[B]
،،،،،،
يعمد بعض المعالجين - وفقهم الله لكل خير - إلى استخدام طريقة في علارج المربوط عن أهله تعتمد على بول المربوط على فأس محمى على حزمة من الحطب وإليكم التفصيل في المسألة :
ذكر الحافظ بن حجر في الفتح : ( ثم وقفت على صفة النشرة في ( كتاب الطب النبوي ) ، لجعفر المستغفري قال : وجدت في خط نصوح بن واصل على ظهر جزء من ( تفسير قتيبة بن أحمد البخاري ) قال : قال قتادة لسعيد بن المسيب : رجل به طب أخذ عن امرأته أيحل له أن ينشر ؟ قال لا بأس ، إنما يريد به الإصلاح ، فأما ما ينفع فلم ينه عنه 0 قال نصوح : فسألني حماد بن شاكر : ما الحل وما النشرة ؟ فلم أعرفهما ، فقال : هو الرجل إذا لم يقدر على مجامعة أهله وأطاق ما سواهما فإن المبتلى بذلك يأخذ حزمة قضبان وفأسا ذا قطارين ويضعه في وسط تلك الحزمة ثم يؤجج نارا في تلك الحزمة حتى إذا حمي الفأس استخرجه من النار وبال على حره فإنه يبرأ بإذن الله تعالى ، وأما النشرة فإنه يجمع أيام الربيع ما قدر عليه من ورد المفارة وورد البساتين ثم يلقيها في إناء نظيف ويجعل فيهما ماء عذبا ثم يغلي ذلك الورد في الماء غليا يسيرا ثم يمهل حتى إذا فتر الماء أفاضه عليه فإنه يبرأ بإذن الله تعالى 0 قال حاشد : تعلمت هاتين الفائدتين بالشام 0 قلت : وحاشد هذا من رواة الصحيح عن البخاري ، وقد أغفل المستغفري أن أثر قتادة هذا علقه البخاري في صحيحه وأنه وصله الطبري في تفسيره ، ولو اطلع على ذلك ما اكتفى بعزوة إلى تفسير قتيبة بن أحمد بغير إسناد وأغفل أيضا أثر الشعبي في صفته وهو أعلى ما اتصل بنا من ذلك ) ( فتح الباري - 10 / 233 - 234 ) 0
قال الشيخ مصطفى العدوي – حفظه الله – في تحقيقه وتعليقه على " تفسير المعوذتين لابن القيم " بعد أن ساق قول الحافظ بن حجر في الفتح ( 10 / 223 ) : ( وهذه الأفعال كلها ليست واردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن جربها فنفعته فذلك الفضل من الله ) ( تفسير المعوذتين - ص 56 ) 0
قلت : ويلاحظ القارئ الكريم بأن الشيخ - وفقه الله للخير فيما ذهب إليه - يتجوز هذا الفعل طالما أنه قد جرب فنفع ، وقد خفي عليه أمور هامة تتعلق بهذه المسألة ومنها استخدام هذا الأسلوب من قبل السحرة والمشعوذين وكذلك زرع الاعتقاد لدى العامة بخاصية هذا الاستخدام ، هذا وسوف تتضح الرؤية كاملة بعد دراسة المسألة من كافة أبعادها وجوانبها ، وكذلك الاضطلاع على نص الفتوى الصادرة من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء كما سوف يتضح لاحقا 0
ويعقب الدكتور مسفر بن غرم الله الدميني - وفقه الله للخير - فيما ذهب إليه على كلام الحافظ بن حجر في الفتح قائلا : ( قلت ولو لم يبل عليه بل وضعه في ماء وقرأ عليه قوله تعالى : ( وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ) ( سورة الحديد – الآية 25 ) ثلاثا أو سبعا ثم اغتسل به وشرب منه برأ بإذن الله تعالى فإنه مجرب ) ( السحر - حقيقته ، وحكمه ، والعلاج منه - ص 65 - 66 ) 0
وقد صدرت فتوى عن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برقم ( 18876 ) تاريخ 15 / 06 / 1417 هـ مضمونها الآتي :
( الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده 00 وبعد : فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على ما ورد إلى سماحة المفتى العام من المستفتي ------------------- / بواسطة مركز الدعوة بـ ------ 0 والمحال إلى اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم (2759) وتاريخ 24/05/1417 هـ 0 وقد سأل المستفتي سؤالا هذا نصه أنه تقدم إلينا بعض المواطنين يسألون عن مشروعية ما يستخدمه أحد القراء بمحافظة ----- ويكنى ------- وهو يستخدم حديدة بطول شبر تقريبا وعرض ثلاثة أصابع ذات رأسين مدببين من جهة