موقع الشيخ بن باز


 

  لتحميل حلقة الرقية الشرعية للشيخ أبو البراء اضغط هنا


ruqya

Icon36 صفحة المرئيات الخاصة بموقع الرقية الشرعية

الموقع الرسمي للشيخ خالد الحبشي | العلاج بالرقية الشرعية من الكتاب والسنة

الأخوة و الأخوات الكرام أعضاء منتدنا الغالي نرحب بكم أجمل ترحيب و أنتم محل إهتمام و تقدير و محبة ..نعتذر عن أي تأخير في الرد على أسئلتكم و إستفساراتكم الكريمة و دائماً يكون حسب الأقدمية من تاريخ الكتابة و أي تأخر في الرد هو لأسباب خارجة عن إرادتنا نظراً للظروف و الإلتزامات المختلفة

 
العودة   منتدى الرقية الشرعية > أقسام المنابر الإسلامية > منبر العقيدة والتوحيد

الملاحظات

صفحة الرقية الشرعية على الفيس بوك

إضافة رد
 
 
أدوات الموضوع
New Page 2
 
 

قديم 10-04-2011, 06:19 PM   #1
معلومات العضو
أحمد سالم ,

افتراضي وب العمل بالشريعة الإسلامية"للشيخ عبد المالك رمضاني

وجوب العمل بالشريعة الإسلامية


المسلم الذي يؤمن بالله و رسوله لا يتردّد في العمل بأمر الله – عز و جل – و أمر رسوله – صلى الله عليه و سلم –؛ لأن ذلك من مقتضى إيمانه، قال الله – تعالى –: {إنما كان قولَ المؤمنين إذا دُعوا إلى الله و رسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا و أطعنا و أولئك هم المفلحون (51) و من يطع الله و رسوله و يخش الله و يتّقْه فأولئك هم الفائزون** (النور 51-52)، و الناس في تشريعاتهم يختارون لأنفسهم الأصلح في ظنهم، و لا أصلح مما اختاره الله لهم في شريعته حيث يقول: {أفحكم الجاهلية يبغون و من أحسن من الله حكما لقوم يوقنون** (المائدة 50)، و كل شريعة غير شريعة الله فنحن منهيّون عن اتباعها؛ لأن الله قد قال – و لا قول مع قول الله –: {ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها و لا تتبع أهواء الذين لا يعلمون (18) إنهم لن يُغنوا عنك من الله شيئا و إن الظالمين بعضهم أولياء بعض و الله ولي المتقين (19)** (الجاثية).

و لهذا فإنه يستحيل أن يختار المسلم لنفسه حكما غير الله ذي الحكمة و العدل، و هو يقرأ قول الله – عز و جل –: {أفغير الله أبتغي حكما و هو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلا و الذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق فلا تكونن من الممترين** (الأنعام 114)؛ و ذلك لأن كلام الله إما خبر و إما حكم، فخبره – عز و جل – صدق، و حكمه عدل، و لذلك قال عقِب هذه الآية: ** و تمت كلمة ربك صدقا و عدلا لا مبدل لكلماته و هو السميع العليم** (الأنعام 115).

عن هانئ بن زيد – رضي الله عنه –: أنه لما وفد إلى رسول الله – صلى الله عليه و سلم – مع قومه سمعهم يكنّونه بأبي الحَكَم، فدعاه رسول الله – صلى الله عليه و سلم – فقال: "إن الله هو الحكم و إليه الحكم، فلم تكنّى بأبي الحكم؟" فقال: إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم، فرضي كلا الفريقين، فقال رسول الله – صلى الله عليه و سلم –: "ما أحسن هذا! فما لك من الولد؟" فقال: لي شريح و مسلم و عبد الله، قال: "فمن أكبرهم؟" قال: شُريح، قال: "فأنت أبو شريح". رواه أبو داود (4955)، و النسائي (8 / 226-227) بإسناد صحيح.

و كيف لا يكون الأمر كذلك، و قد أعطى الله – تعالى – الحقوق لأهلها من غير حيف و لا نسيان، كما قال رسول الله – صلى الله عليه و سلم –: "إن الله أعطى كل ذي حق حقه" الحديث، أخرجه الترمذي، و صححه الألباني في 'صحيح الجامع' (1720).

فما كان من خبر القرآن و السنة صدّق به المؤمن، و أيقن به قلبه و لو لم يبلغه عقله، قال الله – تعالى –: {و منأصدق من الله قيلا** (النساء 122).

و ما كان من حكم القرآن و السنة تحاكم إليه المؤمن منشرح الصدر، و لو كان فيه ذهاب شيء من حظه العاجل، قال الله – تعالى –: {فلا و ربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدون في أنفسهم حرجا مما قضيت و يسلموا تسليما** (النساء 65).

ذكر ابن القيم – رحمه الله – في 'مدارج السالكين' (2 / 171-172) الحديث الذي رواه مسلم (34) بلفظ: "ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا، و بالإسلام دينا، و بمحمد رسولا"، و الحديث الذي رواه مسلم أيض (386) بلفظ: "من قال حين يسمع النداء: رضيت بالله ربا، و بالإسلام دينا، و بمحمد رسولا، غُفرت له ذنوبه"، ثم قال: [و هذان الحديثان عليهما مدار مقامات الدين، و إليهما ينتهي، و قد تضمنّا الرضا بربوبيته سبحانه و ألوهيته، و الرضا برسوله و الانقياد له، و الرضا بدينه و التسليم له، و من اجتمعت له هذه الأربعة فهو الصديق حقا، و هي سهلة بالدعوى و اللسان، و هي من أصعب الأمور عند حقيقة الامتحان، و لا سيما إذا جاء ما يخالف هوى النفس و مرادها، من ذلك تبين أن الرضا كان لسانه به ناطقا، فهو على لسانه لا على حاله...

