الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وعلى آله وصحبه وسلم ،،،
بخصوص سؤالك أختي الكريمة ( فتاة _ الإسلام ) حول الدعاء بالمأثور عن الرسول صلى الله عليه وسلم قبل التسليم ، وهل يجوز رفع اليدين في الدعاء في هذه الحالة ، وهل يجوز بعد هذا الدعاء وقبل التسليم أن يدعو الإنسان ربه بما شاء 0
فاعلمي رعاكِ الله أن العبادات توقيفية ، فتؤدى كما جاء في كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا يعني أنه لا يجوز الإخلال بأي جزئية من جزئياتها ، كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – في مجموع الفتاوى ، فالصلاة لها كيفية ، أقوال وحركات مخصوصة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يجوز تجاوزها أو الاستدراك عليها ، ولم يرد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رفع يديه في الدعاء لا قبل التسليم ولا بعده ، كما أفاد بذلك علماؤنا الإجلاء 0
سئل العلامة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز عن حكم رفع الأيدي بالدعاء بعد أداء الفريضة ؟
فأجاب – رحمه الله - : ( لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه بعد صلاة الفريضة ، ولم يصح ذلك أيضاً عن أصحابه – رضي الله عنهم – فيما نعلم ، وما يفعله بعض الناس من رفع أيديهم بعد صلاة الفريضة بدعة لا أصل لها ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد " " أخرجه الإمام مسلم في صحيحه " ، وقال عليه الصلاو والسلام : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " " متفق عليه " ) ( فتاوى إسلامية لمجموعة من العلماء – 1 / 292 ، نقلاً عن مجلة الدعوة – العدد 901 ) 0
والثابت عنه صلى الله عليه وسلم أنه استعاذ من أربعة أمور قبل التسليم وقبل الدعاء ، فقد ثبت من حديث أبو هريرة – رضي الله عنه – قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إذا فرغ أحدكم من التشهد الآخر ؛ فليستعذ بالله من أربع ؛ يقول : اللهم ! إني أعو1 بك من عذاب حهنم ، ومن عذاب القبر ، ومن فتنة المحيا والممات ، ومن شر فتنة المسيح الدجال ، ثم يدعو لنفسه بما بدا له ) ( حديث صحيح - أخرجه الإمام مسلم في صحيحه – أنظر صفة صلاة النبي للعلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني – ص 182 ، الإرواء – 2 / 66 – حديث رقم 50 ) 0
إذن كما ثبت من الحديث آنف الذكر يجوز للمسلم قبل التسليم أن يستعيذ بالأمور الأربعة المذكورة ثم يدعو بما يشاء من خيري الدنيا والآخرة ، وقد وردت صيغ ثابتة في الدعاء قبل السلام من الصلاة 0
يقول العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله - : ( وكان صلى الله عليه وسلم يدعو في صلاته بأدعية متنوعة ؛ تارة بهذا ، وتارة بهذا ، وأقر أدعية أخرى ، " وأمر المصلي أن يتخير منها ما شاء " " متفق عليه " ، وهاك هي :
01 – " اللهم ! إني أعوذ بك من عذاب القبر ، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال ، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات ، اللهم ! إني أعوذ بك من المأثم والمغرم " " متفق عليه " 0
02- " اللهم ! إني أعوذ بك من شر ما عملت ، ومن شر ما لم أعمل بعد " " أخرجه النسائي بسند صحيح ، وابن أبي عاصم في كتاب " السنة " – 370 بتحقيق الألباني - أنظر " صفة صلاة النبي للعلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني – ص 184 " 0
03- " اللهم ! حاسبني حساباً يسيراً " " أخرجه الإمام أحمد في مسنده ، والحاكم في المستدرك وصححه ووافقه الذهبي - أنظر " صفة صلاة النبي للعلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني – ص 184 " 0
04- " اللهم ! بعلمك الغيب , وقدرتك على الخلق ؛ أحيني ما علمت الحياة خيرا لي , وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي , اللهم ! وأسلك خشيتك في الغيب و الشهادة , وأسألك كلمة الحق ( وفي رواية : الحكم ) والعدل في الغضب والرضى , وأسألك القصد في الفقر والغنى , وأسألك نعيما لا يبيد , وأسألك قرّة عين لا تنفذ ، ولا تنقطع ، وأسألك الرضى بعد القضاء ، وأسألك برد العيش بعد الموت , وأسألك لذة النظر بعد إلى وجهك , وأسألك الشوق إلى لقائك في غير ضراء ومضرة , ولا فتنة مضلة , اللهم ! زينا بزينة الإيمان , واجعلنا هداة مهتدين " " أخرجه النسائي في سننه , والحاكم في المستدرك صححه , ووافقه الذهبي - أنظر " صفة صلاة النبي للعلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني – ص 185 " .