ومسطحة من جهة أخرى تحمى على النار وتوضع تحت الشخص المصروف عن زوجته ولا يستطع جماعها ثم يصب عليه ماء قد قرئ به كلام الله حتى يصعد الدخان إلى عورة المطبوب وأفاد القارئ ----- أن هذا العمل أثبت فائدته بإذن الله مع كثير من المرضى وقد تم إيقاف هذا عن عمله المذكور حتى تصدر فتوى شرعية فيه مع الوقوف على أصل لهذا العمل في كتاب فتح الباري شرح صحيح البخاري في كتاب الطب ولكن مع فارق وهو بول المطبوب على الحديد فأرجو من فضيلتكم الرفع لسماحة المفتى للإفادة حفظكم الله ووفق الجميع لهداه ) 0
وبعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت بأن حل السحر بسحر مثله لا يجوز وهو من عمل الشيطان كما جاء في الحديث 0 وما يفعله هذا الرجل في حل السحر من إحماء الحديدة بالنار وصب الماء المقروء فيه عليها لأجل حل السحر هو من هذا القبيل فلا يجوز ويجب منعه منه والإنكار عليه 0 وما ذكره الحافظ بن حجر في فتح الباري عن بعض الأشخاص لا دليل عليه من الكتاب والسنة ولا يعتمد عليه وكون هذا العمل قد يحصل به المقصود لا يدل على جوازه لأن ذلك قد يكون من باب الابتلاء والامتحان والاستدراج ، فلا دليل إلا من الكتاب والسنة وحل السحر المباح هو ما كان بقراءة القرآن والأدعية المشروعة والأدوية المباحة كما ذكر ذلك الإمام ابن القيم في الطب النبوي من زاد المعاد 0 والله تعالى أعلم 0 وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم ) ( اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء 0 الرئيس : عبدالعزيز بن عبدالله بن باز - نائب الرئيس : عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ - عضو : عبدالله بن عبدالرحمن الغديان - عضو : بكر بن عبدالله أبو زيد - عضو صالح بن فوزان الفوزان ) 0
قلت : والمشكلة التي يعاني منها كثير ممن تصدر للرقية الشرعية اليوم عدم مراجعة العلماء وطلبة العلم للاسترشاد بآرائهم والأخذ بفتاواهم ، وخطورة ما يقوم به هؤلاء وأمثالهم تكمن في نواحي كثيرة أذكر منها :
1)- يعتقد الكثيرون خاصة العامة أن هؤلاء الرجال قدوة في السلوك والتصرف ، وبالتالي يكونون مدعاة للاتباع والانقياد ، مع أن بعض الجوانب المعتمدة في مسلكهم وطريقتهم في الرقية والعلاج مبني على الضلال والزيغ والباطل ، وهنا تكمن أهمية لجوء أهل الحسبة لمحاربة هذه الفئة ومن على شاكلتها ، وكذلك التصدي لكل من تسول له نفسه لخدش العقيدة أو هدمها أو إدخال بدع محدثة لا تمت بصلة لهذا الدين من قريب أو بعيد 0
2)- في اعتقادي الجازم أن هؤلاء الرجال أشد خطرا على العقيدة والدين من السحرة والمشعوذين ، لأن مرتادي السحرة أناس خوت نفوسهم من الإيمان والتقوى والصلاح ، أما من يطرق أبواب هؤلاء الجهلة فيعتقد أنهم على صلاح وهدي مستقيم ، وبالتالي فإن هذه الفئة تكون مدعاة للإخلال بالعقيدة بل قد تؤدي إلى تدميرها والعياذ بالله 0
3)- وأمر هام لا بد من الإشارة إليه تحت هذا العنوان أن سكوت أهل الحسبة ورجال الدعوة عن تلك التصرفات يعتبر إقرارا لتلك الأعمال الشائنة والمخلة بالعقيدة والدين ، وهذا يورث اعتقادا لدى الناس حتى الطيبين ومن يشهد لهم بالصلاح أن هذه الفئة على خير ، ولولا ذلك لمنعت من ممارسة هذا الأمر ومقارعته 0
4)- وهناك أمر هام جدا لا يخفى على المعالِج صاحب العلم الشرعي المتمرس الحاذق في صنعته ، أنه ليس كل ما يقرأ في الكتب صحيح ويعتد به ، وعلى ذلك فلا بد من مراجعة العلماء وطلبة العلم في كثير من المسائل المشكلة التي تحتاج لإيضاح وتفسير لينأى بنفسه من الوقوع في المحظور والإثم والضلال 0
ومن نظرة الباحث للكلام آنف الذكر ، ومع أن ظاهر فعله واستخدامه دون الاعتقاد به لا يوحي بمضمونه الحقيقي ، ومع ذلك تبين اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء أن ذلك يعد سحرا وكهانة ، ولا بد من إدراك النظرة الثاقبة بعيدة المدى للعلماء قبل إصدار فتواهم 0