و أما الرضا بنبيه رسولا: فيتضمن كمال الانقياد و التسليم المطلق إليهن بحيث يكون أولى به من نفسه، فلا يتلقى الهدى إلا من مواقع كلماته، و لا يحاكِم إلا إليه، و لا يحكّم عليه غيره، و لا يرضى بحكم غيره البتة، لا في شيء من أسماء الرب و صفاته و أفعاله، و لا في شيء من أذواق حقائق الإيمان و مقاماته، و لا في شيء من أحكام ظاهره و باطنه، لا يرضى في ذلك بحكم غيره، و لا يرضى إلا بحكمه، فإن عجز عنه كان تحكيمُه غيرَه من باب غذاء المضطر إذا لم يجد ما يقيته إلا من الميتة و الدم، و أحسن أحواله أن يكون من باب التراب الذي إنما يُتيمم به عند العجز عن استعمال الماء الطهور.

و أما الرضا بدينه: فإذا قال أو حكم أو أمر أو نهى، رضي كل الرضا، و لم يبق في قلبه حرج من حكمه، و سلّم له تسليما، و لو كان مخالفا لمراد نفسه أو هواها، أو قول مقلده و شيخه و طائفته.
و ههنا يوحشك الناس كلهم إلا الغرباء في العالم، فإياك أن تستوحش من الاغتراب و التفرد، فإنه – و الله! – عين العزة و الصحبة مع الله و رسوله، و روح الأنس به، و الرضا به ربا و بمحمد – صلى الله عليه و سلم – رسولا و بالإسلام دينا.

بل الصادق كلما وجد مسّ الاغتراب، و ذاق حلاوته، و تنسم روحه قال: اللهم زدني اغترابا و وحشة من العالم و أنسا بك، و كلما ذاق حلاوة هذا الاغتراب و هذا التفرد، رأى الوحشة عين الأنس بالناس، و الذل عين العز بهم، و الجهل عين الوقوف مع آرائهم و زبالة أذهانهم، و الانقطاع عين التقيد برسومهم و أوضاعهم، فلم يؤثر بنصيبه من الله أحدا من الخلق، و لم يبع حظه من الله بموافقتهم فيما لا يُجدي عليه إلا الحرمان.

و غايته مودة بينهم في الحياة الدنيا، فإذا انقطعت الأسباب، و حقت الحقائق، و بعثر ما في القبور، و حصل ما في الصدور، و بليت السرائر، لم يجد من دون موالاة الحق من قوة و لا ناصر، تبين له حينئذ مواقع الربح و الخسران، و ما الذي يخف أو يرجح به الميزان، و الله المستعان و عليه التكلان".
و من صفات المنافقين إرادة التحاكم إلى غير شريعة رب العالمين، قال الله – تعالى –: {أم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك و ما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت و قد أمروا أن يكفروا به و يريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا (60) و إذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله و إلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا (61)** (النساء 60-61).

فاحذر من الإعراض عما أنزله الله من حكم في كتابه و على قلب رسوله – صلى الله عليه و سلم –، فقد يكون الحكم بغير ما أنزل الله كفرا، فتخرج من ملة الإسلام، و تخسر الدنيا و الآخرة، فلا تسعد في الدنيا بالحكم البشري الذي اخترته على حكم الله و فضلته عليه أو ساويته به؛ إذ لا سعادة إلا في ظل ما أنزل الله، و لا تسعد في الآخرة؛ إذ كنت في عِداد أعداء الله الذين قال فيهم: {و الذين كفروا فتعسا لهم و أضل أعمالهم (8) ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم (9)** (محمد 8-9).

و لا تزال الأمم في معيشة ضنك ما أعرضت عن الوحي، قال الله – تعالى –: {و من أعرض عن ذكري فإن به معيشة ضنكا و نحشره يوم القيامة أعمى (124) قال رب لم حشرتني أعمى و قد كنت بصيرا (125) قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها و كذلك اليوم تُنسى (126)** (طه 124-126).

و ما نراه في مجتمعات المسلمين من اختلاف الرأي و تفكك الأواصر و لعن بعضهم بعضا هو نتيجة حتمية لبعد الناس عن العمل بالكتاب و السنة، أخبرنا بذلك رسول الله – صلى الله عليه و سلم –، فقد أخرج بن ماجه (4019)، و الحاكم (4/540)، و صححه الألباني في 'الصحيحة' (106) عن عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – قال: أقبل علبنا رسول الله – صلى الله عليه و سلم – بوجهه، فقال: "يا معشر المهاجرين! خمس إذا ابتليتم بهن، و أعوذ بالله أن تدركوهن: لم تظهر الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون و الأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا، و لم ينقصوا المكيال و الميزان إلا أُخذوا بالسنين و شدة المؤنة و جَوْر السلطان عليهم، و لم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنعوا القطر من السماء، فلولا البهائم لم يُمطروا، و لم ينقضوا عهد الله و عهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما في أيديهم، و ما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله، و يتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله باسهم بينهم"

قال ابن تيمية عقب إيراده موضع الشاهد من هذا الحديث: [وهذا من أعظم أسباب تغيير الدول، كما قد جرى مثل هذا مرة بعد مرة، في زماننا و غير زماننا، و من أراد الله سعادته جعله يعتبر بما أصاب غيره، فيسلك مسلك من أيده الله و نصره، و يتجنب مسلك من خذله الله و أهانه] من 'مجموع فتاواه' (35/388).

فهيهات هيهات أن يعز قوم ولّوا شريعة ربهم ظهورهم، أخرج أحمد في 'الزهد' (ص 142) و أبو نعيم في 'الحلية' (1 / 216-217) بسند صحيح عن جبير بن نفير قال: (لمّا فُتحت قبرص فُرّق بين أهلها، فبكى بعضهم إلى بعض، فرأيت أبا الدرداء جالسا وحده يبكي، فقلت: يا أبا الدرداء! ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام و أهله؟ فقال: ويحك يا جبير! ما أهون الخلق على الله – عز و جل – إذا أضاعوا أمره؛ بينما هي أمة قاهرة ظاهرة لهم الملك، تركوا أمر الله فصاروا إلى ما ترى!).