5.- وعلم صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - أن يقول : " اللهم ! إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً , ولا يغفر الذنوب إلا أنت , فاغفر لي مغفرة من عندك , وارحمني , إنك أنت الغفور الرحيم " " متفق عليه " .
6.- وأمر عائشة - رضي الله عنها - أن تقول : " اللهم ! إني أسألك من الخير كله , عاجله وآجله , ما علمت منه وما لم أعلم , وأعوذ بك من الشر كله ؛ عاجله وآجله ؛ ما علمت منه وما لم أعلم ، وأسألك ( وفي رواية : اللهم ! إني أسألك ) الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل , وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل , وأسألك ( وفي رواية : اللهم ! إني أسألك ) من الخير ما سألك عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم , وأعوذ بك من شر ما استعاذك منه عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم , وأسألك ما قضيت لي من أمر أن تجعل عاقبته لي رشدا " " أخرجه الإمام أحمد في مسنده , والطيالسي , والبخاري في " الأدب المفرد " , وابن ماجه في سننه ، والحاكم في المستدرك وصححه , ووافقه الذهبي , السلسلة الصحيحة 1542 ، أنظر صفة صلاة النبي للعلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني – ص 185 " 0
7.- و " قال لرجل : " ما تقول في الصلاة ؟ " قال : أتشهد , ثم أسأل الله الجنة , وأعوذ به من النار , أما والله ما أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ . فقال صلى الله عليه وسلم : " حولها دندنة " " أخرجه أبو داود في سننه , وابن ماجه في سننه ، وابن خزيمه " 1 / 87 / 1) بسند صحيح - أنظر " صفة صلاة النبي للعلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني – ص 185 ، 186 " 0
8.- وسمع رجلا يقول في تشهده : " اللهم ! إني أسألت يا الله ( وفي رواية : بالله ) الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد , ولم يكن له كفوا أحد ! أن تغفر لي ذنوبي , إنك أنت الغفور الرحيم " فقال صلى الله عليه وسلم : " قد غفر له , قد غفر له " " أخرجه أبو داود في سننه ، والنسائي في سننه ، والإمام أحمد في مسنده ، وابن خزيمة , وصححه الحاكم , ووافقه الذهبي - أنظر " صفة صلاة النبي للعلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني – ص 186 " 0
9.- وسمع آخر يقول في تشهده أيضا : " اللهم ! إني أسألك بأن لك الحمد , لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك , المنان , يا بديع السماوات والأرض ! يا ذا الجلال والإكرام ! يا حي يا قيوم ! إني أسألك الجنة , وأعوذ بك من النار " فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه : " أتدرون بما دعا ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " والذي نفسي بيده , لقد دعا الله باسمه العظيم , ( وفي رواية : الأعظم ) الذي إذا دعي به أجاب , وإذا سئل به أعطى " " أخرجه أبو داود في سننه ، والنسائي في سننه ، والإمام أحمد في مسنده , والبخاري في" الأدب المفرد " , والطبراني , وابن منده في " التوحيد " بأسانيد صحيحة أنظر " صفة صلاة النبي للعلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني – ص 186 ، 187 " 0
10.- وكان من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم : " اللهم ! اغفر لي ما قدمت , وما أخرت , وما أسررت , وما أعلنت , وما أسرفت , وما أنت أعلم به مني , أنت المقدِّم , وأنت المؤخّر , لا إله إلا أنت " " أخرجه الإمام مسلم قس صحيحه ، وأبو عوانة - أنظر " صفة صلاة النبي للعلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني – ص 187 " 0
ويشرع للمؤمن في صلاته سواء كانت فرضاً أم نافلة أن يدعو في ثلاثة مواضع :
أولاً : في سجوده 0
ثانياً : وبين السجدتين ، وكان يقول صلى الله عليه وسلم : ( اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني وعافني ) 0
ثالثاً : وفي آخر الصلاة بعد التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وقبل التسليم 0
سئل العلامة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز هل للمصلي أن يدعو في صلاة الفريضة ؟
فأجاب – رحمه الله - : ( يشرع للمؤمن أن يدعو في صلاته في محل الدعاء سواء كانت الصلاة فريضة أو نافلة ، ومحل الدعاء في الصلاة هو السجود ، وبين السجدتين ، وفي آخر الصلاة بعد التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وقبل التسليم ، كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو بين السجدتين بطلب المغفرة ، وثبت أنه كان يقول بين السجدتين : " اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني وعافني " ) ( فتاوى وتنبيهات ونصائح – 310 ) 0
هذا ما تيسر لي في هذه العجالة ، سائلاً المولى عز وجل أن يمن عليك أخية ( فتاة _ الإسلام ) بالإخلاص في القول والعمل ، وأن يوفقنا جميعاً لما يحب ويرضى 0
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم 0
أخوكم / أبو البراء أسامه بن ياسين المعاني