الحدأة ، من فصيلة الصقر ، ولكن الصقر أجمل وأقوى ، ولأنه يحلق عاليا ، خلقه الله حاد البصر ، حتى يرى من عليائه الفرائس الصغيرة التي يقتات عليها من عصافير وكتاكيت وأرانب وما شابه ، من الكائنات الوديعة التي لا حول لها ولا قوة .
والحدأة لا ترمي الكتاكيت ... ( مثل تعجّبي الصيغة ) يطلق في استغراب انتظار الخير من شخص اناني ، وان يتخلى دون مقابل عن شيء في حوزته ، استولى عليه بشكل ما .
والصقر ...صديق الفارس البدوي وشريكه في الصيد ، يعتلي البدوي فرسه وعلى كتفه يقف الصقر ، وبأمره يطير ليعود بالفريسة ، وللصقر دوره في الجو ، يشتهر به وتحلو به مراقبته .
أما العقبان ، فلها عادة سيئة رغم انها من ملوك الطير .
ففي الشعر القديم ، يقال انها تطير خلف الجيوش المنتصرة للقبائل القوية ضامنة وليمة حافلة من لحم الموتى من الجيش المعادي لقبيلة الشاعر .
والنسر ... أعلى الجوارح رتبة وأشدها بأسا ، وهو ابن عم العقاب ، والرمز الرسمي للامبراطورية الامريكية.
أما الغراب ...فهو أيضا من الجوارح ولكنه طائر مفترس من الدرجة الثانية .
يتغذى على أي شيء ، جرذان صغيرة ، ثمار متعفنة ، قطعة جبن ، عصفور ، .... أي شيء.
يرضى بأي طعام بلا تذمر او شكوى
ورغم هذه الطبيعة الوادعة في شخصيته يكرهه الناس ويتشاءمون منه ، ومن صوته الذي هو قبيح ،
ولكن ما ذنب الغراب في قبح صوته او سواد ريشه ، او قبح منظره ؟
ومن يدري ؟
ربما كان تحت المظهر القبيح ، شخص رقيق مهذب ، مرهف الوجدان !
على العموم سواء كان الغراب شاعرا أم لا ، تبقى حقيقة لا سبيل لدحضها ، لأنها قائمة على شواهد تاريخية ،
وهي ان الغراب يشارك طائر العقاب وابن آوى حبه للحم الموتى ،
وتطير أسرابه خلف العقبان فرحة بوليمة الجثث بالآلاف إثر المعارك الكبرى .
الكلام عن الجوارح لن يكون رقيقا أو لطيفا بأي حال من الاحوال.
ولكنني أمام هذه الطيور الرمزية ، ذات المعاني الاجتماعية او السياسية او الاقتصادية الواضحة ،
وخاصة في هذا العالم الذي أصبح مليئا بالحدأ والعقبان ، هناك حقيقة لا بد من ابرازها،
أن كل الكائنات الحية مهما كانت لطيفة أو خشنة ..رقيقة أو صلبة .. شريرة او وديعة،
تخرج لها مخالب في لحظة ما ...دفاعا عن النفس ...أو عن المشاعر ....أو عن الملكية .....،،، أو عن حق الاستحواذ واغتصاب الحقوق....
كلنا بشكل او بآخر ...بدرجة قد ترتفع وقد تنخفض .....قد تعلو وقد تهبط.....
كلنا جوارح