و على هذه الحال جرت سنة الله في دول الإسلام، قال الشيخ إسماعيل الحسيني في كتابه 'تحذير أهل الإيمان عن الحكم بغير ما أنزل الرحمن' (ص 84-85): [و كذلك الشام، كان أهله في أول الإسلام في سعادة الدنيا و الدين، ثم جرت فتن، و خرج الملك من أيديهم، ثم سُلّط عليهم المنافقون الملاحدة و النصارى بذنوبهم، و استولوا على بيت المقدس و قبلا الخليل، وفتحوا البناء الذي كان عليه و جعلوه كنيسة، ثم صلح دينهم فأعزهم الله و نصرهم على عدوهم لمّا أطاعوا الله و رسوله و اتبعوا ما أنزل إليهم من ربهم.

و كذلك أهل الأندلس كانوا رقودا في ظلال الأمن و خفض العيش و الدعة، فغمطوا النعمة، و قابلوها بالأشر و البطر، فاشتغلوا بمعاصي الله – تعالى –، و أكبّوا على لهوهم و لم يتقوا مواقع سخط ربهم و مقته، ففعل الله بهم ما لا يحصره قلم كاتب، و لا يحصيه حساب حاسب، بتسليط عدوهم عليهم حتى مزقهم الله كل ممزق، و فرقهم أيادي سبا، و ارتد بعضهم على عقبه؛ ركونا إلى الدنيا الفانية و الحظوظ العاجلة، و من قرأ تاريخهم علم ما كان القوم عليه، و ما صاروا إليه، و في التاريخ أكبر عبرة لمن اعتبر].

و مقابلة سريعة بين ما وصل إليه أصحاب رسول الله – صلى الله عليه و سلم – من العز مع القلّة، و ما وصل إليه غيرهم من الذلة مع الكثرة، تنبيك بالفارق الكبير بين صاحب الطاعة و صاحب المعصية، قال الشيخ اسماعيل الحسيني في كتابه السابق (ص 79): [ألا ترى أن الصحابة – رضي الله عنهم – بعد وفاة نبيهم – صلى الله عليه و آله و سلم – فتحوا ما فتحوا من الأقاليم و البلدان، و نشروا الإسلام و الإيمان و القرآن في مدة نحو مائة سنة، مع قلة عدد المسلمين و عُدَدهم و ضيق ذات يدهم، نحن مع كثرة عددنا و وفرة عُدَدنا و هائل ثروتنا و طائل قوتنا، لا نزداد إلا ضعفا و تقهقرا إلى وراء، و ذلة و حقارة في عيون الأعداء].

هذا ما تيسر جمعه، و إنما أردت تنبيه المسلمين جميعا إلى سبب ما حل بديارهم من محن، و لم أرد به تخصيص الأمراء بالأمر بإقامة الدين؛ لأن الخلق كلهم مأمورون بإقامة دين الله.
و من أراد تخصيص الأمراء بهذا، ففي عرينهم، و بلين القول لهم، مع مراعاة حكمة الشرع في ذلك، كما قال الله – تعالى – لموسى و هارون – صلى الله عليهما و سلم –: {اذهبا إلى فرعون إنه طغى (43) فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى (44)**.

نقل لكتاب تخليص العباد من وحشية أبي القتاد للشيخ عبد المالك رمضاني
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 16-04-2011, 01:35 PM   #2
معلومات العضو
اسبروايجيبت

إحصائية العضو






اسبروايجيبت غير متواجد حالياً

الجنس: male

اسم الدولة egypt

 

 
آخـر مواضيعي
 

 

افتراضي


شكرا علي الفتاوي الرائعة لشيخنا الكبير وهناك الكثير من الأساتذة الدينية للاستفسار والتساؤلات في الفتاوي ومنهم الأستاذ الدكتور صلاح الدين سلطان بارك الله فيه ولديكم موقعه الرسمي

فتاوي شرعية

جزاكم الله خيرا
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 16-04-2011, 05:49 PM   #3
معلومات العضو
أحمد سالم ,

افتراضي السَّيِّئَةُ عاقِبَةُ السَّيِّئة و الحَسنَةُ عاقبَة الحسنَة"للشيخ عبد المالك رمضاني

السَّيِّئَةُ عاقِبَةُ السَّيِّئة و الحَسنَةُ عاقبَة الحسنَة



قال الله تعالى : ﴿ ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ ٱلسُّوۤءَىٰ ( الرّوم : 10 ) .


