بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أما بعد
فهذا الموضوع يتناول قضية هامه تطرح يوميا فى الفضائيات وعلى النت ويتناولها من هو عالم ومن هو غير مؤهل لذلك.. فيتسبب فى بلبلة البعض ..وعدم الوصول الى قرار يرضي السائله وسنتاول هنا إن شاء الله الرأى والرأى المخالف وحجة كل منهما
وإن كان فيه القطعية بفرضية الحجاب ..إلا أن الخلاف بين العلماء كان فقط فى تغطية الوجه والكفين ..وأجمع أكثر العلماء على وجوبهما ..وحتى من لم يرى لهما وجوب ..أجمعوا على أفضليته فهو ستر وعفة للمرأة ولا ينكر ذلك إلا مغرض ..
ونأتى للرأى الأول بفرضيته ..
أستدلوا بقوله تعالى (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن) هل هي تدل على فرض الحجاب على المرأة نقول نعم هي تدل على ذلك لأن الجلابيب جمع جلباب وهو بمنزلة العباءة للمرأة وإذا كان الواجب أن تدني عليها منه فمعنى ذلك أنه لابد أن تستر وجهها ولهذا قال ابن عباس أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عيناً واحدة هذا تفسير ابن عباس كما ذكره عنه ابن كثير رحمه الله ومعنى هذا أن الآية تدل على أنه يجب على المرأة أن تستر وجهها
وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : أن لنساء قريش لفضلا وإني والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار أشد تصديقا لكتاب الله ولا إيمانا بالتنزيل لقد أنزلت سورة النور (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) انقلب رجالهن إليهن يتلون عليهن ما أنزل الله إليهم فيها ويتلو الرجل على امرأته وابنته وأخته وعلى كل ذي قرابته فما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها المرحل فاعتجرت به تصديقا وإيمانا بما أنزل الله من كتابه فأصبحن وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم معتجرات كأن على رؤوسهن الغربان ورواه أبو داود
والخمر جمع خمار وهو ما يخمر به أي يغطى به الرأس وهي التي يسميها الناس المقانع.... والجيوب هى الصدور فالمرأة فى الجاهليه كانت تغطى رأسها ولكن قد تظهر جزأ من ذوائب شعرها أو أقراطها وكذلك العنق وجزأ من صدرها ..ولذلك لم يكن الشعر مكشوف فى الجاهليه بل كان مغطى لكن ليس بحجاب.. يخفى ويظهر.. ومن هنا كان أمر الله للمسلمات بالسترة
ورد شيخنا بن عثيمين رحمه الله على سؤال فرضية الحجاب وما يرى من المرأة وما تراه المرأة من الرجل فأجاب
(هذا الموضوع من أهم الموضوعات وأشدها إلحاحاً لبيان الحق فيه في هذا العصر الذي كثر فيه الخوض في مسألة النساء حتى كان بعض دعاة السفور يأتون بشبهات يدعونها حججاً وليست بحجج في الواقع وكثير منهم يعلم إذا لم يتجاهل ما وقع فيه النساء اللاتي بنين تبرجهن وسفورهن على رأي يراه بعض أهل العلم مع أن بعض أهل العلم الذين يرون هذا الرأي تحفظوا أشد التحفظ في المنع مما وصلت إليه حال النساء في هذا العصر فليت الأمر اقتصر على كشف الوجه والكفين ولكن بدا الرأس وبدت الرقبة وبدا النحر وبدا الذراعان وبدا العضدان وبدت الأقدام والسيقان حتى أصبح الأمر أمراً منكراً بإجماع المسلمين بناءً على ما فتح لهؤلاء من قول بعض أهل العلم بجواز كشف الوجه والكفين وقد ذكر بعض أهل العلم أنه إذا خيفت الفتنة أو كان القول ذريعة إلى أمر محرم فإن القول بالإباحة ينقلب إلى محرم لأن من القواعد المقررة في علم الشريعة سد الذرائع أي سد ما كان ذريعة إلى حرام فالمباح حتى لو كان مباحاً صريحاً إذا كان منتجاً ولابد لأمر محرم صار ذلك الأمر محرماً ألا ترى إلى قوله تعالى (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم) كيف نهى الله تعالى عن سب ألهة المشركين مع أن سبها أمر مشروع فالواجب إذا كان سبها يؤدي إلى سب الله تبارك وتعالى المنزه عن كل عيب ونقص وقد ذكر بعض أهل العلم أنه بإجماع المسلمين إذا خيفت الفتنة من كشف الوجه واليدين أعني الكفين فإن كشفهما يكون حراماً والفتنة في زماننا هذا محققة في كشف الوجه والكفين وعلى هذا فيكون مقتضى هذا القول الذي لاشك فيه فإن العلماء قد قيدوا جواز كشف الوجه والكفين بأمن الفتنة فإذا خيفت الفتنة فهو حرام) انتهى كلام الشيخ
أما ما يستدل به أصحاب الرأى بعدم الفرضية
فهو حديث أسماء بنت أبي بكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن المرأة إذا بلغت سن المحيض لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه فالحديث ضعيف لأن راويه أبا داود قال: خالد بن دريك لم يدرك عائشة فيكون منقطعاً وفي أحد رواته ضعفٌ أيضاً فيجتمع فيه علتان الانقطاع وضعف السند وفيه أيضاً علة ثالثة وهي أن أسماء بنت أبي بكر لا يمكنها أن تدخل على النبي صلى الله عليه وسلم بثياب رقاق يصفن بشرتها وهي في سن كبير حين دخلت عليه هذا من أبعد ما يكون لأنه مخالف للحياء الذي هو من الإيمان فهو معلول متناً وسنداً فلا يحتج به .ولذلك أسقطة معظم المحققون .
