السؤال
سئل فضيلة الشيخ : عن حكم سؤال العراف؟
الجواب
فأجاب بقوله : سؤال العراف ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: أن يسأله فيصدقه ويعتبر قوله فهذا حرام بل كفر ؛ لأن تصديقه في علم الغيب تكذيب للقرآن.
القسم الثاني: أن يسأله ليختبره هل هو صادق أو كاذب ، لا لأجل أن يأخذ بقوله فهذا جائز ، وقد سأل النبي ، صلى الله عليه وسلم ابن صياد قال: "ماذا خبأت لك" ؟ قال:الدخ. فقال النبي، صلى الله عليه وسلم : "اخسأ فلن تعدو قدرك" . فالنبي ، صلى الله عليه وسلم ، سأله عن شيء أضمره له لأجل أن يختبره لا ليصدقه ويعتبر قوله.
القسم الثالث: أن يسأله ليظهر عجزه وكذبه، وهذا أمر مطلوب واجباً .
السؤال
- سئل فضيلة الشيخ : هل قتل الساحر ردة أو حد؟
الجواب
فأجاب بقوله : قتل الساحر قد يكون حداً ، وقد يكون ردة بناء على التفصيل السابق في كفر الساحر فمتى حكمنا بكفره فقتله ردة ، وإذا لم نحكم بكفره فقتله حد.
والسحرة يجب قتلهم سواء قلنا بكفرهم أم لا ، لعظم ضررهم وفظاعة أمرهم ، فهم يفرقون بين المرء وزوجه ، وكذلك العكس فهم قد يعطفون فيؤلفون بين الأعداء ويتوصلون بذلك إلى أغراضهم ، كما لو سحر امرأة ليزني بها ، فيجب على ولي الأمر قتلهم بدون استتابة ، ما دام أنه حد ؛ لأن الحد إذا بلغ الإمام ، لا يستتاب صاحبه ، بل يقام بكل حال ، أما الكفر فإنه يستتاب صاحبه ، وبهذا نعرف خطأ من أدخل حكم المرتد في الحدود ، وذكروا من الحدود حد الردة ؛ لأن قتل المرتد ليس من الحدود لأنه إذا تاب انتفى عنه القتل ، ثم إن الحدود كفارة لصاحبها وليس بكافر ، والقتل بالردة ليس بكفارة وصاحبه كافر لا يصلى عليه ، ولا يغسل ولا يدفن في مقابر المسلمين.
فالقول بقتل السحرة موافق للقواعد الشرعية ؛ لأنهم يسعون في الأرض فساداً ، وفسادهم من أعظم الفساد ، وإذا قتلوا سلم الناس من شرهم ، وارتدع الناس عن تعاطي السحر.
السؤال
سئل فضيلة الشيخ : عن أقسام السحر ؟ وهل الساحر كافر؟
الجواب
فأجاب بقوله : السحر ينقسم إلى قسمين :
الأول: عقد ورقى ، أي قراءات وطلاسم يتوصل بها الساحر إلى الإشراك بالشياطين فيما يريد لضرر المسحور ، قال الله - تعالى - : ] واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر[ (1) . الآية .
الثاني : أدوية وعقاقير تؤثر على بدن المسحور ، وعقله ، وإرادته ، وميله وهو ما يسمى عندهم بالعطف ، والصرف ، فيجعلون الإنسان ينعطف على زوجته أو امرأة أخرى حتى يكون كالبهيمة تقوده كما تشاء والصرف بالعكس من ذلك ، فيؤثر في بدن المسحور بإضعافه شيئاً فشيئاً حتى يهلك ، وفي تصوره بأن يتخيل الأشياء على خلاف ما هي عليه ."
وكفر الساحر" اختلف فيه أهل العلم : فمنهم من قال : يكفر . ومنهم من قال : لا يكفر .
ولكن التقسيم السابق الذي ذكرناه يتبين به حكم هذه المسألة: فمن كان سحره بواسطة الشياطين فإنه يكفر ، ومن كان سحره بالأدوية والعقاقير فإنه لا يكفر ولكنه يعتبر عاصياً.
السؤال
سئل : عن حكم التوفيق بين الزوجين بالسحر؟
الجواب
فأجاب بقوله : هذا محرم ولا يجوز ، وهذا يسمى بالعطف ، وما يحصل به التفريق يسمى بالصرف وهو أيضاً محرم وقد يكون كفراً وشركاً قال الله – تعالى - : ]وما يعلمان من أحد حتى يقول :ا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق[ (1) .
السؤال
وسئل فضيلته : هل للسحر حقيقة ؟ وهل سحر النبي ، صلى الله عليه وسلم ؟
الجواب
فأجاب بقوله : السحر ثابت ولا مرية فيه وهو حقيقة ، وذلك بدلالة القرآن الكريم ، والسنة .