يذكرُ أهل العلم عقب فعل الطّاعات أنّ المرءَ إذا كان أحسن منه حالاً من ذي قبل و أكثرَ إقبالاً على الطّاعات فقد دلّ ذلك – إن شاء الله – على انتفاعه بحسناته الّتي أتى بها ، و أنّ العكس بالعكس ، فمن وجد في نفسه نُفرةً من فعل الصّالحات و جُسوراً على الحُرمات ، فإنّ هذا يدلّ على أنّ ما كان عليه ممّا ظاهره الطّاعة كان قد خالطه باطنُ الإثم و غِشُّ المعاملة مع الربّ عزّ و جلّ ، و ما ربّك بظلاّمٍ للعبيد ، قال الله تعالى : ﴿ وَ مَآ أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ ( النّساء : 79 ) ، فليراقب العبدُ نفسه ؛ فإنّ الله حيٌّ لا تخفى عليه خافيةٌ يثيبُ و يعاقبُ ، و لا أحدَ يعطي و يمنع سواه ، قال ابن تيمية في ” مجموع الفتاوى ” ( 14/239-244 ) : ” و المعصية الثّانية قد تكون عقوبة الأولى ، فتكون من سيّئات الجزاء ، مع أنّها من سيّئات العمل ، قال النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم في الحديث المتّفق على صحّته عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم : ( عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ ؛ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ ، وَ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ ، وَ لا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَ يَتَحَرَّىٰ الصِّدْقَ حَتَّىٰ يُكْتَبَ عِنْدَ اللّهِ صِدِّيقاً ، وَ إِيَّاكُمْ وَ الْكَذِبَ ؛ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ ، وَ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَىٰ النَّارِ ، وَ لا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَ يَتَحَرَّىٰ الْكَذِبَ حَتَّىٰ يُكْتَبَ عِنْدَ اللّهِ كَذَّاباً ) ، و قد ذكر في غير موضعٍ من القرآن ما يبيّن أنّ الحسنة الثّانية قد تكون من ثواب الأولى ، و كذلك السّيئة الثّانية قد تكون من عقوبة الأولى ، قال تعالى : ﴿ وَ لَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ ٱقْتُلُوۤاْ أَنْفُسَكُمْ أَوِ ٱخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُمْ مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ منْهُمْ وَ لَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَ أَشَدَّ تَثْبِيتاً . وَ إِذاً لآتَيْنَاهُمْ من لَّدُنَّآ أَجْراً عَظِيماً . وَ لَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً ( النّساء 66-68 ) ، و قال تعالى : ﴿ وَ ٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَ إِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلْمُحْسِنِينَ ( العنكبوت : 69 ) ، و قال تعالى : ﴿ وَ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ . سَيَهْدِيهِمْ وَ يُصْلِحُ بَالَهُمْ . وَ يُدْخِلُهُمُ ٱلْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ ( محمّد : 4-6 ) ، و قال تعالى : ﴿ ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ ٱلسُّوۤءَىٰ ( الرّوم : 10 ) ، و قال تعالى : ﴿ وَ كِتَابٌ مُّبِينٌ . يَهْدِي بِهِ ٱللَّهُ مَنِ ٱتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ ٱلسَّلاَمِ ( المائدة : 15-16 ) ، و قال تعالى : ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَ آمِنُواْ بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَ يَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ( الحديد : 28 ) ، و قال تعالى : ﴿ وَ فِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَ رَحْمَةٌ للَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ ( الأعراف : 154 ) ، و قال تعالى : ﴿ هَٰذَا بَيَانٌ للنَّاسِ وَ هُدًى وَ مَوْعِظَةٌ للْمُتَّقِينَ ( آل عمران : 138 ) ، و قال تعالى : ﴿ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى وَ شِفَآءٌ وَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِيۤ آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَ هُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ( فصّلت : 44 ) ، و قال تعالى : ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ منَ ٱلشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ . وَ إِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي ٱلْغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ ( الأعراف : 201-202 ) ، و قال تعالى : ﴿ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ ٱلسُّوۤءَ وَ ٱلْفَحْشَآءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُخْلَصِينَ ( يوسف : 24 ) ، و قال تعالى : ﴿ وَ لَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ ( يوسف : 22 ) ، و قال تعالى : ﴿ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَ صَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ . وَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَ عَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَ آمَنُواْ بِمَا نُزلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَ هُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيئَاتِهِمْ وَ أَصْلَحَ بَالَهُمْ . ذَلِكَ بِأَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلْبَاطِلَ وَ أَنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلْحَقَّ مِن رَّبهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ ( محمّد : 1-3 ) ، و قال تعالى : ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَ قُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ( الأحزاب : 70-71 ) ، و قال تعالى : ﴿ قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَ أَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُملَ وَ عَلَيْكُمْ مَّا حُملْتُمْ وَ إِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواْ وَ مَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ ( النّور : 54 ) ، قال أبو عثمان النّيسابوري : من أمّر السّنة على نفسه قولاً و فِعلاً نطق بالحكمة ، و من أمّر الهوى على نفسه قولاً و فعلاً نطق بالبدعة ، لأنّ الله تعالى يقول : ﴿ وَ إِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواْ ، قلتُ : و قد قال في آخر السّورة : ﴿ فَلْيَحْذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ( النّور : 63 ) ” ، ثمّ شرع في بيان نتائج السّيئات بعد أن كان جلّ النّصوص السّابقة في بيان نتائج الحسنات ، فقال رحمه الله : ” و قال تعالى : ﴿ وَ مَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَآ إِذَا جَآءَتْ لاَ يُؤْمِنُونَ . وَ نُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَ أَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ ( الأنعام : 109-110 ) ، و قال تعالى : ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ إِنَّمَا ٱسْتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَ لَقَدْ عَفَا ٱللَّهُ عَنْهُمْ ( آل عمران : 155 ) ، و قال تعالى : ﴿ وَ إِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يٰقَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَ قَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوۤاْ أَزَاغَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَ ٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ ( الصّفّ : 5 ) ، إلى قوله : ﴿ وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَ هُوَ يُدْعَىٰ إِلَى ٱلإِسْلاَمِ وَ ٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ ( الصّفّ : 7 ) ، و قال تعالى : ﴿ وَ قَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ ( البقرة : 88 ) ، و قال تعالى أيضاً : ﴿ وَ قَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً ( النّساء : 155 ) ، و قال تعالى : ﴿ فَبُهِتَ ٱلَّذِي كَفَرَ وَ ٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ ( البقرة : 258 ) ، و قال تعالى : ﴿ وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَ ضَاقَتْ عَلَيْكُمُ ٱلأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ . ثُمَّ أَنَزلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَ أَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَ عذَّبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ( التّوبة : 25-26 ) ، و قال تعالى في النّوعين : ﴿ إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى ٱلْمَلاۤئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ فَٱضْرِبُواْ فَوْقَ ٱلأَعْنَاقِ وَ ٱضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ . ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ ٱللَّهَ وَ رَسُولَهُ ( الأنفال : 12-13 ) ، و قال تعالى : ﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ بِمَآ أَشْرَكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزلْ بِهِ سُلْطَاناً وَ مَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ وَ بِئْسَ مَثْوَىٰ ٱلظَّالِمِينَ ( آل عمران : 151 ) ، و قال تعالى : ﴿ هُوَ ٱلَّذِيۤ أَخْرَجَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ ٱلْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُواْ وَ ظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم منَ ٱللَّهِ فَأَتَاهُمُ ٱللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواْ وَ قَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَ أَيْدِي ٱلْمُؤْمِنِينَ فَٱعْتَبِرُواْ يٰأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ . وَ لَوْلاَ أَن كَتَبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمُ ٱلْجَلاَءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا وَ لَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذَابُ ٱلنَّارِ . ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ ٱللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَمَن يُشَآق ٱللَّهَ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ ( الحشر : 2-4 ) ، و قال تعالى : ﴿ لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَ إِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ ٱلأَدُبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ . ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوۤاْ إِلاَّ بِحَبْلٍ منْ ٱللَّهِ وَ حَبْلٍ منَ ٱلنَّاسِ وَ بَآءُوا بِغَضَبٍ منَ ٱللَّهِ وَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلْمَسْكَنَةُ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَ يَقْتُلُونَ ٱلأَنْبِيَآءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذٰلِكَ بِمَا عَصَوْاْ وَّ كَانُواْ يَعْتَدُونَ ( آل عمران : 111-112 ) ، و قال تعالى : ﴿ تَرَىٰ كَثِيراً منْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ فِي ٱلْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ . وَ لَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله و النَّبِيِّ وَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَآءَ وَ لَـٰكِنَّ كَثِيراً منْهُمْ فَاسِقُونَ ( المائدة : 80-81 ) ، و قال تعالى : ﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ ٱلنَّاسِ عَدَاوَةً للَّذِينَ آمَنُواْ ٱلْيَهُودَ وَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَ لَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً للَّذِينَ آمَنُواْ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّا نَصَارَىٰ ذٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَ رُهْبَاناً وَ أَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ ( المائدة : 82 ) ، و قال تعالى : ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوۤاْ أَرْحَامَكُمْ . أَوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ .أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ . إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱرْتَدُّواْ عَلَىٰ أَدْبَارِهِمْ من بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْهُدَى ٱلشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَ أَمْلَىٰ لَهُمْ . ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ ٱلأَمْرِ وَ ٱللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ ( محمّد : 22-26 ) ، و قال تعالى : ﴿ وَ مِنْهُمْ مَّنْ عَاهَدَ ٱللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلصَّالِحِينَ . فَلَمَّآ آتَاهُمْ من فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَ تَوَلَّواْ وَّ هُمْ مُّعْرِضُونَ . فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَآ أَخْلَفُواْ ٱللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَ بِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ ( التّوبة : 75-76 ) و قال تعالى : ﴿ فَإِن رَّجَعَكَ ٱللَّهُ إِلَىٰ طَآئِفَةٍ منْهُمْ فَٱسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَداً وَ لَن تُقَاتِلُواْ مَعِيَ عَدُوّاً إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِٱلْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَٱقْعُدُواْ مَعَ ٱلْخَالِفِينَ ( التّوبة : 83 ) ، و قال تعالى في ضدّ هذا : ﴿ وَعَدَكُمُ ٱللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَـٰذِهِ وَ كَفَّ أَيْدِيَ ٱلنَّاسِ عَنْكُمْ وَ لِتَكُونَ آيَةً للْمُؤْمِنِينَ وَ يَهْدِيَكُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً ( الفتح : 20 ) ، إلى قوله : ﴿ وَ لَوْ قَاتَلَكُمُ ٱلَّذِينَ كفَرُواْ لَوَلَّوُاْ ٱلأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يَجِدُونَ وَلِيّاً وَ لاَ نَصِيراً . سُنَّةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَ لَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً ( الفتح : 22-23 ) ، و تولِيتُهم الأدبار ليس مّما نُهُوا عنه ، و لكن هو من جزاء أعمالهم ، و هذا بابٌ واسعٌ ” .


