للموت ألف طريقة، فمنهم من يموت ساجداً لربه، ومنهم من يموت بحد السيف في سبيل الله، ومنهم من يموت تخمة من كثرة ما أكل، ومنهم من شرب عصيراً فشرق فمات، ومنهم من ضاع له مائة دينار فمات غبناً، ومنهم من بشر بجائزة فمات فرحاً، وأما جرير فيخبرنا لنكون على بينة بسبب موته وأمثاله فيقول:
إن العيون التي في طرفها حورٌ قتلننا ثم لم يحيين قتلانا
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به وهن أضعف خلق الله إنسانا!
يا له من قتل غير جميل، ومن موت غير شريف، ومن وفاة رخيصة، ولكن اسمع إلى بطل مجاهد صنديد شهيد وهو يقول:
تأخرت أستبقي الحياة فلم أجد لنفسي حياة مثل أن أتقدما
ليس على الأعقاب تدمى كلومنا ولكن على أقدامنا تقطر الدما!
شكراً لهذه النفوس الحية والأرواح الخالدة، ما أجلها وأشرفها يوم عرفت كيف تموت ميتة شريفة بالذبح في سبيل الله، لا ميتة رخيصة من أجل العيون السود! وقد قال الصحابي الجليل طلحة بن عبيد الله يوم أحد :
[اللهم خذ من دمي هذا اليوم حتى ترضى]!
جزاك الله خيراً يا طلحة على هذا الحب الصادق، وهنيئاً لك ذلك المصير المبارك.
وهذا شاعر يشاركه هذه الأمنية الغالية فيقول:
لا تمتني يا رب إلا بسيف صارم الحد مصلت في سبيلك
فيقتل شهيداً في سبيل الله لا في سبيل العيون السود!
من كتاب : ( ضحايا الحب ) للشيخ د. عائض القرني