الحجامـة والقول الحاسم في أجرة الحاجم
غريب محمد أبو عارف
الحجـامـة
والقول الحاسم في أجرة الحاجم
الحمد لله والصلاة والسلام على خير خلق الله سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه، والتابعين المتمسكين بهديه، المقبلين على تعاليم رسولهم صلى الله عليه وسلم بكل يقين وحب وأمل بموعود الله لهم
أما بعد:
قال تعالى: الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد ( 1 )"
.سورة ابراهيم
وقال تعالى: ".( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا ( 82 ) الاسراء.
وقال سبحانه: و إن تطيعوه تهتدوا" وقال: {إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَىٰ**"،
وقال صلى الله عليه وسلم : «أوتيت القرآن ومثله معه»([1]).
فباتباع القرآن والسنة تحصل الهداية والبركة والرشاد والخير ويحيا المرء في الدنيا حياة طيبة هانئة، وفي الآخرة يكون الجزاء الحسن والمآل الطيب وباتباع القرآن والسنة تنفرج الهموم وتنقشع الضوائق وتتيسر الأمور وتتلاشى الشرور وتبرأ الأسقام وتنمحي العلل.
قال تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً"، ".ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا )
والمرء في دنياه كثيراً ما يتعرض للابتلاءات الكثيرة التي قد تعوق حركة سيره في هذه الحياة فيتألم ويضجر وقد يضيق بالأرض ذرعاً. والعاقل هو الذي يفهم خطاب ربه إليه ويهتدي بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فيصبر ولا يضجر ويدعُ ولا يجزع، وقد علمنا نبينا إذا مسنا شيء من الضر أن ندعو ربَّنا ونتضرع إلى خالقنا فكم أصلح الله بالدعاء أنفساً وفرَّج همًّا وأذهب غماً وشفى مرضاً صلى الله عليه وسلم
والتماس الدواء المشروع بالطريق المشروع أمر واجب، ولكن بإذن الله، فكما أن الله عز وجل لا يخرج العبد من ظلمات الجهل والكفر إلى نور العلم والإيمان إلا بإذنه ومشيئته فكذلك يكون الشفاء بالحجامة بإذنه ومشيئته تعالى؛ فكل أمر صغر أو كبر فبإذن الله جل جلاله فلا هداية ولا شفاء إلا بإذنه جل جلاله.
فالحجامة شفاء وبركة ولكن بإذن الله فإذا لم يأذن الله لعبد ما بالشفاء أو أخره لحكمة يعلمها سبحانه فليس العيب في الحجامة ولكن الأمر راجع لحكمة الله العليم الخبير.
ولذا قال النبي × ما أنزل الله داء إلا وأنزل له الدواء علمه من علمه وجهله من جهله، فالواجب على العبد إذا نزل به داء أن يسأل الله ويلح عليه في الدعاء أولاً وقبل كل شيء ثم يسأله أن يعلمه دواء دائه وييسره له بإذنه جل جلاله حتى يتم الشفاء بحول الله وقوته.
وقد يكون الدواء في شرطه محجم أو شربة عسل أو قطرات من زيت القرنفل أو العود أو خلافه فإذا أذن الله أولاً للعبد الصالح بالشفاء ألهمه الدواء فيصيب الدواء الداء فيبرأ بإذن الله، قال رسول الله ×: «لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله»([2]).
إن لبدنك عليك حق
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن لبدنك عليك حق»([3]) هذا بيان مجمل فيه من الإعجاز ما فيه ..
هل فكرت يوماً في هذا الحق ؟
وما المطلوب منك إزاء هذا الحق علماً وعملاً؟!
دعني أوضح لك الأمر بحسب ما من الله به عليَّ من علمٍ وعمل..
جسم الإنسان المعجزة كم فيه من دورات كاملة محكمة أحكمها العليم الخبير في هذه العمارة الجسمانية الهائلة التي تسمى جسم الإنسان؛ فعلى سبيل المثال:
دورة الماء لها مخرج وهو البول.
دورة الغذاء لها مخرج وهو معلوم.
والعرق والدموع والنخامة كلها مخارج تصرف الأذى والمرض عن الإنسان، فأين مخرج الدم الفاسد ؟ حقاَ إن دور الكبد والطحال هو تكسير خلايا الدم الحمراء وعمرها حوالي أربعة أشهر، وخلايا الدم البيضاء وعمرها خمسة عشر يوماً تقريباً، والجسم ينتج منها في اليوم الواحد حوالي اثنين بليون خلية فسبحان الله وبحمده على عظمة خلقة الله جل جلاله، وصفائح الدم المسؤولة عن تخثر الدم ووقف النزيف عمرها محدود جدا حوالي أربعة أيام.
أمر الملائكة بالحجامة
لكن العليم الخبير جل جلاله الذي خلق فسوى وله سبحانه الخلق والأمر أمر الملائكة الكرام البررة في رحلة المعراج أن يوصوا نبينا الكريم محمداً صلوات الله وسلامه عليه بالحجامة، وذلك في السماوات السبع التي ما فيها موضع إلا وفيه ملك ساجد أو راكع أو قائم، قال رسول الله
([1]) أخرجه أبو داود (4604) وصححه الألباني.
([2]) صحيح مسلم (2204) كتاب السلام.
([3]) صحيح مسلم كتاب الصيام رقم (1159).
يتبع