و في ” تهذيب الكمال ” للمِزِّي ( 20/21 ) أنّ عُروة بنَ الزّبير قال : ” إذا رأيتَ الرّجل يعمل الحسنة فاعلم أنّ لها عنده أخواتٍ ، و إذا رأيتَه يعمل بالسّيّئة فاعلم أنّ لها عنده أخواتٍ ، فإنّ الحسنة تدلُّ على أختها ، و إنّ السّيّئة تدلُّ على أختِها ” .




منقول من كتاب ” من كل سورة فائدة ” للشيخ أبي عبد الله عبد المالك بن أحمد بن المبارك رمضاني الجزائري حفظه الله
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 16-04-2011, 09:30 PM   #4
معلومات العضو
أحمد سالم ,

افتراضي السَّيِّئَةُ عاقِبَةُ السَّيِّئة و الحَسنَةُ عاقبَة الحسنَة"للشيخ عبد المالك رمضاني

السَّيِّئَةُ عاقِبَةُ السَّيِّئة و الحَسنَةُ عاقبَة الحسنَة



قال الله تعالى : ﴿ ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ ٱلسُّوۤءَىٰ ( الرّوم : 10 ) .


يذكرُ أهل العلم عقب فعل الطّاعات أنّ المرءَ إذا كان أحسن منه حالاً من ذي قبل و أكثرَ إقبالاً على الطّاعات فقد دلّ ذلك – إن شاء الله – على انتفاعه بحسناته الّتي أتى بها ، و أنّ العكس بالعكس ، فمن وجد في نفسه نُفرةً من فعل الصّالحات و جُسوراً على الحُرمات ، فإنّ هذا يدلّ على أنّ ما كان عليه ممّا ظاهره الطّاعة كان قد خالطه باطنُ الإثم و غِشُّ المعاملة مع الربّ عزّ و جلّ ، و ما ربّك بظلاّمٍ للعبيد ، قال الله تعالى : ﴿ وَ مَآ أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ ( النّساء : 79 ) ، فليراقب العبدُ نفسه ؛ فإنّ الله حيٌّ لا تخفى عليه خافيةٌ يثيبُ و يعاقبُ ، و لا أحدَ يعطي و يمنع سواه ، قال ابن تيمية في ” مجموع الفتاوى ” ( 14/239-244 ) : ” و المعصية الثّانية قد تكون عقوبة الأولى ، فتكون من سيّئات الجزاء ، مع أنّها من سيّئات العمل ، قال النّبيّ صلّى الله عليه و سلّم في الحديث المتّفق على صحّته عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم : ( عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ ؛ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ ، وَ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ ، وَ لا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَ يَتَحَرَّىٰ الصِّدْقَ حَتَّىٰ يُكْتَبَ عِنْدَ اللّهِ صِدِّيقاً ، وَ إِيَّاكُمْ وَ الْكَذِبَ ؛ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ ، وَ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَىٰ النَّارِ ، وَ لا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَ يَتَحَرَّىٰ الْكَذِبَ حَتَّىٰ يُكْتَبَ عِنْدَ اللّهِ كَذَّاباً ) ، و قد ذكر في غير موضعٍ من القرآن ما يبيّن أنّ الحسنة الثّانية قد تكون من ثواب الأولى ، و كذلك السّيئة الثّانية قد تكون من عقوبة الأولى ، قال تعالى : ﴿ وَ لَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ ٱقْتُلُوۤاْ أَنْفُسَكُمْ أَوِ ٱخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُمْ مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ منْهُمْ وَ لَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَ أَشَدَّ تَثْبِيتاً . وَ إِذاً لآتَيْنَاهُمْ من لَّدُنَّآ أَجْراً عَظِيماً . وَ لَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً ( النّساء 66-68 ) ، و قال تعالى : ﴿ وَ ٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَ إِنَّ ٱللَّهَ لَمَعَ ٱلْمُحْسِنِينَ ( العنكبوت : 69 ) ، و قال تعالى : ﴿ وَ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ . سَيَهْدِيهِمْ وَ يُصْلِحُ بَالَهُمْ . وَ يُدْخِلُهُمُ ٱلْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ ( محمّد : 4-6 ) ، و قال تعالى : ﴿ ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ ٱلسُّوۤءَىٰ ( الرّوم : 10 ) ، و قال تعالى : ﴿ وَ كِتَابٌ مُّبِينٌ . يَهْدِي بِهِ ٱللَّهُ مَنِ ٱتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ ٱلسَّلاَمِ ( المائدة : 15-16 ) ، و قال تعالى : ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَ آمِنُواْ بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَ يَجْعَل لَّكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ( الحديد : 28 ) ، و قال تعالى : ﴿ وَ فِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَ رَحْمَةٌ للَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ ( الأعراف : 154 ) ، و قال تعالى : ﴿ هَٰذَا بَيَانٌ للنَّاسِ وَ هُدًى وَ مَوْعِظَةٌ للْمُتَّقِينَ ( آل عمران : 138 ) ، و قال تعالى : ﴿ قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ هُدًى وَ شِفَآءٌ وَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ فِيۤ آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَ هُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى ( فصّلت : 44 ) ، و قال تعالى : ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ منَ ٱلشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ . وَ إِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي ٱلْغَيِّ ثُمَّ لاَ يُقْصِرُونَ ( الأعراف : 201-202 ) ، و قال تعالى : ﴿ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ ٱلسُّوۤءَ وَ ٱلْفَحْشَآءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا ٱلْمُخْلَصِينَ ( يوسف : 24 ) ، و قال تعالى : ﴿ وَ لَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذٰلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ ( يوسف : 22 ) ، و قال تعالى : ﴿ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَ صَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ . وَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَ عَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَ آمَنُواْ بِمَا نُزلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَ هُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيئَاتِهِمْ وَ أَصْلَحَ بَالَهُمْ . ذَلِكَ بِأَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلْبَاطِلَ وَ أَنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّبَعُواْ ٱلْحَقَّ مِن رَّبهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ ( محمّد : 1-3 ) ، و قال تعالى : ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَ قُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً . يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ( الأحزاب : 70-71 ) ، و قال تعالى : ﴿ قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَ أَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُملَ وَ عَلَيْكُمْ مَّا حُملْتُمْ وَ إِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواْ وَ مَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ ٱلْمُبِينُ ( النّور : 54 ) ، قال أبو عثمان النّيسابوري : من أمّر السّنة على نفسه قولاً و فِعلاً نطق بالحكمة ، و من أمّر الهوى على نفسه قولاً و فعلاً نطق بالبدعة ، لأنّ الله تعالى يقول : ﴿ وَ إِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواْ ، قلتُ : و قد قال في آخر السّورة : ﴿ فَلْيَحْذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ( النّور : 63 ) ” ، ثمّ شرع في بيان نتائج السّيئات بعد أن كان جلّ النّصوص السّابقة في بيان نتائج الحسنات ، فقال رحمه الله : ” و قال تعالى : ﴿ وَ مَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَآ إِذَا جَآءَتْ لاَ يُؤْمِنُونَ . وَ نُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَ أَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ ( الأنعام : 109-110 ) ، و قال تعالى : ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ إِنَّمَا ٱسْتَزَلَّهُمُ ٱلشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَ لَقَدْ عَفَا ٱللَّهُ عَنْهُمْ ( آل عمران : 155 ) ، و قال تعالى : ﴿ وَ إِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يٰقَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَ قَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوۤاْ أَزَاغَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَ ٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ ( الصّفّ : 5 ) ، إلى قوله : ﴿ وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَ هُوَ يُدْعَىٰ إِلَى ٱلإِسْلاَمِ وَ ٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ ( الصّفّ : 7 ) ، و قال تعالى : ﴿ وَ قَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ ( البقرة : 88 ) ، و قال تعالى أيضاً : ﴿ وَ قَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ ٱللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً ( النّساء : 155 ) ، و قال تعالى : ﴿ فَبُهِتَ ٱلَّذِي كَفَرَ وَ ٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ ( البقرة : 258 ) ، و قال تعالى : ﴿ وَ يَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَ ضَاقَتْ عَلَيْكُمُ ٱلأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ . ثُمَّ أَنَزلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَ أَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَ عذَّبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ( التّوبة : 25-26 ) ، و قال تعالى في النّوعين : ﴿ إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى ٱلْمَلاۤئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ فَٱضْرِبُواْ فَوْقَ ٱلأَعْنَاقِ وَ ٱضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ . ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ ٱللَّهَ وَ رَسُولَهُ ( الأنفال : 12-13 ) ، و قال تعالى : ﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ بِمَآ أَشْرَكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزلْ بِهِ سُلْطَاناً وَ مَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ وَ بِئْسَ مَثْوَىٰ ٱلظَّالِمِينَ ( آل عمران : 151 ) ، و قال تعالى : ﴿ هُوَ ٱلَّذِيۤ أَخْرَجَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ ٱلْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُواْ وَ ظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم منَ ٱللَّهِ فَأَتَاهُمُ ٱللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواْ وَ قَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَ أَيْدِي ٱلْمُؤْمِنِينَ فَٱعْتَبِرُواْ يٰأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ . وَ لَوْلاَ أَن كَتَبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمُ ٱلْجَلاَءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا وَ لَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذَابُ ٱلنَّارِ . ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَآقُّواْ ٱللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَمَن يُشَآق ٱللَّهَ فَإِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ ( الحشر : 2-4 ) ، و قال تعالى : ﴿ لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَ إِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ ٱلأَدُبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ . ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوۤاْ إِلاَّ بِحَبْلٍ منْ ٱللَّهِ وَ حَبْلٍ منَ ٱلنَّاسِ وَ بَآءُوا بِغَضَبٍ منَ ٱللَّهِ وَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلْمَسْكَنَةُ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَ يَقْتُلُونَ ٱلأَنْبِيَآءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذٰلِكَ بِمَا عَصَوْاْ وَّ كَانُواْ يَعْتَدُونَ ( آل عمران : 111-112 ) ، و قال تعالى : ﴿ تَرَىٰ كَثِيراً منْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ فِي ٱلْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ . وَ لَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِالله و النَّبِيِّ وَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَآءَ وَ لَـٰكِنَّ كَثِيراً منْهُمْ فَاسِقُونَ ( المائدة : 80-81 ) ، و قال تعالى : ﴿ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ ٱلنَّاسِ عَدَاوَةً للَّذِينَ آمَنُواْ ٱلْيَهُودَ وَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَ لَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً للَّذِينَ آمَنُواْ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّا نَصَارَىٰ ذٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَ رُهْبَاناً وَ أَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ ( المائدة : 82 ) ، و قال تعالى : ﴿ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوۤاْ أَرْحَامَكُمْ . أَوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ .أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ ٱلْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ . إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱرْتَدُّواْ عَلَىٰ أَدْبَارِهِمْ من بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلْهُدَى ٱلشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَ أَمْلَىٰ لَهُمْ . ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ ٱلأَمْرِ وَ ٱللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ ( محمّد : 22-26 ) ، و قال تعالى : ﴿ وَ مِنْهُمْ مَّنْ عَاهَدَ ٱللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَ لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلصَّالِحِينَ . فَلَمَّآ آتَاهُمْ من فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَ تَوَلَّواْ وَّ هُمْ مُّعْرِضُونَ . فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَآ أَخْلَفُواْ ٱللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَ بِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ ( التّوبة : 75-76 ) و قال تعالى : ﴿ فَإِن رَّجَعَكَ ٱللَّهُ إِلَىٰ طَآئِفَةٍ منْهُمْ فَٱسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَداً وَ لَن تُقَاتِلُواْ مَعِيَ عَدُوّاً إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِٱلْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَٱقْعُدُواْ مَعَ ٱلْخَالِفِينَ ( التّوبة : 83 ) ، و قال تعالى في ضدّ هذا : ﴿ وَعَدَكُمُ ٱللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَـٰذِهِ وَ كَفَّ أَيْدِيَ ٱلنَّاسِ عَنْكُمْ وَ لِتَكُونَ آيَةً للْمُؤْمِنِينَ وَ يَهْدِيَكُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً ( الفتح : 20 ) ، إلى قوله : ﴿ وَ لَوْ قَاتَلَكُمُ ٱلَّذِينَ كفَرُواْ لَوَلَّوُاْ ٱلأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يَجِدُونَ وَلِيّاً وَ لاَ نَصِيراً . سُنَّةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَ لَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً ( الفتح : 22-23 ) ، و تولِيتُهم الأدبار ليس مّما نُهُوا عنه ، و لكن هو من جزاء أعمالهم ، و هذا بابٌ واسعٌ ” .


