة الإخلاص كلمة التوحيد ، والإخلاص في الطاعة : ترك الرياء ) ( لسان العرب - 7 / 26 ) 0
قال الجرجاني : ( والإخلاص أن لا تطلب لعملك شاهداً غير الله ، وقيل الإخلاص : تصفية أعمال من الكدورات ، وقيل الإخلاص : ستر بين العبد وبين الله تعالى لا يعلمه ملك فيكتبه ، ولا شيطان فيفسده ولا هوى فيميله ، والفرق بين الإخلاص والصدق أن الصدق أصل وهو الأول ، والإخلاص فرع وهو تابع ، وفرق آخر : الإخلاص لا يكون إلا بعد الدخول في العمل ) ( التعريفات – 2 / 28 ) 0
قال ابن القيم - رحمه الله - : ( سئل الفضيل عن العمل المقبول عند الله فقال : " هو أخلصه وأصوبه قالوا : يا أبا علي ، ما أخلصه وأصوبه ؟ فقال : إن العمل إذا كان خالصا ، ولم يكن صوابا لم يقبل 0 وإذا كان صوابا ولم يكن خالصا ، لم يقبل ، حتى يكون خالصا صوابا والخالص : أن يكون لله ، والصواب أن يكون على السنة ) ( مدارج السالكين – 2 / 89 ) 0
تكلم الدكتور عمر يوسف حمزة عن بعض شروط الراقي حيث قال : ( وينبغي ألا يقصد برقيته التوصل إلى غرض من أغراض الدنيا : من مال أو رياسة أو وجاهة ، أو ارتفاع على أقرانه ، أو ثناء الناس عليه ، أو صرف وجوه الناس إليه ، أو نحو ذلك ) ( التداوي بالقرآن والسنة والحبة السوداء – ص 36 ) 0
يقول الأستاذ سعيد عبد العظيم : ( لا تتخلص النفس من كيد الشيطان إلا بالإخلاص ، قال تعالى : ( قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمْ الْمُخْلَصِينَ )( سورة ص– الآية82 ، 83 ) 0
ولذلك كان البعض يقول لنفسه : يا نفس أخلصي تتخلصي ، والمخلص من يكتم حسناته كما يكتم سيئاته 0
وقال سهل : الإخلاص أن يكون سكون العبد وحركاته لله تعالى 0
وقال أبو عثمان : الإخلاص نسيان رؤية الخلق بدوام النظر إلى الخالق 0
وفي الحديث : " إن الله عز وجل لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصاً وابتغي به وجهه " ( صحيح الجامع 1856 ) رواه النسائي وصححه الألباني 0
والإخلاص أيضاً هو فقد رؤية الإخلاص ، ومن أحس في إخلاصه الإخلاص فقد احتاج إخلاصه إلى إخلاص 0
وكان الفضيل يقول : ترك العمل من أجل الناس رياء ، والعمل من أجل الناس شرك ، والإخلاص أن يعافيك الله منهما ؛ فليكن فعلك وتركك لله تعالى ؛ فالجنة والنار بيده سبحانه ، والناس لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً ؛ فكيف يملكون ذلك لك ، ولذلك كن عاقلاً ولا تهلك نفسك بالرياء ) ( الرقية النافعة للأمراض الشائعة – ص 92 ) 0
يقول الأستاذ علي بن محمد ياسين : ( والمتأمل لواقع المعالجين بالرقية الشرعية ، يجدهم عدة أصناف : صنف على علم وإخلاص وتقوى ، همهم الله والدار الآخرة ، هدفهم كشف معاناة إخوانهم المرضى ، تجد في أسلوبهم التيسير والرفق بالناس ، منهجهم الكتاب والسنة ، ونتيجة لذلك نفع الله برقيتهم ، وكشف الله بسببهم معاناة وأمراض وهموم أناس طالما قاسوا من ذلك ألواناً 0
وصنف ثانٍ تلمس منهم الإخلاص وتلاحظه في رقيتهم وتيسيرهم على المرضى ، ولكن قَصّروا في طلب العلم الشرعي وخاصة الرقية الشرعية ، فتجد بين آونة وأخرى تصدر منهم بعض الأخطاء والاجتهادات التي غالباً ما تكون بعيدة عن ضوابط الرقية الشرعية ، وإن كان قصدهم حسناً ، ونيتهم صالحة ، ولكنه إخلاص بدون علم ، وعمل بلا بصيرة 0
وصنف ثالث لا علم ولا تقوى ، نسأل الله السلامة 0
لا علم يُخولهم التصدر والقراءة على الناس ، ولا إخلاص يكتب الله لهم به الأجر ، ويسبب النفع لإخوانهم المرضى ، فهم على خطر عظيم إن لم يصلحوا نياتهم ويتفقهوا في دينهم ، وهذا الصنف قليل في مجتمعنا ولله الحمد ) ( مهلاً أيها الرقاة - باختصار - ص 11 - 12 ) 0
إن الشيطان قد أيس أن يعبد في الأرض ، ومع ذلك ما برح عن ترصده لابن آدم في كل موقع وطريق ، ووجد ضالة ومرتعا خصبا لنفث سمومه لكثير ممن تصدر الرقية ، فعلم أن هذه الفئة تمثل شريحة في المجتمع يشار لها بالبنان ، وتتخذ قدوة في تصرفاتها وسلوكها وأفعالها ، فحرص على إظهار هذه الفئة بمظهر الانتهازية في حب المال والظهور والكبر والقول بغير علم ، وبالوصول إلى ذلك يحقق كثيرا من مآربه عن طريق إفساد القلة القليلة التي تصدرت هذا الأمر ، والكيس الفطن الذي يدرك هذه المخططات ، فيبطلها ويجرد الشيطان من أسلحته وعتاده ، ولا يكون ذلك إلا بالتمسك بأهداب الشريعة والتخلق بأخلاقها 0
وقد نقل أخي الكريم ( أبو الليث ) موضوعاً فيه وصايا وبدأ بأهمها ( الإخلاص ) وهذا ما دعاني أن أفرد هذا الموضوع لتكتمل وتعم الفائدة ، فجزاه الله عنا وعنكم خير الجزاء ، وجعله في ميزان أعماله يوم الموقف العظيم 0
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،
أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0