وقد يفضي استخدام ذلك إلى الوقوع فيما هو شر منه ، وقد سدت الشريعة الذرائع الموصلة لمثل ذلك ، وبنظرة ثاقبة متفحصة لما يحصل على الساحة اليوم يجد الإنسان نفسه تائها بين كثير من الأمور المبتدعة المحدثة التي تفوق الوصف والخيال ، فإلى الله المشتكى ولا حول ولا قوة إلا بالله 0
وقد وقع بيدي كتاب من أخطر كتب السحر هو ( الرحمة في الطب والحكمة ) منسوب للإمام السيوطي - رحمه الله - وهذا الكتاب لا رحمة فيه ولا طب ولا حكمة ، إنما سحر وشعوذة ودجل ، وقد كذب من ادعى نسبته للعلامة السيوطي – رحمه الله – وقد نقل فيه الآتي :
( تكتب هذه الأسماء في فأس ويحمى في النار ويطفى في الماء تحته ويشرب من ذلك الماء ويدهن ، وهذه الأسماء 000 – وذكر أسماء غريبة والله أعلم أنها من أسماء الجن والشياطين –ثم ذكر فصار كل فرق كالطود العظيم ) ( الرحمة في الطب والحكمة – ص 122 ) 0
وهذا مما يؤكد فتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بأن ذلك الفعل يعد ضربا من ضروب السحر والشعوذة والكهانة ، فيجب الحذر والتثبت في كثير من المسائل المتعلقة بالرقية والعلاج عن طريق العلماء وطلبة العلم وسؤالهم والاسترشاد بنصحهم وإرشاداتهم 0
إن الشريعة الإسلامية تؤخذ من منابعها وأصولها الثلاثة ، ولا بد للمعالِج من تقوى الله وعدم إقحام نفسه وغيره في البدعة والمعصية ، فلا بد من تحري الحق وأهله ، وأن يعلم المعالِج أن فعل المخالف للشرع يورث سخطا وعقوبة من الخالق سبحانه وتعالى ، كما ثبت من حديث جرير - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها ، وأجر من عمل بها من بعده ، من غير أن ينقص من أجورهم شيء ، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ، ووزر من عمل بها من بعده ، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء )
( أخرجه الإمام مسلم في صحيحه – كتـاب الزكاة ( 69 ) – برقـم 1017 – وكتـاب العلـم ( 15 ) – برقم 2673 )
قال النووي - رحمه الله - : ( هذا الحديث صريح في الحث على استحباب سن الأمور الحسنة ، وتحريم سن الأمور السيئة ، وأن من سن سنة حسنة كان له مثل أجر كل من يعمل بها إلى يوم القيامة ، ومن سن سنة سيئة كان عليه مثل وزر كل من يعمل بها إلى يوم القيامة ، وأن من دعا إلى هدى كان له مثل أجور متابعيه ، أو إلى ضلالة كان عليه مثل آثام تابعيه ، سواء كان ذلك الهدى والضلالة هو الذي ابتدأه أم كان مسبوقا إليه ، وسواء كان ذلك تعليم علم ، أو عبادة ، أو أدب ، أو غير ذلك 0
قوله صلى الله عليه وسلم : " فعمل بها بعده " معناه أن سنها سواء كان العمل في حياته أو بعد موته 0 والله أعلم ) ( صحيح مسلم بشرح النووي - 16،17،18 / 172 ) 0
قال الأخ فتحي الجندي : ( أما أن يفتح الباب لكل سائبة ومتردية ونطيحة وأكيلة سبع لتدخل وتمر تحت ستار : ( مشروعية النشرة ) فهذا تفريط خطير لا يمكن أن يقبل بحال ، وإن قال به فلان وفلان من أهل العلم ، لأن أقوالهم قد صارت قنطرة تعبر عليها الخزعبلات باسم الرقية الشرعية ، وإلا فقل لي بربك أية شرعية في جمع قضبان وفأس ذي قطارين ونار وبول ! ولماذا حزمة قضبان ؟ ألا يغني عنها الزفت والقطران ؟! ومن أين اشترطوا أن يكون الفأس ذا قطارين ؟ أما كان يكفي أن يكون الفأس ذا قطار ؟! 0 فالحمد لله لقد جلبت المشقة التيسير ، وصرنا مع قطارين إلى قطار ، وغدا ربما تكفي حذوة حمار ، أو حلقة أو مسمار ! ) ( النذير العريان - ص 117 ) 0
هذا ما تيسر لي بخصوص هذه المسألة ، بارك الله في الجميع ، وزادكم الله من فضله ومنه وكرمه ، مع تمنياتي لكم بالصحة والسلامة والعافية :
أخوكم المحب / أبو البراء أسامة بن ياسين المعاني 0