و في ” تهذيب الكمال ” للمِزِّي ( 20/21 ) أنّ عُروة بنَ الزّبير قال : ” إذا رأيتَ الرّجل يعمل الحسنة فاعلم أنّ لها عنده أخواتٍ ، و إذا رأيتَه يعمل بالسّيّئة فاعلم أنّ لها عنده أخواتٍ ، فإنّ الحسنة تدلُّ على أختها ، و إنّ السّيّئة تدلُّ على أختِها ” .




منقول من كتاب ” من كل سورة فائدة ” للشيخ أبي عبد الله عبد المالك بن أحمد بن المبارك رمضاني الجزائري حفظه الله
    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 16-04-2011, 11:47 PM   #5
معلومات العضو
عبد الغني رضا

إحصائية العضو






عبد الغني رضا غير متواجد حالياً

الجنس: male

اسم الدولة algeria

 

 
آخـر مواضيعي

 

افتراضي

جزاكم الله خيرا

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
New Page 2
 
 

قديم 19-04-2011, 09:48 PM   #6
معلومات العضو
أحمد سالم ,

افتراضي الرَّدُّ على الخُرافيِّينَ مُسقطِي الشَّرائِع"الشيخ /عبد المالك بن أحمد رمضاني

سورة مريم:

الرَّدُّ على الخُرافيِّينَ مُسقطِي الشَّرائِع


قال الله تعالى: (وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا) (مريم 31).
في هذه الآية ردٌّ صريحٌ على مُسقطِي التَّكاليف بزعم الوُصول؛ فإنَّ نبيَّ الله عيسى عليه السلام علَّقَ الأمرَ بوجوبِ العِبادَة على حياتِه، وفيها تفسيرٌ قاطعٌ للخلافِ الذي أورَدَه من لا عِبرَةَ بخِلافه في قوله تعالى: (وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّىٰ يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) (الحجر 99)، فقد زَعمَ هؤلاء أنَّ اليقين درجةٌ إذا بلَغَها الشَّيخُ العارفُ لم يكن بحاجةٍ إلى العبادةِ!! وأمَّا أهل العلم فقد فنَّدوا هذا التفسير وفسَّروا اليقين بالموت، أي أديموا عبادة الله حتى تَموتُوا، ويُؤيِّدُه من الحديث المرفوع ما رواه البُخاري عن خارجة بن زيد بن ثابت أنَّ أمَّ العلاء- إمرأةً من الأنصار بايعت النبيَّ صلى الله عليه وسلم- أخبَرَته “أنَّه اقتَسَمَ المهاجرون قُرعةً ، فَطارَ لنا عُثمانُ بنُ مَظعون، فأنزلناه في أبياتِنا، فوَجِعَ وجَعَه الذي تُوُفِّي فيه، فلمَّا تُوفِّيَ وغُسِّل وكُفِّن في أثوابِه، دخَلَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فقُلتُ: رحمةُ الله علَيكَ أبا السَّائبِ! فشَهادَتي عليك لقد أكرَمَكَ الله! فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ( وما يُدريكِ أنَّ الله قد أكرَمَه؟!) فقُلتُ: بأبي أنت يا رسول الله! فمن يُكرمُه الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أمَّا هو فقد جاءَه اليَقينُ، والله! إنِّي لأَرجو له الخَيرَ، والله! ما أدري- وأنا رَسولُ الله ما يُفعلُ بي!) فقالت: فوالله! لا أُزكِّي أحداً بعدَه أبداً “، وفي صحيح البُخاري أيضا(8/383-الفتح): قال سالم: “اليقينُ الموتُ”، ووصله ابن أبي شيبة(35282) بإسنادٍ صحيحٍ.
هذا تفسيرُ سلَفِ هذه الأمَّة، ومن فسَّرَ(اليقين) الذي في آية الحِجر ببُلوغ رُتبةٍ تسقطُ معها التَّكاليفُ، وأنَّه حينئذٍ لا يَضرُّ معها اقترافُ الكبائر، فقد قال على الله بغير علمٍ، بل أتى بالإفكِ المبينِ، ولذلك ذكر الذَّهبيُّ في (سير أعلام النُّبلاء)(14/536) أنَّه سُئل أبو عليٍّ الرُّوذباري عمَّن يسمعُ الملاهي(أي آلات الموسيقى) ويقول: هيَ حلالُ لي؛ لأنِّي وصلتُ إلى رُتبةٍ لا يُؤثِّر فيه اختلافُ الأحوال!! فقال: نعم! قد وَصَل، ولكن إلى سقَر!!” وانظر (حِلية الأولياء) لأبي نُعيم(10/356).
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في (أضواء البيان) (2/325): ” اعلم أنَّ ما يُفسِّر به هذه الآية الكريمة بعضُ الزَّنادِقةِ الكفَرَة المُدَّعين للتَّصوُّف من أنَّ معنى اليقين المعرفَةُ بالله جلَّ وعلا، وأنَّ الآية تدلُّ على أنَّ العبدَ إذا وصَلَ من المعرفة بالله إلى تلك الدَّرجة المُعبَّر عنها باليقين أنَّه تَسقطُ عنه العبادات والتَّكاليف؛ لأنَّ ذلك اليقين هو غايةُ الأمر بالعبادة، إنَّ تفسير الآية بهذا كُفرٌ بالله وزَندقةٌ وخروجٌ عن ملَّة الإسلام بإجماع المسلمين، وهذا النَّوعُ لا يُسمَّى في الاصطلاح تأويلاً، بل يُسمَّى لَعباً، كما قدَّمنا في آل عمران، ومعلومٌ أن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم هُم وأصحابُه هُم أعلَمُ النَّاس بالله وأعرَفهم بحُقوقِه وصِفاتِه وما يستحقُّ من التَّعظيم، وكانوا مع ذلك أكثر النَّاس عبادةً لله جلَّ وعلا، وأشدَّهم خوفاً منه وطمعاً في رحمته، وقد قال جلَّ وعلا: (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) (فاطر 28)، والعلمُ عند الله تعالى”، وانظر (مدارج السالكين) لابن القيم (1/104).

منقول من كتاب “من كل سورة فائدة

    رد مع اقتباس مشاركة محذوفة
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


بحث عن:


الساعة الآن 12:30 PM



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
By Media Gate - https://mediagatejo.com