ونأتى هنا لحديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وليس لك الثانية...
فإن هذا يؤيد تحريم نظر الرجل إلى وجه المرأة وأنه يجب على المرأة أن تستر وجهها عن الرجال
وقول الله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ)واضح فالجلباب هو الملاءة أو الرداء الواسع الذي يشمل جميع البدن فأمر الله تعالى نبيه أن يقول لأزواجه وبناته ونساء المؤمنين يدنين عليهنّ من جلابيبهنّ حتى يسترن وجوههنّ ونحورهنَّ وقد دلت الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والنظر الصحيح والاعتبار والميزان على أنه يجب على المرأة أن تستر وجهها عن الرجال الأجانب الذين ليسوا من محارمها وليسوا من أزواجها ولا يشك عاقل إنه إذا أمر الله عز وجل بل لا يشك عاقل أنه إذا وجب على المرأة أن تستر رأسها وأن تستر رجليها وأن لا تضرب برجليها حتى يعلم ما تخفي من زينتها من الخلخال ونحوه لا يشك عاقل أنه إذا كان هذا واجباً فإن وجوب ستر الوجه أوكد وأعظم وذلك أن الفتنة الحاصلة في كشف الوجه أعظم بكثير من الفتنة الحاصلة بنظر شعرة من شعر رأسها أو ظفر من ظفر رجليها وإذا تأمل العاقل المؤمن هذه الشريعة وحكمها وأسرارها تبين له أنه لا يمكن أن تلزم المرأة بستر الرأس والعنق والذراع والساق والقدم ثم تبيح للمرأة أن تخرج كفيها وأن تخرج وجهها المملوء جمالاً وتحسيناً لأن ذلك خلاف الحكمة ..فالوجه به كل الفتن من النظرة والعينين والحديث والفم ..
ولننظر اليوم الى حال نساء المسلمين اصبح غطاء الرأس متلاعب به ما بين فولار صغير شفاف يري ما خلفه أو طاقيه على الرأس ( اسبانش) أو ربط الرأس وأخراج جزأ من الشعر من الأمام أو الخلف ..ثم البنطلونات الضيقه والبلوزات الشفافه الضيقه وأصبح الأمر تلاعب وكشف اكثر مما تستر وتلفت النظر أكثر ..وإنطبق عليهن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( كاسيات عاريات) هى تظن أنها محجبه وترتدى حجاب وهى فتنة أكثر من غيرها بل ربما تأخذ الذنب أكثر لإستهتارها بأمر الله
فالجلباب واللباس الساتر اغلق باب ما يسمى بالموضه والشياكه فالمرأة لا تحتاج لكل مظاهر إبداء الزينة والشهرة إلا لزوجها وفى بيتها أما الطريق فلا تملكه وله حق وضابط علينا كلنا رجال ونساء ..والمرأه قد تفتن ألف رجل فى ثانيه واحده كل ينظر نظرة فتعود الى بيتها محمله بأوزار وذنوب لا تقدر عليها ولا يمكنها تحملها
فهنا نجد أن التشريع أمر بما يستر الجسد وستر الجسد هو لإدراء الفتنة ..والملابس الضيقة والشفافة هى أسوء لأنها تزيد من التفاصيل التى تدفع المخيلة الى زنا النظر والعياذ بالله . وإذا كان عطر المرأة ..ذكر ماذكر فيه ..فكيف بجسدها الذى هو أصل الفتنة ..
والمهم أن المسلم كيس فطن ..فلا بد أن يلجأ الى الحيطة فى كل أعماله ..ويتبع قول الرسول الكريم ( دع مايريبك الى مالا يريبك).
فالعبرة من أحكام الدين هى غلق أبواب الشر وليس تحريم الحلال ..فعندما يجنح الإنسان الى الأحوط فهنا خاف ربه فى الدنيا فسيأمنه الله فى الآخرة بإذن الله ..
طيب البعض قد يقول ماهى الخلاصه؟
نقول وبالله التوفيق لا يختلف العلماء فى فرضية الحجاب كما وصفه رسول الله صلي الله عليه وسلم وليس ما تفعله البعض ...ولكن ما أختلف فيه البعض هو كشف الوجه والكفين وأتينا بالدليل على تغطيه الوجه والرأى المخالف وكيف أن سنده ضعيف
وعلى سبيل الإيجاز حتى ولو كان الأمر مستحب أو فضل كما يقول البعض فزمن الفتنة التى أصبحت النساء كاسيات عاريات وأمتلأ الفساد وغاب الأمن والأمان يوجب على كل ولى أن يستر بناته ونسائه درأ للفتنة التى عمت كل شيء
فقد يكون الأمر حلالا ولكن يحرم لما نتج عنه من سوء وضربنا المثل فى ذلك
نسأل الله أن يهدى بناتنا ونسائنا ونساء المسلمين الى الصواب ويسترهم فى الدنيا والآخرة ويعفهن بالزوج الصالح الذى يكون عونا لهن على الصلاح والسترة ويعامل بعدله كل من تعرض للملتزمات أو عاب عليهن إلتزامهن أو حرمهن من حقوقهن.. ويرينا فيهم آية فى الدنيا قبل الآخرة
إنه ولي ذلك والقادر عليه
وصلي الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
كتبه فضيلة الشيخ نشأت حسن رحمه الله و أسكنه فسيح جناته
اللهم إرحم أبتي الشيخ نشأت وأسكنه فسيح جناتك و بدله خيرا مما ترك ..القلب يحزن والعين تدمع وإني لفراقكم يا أبتي لمحزونة و مكروبة ..وإنا لله وإنا إليه راجعون