خطبة جامعة للفاروق فيها التنفير من تصديق الكهنة والحث على التحلي بالفضائل
خطب فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال. أما بعد:- أوصيكم بتقوى الله - الذي يبقى ويفنى ما سواه، الذي بطاعته يكرم أولياءه، وبمعصيته يضل أعداءه، فليس لهالك معذرة في فعل ضلالة حسبها هدى، ولا في ترك حق حسبه ضلالة.
تعلموا القرآن تُعرفوا به، واعملوا به تكونوا من أهله، فإنه لم تبلغ منزلة ذي حق أن يطاع في معصية الله.
واعلموا أن بين العبد وبين رزقه حجابا فإن صبر أتاه رزقه، وإن اقتحم هتك الحجاب لم يدرك فوق رزقه وإياكم وأخلاق العجم، ومجاورة الجبابرة، وأن تجلسوا على مائدة يشرب عليها الخمر، وأن تدخلوا الحمام بغير مئزر، وإياكم والصغار أن تجعلوه في رقابكم.
واعلموا أن سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر، ولا يحل لك أن تهجر أخاك فوق ثلاثة أيام، ومن أتى ساحرًا أو كاهنًا أو عرّافًا (1) فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم.
_________
(1) الكاهن من يدعي معرفة الأسرار ويخبر عما يكون قي المستقبل. وقد كان في العرب كهنة، فمنهم من كان يزعم أن له تابعا من الجن يلقي عليه الأخبار، ومنهم من كان يزعم أنه يعرف الأمور. بمقدمات وأسباب يستدل بها على مواقعها من كلام من يسأله أو فعله أو حاله، وهذا هو العراف، كالذي يدعي معرفة الشيء المسروق ومكان الضالة ونحوهما. «نهاية».
لا يخلون رجل بامرأة، فإن الشيطان ثالثهما، ومن ساءته سيئته وسرته حسنته، فهو أمارة المسلم المؤمن، وشر الأمور مبتدعاتها، وأن الاقتصاد في سنّة خير من الاجتهاد في بدعة، وحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، فإنه أهون لحسابكم، وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا، وتزينوا للعرض الأكبر يوم تعرضون لا تخفى منكم خافية.
عليكم بهذا القرآن فإن فيه نورًا وشفاء، وغيره الشقاء، وقد قضيت الذي علي فيما ولاني الله عز وجل من أموركم، ووعظتكم نصحًا لكم، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم (1) .
_________
(1) أخرجها الحاكم وابن عساكر على ما في الدين الخالص (4 / 271)، وانظر العقد الفريد (4 / 130).
نقل من المكتبة الشاملة