وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ
والله إنك لعظيم الأخلاق ، كريم السجايا ، مهذب الطباع ، نقي الفطرة ، طيب الخصال ، عظيم الخلال .
والله إنك جم الحياء ، حي العاطفة ، جميل السيرة ، طاهر السريرة ، نقي الضمير ، عفيف الجيب ، سليم الصدر .
والله إنك قمة الفضائل ، ومنبع الجود ، ومطلع الخير ، وغاية الاحسان ، ونهاية ما يصبو إليه الانسان ،وذروة ما تتوق إليه الأنفس وتطمح إليه الارواح.
(( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ )) .. يظلمونك فتصبر ، يؤذونك فتغفر ، يشتمونك فتحلم ، يسبونك فتعفو ، يجفونك فتصفح ، تعطي من منعك ، تصل من قطعك ، تعفو عمن ظلمك .
(( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)) .. يحبك الملك والمملوك ، والصغير والكبير، والرجل والمرأة ، والغني والفقير ، والقريب والبعيد ؛ لأنك ملكت القلوب بعطفك ، وأسرت الارواح بفضلك وطوقت الأعناق بكرمك ، وسبيت الانفس بجودك ، وكسبت الناس بلطفك .
(( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ )) .. هذبك الوحي ، وعلمك جبريل ، وهداك ربك ، وصاحبتك العناية ، ورافقتك الرعاية ، وحالفك التوفيق .
(( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ )) .. البسمة على محياك ، البشر على طلعتك ، النور على جبينك ، الحب في قلبك ، الجود في يدك ، البركة فيك ، والفوز معك .
من زار بابك لم تبرح جــوارحــه
تروي أحــــاديث ما أوليت من متنِ
فــــالعين عن قرة والكف عن صلة
والقلب عن جــابر والسـمع عن حسنِ
(( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ )) .. لا تكذب ولو أن السيف على رأسك ، ولا تخون ولو حزت الدنيا ، ولا تغدر ولو أعطيت الملك ؛ لانك نبي معصوم ، وإمام قدوة ، وإسوة حسنة .
(( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ )) .. صادق ولو قابلتك المنايا ، شجاع ولو قاتلتك الأسود ، جواد ولو سُئلت كل ما تملك ، فأنت المثال الراقي والرمز السامي ، وأنت الصفوة المجتبى والنبي المختار ، والرسول المصطفى .
(( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ )) ..سبقت العالم ديانة وأمانة وصيانة ورزانة ، وتفوقت على الكل علما وحلما وكرما ونبلا وشجاعة وتضحية ، وعلوت عل الجميع صبرا وثباتا وعلما وعملا وصلاحا واستقامة .
(( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ )) .. الطهر انت ، والصدق ما تقوله ، والحق ما تدعو إليه ، والعدل ما تحكم به ، والهدى ما أنت عليه ، لو كان الصلاح رجلاً لكان في ثبابك ، ولو كان البر انسانا لكان في هيكلك ، ولو أن الفضيلة بشر لحل فيك .
(( وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ )) .. آذوك – بأبي أنت - وشتموك - فديتك – وأخرجوك وقاتلوك وكذبوك – بنفسي أنت – فناديت : اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ، جرحوك وأدموا عقبيك ، وشجّوا رأسك ، وكسروا ثنيتك ، وقتلوا أصحابك ، ثم قلت / اذهبوا فأنتم الطلقاء .
إن كنتُ أحـببت بعـــد الله مثلك في
بدو وحضــر ومن عــرب ومن عجم
فــلا اشــتـفى ناظري من منظر حــسن
ولا تفـــوّه بالقــول الســديد فمي
.عائض القرني