أما القرآن الكريم فإن الله- تعالى – ذكر عن سحرة فرعون الذين ألقوا حبالهم وعصيهم ، وسحروا أعين الناس ، واسترهبوهم حتى إن موسى ، عليه الصلاة والسلام ، كان يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى وحتى أوجس في نفسه خيفة فأمره الله – تعالى – أن يلقي عصاه فألقاها فإذا هي حية تسعى تلقف ما يأفكون،كما حكى الله –عز وجل ذلك عنه فقال : ]قالوا ياموسى إما أن تلقي وإما أن تكون أول من ألقى . قال بل ألقوا فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم أنها تسعى . فأوجس في نفسه خيفة موسى . قلنا لا تخف إنك أنت الأعلى وألقِ ما في يمينك تلقف ما صنعوا إنما صنعوا كيد ساحر ولا يفلح الساحر حيث أتى [ (1) وهذا أمر لا إشكال فيه ، وأما السنة ففيها أحاديث متعددة في ثبوت السحر وتأثيره . وأما أن النبي صلى الله عليه وسلم سحر فنعم فقد ثبت من حديث عائشة وغيرها أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، سحر وأنه كان يخيل إليه أنه أتى الشيء وهو لم يأته ولكن الله – تعالى – أنزل عليه سورتي : قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس فشفاه الله بهما .
السؤال
سئل فضيلة الشيخ : عن السحر وحكم تعلمه ؟
الجواب
فأجاب بقوله : السحر قال العلماء : هو في اللغة "عبارة عن كل ما لطف وخفي سببه" بحيث يكون له تأثير خفي لا يطلع عليه الناس ، وهو بهذا المعنى يشمل التنجيم ، والكهانة ، بل إنه يشمل التأثير بالبيان والفصاحة كما قال عليه الصلاة والسلام : "إن من البيان لسحراً " . فكل شيء له أثر بطريق خفي فهو من السحر.
وأما في الاصطلاح فعرفه بعضهم بأنه : "عزائم ورقى وعقد تؤثر في القلوب والعقول والأبدان فتسلب العقل ، وتوجد الحب والبغض وتفرق بين المرء وزوجه وتمرض البدن وتسلب تفكيره " .
وتعلم السحر محرم ، بل هو كفر إذا كانت وسيلته الإشراك بالشياطين قال الله - تبارك وتعالى -: ]واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقول :ا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق[ (1) فتعلم هذا النوع من السحر وهو الذي يكون بواسطة الإشراك بالشياطين كفر ، واستعماله أيضاً كفر وظلم وعدوان على الخلق ، ولهذا يقتل الساحر إما ردة وإما حداً فإن كان سحره على وجه يكفر به فإنه يقتل ردة وكفراً ، وإن كان سحره لا يصل إلى درجة الكفر فإنه يقتل حداً دفعاً لشره وأذاه عن المسلمين.
السؤال
سئل فضيلة الشيخ : عن قوم يضربون أنفسهم بالحديد والسلاح ولا يتأثرون ويزعمون أنهم أولياء الله؟
الجواب
فأجاب بقوله : كون هؤلاء يضربون أنفسهم بالحديد أو غير الحديد ولا يتأثرون بذلك فإن هذا لا يدل على صدقهم ، ولا على أنهم من أولياء الله ، ولا على أن هذا كرامة لهم ، وإنما هذا من أنواع السحر الذي يسحرون به أعين الناس ، والسحر يكون في مثل هذا وغيره ، فإن موسى عليه الصلاة والسلام لما ألقى سحرة فرعون حبالهم وعصيهم صارت من سحرهم يخيل إليه أنها تسعى، وأنها حيات وأفاعٍ كما قال الله – عز وجل – : ]سحروا أعين الناس واسترهبوهم وجاءو بسحر عظيم[ (1) فهذا الذي يفعلونه لا شك أنه نوع من أنواع السحر وأنه ليس بكرامة.
واعلم – رحمك الله – أن الكرامة لا تكون إلا لأولياء الله ، وأولياء الله هم الذين اتقوه واستقاموا على دينه وهم من وصفهم الله بقوله : ] ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون. الذين ءامنوا وكانوا يتقون[ (2) وليس كل من ادعى الولاية يكون ولياً ، وإلا لكان كل واحد يدعيها ، ولكن يوزن هذا المدعي للولاية بعمله ، إن كان عمله مبنياً على الإيمان والتقوى فإنه ولي ، لكن مجرد ادعائه أنه من أولياء الله ليس من تقوى الله – عز وجل – لأن الله – تعالى – يقول : : ] فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى[ (3). فإذا ادعى أنه من أولياء الله فقد زكى نفسه، وحينئذ يكون واقعاً في معصية الله وفيما نهاه الله عنه وهذا ينافي التقوى . وعلى هذا فإن أولياء الله لا يزكون أنفسهم بمثل هذه الشهادة ، وإنما هم يؤمنون بالله ويتقونه ويقومون بطاعته على الوجه الأكمل ، ولا يقرون الناس ويخدعونهم بهذه الدعوى حتى يضلوهم عن سبيل الله.
المفتي : محمد بن صالح العثيمين
***************************************
أرسله أخوكم في الله
بهاء الدين عبدالله